الوحدة لا تحميها القوة يا بلقيس..!!

[حد من الوادي]

الوحدة لا تحميها القوة يا بلقيس..!!


رداد السلامي الخميس 2009/10/15 الساعة 04:55:57

في ذكرى الوحدة اليمنية وبتاريخ 22مايو من هذا العام جاءتني رسالة في البريد الالكتروني من امرأة يمنية اسمها بلقيس عبد الغني وهي مغتربة تسألني عن هل يمكن للقوة أن تحمي الوحدة ؟ ولأني عادة ما أهتم بالرد على هكذا رسائل وتساؤلات ليمنيين مهمومين بالوطن ومشاكله فقد كتبت إليها ما يلي:

بلقيس الرائعة: رسالتك التي تسألينني فيها عن: هل القوة تحمي الوحدة ؟ كأنها رسالة جاءت من عبق مملكة بلقيس تلك " الملكة" التي حكمت اليمن وخلدها القرءان في ذاكرته، آيات تتلى وهي تقول " أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون " فكانت أروع تعبير عن حاكم لم يتكررله مثيلا في تاريخنا المعاصر.

بلقيس يوم 22 مايو 1990م كان يوما جميلا ورائعا فيه تحقق حلم المناضلين اليمنيين وشهداء ثورتي الوطن 26 سبتمبر1962 و14اكتوبر1963.

في مثل هذا اليوم تحقتت أحلامنا كجيل جديد كان يتطلع إلى يمن متقدم ومزدهر تزهر فيه آمالنا، لكننا في ذكرى السلطة واحتفائها به نكابد كوابيس الضياع ولم يعد للاحتفاء به لذة ،لأسباب لاأستطيع سردها الآن.

ليس لأنه مشئوم بحد ذاته ،ولكن لأن ذوات من حرفوه عن مساره هي من جعلته بالنسبة لنصفنا الآخر -الجنوب-كابوسا أو حلما مشئوما.

الوحدة أيتها البلقيس الرائعة ،الحلم الذي تحقق بمعجزة مذهلة ، وهي الانجاز الذي عجزنا جميعا كما يبدو عن حمايته ، لأسباب تتعلق بأننا شعب لا يجيد سوى إنجاز العجز والفشل ، تسألينني كيمني يا بلقيس :هل القوة تحمي الوحدة ..؟؟

وأقول لك أن منطق العقل، والعصر ، يقول أن القوة لا تحمي إنجازا ،ولا تحقق إعجازا ،فكما تحققت الوحدة بالسلم ،تحتاج إلى لغة السلم ، ولو حسمت القوة شيئا لما كان لنتائج حرب 1994 ونصر 7يوليو هذا التداعي الخطير الذي أضر بها .

الرئيس صالح لانخاصمة يا بلقيس لأنه صالح ،ولكن سلوك نظامه السياسي لا يحمل في طواياه الصلاح ، فساد في ضمير نخبة الحكم، وكساد في القيم الوطنية وارتداد إلى الوراء واستعراض للقوة التي لن تجعلنا نتجه إلا نحو مزيدا من التفكك ، هاهو يستعرض اليوم قواته العسكرية التي كسرتها جماعة الحوثي في جبال مران بصعدة ، في يوم تحققت فيه الوحدة باستعراض وطني سلمي مذهل جعل العالم ينظر إلينا باندهاش .

لو استوعب هذا النظام الذي لم يعد له مكانا جيدا في الذاكرة الوطنية كيف يمكن أن يقودنا نحو التقدم والتنمية، لأنمى فينا روح الانتماء والولاء للوطن ، ولكنه انغمس في تمجيد ذاته ،وأوهامه التي أنجزها لنا ،فراغا مرعبا في كل جوانب حياتنا ،لو أتقن فن الانجاز لما كنا بهذه الصورة التي بدأت تتخذ لوحة شوهاء رسمتها أنامل فنان متشائم.

شمال منهك جائع يغوص في حروب قبلية وطائفية ، وجنوب غاضب ثائر يريد الانفصال ،ووسط خامل مريب في صمته ،وقوى إقليمية وعالمية تتربص بنا لتتقاسم أشلاء وطن دمره نظام فاشل، شكرا بلقيس والى وطن قريب.