...ويأتيك بالأخبار من لم تزود

[وادي عمر]

...ويأتيك بالأخبار من لم تزود
محمد عبدالله الموس الذهاب لصفحة الكاتب مقالات أخرى للكاتبثورة هادي!
بن عمر وسهل ونورا
المرشد العام للساخرين العرب
(رأي) مدرسة الشراكة الوطنية
إطلالة مسئول
شيخ العيدروس .. صديق البسمة
الحكمة المدحبشة
احتفال مدرع
أي شيء إلا أن يكونوا ثوارا
غسل الثدي قبل الإرضاع الأربعاء 24 أبريل 2013 01:29 مساءً
هذا العنوان هو الشطر الثاني (العجز) من بيت لطرفة ابن العبد ورد في معلقته التي مطلعها:

لخولة أطلال ببرقة تهمـــــــــــــــد تلوح كباقي الوشم في باطن اليــد

وهي قصيدة تحوي الكثير من الأبيات التي صارت أمثالا مثل:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتــــــــــــــدي

وظلم ذوي القربى اشد مضاضـــة على النفس من وقع الحسام المهند

وطرفة ابن العبد شاعر جاهلي قتلوه وعمره (26) عاما، وهي حادثة تؤكد أن عادة العرب في قتل عظماءهم عادة قديمة جدا.



هذا العنوان يعيدنا إلى الماضي البعيد جدا، وهو يذكرنا بماض قريب، يذكرنا ما قبل 63عاما، عمر ثلاثة أجيال، دفعنا خلالها دماء كثيرة وذهبت خلالها جل ثروة التراكم المعرفي التي اكتسبها الجنوب وفقدنا معها الثروة الوطنية العامة والخاصة، ونفقد شيئا فشيئا قيم المدنية واحترام الذوق العام التي تتلاشى إلى أن أصبحت (كباقي الوشم في باطن اليد) وقد نجد أنفسنا صفر عالشمال أو (يا مولاي كما خلقتني) كما يقول أخوتنا أهل المحروسة (مصر).



قبل 63عاما ولد حزب (رأي) وقال مؤسسوه بعدم إقصاء احد وقالوا بالجنوب العربي الذي تم تكفير هذا الحزب وتخوينه بسببه، وحورب من الاستعمار ومن السلطة الوطنية ولم تتعرض حركة وطنية لتشويه تاريخها كما تعرض تاريخ (رأي)، ورغم النفي القسري فقد ظل هذا الحزب يحمل هم الجنوب ويتوارثه على مدى ثلاثة أجيال، ولا زال حتى اليوم يتناغم مع حركة الشارع الجنوبي ويرفع سقف طروحاته تماشيا مع حراك الجنوب.



من سخرية الأقدار أن (يطلع لنا التاريخ لسانه) ويجعل نفس من رفضوا مفهوم الجنوب العربي يرددونه اليوم بقوة ويرفضوا أن يتفقوا على أن يصعدوا (على ظهور الناس) وعلى حساب تضحيات شباب الجنوب، من جديد، والأشد مرارة من ذلك أن يستخدم شبابنا لتصفية حسابات الأخوة الأعداء بنفس الطريقة القديمة التي (لا ظهرا أبقت ولا أرضا قطعت).







مصيبتنا في الجنوب هي ثقافة رفض الآخر التي وجدنا أنفسنا نمارسها بصورة كارثية، فنحن، للأسف، تعودنا الخطاب الانفعالي الأجوف فلم استغرب حين سألني، سياسيا يفترض به أستاذا، عن سبب كثرة رؤى حزب (رأي)، فرددت عليه بخجل، نيابة عنه، أن وظيفة الأحزاب هي تقديم الحلول، فالشارع يضع مطالبه وتتولى القوى المنظمة تقديم الرؤى التي توصل إلى ما يريده الشارع ونحن في (رأي) ندرك ماذا يريد شارعنا ونعمل معه على الوصول إلى أهدافه.



نحن نخشى فقط أن لا يستوعب البعض متغيرات العصر التي فهمها الشارع الجنوبي واتخذ التصالح والتسامح نهجا لم ينهجه البعض بعد، نحن لا نريد أن يتكرر الماضي من خلال ثقافة رفض الآخر، ليعيد التاريخ نفسه، ولا نريد لجيل آخر قادم أن يذكرنا، بعد فوات الأوان، ببيت طرفة بن العبد:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود