عرض مشاركة واحدة
قديم 09-19-2012, 12:28 AM   #24
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


في قراءة المشهد السياسي الحالي وآفاق حل أشكالياته

علي نعمان المصفري الثلاثاء 2012/09/18 الساعة 01:17:40

دراسة موجزة:

الزمن وأحداثه تتسارع ولم نر شئ قد تغيّر في المشهد السياسي والأمني والعسكري بما يتواكب ويتناسب بل ويتلائم مع معطيات حقائق هذا الواقع, الذي لم يُعطى جرعات كافية لأشباع أستحقاقاته السياسية بما يتقاطع مع أرادة العرابين الحقيقين في الملعب السياسي وتغطية أحتياجات هذا التغيير لحرية وكرامة الأطراف الأساسية في معادلة الحل النهائي للمأسآة ؟.

لا مبادرة تكللّت بالنجاح وفق مفرداتها وآليتها المزمنّة لتعويض ماعجزت ثورة التغيير من تحقيقة, ولا شئ من قريب أو بعيد قد حرك المياة الآسنة في الجنوب وقضيتة العادلة ولا في صعدة الملف الى الطاولة قد خرج؟. وكأن المبادرة في ظل جمود ديناميكية الحل قد وضعت فرقاء اليوم شركاء الأمس واليوم ضمن توازنات عسكرية وسياسية خلف متاريس قابلة للأنفجار في أي وقت, عبرعملية تسكين مؤقتة في ظل غياب الحلول النهائية للأشكاليات التي سببت أنتاج مشهد اليوم.

الذي نتج جراء تغييب المبادرة الخليجية للعراببيين الحقيقيين عن المعادلة السياسية أدى الى أختلال الميزان السياسي لصالح قوى النفوذ والفساد بذات الوجوه والمصالح المعتادة على فشلها الدائم في بناء الدولة. وهم الذين يتحاصصون الحكومة من نظام صالح ووجهه الآخر مايسمى باللقاء المشترك كمعارضة شكلية. وبقت الأوضاع برمتها تتأرجح بين شد وجزر وتهديدات وتصريحات بين فرقاء قيل عنهم, ولكنهم شركاء هم الآن مع ماتبقى من نظام صالح يختلفون في طرق الوصول الى القصر الجمهوري وفق غرائز السلطة وعلى الجنوب ملتقون بذات الخطاب الديني والسياسي لنظام صالح بل يعد أمتدادا له وأشد عدوانية. ويتضح هذا في كل المواقف السياسية والدينية عبر فتاويهم بقتل شعب الجنوب وآخرها تمتمات المدعو عبد الوهاب الديلمي. ويأتي هذا لتأكيد حقيقة تزييفهم للواقع وعلى جشعهم بالسلطة وأعتبار الجنوب أرض وثروة فيد أما الشعب الى جهنم. وصل ببعضهم الى التهديد في تجييش كل من هو يمني الى قتال الجنوبيين بأعتبارهم الأغلبية وهم من يتخذون قرار مشروعية بقاء الجنوب خاضعا لليمن والجنوب ملكهم هم فقط. أما شعب الجنوب بقايا من أجناس صومالية وهندية وشرق أسيوية لا يمتلكون الحق على أرض الجنوب.

ومع أننا ليس عنصريين ولا يمكن أن تجد العنصرية موطن فينا. ولكي يطمئن هولاء النفر نصحتهم على أستيراد مختبر تحت أشراف الأمم المتحدة لفحص الحامض النووي وتبيان حقيقة من هم على الأرض منذ الأزل, وسيثبت العكس أنهم من يدعون هذة العنصرية بقايا لغزوات أجنبية متنوعة ومعروفة تعاقبت على اليمن وصنعاء أولا؟ مع أننا لانكره أطلاقا أية جنس بل ونتعايش معهم وفق خصوصيات عدن والجنوب المكان والتاريخ والثقافة دون أستثناء.

دور المشترك في أنقاذ نظام صالح:

ومع أن نظام صالح وصل حد الأنهيار والسقوط أثناء الأشهر الأولى لثورة التغيير فأن المشترك بمشاركتة الحكم قد أنقذ نظام صالح وشكّل طوق نجاة له. على الرغم من رسم صورة المشهد في صنعاء أن كل منهم ضد الآخر على الزناد, لكنهم على الجنوب قلب واحد. الدليل نكشفه اليوم من خلال كل أحداث الجنوب وتحديدا ما جرت من أحداث في أبين وشبوة وحكاية القاعدة واللجان الشعبية اللعبة التي كشفت عورة المتصارعون في صنعاء على نقل مسرح المصارعة الى الجنوب وخصوصا الى أبين ليس فقط لفصل الجنوب شرقا وغربا وفرض سياجات أمام مسيرة التحرير الجنوبية لوأدها وعدم تحقيق أهدافها.

المشهد اليوم أكثر تعقيدا عن ما مضى وأشد سخونة وحساسية. صنعاء لازالت وستبقى صنعاوات وأنهيار أمني وعسكري يعم المكان والزمان حيثما قبلتُ وجهك؟ وأزمة أقتصادية حادة وكارثة أنسانية غير معلنة طوقت البلاد والعباد وخنقت الحي وقتلت آمال وطموحات الحل, بل أنها سدت ماتبقى من أفق الغد تماما دون مؤشرات البديل غير الرحيل الى نفق مجهول, عنوانه المال والسلطة والجاه لمن يريد أن يحكم ولكن ليس على شاكلة ما كان يسمى بالجمهورية اليمنية بل في صور أمراء حرب في كل مناحي جغرافية قوة الفرض؟

صالح الرئيس السابق الحالي:

لازال صالح حتى اللحظة يمسك ببيادق جانب كبير من اللعبة من خلال مخالبه وأنيابه في مثلث قاعدتة الأمنية والعسكرية المتمثلة بالحرس الجمهوري والأمن القومي والأستخبارات أضافة الى ولاءات بعض وحدات الجيش, مع جيش غير يسير في مفاصل ماتبقى من أجهزة النظام القائم رغم شكلية تكوينه وهلامية مقاييس دورة الفعلي في أدارة دولة غير موجودة؟

وفي ضؤ معطيات واقع اليوم وسلسلة تطور الأحداث خلال الفترة الماضية نجد أن في ماكان يسمى شكليا الجمهورية اليمنية واقعان على الأرض, وهما أمتداد للبداية المغلوطة قبل عشية أعلان مشروع التوحد الذي ولد ميتا لحظة أعلانه والتي عندها لم يتم تقدير حسابات الربح والخسارة وتجاهل مشاركة الشعبين في الدولتين الجنوب واليمن في قرار أعلان مشروع التوحد في 22 مايو 1990.

واقع في الجنوب يبحث عن وطن يعيش فيه عبر مسيرة التحرير السلمية. وواقع آخر في اليمن يريد التغيير وجاءت ثورته الشبابية لأحداث النهوض الحقيقي للمجتمع ليتلاءم مع عملية تغيير بنية وتركيب عقلية المجتمع لتخرج الى الحاضر من الماضي لأستيعاب مفهوم الدولة العصرية المؤسساتية المبنية على النظم والقانون والعدالة والحرية وأحترام حقوق الأنسان ومواثيق ومعاهدات المجتمع الحر في الحفاظ على السلم والأستقرار في المنطقة والعالم.

لكن أول عقبة وقفت أمام ثورة الجنوب وثورة التغيير ثلاث قوى رئيسة:

1- داخليا:

أ‌- ماتبقى من النظام وأجهزته العسكرية والأمنية والمالية والحزبية والتي كانت تدير البلد وفق قوانينها المافاويه الخاصة بعيدا عن القانون ومفهوم الدولة لغيابها في بحر تسلط النظام لفترة 33 سنة.

ب‌- العناصر المنشقة من الجيش والأمن التي أدعت حماية الثورة.

ت‌- العناصر القبلية الممثله في أبناء الأحمر والقبائل الأخرى امتحالفه معها والتي أعلنت ولائها للثورة شكليا مخفية مع العناصر الدينية والعسكرية واللقاء المشتركة جريمة قرصنة الثورة منذ أيامها الأولى.

ث‌- عناصر الأسلام السياسي المنطوية في حزب الأصلاح تحت أغطية أخوانيه وسلفيه وهابية وقبلية.

ج‌- اللقاء المشترك.

2- خارجية: أقليمية ودولية.

أ‌- أقليمية من خلال الدور الخليجي في المبادرة وماترتب عنها من تأخير الحسم الثوري وتقييد ملف الجنوب مع ركن ملف صعدة حسب ما تم أحتسابه في الخانة الشيعية الأيرانية.

ب‌- الصراع السياسي الأقليمي الخفي بين أيران والسعودية وتركيا وأسرائيل تحت حجج الحفاظ على الأمن القومي لتلك البلدان على حساب شعوب جنوب الجزيرة.

ح‌- الأتحاد الأوربي والولايات المتحدة بفرض المبادرة ووضع اليمن تحت الوصاية الدولية الغير معلنة وفق قراري مجلس الأمن الدولي الأخيران بهدف زعمهم محاربة القاعدة والأرهاب وتثبيت جسد سياسي ميت تناثرةت أشلاءة وسط غضب ورفض الناس.

د- دخول قوى دولية جديدة الى الساحة السياسية منها الصين وروسيا والبرازيل مؤخرا عبر بارجاتهم الحربية في خليج عدن والتي وصل تعدادها حسب خبراء أستراتيجيين الى 300 بارجة.

وفي الوقت الذي بقت فيه عيون العامة متجهة صوب ماتتمخض عنه المبادرة الخليجة المدعومة دوليا وتحت الأشراف المباشر للولايات المتحدة. برزت نتائج سلبية خطيرة لم تفضي الى أحداث أية تقدم عملي على الأرض يذكر.

تعثرت المبادرة وأنهارت الثورة وأنهارت أجهزة النظام وتعطلت كل أركانه لتتحول البلاد الى عصابات عسكرية وقبلية وسياسية وفق القائمون خلف كل مجموعة في صور متعددة ومختلفة لا تبتعد كثير عن أمراء وتجار الحروب ومافيات بأشكال مختلفة تفرض واقع جديد يتلائم معها وفق قوتها المالية والعسكرية والبشرية والجغرافية في مشهد جيوسياسي دراماتيكي يصعب وصفه لخصوصيتة اليمنية هذة المرة بعيدا عن النموذجات السابقة في الصومال وأفغانستان العراق. بل عجينة متداخلة من كل تلك النماذج المشارة سلفا.

وسبب آخر لفشل المبادرة عدم شمولية دراسة الواقعين في الجنوب واليمن وتباين العصبيات وفهم تاريخ وموروث كل طرف في المشكلة بحيث تم النظر للحل من مشهد دار الرئاسة والتحالفات القبلية والعسكرية والأجنحة التابعة للأسلام السياسي ذات الولاء المصلحي والشكلي لبعض دول مجلس التعاون؟

مما جعل المبادر ة تبتعد كثيرا عن المعالجة بل وسمحت لنفسها لتكون بديلا للثورة ودستورا أنتقاليا لنظام دون دولة ولا يمتلك نفوذا له في عقر دارة صنعاء فكيف يمكن سيطرته على بقية مناحي البلاد؟.

ومن جانب آخر فالاتحاد الاوربي والولايات المتحدة وقعوا بذات الخطاء في أسناد المهمة وتسليم الملف لجهات أقليمية هي أساسا قد عجزت عن معالجة أوضاع اليمن الجمهوري منذ ولادته في 26 سبتمبر 1962.

والأكثر فداحة ومأساوية أن الأتحاد الأوربي والأقليم والولايات المتحدة قد تم أستحلابهم ماليا تحت ذريعة القاعدة والأرهاب أستغلها النظام السابق الحالي لبناء وتجديد ذاته ومقارعة خصومة وهزيمتهم.

وعلاوة على ذلك كان ولازال النظام يمد الولايات المتحدة معلومات لوجيستية مغلوطة أسفرت الى حصد المئيات من الضحايا العزل في الجنوب تحديدا وما مجزرة المعجلة الا خير دليل على ذلك في ديسمبر 2009و مسلسلات أبين وشبوة وعدن مؤخرا.

سلبيات وأيجابيات مبادرة الخليج والغرب تجلّت في أنها زادت من العداء الشعبي للأغلبية الصامتة وممثليها هي شباب الثورة والحراك الجنوبي والحوثيين في صعدة وجعلتهم في أستنفار دائم لمواجهة أخطار القادم لعدم وجود أية رؤية واقعية لحل الأشكاليات والخروج من المأزق. ومن جانب آخر شكّلت أحداث جنوب الجزيرة رافد مهم في صحوة وعي شعوب منطقة الجزيرة وجعلتهم في موضع أكثر جرأة على بداية تشكُل مرحلة تكون بوابة لتغيير قادم في المنطقة قد لايكون على غرار مايجري وجرى في ثورات الربيع العربي المختطفة ولكن بأشكال أكثر فعالية في تغيير منظومة وفلسفة الحكم وتركيبة المجتمعات فكريا وأقتصاديا وأجتماعيا وثقافيا تفرزها الظروف الأنتقالية عند تلك المرحلة ومدى قدرة النخب على السيطرة والأدارة لها بديلا عن الفوضى الممكن أن تنتج عن هذا التحول.

وقد يمكن تتشكل خريطة جيوسياسية وفق مناطق الثروة وتمركزها وأهمية جيوعسكريتها المتقاطعة مع مصالح الدول العظمى. ليتم فتح ملفات مغلقة وقفل ملفات مفتوحة مبنية على هذة الأسس المشارة ومنها موضوع الجنوب مع مراعاة ترابط وتشابك أقليمية المصالح مع دولية النفوذ والوصاية لتتناسب مع البئية المحلية في تلك المناطق وسلامة وأستقرار أستثمار الثروات فيها.

ووفق ما تكشفت من حقائق في الماضي القريب وحاضر الأيام عدم قدرة الغرب والولايات المتحدة على أحداث أستقرار لشعوب البلدان الملتهبة والقريبة من الجزيرة كالصومال وأفغانستان والعراق حيث عمت الفوضى في تلك البلدان وأصبحت دول فاشلة شكّلت حملا وعبء عليها والمجتمع الدولي فلا تم القضاء على القاعدة والأرهاب فزاعة الغرب ولا تجنيب تلك البلدان عن مخاطرها.

ففي واقع حال اليمن والجنوب عامة نجد أن كل الشروط قد أستكملت لدولة فاشلة وأنهيارات سياسية وأقتصادية وأمنية وفوضى عارمة وعدم تحكم بالمناطق وغياب تام لأجهزة الدولة والقانون مع ظهور واضح لتشكّل قوى عسكرية وسياسية وأمنية وقبلية وجهوية وطائفية ومذهبية وتيارات متعددة فئوية أو أجتماعية بما فيها طرائق صوفية مختلفة. هذا الموزائيك الجديد أصبح واقع أستفاد من خلال عدم نجاح الثورة وتعثر الحراك الجنوبي في ظل عدم حسم الصراع على السلطة في صنعاء وبروز التوازن العسكري والأمني والسياسي للمتسابقين يمنيا الى القصر الجمهوري في ظل تشبث واضح للرئيس السابق صالح وأسرتة وأدارته للأوضاع في هامش غياب واضح للرئيس عبدربه وهلامية حكومة النفاق. ويأتي عدم الأعتراف بحقوق شعب الجنوب السياسية والأنسانية ومنح أستحقاقات الجنوب أرضا وشعبا كدولة وهوية.

ويبقى تركين الملف الصعداوي وتمرد وعصيان واضح للعديد من المناطق والمحافظات والمديريات وبروز الحراك كقوة سياسية سلمية قوية وشعبية مشروعها التحرري وتحرير مناطق الحوثيين وعدم أحراز تقدم ملموس على صعيد ما حاولت أن تذهب الية مبادرة دول الخليج وعجز أممي على فرض عقوبات على مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم بحق الأنسانية من النظام اليمني بشقيه من طرف صالح أو المشترك اليوم مع صالح من قبل اللقاء المشترك. وهذة الجرائم لازالت مستمره على أرض الجنوب وما أحداث شبوة وأبين وآخرها عدن والمنصورة كانت أشدها, الأ خير دليل بالصوت والصورة لأدانة مليشيات أولاد الأحمر وحزب الأصلاح وبقايا نظام صالح مع عساكر علي محسن الأحمر.

لهذا تعمل هذة القوى ومنذ وقت بعيد مابعد 22 مايو 1990 على تهئية المناخ في منطقة اليمن والجنوب وتندرج ضمن هذة الخطة مسلسلات الأغتيالات المستهدفة للجنوبيين الى أن تكون المنطقة بئية حاضنة ومناسبة للأرهاب والقاعدة, تُستخدم لمفاجآت مأساوية لم تبقى نتائجها محصورة في جنوب الجزيرة بل فأن نيرانها لا تعرف حدود لنهايتها ألا رب العالمين وحدة في ظل أستمراريتهم في مراكز القوى الرئيسه ونفوذهم السلطوي والعسكري والأمني والسياسي. بأعتبارهم ضمن مبادرة الخليج يأتون ضمن مكونات الحوار الوطني وكقوى أساسية من وجهة نظر القائمون على المبادرة وهنا المأساة بعينها؟. وإلا فما مغزى بقاء صالح في صنعاء والزنداني في أرحب وصنعاء وعلي محسن الأحمر يرافق الرئيس عبدربة منصور الى قطر. مع أستمرارية أولاد الأحمر في حصبة صنعاء ودعم واضح لهم من أطراف أقليمية بعينها؟

الرئيس السابق الحالي علي عبدالله صالح وخصومة في حادثة النهدين:

لم يبق لديه غير الثأر على خصومة والمتمثلين في أولاد الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشا ئخ قبيلة حاشد والجنرال علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع والشيخ عبد المجيد الزنداني مرشد مجاهدي أفغانستان وحاليا اليمن في صور المعاهد الأسلامية وجامعة الأيمان في صنعاء.

هذة الأطراف كانت ضمن حلف قوي متماسك تشرذمت عند بداية محاولة التوريث لنجل صالح بدخولهم في صراع قاتل للسباق الى القصر الجمهوري ضمن عقلية وفلسفة حكم القبيلة وأمتزاج أستخدام الوازع الديني بتوظيفة سياسيا على أسس تُمكن القائمون خلفه من الأعتلاء الى سدة الحكم بمقدار ماجرى في تونس ومصر ولكن بشروط محلية تجعلهم مقبولون في الشارع السياسي ضمن عملية تسويق منظمة أقليميا ودوليا, تمهد طريق السيطرة على مناطق الثروة والمواقع الجيوعسكرية المؤمنة لأستمرارية ضمانة مصالح الدول العظمى في المنطقة وترويض البئية السياسية والأجتماعية لأحتضانها؟

ولهذا كانت نتائج حرب صعدة الستة والجنوب في 1994 قد أفضت الى تحالفات جديدة غير السابقة في الواقع جعلت الحوثيون في غزل دائم مع صالح وتكون الحوثية في الشق الجنوبي حصان طروادة صالح في أقناع العالم والأقليم بأهمية غياب صالح عن الملعب السياسي ليعود ليس بالضرورة بصورتة السابقة ولكن مايمثله أقل تقديرا.

ويكون مبرر تشّكُل كيان جنوبي وأقصى شمال اليمن صعداوي مع كيان اليمن الأسفل أقوى حجة لتلك العودة لصالح لدى القائمون على تمهيد الملعب الأقليمي والغربي وتحديدا الأمريكي.

عبدربة والرئاسة:

حملته الصدفة الى وضع لم يصدق يوما أن يكون فيه وبقى ممتدا طول الفترة بين علاقتة بصالح أثناء الزمرة ومابعد حرب 1994 لكنة في اللعبة مابعد حادثة النهدين دفعت به ظروف الخطة المرسومة له بعد زيارة واشنطن له ألى أن يقبل بدور الكومبارس وأستمر فيها منذو الأنتخابات وحتى اللحظة. مجمل الحكاية في قضية( أمشنطة) ولهذا برزت اللُحمة في أرتصاص عناصر الزمرة بصورة من كان مع السلطة أو من عاد من المفى في آخر لحظة وتعبئة خطة أعادة الأنتشار وفق قواعد اللعبة المرسومة والمتفق حولها مسبقا وتوزيع البيض في أكثر من سلة؟

لم يعد في قراراته شئ يوحي للتغيير بل التعقيد كون أن شبكة ما تحت كل معاونيه الجدد لا يدينون الولاء لجماعتة التي حزم فيها طوق جماعتة كلواء ضمان ولاء لتنفيذ خطتة وخصوصا أن أغلب التعيينات جاءت من أبين وشبوة وضمن ماكان يسمى الزمرة؟

هولاء صاروا في صنعاء مرفوضين لعدم تقبل العقلية لهم بذات مشهد ما قبل حرب صيف 1994 الظالمة على الجنوب في مسلسل أغتيالات طالت العديد من كوادر الجنوب عندما حلوا ضيوف على صنعاء كعمال هنود؟

اللعبة تتكرر اليوم لتعيد الأوضاع عند سابق مربعاتها بل وبأنتكاسة كارثية هذة المرة تدمر كل شئ يمت بصلة في فتح أفق الحل المسدود بعصبية التنوع يمنا وجنوبا. ليستمر المشهد الدموي في وضع أمراء حرب لايختلف الأمر كثير عن أفغانستانية وعرقنة وصومالية بل وبلقنة بذات نكهة اللبننة بطعم آخر مهزوم يمنيا وجنوبيا مأساويا؟

صورة غريبة في عجننة جمال بن عمر وأممية عدم وجود نية في الحلحلة وضياع أقليمة التوهان المؤلمة عند حدود أعاقة حركتها في التقدم لمعالجة المشهد لأن قرارها ليس بيدها وماخلف المحيط أمريكيا يتحكم فيها.

ولهذ وقع عبدربة على ركبتيه في الصفوف الأولى شكليا ولكنه بعيد عن المشهد في قبو الأحداث لمواصلة دور مرسوم له بلغة متفقة على سيادتها المؤقتة حتى تشكيل الملعب الذي على أرض الواقع مرفوض تماما لعزوف وعدم أعتراف القائمون علية أقليميا ودوليا وتحديدا أمريكيا بحقوق شعب الجنوب السياسية في هويتهم وبناء دولتهم عبر أستقلال ناجز بمفهوم شعب الجنوب وقرار وجدانه ومن جانب آخر ثورة التغيير المغفلة عن المعادلة تماما؟

لهذ بقى عبدربة معتقلا في دارة ومحميا من الفرقة الأولى المدرع, وميلانه مع خصوم صالح مزق آخر خيوط لعبتة مع صالح خلال تضامنة على أحتلال عدن في 1994.

ومن خلال هذا الأستعراض لابد من ضرورة التأكيد على مايلي:

أنه على الرغم من تعقيدات المشهد وتطوراته الدراماتيكية وغياب واضح لأية جهود تفضي الى معالجة أشكاليات المنطقة وتخلف المكونات السياسية عن قدرتها على تحمل مسئوليتها لعدم أمتلاكها على أرادة سياسية لتكون حامل رئيس على منحها القدرة وثقة الشعوب بها نتيجة لمواقفها المتخاذلة خلال تاريخها المنظور وأنانية نخبها. لكن الوقت لازال مناسبا على أحداث معالجات ولو جزئية ضمن سلسلة من المعالجات تسهل وتعبد الطريق لحلول كلية وذلك من خلال:

1- تحريك الملف الجنوبي وتسوية شئؤون شعبه وفق أرادته السياسية وبما يُمَكِنْ الأشراف الدولي والأقليمي على السيطرة والتوجيه في مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها وأصدار مصفوفة قوانين تنظم هذة العملية بمشاركة كل أبناء الجنوب وتأسيس وبناء البنية التحتية الملائمة والمساعدة على أحداث هذا النهوض تأسياسا على أن عقلية وعصبوية شعب الجنوب تستوعب الدولة ولديها من الخبرة والموروث الغربي والوطني والديني القادر على تسريع العجلة لعودة الجنوب الى سلسلة التطور الأنساني المحروم منها منذ 30 نوفمبر 1967. وتعود لتحتل عدن مكانتها كما كانت حتى عشية الاستقلال كأهم ثالث ميناء في العالم بعد نيويورك.

علما أن للجنوب عصبوية واحدة متجانسة منذ فجر التاريخ ضمن جغرافية الوطن الجنوب العربي. ولم تخضع المكونات الأجتماعية للكيانات السياسية في تطورها حيث لعبت العصبوية خصوصية التميّز لشعب الجنوب في الحفاظ على الهوية والموروث وطورت قدرتة على التعايش دونما يحصل هناك تناقضات كانت عائق في تفهم وتفاهم المناطق مع بعضها البعض الحقيقية لأحترام أرادة المناطق ومساعدة بعضها البعض.

وبنى جسور التواصل الأجتماعي والأقتصادي والثقافي والسياسي والديني مما خلق منها وحدة أجتماعية وأقتصادية متشابكة ومتكافلة ضمن الوطن الواحد على الرغم من تعدد المكون السياسي الداخلي لكن الخارجي متوحد وهو كان الضمانة لبقاء الجنوب العربي موحدا عبر تاريخة منذ الأزل وحتى نوفمبر 1967 . مع التأكيد على أهمية التفريق بين دولة أتحاد الجنوب العربي ككيان سياسي المستثنى منه المحميات الشرقية والجنوب العربي الجغرافي كهوية. حيث وأن المحميات الشرقية المهرة وحضرموت والتي كانت ضمن أطار الوطن الواحد الجنوب العربي كهوية وتخضع لعملة موحدة وأنتداب بريطاني واحد ضمن حدود وسيادة الهوية الجنوب العربي حتى 30 نوفمبر 1967يوم أستقلال الجنوب العربي. علما أن بعض المهرولون الى أستمرارية يمننة الجنوب كانوا ضحية هرولتهم في عدم تفريقهم بين الهوية والكيان السياسي والوحدة العصبوية للمكونات السياسية للجنوب العربي التي تجسدت وبقت وفق أحتياجات ومصالح المكونات الأجتماعية والعصبوية للمحميات الشرقية والغربية.

فالعصبية والهوية لم ولن تتغير وفق تغيرات الكيانات السياسية ولا تذوب أطلاقا مهما جرت عليها عوامل التعرية البئية والجغرافية والسياسية, برغم أن أصحاب مشروع يمننة الجنوب قد حاولوا طمس هوية الجنوب العربي في 30 نومبر 1967 وأستبدالها بهوية يمنية وفق كيانهم السياسي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ولاحقا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على أرض الجنوب العربي. فعملية تسمية المحافظات من المحافظة الأولى الى السادسة ومديريات شرقية وغربية وشمالية وجنوبية ومركز أول وثاني وثالث في المديرية دليل ذلك. لكن ماذا حدث رغم مرور السنين لا تنتهي الأوطان بالتقادم ولا يمكن طمس هوية الشعوب وعصبياتها. فهاهوالجنوب يخرج الى أهله بعدما أهله قد خرجوا اليه.

1- وعلى المستوى اليمني:

تأتي الأولية في تشذيب كل تلك القوى والمكونات التي تعيق عملية التسوية من خلال أستبعادها من مراكز القرار السياسي والعسكري وتحييدها وفرض عقوبات عليها في حالة تمردها أو عودة نشاطها. مع تجميد جميع أموالها في الداخل والخارج وفرض قيود صارمة على كل الجهات المتعاملة معها بغية تجفيف روافدها المالية وتقليص قدرتها وحركة نشاطها في مختلف مجالات الحياة. وفي ذات السياق العمل على هيكلة الجيش وجميع الأجهزة الأمنية والأستخباراتية على أساس وطني وفق الكفاءة والنزاهة والولاءالوطني وليس الحزبي والقبلي والديني. وهي المشكلة التي لازالت في جمود رهيب بفعل غياب الأرادة الحقيقية سياسيا للتغيير بل لاستمرارية التدمير والأنهيار الماثل في مختلف مناحي الحياة صورة الفعل اليومي للمشهد يعيشه عامة الناس.

2- جنوبا لترتيب وأستعادة البئية السياسية:

قبل كل شئ لابد من وضع مرجعية تحت سقفها يكون الجنوب وطن الجميع. في بناء الدولة الموسساتية الحديثة وفق عصريتها وعلى أن الجنوب وطن الجميع ماضيه وحاضره ومستقبله في بوتقة واحدة دون أستثناء لأحد. ديمة الكل ومهد الجميع في رحلة الحاضر الى مستقبل الخير والسلام والوئام دون أنتقاص لأحد في المشاركة وبما يجعل الجنوب دولة تتقاطع بمصالحها أقليميا ودوليا مع كل الأطراف سبيلا لتأمين وأستقرار المنطقة والعالم ووصولا الى تحقيق الأهداف السامية للرسالة الأنسانية لشعب الجنوب في الوجود.

يأتي العمل على تشكيل حكومة أنتقالية نوعية من أهم الشخصيات التكنوقراطية وتحت أشراف دولي مع تثبيت قوانين خاصة لتسهيل وتمهيد تأسيس الدولة.

ومن أهم هذة القوانين أغلاق كل مواقع ومراكز تفريخ الأرهاب والتطرف الديني وتشديد الرقابة على جميع المناهج التعليمية والرقابة المشددّة على هئيات التدريس وآلية التعليم وأتخاذ عقوبات رادعة من خلال تطبيق القانون على الكل مع التنسيق أقليميا ودوليا على عدم خروج جهة بعينها لدعم جهة داخليا لأرتباطها بمصالح تلك الدول. والعمل على أعداد خطاب سياسي وديني وسطي يلبي أحتياجات الأبتعاد عن التطرف والغلو.

وبأستكمال الدولة بأجهزتها المختلفة نكون قد وضعنا البلد على قضبان عقلية تستوعب هذة الدولة ومن ثم تدريجيا الأنتقال الى العملية الديمقراطية.

ضمن هذا التغيير والتحديث لابد من أيجاد معالجات حقيقية لأوضاع المناطق وأستحقاقاتها في أطار الجمهورية العربية اليمنية من خلال تفعيل شرعية ثورة التغيير عبر منهاج عملي واضح يفضي الى وضع معالجة نهائية للوضع المأساوي القائم والخروج منه بأقل الخسائر فيه يندرج وضع حل لقضية صعدة و ضرورة أستكمال الحل في أستحقاقات اليمن الأسفل ومعاناتة لقرون خلت في الأستجابة لمطالب الناس هناك في أطار حل ومعالجة شاملة تفضي الى أستقرار وأمن لجنوب الجزيرة العربية. بملا يتعارض مع العملية الديمقراطية وبعيدا عن التعصب بكافة أنواعة وأشكاله, وبما يؤدي الى تقاطع مصالح الكل دون أستثناء.

خصوصية الوضع القائم تعكس صورة أرجوازية القائمون شكليا على الكيان السياسي الهلامي في عدم صدق أطراف التملص والتخلُص في النظام القائم في صنعاء بأزدواجية المعايير في المشهد وخلط الأوراق. حيث وأننا حتى اللحظة لم نرى في الأفق المسدود بوادر الخروج من المأزق غير أن صوملة المشهد بأفغنة وعرقنة وبلقنة مع نكهة لبننة في العجينة سيدة الطعم والرائحة رغم الكارثة.

والله على ما أقوله عليم وشهيد.
*كاتب وباحث أكاديمي
لندن
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس