حضرموت لمستقبل حضرموت (4): الهوية الحضرمية سر النجاح ... واسأل التاريخ عنها

[حد من الوادي]

لمستقبل حضرموت (4): الهوية الحضرمية سر النجاح ... واسأل التاريخ عنها

المكلا اليوم / كتب: المهندس بدر باسلمه3/5/2011

إن جوهر رؤية حضرموت المستقبلية تنطلق من الهوية الحضرمية , مجالات تميزها , صقلها وتطويرها بما يمكنها من مواصلة رسالتها الخالدة في نشر الاسلام المعتدل والابداع في مجالات العلم والثقافة والتجارة. لكل فرد قدرات تختلف عن الاخر كما خلق الله لكل شعب قدرات وصفات تختلف عن بقية الشعوب حتى لمن يعتنقون الدين ذاته.

وهذه الهوية نجدها اكثر وضوحا خاصة في مجال الاعمال , حيث تعمل الشركات الكبرى على ايجاد هوية خاصة بها مقارنة ببقية الشركات التي تعمل في نفس المجال . ففي عالم الاتصالات تتعدد الشركات , نوكيا , سوني اركسون , ايفون ... وغيرها كلها تصنع جوالات ولكن لكل جوال مواصفاته ومذاقه... ما يميز كل شركة هو هويتها التي تتميز بها... ولا يختلف ذلك عن عالم السيارات ... تيوتا, هونداي , مرسيدس , فورد كلها سيارات ولكن لكل سيارة هوية ومواصفات خاصة . لم تأت هذه الهوية الخاصة صدفة استثمرت الشركات لعقود عديدة مليارات لتتمكن من الوصول الى هذا التميز في الاداء .. وتستثمر اكثر واكثر لمزيد من التميز لهويتها ولن تسمح لهذه الهوية ان تضعف بل تسعى دائما الى ايجاد كل السبل لمزيد من التميز لهويتها حتى تستطيع المنافسة في عالم الاعمال.

والمعيار ذاته ينطبق على الشعوب التي تسعى الى التميز والاختلاف حتى تترك بصمتها في الماضي والحاضر والمستقبل .ما ذا يعني تاريخ الشعوب ؟ انه تاريخ هذه الهويات المختلفة وسعي كل منها الى ترك بصمتها الخاصة في مجرى التاريخ .

في فترة الخلافة الاسلامية عندما كان يتم البحث عن قاض لولاية اسلامية كان يتم البحث كثيرا عن الحضرمي لتولي منصب قاضي الولاية وهو ما نصح سيدنا عمربن الخطاب ( رضي الله عنه ) لوالي مصر بان يولي قضاء مصر لحضرمي. وقد ولي الامارة والقضاء من ابناء حضرموت عدد ليس بالقليل .... مسلمين ؟ الجميع كانوا مسلمين .... ولكن لان الحضارمة كانوا يتصفون بالعلم والصدق والامانة ...كان لهم الاولوية... انها هويتهم التي اشتهروا بها.

هاجر الحضارمة الى شرق اسيا وشرق افريقيا ولم يكونوا الوحيدين بين الامم التي هاجرت الى تلك الاقطار ولكن الحضرمي تمكن من نشر الاسلام وساعد في نهضة الامم التي هاجر اليها ... لماذا نجح الحضرمي ولم ينجح غيرة ؟ بتوفيق من الله وبالصفات التي كان يمتلكها والتي جعلت رئيس الوزراء الماليزي السابق يشير اليها ان سلوك وخلق الحضرمي هي التي جعلتنا نعتنق الاسلام... انها هوية الحضرمي

لقد انتشر الحضارمة في كثير من الدول، فكانوا هم الوزراء والسفراء والتجار الكبار من امثال بن لاذن, بن محفوظ , العمودي , بقشان وغيرهم ، وتركوا بصماتهم في كل أرض نزلوا فيها وخير شهادة على ذلك للشيخ الدكتور عائض القرني في مقالته " الحضارمة صناع النجاح " نقتبس منها هذه الفقرة الموجزة " قصة الحضارم في صناعة النجاح يجب أن تُدرَس وأن يوقف معها طويلا لأنها أصبحت أسطورة وظاهرة، وقد قامت بعض القنوات مثل قناة «العربية» في برنامج «هجرة الحضارم» بإلقاء الضوء على هذه القصة المذهلة المدهشة للحضارم، وهم يصنعون مجدهم بجدهم وكدحهم وكفاحهم وعرقهم وتضحياتهم، وقد انبهر علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في مقدمته لتاريخ حضرموت للسقاف من هذا النجاح الحضرمي، ولا أعلم طائفة هاجرت من بلادها فصاروا نجوما ورموزا في بلاد غيرهم إلا الحضارم، حتى ابن خلدون أسرته حضرمية هاجرت إلى تونس فكان هذا العلامة العبقري، وامرؤ القيس قائد الشعراء أصوله من كندة من حضرموت، والمتنبي الشاعر الأسطورة كندي، قبيلته من حضرموت ". أسترسل د. عائض القرني متسائلا " أرجو من الإخوة الحضارم أن يخبرونا بكلمة السر في نجاحهم، وأن يدلونا على مفتاح التميز والتفرد في مسيرتهم، وأن يرشدونا إلى البيت الذي جعلهم نجوما في العلم والاقتصاد والسياسة والأدب والفكر ؟ ".

إن سر نجاح الحضارمة هو هويتهم التي تتألف من مزيج متعدد من الاخلاق والعلم تراكمت على مر العصور لتنقل من جيل الى جيل بعناية وحرص وهو ما نفتخر ان نرثه عن ابائنا واجدادنا ... هويتنا التي لم تبنى في يوم وليلة بل انها عصارة الاف السنين من التربية والتوجيه لجيل بعد جيل .. فهل نحن بعد هذا العناء الطويل لآلاف السنين مستعدون للتخلي عنها ؟

هذه الهوية والتي كانت ولا زالت سر نجاح الحضارمة تعرضت في العقود الاخيرة لكثبر من التدمير والتشويه , بدءا من فترة الحكم الاشتراكي وما بعدها وما تعرض له فكر وسلوكيات واخلاقيات الحضارمة من تشويه متعمد بهدف محو هذا التميز في الهوية الحضرمية.. اضعف التعليم, انتشار آفة القات المدمرة للهوية والمجتمع الحضرمي ,اضعف الترابط بين فئات المجتمع الحضرمي , التهميش , نهب ثرواته , تحديد دور الحضرمي كتابع للأحزاب المركزية ومحاربة كل صحوة وثورة عن هذا الواقع ووصمها بالتعصب الجاهلي والمناطقية وغيرها من الصفات التي تسوق مع الاسف بين ابناء حضرموت جاعلنهم المطالبين بذوبان المجتمع الحضرمي وسط بقية المجتمعات.

أن نتعاون مع بقية المجتمعات شيء مقبول بل مطلوب , اما ان نذوب فيه فهو غير مقبول اطلاقا. كيف يعقل ان نتخلى عن هويتنا التي مكنتنا من التميز في نشر الاسلام , هويتنا التي مكنتنا من التميز في العلم والثقافة , هويتنا التي مكنتنا من التميز في التجارة والاقتصاد , هويتنا التي تمكن ابناءنا من ايجاد فرص العمل امام قوى العمل الاخرى ؟

ان الحملة على الهوية الحضرمية ومحاولة اقتلاع جذورها في نفوس ابناء حضرموت وخاصة من جيل الشباب وريطهم بمشاريع لجهات واحزاب اخرى , هي محاولة لقتل الحلم الحضرمي لقتل التميز الحضرمي عن طريق قتل هويته واذابته في هويات ومشاريع مصطنعة... وفي الاخير العين على ثروات حضرموت ... والطريق اليها قتل الهوية الحضرمية والحلم الحضرمي لإبقاء حضرموت تابعه.

فيقوا يا ابناء حضرموت ... لقد ترك الاجداد لكم ارثا هائلا يمنحكم النجاح والتميز والكرامة .. هذا الارث هو الهوية الحضرمية ... حافظوا عليها كما تحافظون على اغلى ما تمتلكوه ... لأنها سبب بصمتكم في الحياة... وبدونها لن تساوون شيئا. تاريخ حضرموت هو تاريخ لهوية حضرموت ولا يمكن تصور مستقبل لحضرموت دون بقاء هذه الهوية على تألقها واشعاعها للعالم أجمع.

رؤية لمستقبل حضرموت(1): الاستقلال شرط تحقيق حلم حضرموت
رؤية لمستقبل حضرموت(2): حضرموت والبدائل السياسية المطروحة
رؤية لمستقبل حضرموت(3): خارطة طريق حضرموت

[email protected]