للحضارم " احذروا لعبة "النص كم"

[حد من الوادي]

احذروا لعبة "النص كم"

يحيى بامحفوظ الاربعاء 2014/04/02 الساعة 10:43:42



كثيرة هي التصريحات التي تفوح منها رائحة الخنوع والاستسلام، والتي ليس لها مكان في الإستراتيجية النضالية الجنوبية، ومن هذه الجزئية سنتناول تصريحات مقرونة بفعل أُسس على باطل، و"ما بني على باطل فهو باطل" فأن كنا نريد ان نستشف الحقيقة, "أي حقيقة كانت" فعلينا ان ننظر إلي جزئياتها منفصلة عن بعضها، و خارج الإطار الذي أحيط بها، وما نحن بصدد تناولها هنا، هي الدعوة "للفيدرالية"، والحقيقة ان بعض القوى تدور من حولها اليوم، من دون ان تكلف نفسها عناء، سبر أغوارها وإعادة قراءة فحواها بتمعن.

المؤسف ان التخطيط لتلك اللعبة، أي لعبة "الفيدرالية" اعد بأياد أعداء الجنوب، لتنفذه اياد جنوبية، فبعد إدراك موجهي "الحوار اليمني" بأن الخلل الأكبر في بنيته تكمن في رفض أبناء الجنوب له، لجأوا لاستنساخ مكون وهمي لتمثيل الجنوب، ولكن ما الذي حدث؟ لقد فشل الحوار، وبصمود الجنوبيون جعل من مخرجات ذلك الحوار هشة، ولكي يداروا عن انتكاستهم، لجأوا هذه المرة إلى لعبة من العاب "النص كم"، إذ كان لتلك اللعبة الشيطانية البديلة، محبذون حد الهوس لأنها شكلت في نظرهم بارقة الأمل في التحايل مرة أخرى على شعب الجنوب، ومثلت أبشع الكوابيس لنا، لأننا ندرك بأنها تقود في نهاية المطاف إلى تشظٍ تسلسليا في الجنوب، وتعطي صكا ضامنا لاستمرار الهيمنة عليه.

وتتلخص لعبة النص كم هذه، في خروج ما سمي بالحوار بقرار تقسيم الجنوب إلى عدة أقاليم، ليرفض بالمقابل اللاعب الآخر ذلك ويصر على إقليمين، وبعد ان يأخذ الخلاف الظاهري مداه، وينقسم الشارع الجنوبي إلى مناضلين من اجل التحرر، وأتباع لدعاة الفيدرالية، حينها يتم تقديم اخطر بنود اللعبة، فتتظاهر صنعاء بأنها تقدم تنازلا لأبناء الجنوب بقبولها بالفيدرالية من إقليمين، فيسهل تمريره، بعد تفتيت الشارع الجنوبي، والذي لو جاء هذا القرار ضمن مخرجات الحوار لصعب تنفيذه، ولكن بهذه اللعبة يمكن ان يتم تحقيق مبتغاهم، حسب اعتقاد واضعي قواعد تلك اللعبة.

حاولنا سابقا إلى لفت نظر دعاة "الفيدرالية" من ابنا الجنوب، محاولين تبصيرهم بان أعمالهم تلك، لا تجرنا للخلف وحسب، وإنما يغرقونا في حفر أُعدت خصيصا لذلك، والتي بمقتضاها يتم التشريع لاستمرار احتلال الجنوب، فصنعاء تسوق لهم الوهم الممزوج بالأمل الخادع، وفي نفس الوقت لا تقطع وعود وان قطعت غالبا ما تنكث بها، وهو ما عهدناه منها، ولكن اعتقد ان مشكلة دعاة الفيدرالية ومنظّريها، تكمن في انهم لا يفهمون، والأرجح انهم يتغابون، بعد ان افترضوا ان الأمور تسير وفق هواهم، لذا لا نستغرب الشطط في تصريحاتهم الإعلامية، و بصخب غير مبرر، ناتج عن وباء الهبل الذي اجتاح عقولهم الصدئة ،وما من برهان اصدق على ما نقول، من ادعائهم وبطفولية مذهلة بأن 90 % من الجنوبيون مع مشروعهم.

ان كل ما يقولونه كان بنبغي ان ينطلق من المنطق، لا ان يشطحوا ويحلقوا بعيدا، وبدلا من ان يسلكوا دروبا شائكة، واستخدام البعض من أبناء الجنوب سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كان يفترض ان يضعوا في حسبانهم اننا نمر بظرف استثنائي أو نشهد حالة استثنائية، تتطلب من الجميع بذل مجهود غير عادي، استكمالا لثورتنا التحررية، ووفاء لدماء شهدائنا، لا محاولة تمزيقنا بين تحرير الجنوب ولعبة الأقاليم المتحدة.

ومع كل ذلك، لن نجد في الأخير سوى تطبيق واقعي واحد لا غير، يقود إلى حقيقة مفادها -ان جل شعب الجنوب لن يقبل بما يحاولون تمريره عليه- وهذا هو التحول الذي حصل في فكره، إذ أصبح يدرك تماما ان ما يسعون إليه، يفتقر لأبسط المعايير الدولية في الأنظمة الاتحادية، كالتجانس الاجتماعي والثقافي، وحتى المعيار الاقتصادي، ناهيك عن الاحتقان والكره لكل ما يمت للوحدة بصلة، والذي يصعب تبديده بمجرد وروده ضمن حلم أو بجرة قلم.