عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2013, 06:04 AM   #17
مبارك بوشندل
شاعر السقيفة
 
الصورة الرمزية مبارك بوشندل

افتراضي

الوقفة السابعة
ولما يعانيه إخواننا في المهجر من ألم الغربة اخترت لكم من شعر الوداع
شاعر غرناطة ابن خاتمة الأنصاري الذي يصور موقف الوداع وأثره في نفسه فيقول:

مَنْ لمْ يُشاهِد مَوْقِفًا لفراقِ
لمْ يَدر كيف توَلُّه العشاق
إنْ لم تكنْ ترَهُ فسائِلْ مَنْ رأى
يُخْبرْكَ عَنْ وَلهي وَهْول سِياقِ
مِنْ حَرِّ أنفا س وخفقِ جَوانح
وَصَدوع أكبادٍ وفيض مآقِ
دُهيَ الفؤادُ فلا لِسانٌ نَاطِق
عِنْدَ الودَاع طايعٌ مُتراقِ

يوضح ابن خاتمة من خلال أبياته معاناته وعذابه بسبب الفراق والوداع، الذي لا يمكن أن يشعر به إلا من جرب مثل هذا الموقف، ويضع من نفسه دليلا على ذلك، فقلبه يفيض بالحب والحنين وهو دائم الخفقان لا يكاد يتوقف ، ودموعه تنهمر باستمرار، بل إن لسانه عاجز عن الكلام عند حصول الوداع فكأنه يفقد كل إرادة في تلك اللحظة. كما يصور الشاعر الأندلسي ابن خاتمة وداعه لحبيب له يرتحل فيقول:
استودع الله حبيبًا نأى
عني وإن ظلَّ الحشا مربعه
أودعَ قلبي يوم ودّعته
من بُرحاءِ الوَجْدِ ما أودعه
يا ربِّ حفظك ترْحَالهِ
ما إنْ يُضَيعُ اللهُ مُسْتَودعَهُ

والبُرَحاءُ الشِّدَّة والمشقة.
يطلب الشاعر من الله حفظ هذا الحبيب برعايته، ذاك الحبيب الذي يحبه حبًا كبيرًا حيث تربع على قلبه، ولن تتغير مكانته في نفسه، ويسأل الله أن يحفظه في حلة وترحاله.
من كتاب ( الحنين والغربة في الشعر الأندلسي )
  رد مع اقتباس