![]() |
#1 |
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]() ثانياً... لمحات عن المحددات والمكونات الأساسية لهوية حضرموت بشرياً ومادياً الهوية الحضرمية: مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات (2-3) 7/28/2011 المكلا اليوم / كتب: الدكتور/ عبدالله سعيد باحاج من أهم المحددات البشرية لهوية حضرموت ما يلي: 1) أن شعب حضرموت الذي ظهر على وجه الأرض وبأمر من الله عز وجل منذ حوالي خمسة آلاف عام وربما أبعد من ذلك قد عرف في أول أمره بشعب عاد أو قوم عاد نسبة إلى رجل يقال له (عاد بن عوف بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام). وكان شعب عاد هذا يسكن أرضاً تسمى الأحقاف وهي في نفس موقع وطبيعة حضرموت الحالية. والمعروف تاريخياً أن قوم عاد قد عاصروا نبي الله (هود) عليه السلام، وورد ذلك آيات من القرآن الكريم ومنها الآية الخمسين من سورة هود حيث قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ) صدق الله العظيم. وهناك اسم آخر يطلق على (هود) عليه السلام. وهو عابر. وتشير إليه بعض المصادر بأنه (عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح) عليه السلام. ومن عابر هذا أتى (قحطان) ومن قحطان ولد (حضرموت) والذي سميت باسمه هذه الأرض المعروفة اليوم بهذا الاسم. ومن المعروف أن قحطان والذي يعده أغلب المؤرخين أباً لكل العرب كان له مجموعة من الأبناء من بينهم حضرموت هذا الذي ذكرناه آنفاً وابن آخر اسمه (يعرب) والذي أنجب أبناً له اسمه (يشجب). ومن يشجب هذا ظهر (سبأ الأكبر) والذي ينسب إليه اليوم ما يسمى بالقبائل اليمنية. أي أن سبأ الأكبر هذا هو بمثابة حفيد لحضرموت بن قحطان. ومن يريد الاستزادة في ذلك يعود إلى المصادر والمراجع في هذا الشأن ومنها ذكراً لا حصراً ما كتبه الدكتور محمد عبد القادر بافقيه عن حضرموت في الموسوعة اليمنية الجزء الأول والصادرة عن مؤسسة العفيف في صنعاء عام 1991م وفي صفــ405ــحة وما بعدها. وكذلك ما كتبه القاضي عبد الوهاب الشماحي في كتابه (اليمن: الإنسان والحضارة) الصادر في القاهرة عام 1973م وفي صفــ35ــحة وما بعدها. وكذلك ما كتبه عبد الرحمن بن عبيد اللاه السقاف في كتابه (أدام القوت في ذكر بلدان حضرموت) الصادر في صنعاء عام 2002م عند كلمة (شعب هود). ولهذا يرى البعض أن قبيلة (حضرموت) والتي نسبت إلى مؤسسها (حضرموت بن قحطان) هي من أقدم القبائل العربية في جنوب الجزيرة العربية وقبل أن تظهر القبائل السبائية المعروفة اليوم. ومن قبيلة (حضرموت) هذه ظهرت القبائل الأخرى في أرض حضرموت وأهمها سيبان والصدف والسكون والسكاسك وغيرها. واليوم نجد أن في حضرموت حوالي (13) قبيلة رئيسية بعضها ينحدر مباشرة من قبيلة حضرموت الأصلية، وبعضها مختلطة بغيرها من القبائل الوافدة. وقد قدّر البعض أنه من القبائل الثلاثة عشر الرئيسية في حضرموت تتفرع (66) بطناً ثم إلى (410) فخذاً. ويشكل أفرادها حالياً (60%) (وربما أكثر) من سكان حضرموت اليوم والمقدر عددهم حسب تعداد 2004م حوالي مليون نسمة ولا يدخل فيهم أعداد المغتربين في الخارج. وما ذكرناه سابقاً يعني أن هناك تكوين قبلي وبشري قديم في هذه الأرض المسماة (حضرموت) مما يجعلها مميزة حتى وأن اختلط بعض قبائلها بغيرها من القبائل والشعوب الوافدة على أرض حضرموت. وهذا يجعل الهوية الاثنية – أن جاز التعبير – لها جذور وقواعد في حضرموت. ولعله من المفيد الإشارة هنا أن قوم عاد باستيطانهم لأرض الأحقاف أو حضرموت يعد أقدم استيطان وعمران بشري في الجزيرة العربية بحسب إشارة الدكتور محمد عبد القادر بافقيه في كتابه (تاريخ اليمن القديم) صفــ42ــحة. 2) أن مملكة حضرموت التي ظهرت في حدود عام 1500 قبل الميلاد أي منذ حوالي (3500) سنة مضت هي أول مملكة تظهر في جنوب الجزيرة العربية، أي قبل أن تظهر مملكة معين أو مملكة سبأ كما يقول الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف في صفــ23، 24ــحة من كتابه (المختصر في تاريخ حضرموت العام) الصادر في المكلا عام 2001م. وهذا يعني أن لحضرموت السبق والريادة في ظهور النظام السياسي والإداري في جنوب الجزيرة العربية مما يعزز هويتها الحضارية المميزة. 3) أن النشاط التجاري للحضارمة القدماء براً وبحراً قد ارتبط بما تنتجه أراضيهم من سلع ومواد مطلوبة عالمياً آنذاك ومنها اللبان والبخور والتي كانت من السلع الإستراتيجية في العصور القديمة، تماماً كحال النفط اليوم، فقد كانت أمم الأرض حينها في حاجة إلى البخور واللبان لإتمام طقوسهم الدينية وتنصيب الحكام في المعابد، وكذلك لتحنيط جثث الموتى وفي بعض الأغراض العلاجية وغيرها. وهذا التميز في التجارة الحضرمية قد أعطى هوية خاصة لهؤلاء الحضارمة في نشاطهم البشري هذا وأصبحوا معروفين بذلك. وقد ارتبط بهذا النشاط التجاري حركة ملاحية واسعة سيطروا بها على شؤون الملاحة في أجزاء كبيرة من المحيط الهندي وخاصة في سواحله العربية والإفريقية، بل وإلى شبه القارة الهندية وجزر الهند الشرقية، مما أعطى للحضارمة صفة مميزة عن غيرهم من سكان جنوب الجزيرة العربية. حتى أن بعض المؤرخين العرب المعاصرين أطلق عليهم (فينيقيو الجنوب) مقاربة وتمييزاً لهم عن (فينيقي الشمال) وهم الفينيقيون الذين سيطروا على الملاحة في البحر المتوسط. 4) أن الهجرات البشرية التي انطلقت من حضرموت في العصور القديمة والعصور الإسلامية والحديثة تعزز مكونات الهوية الحضرمية، ومنها هجرة قوم عاد الثانية والتي خلفت قوم عاد الأولى بعد أن أصابهم عقاب الله عز وجل لعصيانهم وكفرهم برسالة نبي الله هود عليه السلام. وحيث دخلت عاد الثانية وهي الفئة المؤمنة برسالة النبي هود عليه السلام في صراع مع مجموعة منها سميت بقوم ثمود ثم ارتحلت هذه المجموعة إلى شمال غرب الجزيرة العربية حيث منطقة مدائن صالح، وهناك أنزال عليهم بأمر الله عز وجل الرسالة على نبي الله (صالح) عليه السلام وقصة ذلك معروفة وما جرى لهم مع الناقة مذكور في القرآن الكريم. وفي مرحلة تالية انطلقت من حضرموت كوكبة من رجالها تجاراً وملاحين واستقروا في جزر البحرين في الخليج العربي واختلطوا بسكانها الأصليين، ومن البحرين إلى سواحل بلاد الشام واختلطوا هناك كذلك بأقوام أخرى وأقاموا ما عرف بالشعب الفينيقي والذي انطلق بدوره إلى سواحل إفريقيا الشمالية وجنوب أسبانيا. وقد أعطى الحضارمة في هذه المسيرة الطويلة من الهجرة سمات من حضارتهم الراقية مما جعل هؤلاء الفينيقيين يطلقون على أحد مستوطناتهم في الساحل التونسي اسم (حضرموت) وهي المسماة اليوم (سوسة)، وذلك تيمناً بالمحطة الأولى التي انطلق منها أجداد الفينيقيين وهي (حضرموت) بجنوب الجزيرة العربية. ويمكن الرجوع في بعض تفاصيل هذه الهجرات الحضرمية قبل الإسلام إلى الكتيب أو الكتاب الذي أصدرناه بعنوان (هجرة الحضارمة في العصور الغابرة: عصور ما قبل الإسلام). أما في العصور الإسلامية فقد كان للمجاهدين الحضارمة الدور الملحوظ في حركة الفتوحات الإسلامية في كل من الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وبرقة وشمال إفريقيا والأندلس وغيرها. ومن هؤلاء ظهر العلامة ابن خلدون والذي أقر وبخط يده أنه من سلالة حضرمية هاجرت إلى الأندلس ثم عادت إلى تونس بعد سقوط غرناطة عام 1492م واستقرت فيها وكذلك مجموعة من القضاة والعلماء والولاة الحضارم الذين تولوا شؤون العلم والإدارة والقضاء في مصر وبلاد الشام وغيرها. ومن الهجرات الحضرمية المعروفة في العصر الفاطمي هجرة بن هلال. وقد قدموا قبل ذلك بزمن غير معروف من هينن وقعوضة بشمال وادي حضرموت واستقروا في نجد ثم في الحجاز ثم في صعيد مصر ثم أخيراً في برقة بليبيا وإلى بلاد القيروان وحيث تنسب مدينة سيدي بو زيد في وسط البلاد التونسية إلى (أبي زيد الهلالي)، وكذلك انتشر الهلاليون في الجزائر وبلاد مراكش بالمغرب الأقصى ثم إلى موريتانيا أو بلاد شنقيط وحول نهر السنغال وغرب إفريقيا. ولا شك أن هذه الهجرات البشرية من حضرموت عززت مكانة حضرموت وهويتها لدى الشعوب التي عرفت وتعاملت مع الحضارمة. وفي العصر الحديث نجد أن تاريخ هجرة الحضارمة عاملاً معززاً لهويتهم الحضارية والتي أصبحت راسخة ومحددة المعالم لدى شعوب الأرض ومنهم شعوب القارة الهندية وشرق أسيا وشرق إفريقيا بالإضافة إلى سكان الجوار في الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشام ووادي النيل وغيرها من المناطق، حيث استطاع هؤلاء المهاجرون الحضارمة أن ينقلوا إلى هذه المهاجر الكثير من القيم والسلوكيات الإيجابية الدالة على شخصية وهوية متميزة لدى الإنسان الحضرمي وما يتمتع به من أمانة واستقامة وحسن خلق وتعامل إيجابي وتمسك بالدين والتزام بما أوجب الله من نهي عن المنكر وأمر بالمعروف وإغاثة للمنكوبين وتسامح مع الآخرين والمبادرة إلى فعل الخير وعدم انتظار للثناء أو الأجر إلا من الخالق تبارك وتعالى. وغيرها من فضائل الأعمال والأخلاق التي أمر بها الله عز وجل عبادة المسلمين وأوصى بها سيدنا محمد . ولو اقتصرنا فقط على أثر هجرة الحضارمة عبر التاريخ ودورها في ترسيخ وتعزيز هوية حضرموت الحضارية لكان ذلك كافياً لنا لنلمس محددات هذه الهوية التي أراد لها عز وجل أن تكون ثابتة الأركان وراسخة الدعائم مع تعاقب الدهور والعصور. 5) الكم الهائل والمتنوع والثري من التراث الاجتماعي والثقافي والفكري والعلمي والعمراني والاقتصادي وكل ما جمعه وتداوله ومارسه الحضارمة عبر تاريخهم الطويل في العادات والتقاليد الاجتماعية والفنون والآداب واللباس والطهي والعمران وتخطيط المدن والطرق والصناعة والزراعة والري والملاحة البحرية والتجارة البرية، وكل ماله صلة بحياة البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يجعلنا بحق أمام حياة حضارية حافلة ومزدهرة، وتعطي لنا نموذجاً متكاملاً عن هوية متكاملة، وهي منّة ومكرمة من الخالق تبارك وتعالى لشعبنا الحضرمي. ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا من قبل ومن بعد أن الكمال لله وحده عز وجل. 6) أن الموقف الجماعي لشعب حضرموت وبأغلبيته الساحقة والرافضة للقات تعاطياً وتداولاً هو بلا شك يؤكد خصوصية الهوية الحضرمية والتي ترفض كل ما يمس عقل وبدن ونفس وحياة الإنسان بأي ضرر وفي ذلك يستوي القات لدى الحضارمة بالمخدرات والمسكرات وكل ما ينهى الإسلام عن تعاطيه أو التجارة فيه. ولذلك قلنا – ولا زلنا وسنظل نقول – دوماً وأبداً أن جريمة إدخال القات ونشر تعاطيه وتقنين ذلك والسماح به والتغاضي عنه لا شك أنها جريمة نكراء تدين الذين فعلوها والذين سكتوا عنها أو برروا استمرارها. وهي محاولة وضيعة وبشعة للنيل من عزة وكرامة هذا الشعب الحضرمي وبقصد المس من هوية وخصوصية الحضارمة في رفضهم لكل ما هو قبيح ومنكر. وعلى الذين ساهموا في إدخاله من أبناء حضرموت أو روجوا له بالتعاطي أو التغاضي أو التبرير أن يقلعوا عن ذلك وإلا فإن التاريخ لن يرحمهم وسيدينهم وسيوصمون بالعار والخزي لأجيال متعاقبة من أبناء حضرموت إلى أن يشاء الله عز وجل. أما عن المحددات المادية للهوية الحضرمية فهي باختصار كل ما خلفه الحضارمة من ماديات أثرية وكم مادي حضاري لا تزال بعض المناطق تحتفظ بنماذج أو صور له، ومنها أشكال العمران والمباني وقنوات الري والطرق والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية كالأواني وأدوات الطبخ والمأكل والمشرب والغسل واللباس والزينة والنظافة والترفيه وأدوات الكتابة والتدوين والطباعة والصباغة والحياكة، وما ابتدعوه من وسائل الاصطياد ووسائط النقل البحري والبري بما في ذلك بناء السفن والقوارب وأدوات الدفاع عن النفس من المعتدين عليهم من البشر ومن كواسر الوحوش الضارية. وغير ذلك مما ينفع الناس في حياتهم. ولا شك أنه من الصعب حصر كل الأدوات التي استخدمها الحضارمة عبر التاريخ، ولعلها تتطلب جهداً علمياً جماعياً منظماً. ويكفي أن نشير إلى أن كل ما استخدمه الحضارمة من أدوات وابتدعوه من وسائل في حياتهم المعيشية هو في النهاية يمثل الجانب المادي لهويتهم الحضارية. وهو بلا شك يختلف في بعض وربما في كثير من خصائصه عما لدى جيران الحضارمة من أدوات ووسائل مستخدمة مع اختلاف المصطلحات والكلمات الدالة على هذه الأدوات والوسائل، مما يؤكد بشكل أو آخر على وجود هوية واضحة المعالم والأبعاد للحضارمة، وهي لا تزال قائمة إلى اليوم بفضل الله عز وجل. وعلى القائمين والحريصين بجد على هوية حضرموت أن يحافظوا على هذه المقتنيات لتكون تراثاً يعتز به الأبناء بعد الآباء والأجداد. أولا: ماذا تعني الهوية ؟ وما هي محدداتها ومكوناتها ؟ الهوية الحضرمية: مكوناتها وأثرها على الهوية الجنوبية لمحات ومحطات (1-3) - سقيفة الشبامي |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|