عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2013, 06:47 AM   #14
مبارك بوشندل
شاعر السقيفة
 
الصورة الرمزية مبارك بوشندل

افتراضي

الوقفة السادسة
منقول من منتديات الوادي للشعر الشعبي ( بتصرف )

بن زامل العاشق الشاعر :.
وهو علي بن زامل باجري الكثيري من قرية بور* بحضرموت وقد كان شاعراً رقيقاً حكيماً عاش حياة النبلاء وصارع صراع الأشداء كثير الترحال كأي شاعر آخر لا تفوته المناسبات وله قصة يتداولها الحضارمة جيلا بعد جيل.
قصه حبــــــــــــــــــــه :

في قرية تريس التي تبعد عن بور عشرة أميال كانت بداية التعلق والوجدان، لم يكن غريباً على هذه القرية ، فقد دخلها مررا ولكن عينه لم تصادف أو لم تقع على فتاة الحسن والجمال إلا هذه المرة عندما وجه نظره بالصدفة إليها وهي تمشي ألهوينا فتوافقت النظرات وخاطبت عيناها في لغة الهوى عينيه، غير أنها وكعادة البنت الحضرمية أسرعت الخطى إلى دارها في وجل وخجل عندما رأته يرشقها بسهام عينيه, تعقبها في حذر وكبرياء كي لا يقال عنه ما يشينه في نظر الآخرين وهو معروف بالنخوة والعفة, رآها تدخل بيتا بجوار حانوت....... وعندها كوّن صحبة مع صاحب الحانوت, الذي اخبره عن الفتاه وأمها القادمتين من قرية أخرى بعد وفاة الأب وأنهما يقيمان بجوار شقيق الأم (الخال) وأخبره عن أخلاقها وعفتها وأدبها.
صارت تريس بعد ذلك وجهته المحببة فصار لا يغيب عنها كثيرا، ومن اجلها أحب الديار وأحب صاحب الحانوت الذي كان كطالع السعد , وتعرف على خال الفتاه الذي يعتبر وصياً عليها بحكم القرابة والعرف, وصار كثير الزيارات له تمهيدا لغايته ,فبعد زوال الكلفة وزيادة الألفة أفضى إلى الخال رغبته بالزواج من أبنت أخته وطلب منه الرد خلال أيام, بعد ثلاثة أيام عاد بن زامل ووجد الخال بانتظاره ومعه النبأ السار, وبعد مده قصيرة قدم عم الفتاه مع ابنه لخطبتها فوجداها مخطوبة.
لكن الذين يحترقون كمداً وغيظاً عند رؤية روحين متحابتين راحوا يناصرون بعضهم, فجاءت مكائدهم على قدر حقدهم, واستقر الرأي على فعل لا يليق إلا بالوشاة, فعل رسموه وخططوا له بدقة, وهكذا كانت الوشوشه بالسوء حول الفتاة والنيل من سمعتها بحيث يسمع الفتى ما يقولون فيكره ويبتعد ويهجر..
حسدوه وتواصوا عليه فجاء فعلهم قبيحاً وعند رؤيتهم بن زامل في تريس يقولون ما ينفره من الفتاة بطريقة غير مباشرة, كأن يدّعون بأنها ليست إلا من بقايا قوم موسى, يقول احدهم وذاك يسمع ( انظر إلى المتيم الولهان يخطو وكأنه العشيق الوحيد ولا يدري عن المتيمين غيره.!!..) وآخر يقول اليوم عندك دلها وخبرها وغدا لغيرك كفها والمعصم. وليس ذلك فحسب بل نشروا نفايات التبغ المحروق الناتج عن الارجيله (الشيشة) حول دارها كي يوهموه ان المتعة للجميع في هذا المنزل.
بلغ إلى مسمعه ما قالوه ورأت عيناه ما فعلوه, فبدا الشك يحل محل اليقين وبات صاحبنا في ليل من الشك مظلم , لدرجة انه صرف النظر عن منزلها فغير اتجاهه الى منزل خالها, رأته بينما كانت تترقب وصوله كعادته , رأته والعبرات تخنقها لا لشيء فقط إلا لأنها تحبه, وطال الانتظار وزاد الشوق فذهبت لمنزل خالها , وعندما سلمت عليهما ذهب الخال ليترك المجال لهما, غير انه لم يجدهما بعد عودته فأيقن أنهما ذهبا لمنزل أخته , لكنه علم فيما بعد ان بن زامل غادر ممتعضاً .
مرت اسابيع ولم يظهر بن زامل مما يدل على القطيعة وتبدل الرأي والموقف .
خطوة فيها الكثير من القسوة على إنسانة بريئة لا تدري عن شي .... فقط انها كانت تحــــبه ولا تزال تحبـــــه.
ليس هناك شك لدى الفتاة بأنها والحال هذه ستكون حديث الناس الذي يغلب عليه القسوة, لذلك طلبت من أمها مغادرة تريس دون رجعة , استأذنت إلام من الخال للمغادرة الى الشحر.
واصطحبتا قافلة وبعد اثني عشر يوماً وصلتا الشحر ففرح العم بقدوم ابنة أخيه وأمها , وبعد أيام عاود طلب ابنة أخيه لابنه, وعندما علمت الفتاة طلبت مده لتفكر وبعد شهر وافقت على الزواج من ابن عمها المحظـــــــــــوظ..
لا يزال الخال في حيرة من أمره لسببين أولهما تبدل رأي بن زامل والثاني سفر أخته مع ابنتها للشحر. اما بن زامل فقد زار صديقه الحانوتي بعد شهر من القطيعة وفضفض له بما كان من أمره وعلم من صديقه الحانوتي الصدق واليقين(الفتاة شريفة ذات عفة وحياء ... ليتك اخبرتني قبل ان تظلمها وتظلم نفسك) ضاق بن زامل وأحس بأن مكيدة قد دبرت فتوجه لمنزل خالها , والذي بدوره أكد ما قاله الحانوتي.
في اليوم التالي قرر ابن زامل التوجه للشحر وبعد عشرة أيام وصل. سأل بخفية وتنكر, فوجد الجواب سهلا وواضحاً, اذ رأى منزل العريس مزداناً بالزينة والاستعدادات للمناسبة التي سوف تحزنه وتبكيه, فأصبح لا يرى بالشحر غير هذا البيت يدور حوله متنكرا ومعه تدور الخواطر والهواجس حتى اهتدى إلى منفذ . فاستأجر غرفة مقابلة لغرفة العريس , يفصلهما زقاق صغير. أسبوع وتزف العروس للعريس وبن زامل في غرفته يراقب الموقف عن كثب بحسرة وكمد ووجد.
كانت الزغاريد ليلة الزفاف مصدر فرح وسعادة للعريس, ولم يدر أحد بحال العروس المسيكينة, غير أنها من المؤكد ان الذي تتقطع أحشاؤه ويتعذب ويرسلها زفرات حرى عند سماع كل زغرودة هو بن زامل.
وفي الليلة الظلماء زفت العروسة الى منزل العريس , واخذ ابن زامل عوده والقلب يرفرف بجنبه كالذبيح , وما ان دخلت الغرفة حتى سارع العريس إلى إغلاق الباب خلف المزينة وجلس الى جانب عروسه(ما أجمل هذه اللحظة) وعندما اقترب منها كان بن زامل قد بدا في الغناء , خوفا وغيرة ونفاد صبر وشرع يقول ..


يقول بن زامل مساك الخير يا امير الملاح
يافائق الغزلان يانعسان يا نجم الصباح
يا مشفي المتعوب يا خرعوب يا نوب اللحاح
سلبت حالي هشت عقلي يا مترف بالمساح
غليت وايش القيت بك ذا البعد يا حلو المزاح
ايش ذا جرى طال البرا ما حد سعى لي بالصلاح
او ماتخاف الله في بن زامل المسكين راح
غريب مستوحش اذا الليل اعتدل غفل وصاح
يعجبك في بيت الظليمي لا نغم بالصوت ناح
اصوات بعد اصوات فيها الموت ماقط استراح
ارحم علي ياعيطلي خل القواسة والمزاح
شفني تركت اهلي وخلاني وهاجمت الرياح
لجلك نويت العزم والله ما على ايديها سماح
ما زلت منك يا ابلج الغرة ولو دونك رماح
والقصيدة طويلة اكتفيت منها بالأبيات السابقة .

اهتزت الفتاه لذلك الصوت وتاثرت لذاك الذي اسعدها وابكاها , وفي لمح البصر عاد شريط الماضي , فنهضت نحو الشباك , لم تر احد لكنها سمعت صوته من غرفة مجاورة مظلمة , يغني بصوته العذب وكلماته النفاذة المؤثرة حتى انتهى.
صمت بن زامل وبقيت العروس متشبثة بالشباك... لم يحتمل العريس الانتظار وهو ينظر لذلك الجسم الغض الذي طالما حلم بضمه فضاق صدره ونهض ليجذبها نحوه في دعابة , فكانت الصدمة!!!! لم يعد عريسا!!!! . ياللهول !! ياللفاجعة !!

سقطت العروس جثة هامدة لا حراك بها.. اطبق عينيها وسارع الى ابيه ليخبره بما جرى . عادوا وراوا جثمانها مسجي في ثوب زفافها, وفي لحظة انقلبت الأفراح الى أتراح وخيم الحزن على مدينة الشحر.
في اليوم التالي شيعت الجنازة, وكان من بين المشيعين رجل واقف عند قبرها هو اكثر المودعين حزناً, ذهب الى امها معزياً , وما ان رأته الأم الباكية حتى سألته منذ متى وانت هنا فاجابها وصلت للتو......... انتهى كل شي........بعد ايام عاد الى تريس بصحبة امها يحمل الذكريات المرة وبين الحين والأخر يمسح دموعه المنهمرة بغزارة
  رد مع اقتباس