المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


صراع الطوائف والطبقات في اليمن

سقيفة الأخبار السياسيه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-19-2008, 01:55 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي صراع الطوائف والطبقات في اليمن

الثلاثاء 18 نوفمبر - تشرين الثاني 2008

صراع الطوائف والطبقات في اليمن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الطيف - متابعات - كتب /عبدالله خليفة*

(الجزء الأول )

كبقية الدول العربية عملت القوى المحافظة على تفكيك العلاقة التحالفية بين قوى الحداثة التي تصارعت مع بعضها بعضا في اليمن، فكان يُفترض لمؤسسي وحدة اليمن: حزب الوحدة الشعبية الشمالي والحزب الاشتراكي في الجنوب أن يمتنا دعائم العلاقة بينهما، وينشرا التنوير والديمقراطية والحداثة.

ولكنهما لم يفعلا ذلك بل انجرا لتأثيرات القوى المعادية للوحدة اليمنية وللتقدم في اليمن، واستدرجا لصراع ضار مدمر.
في البدء عنت الوحدة قبول الجنوب بسيطرة الشمال القوية، وكانت تضحية من الجنوبيين، وتمثل ذلك في سيطرة مؤسسة الرئاسة في صنعاء وجيش الشمال، وقبل الحزب الاشتراكي بدور الشريك، لكن تم تفكيك عرى العلاقة بينهما.

علينا من البداية أن نقرأ أخطاء الحزب الاشتراكي اليمني، لقد كان حزبا جنوبيا بامتياز، ولم يكن قادراً على التغلغل في الشمال، ولم يفهم ظروف اليمن بدقة، وضرورة النضال الديمقراطي الطويل والتحالف مع كل القوى الديمقراطية بدلاً من الركون للقوى العسكرية، وللمؤسسات الحكومية المخترقة من قبل قوى التخلف والاستبداد في الشمال، وبالتالي جاءت موافقته على مسألة "الوحدة اليمنية" غير متبصرة وسريعة، وألقى بنفسه في ساحة هائلة، كما أن قياداته كانت ذات مواقع قبلية مناطقية ولم تستطع أن تخلق تنظيما وطنيا ديمقراطيا واسعا، فقد قادت شعارات التأميم للملكيات الصغيرة والتطرف اليساري والقفز على ظروف اليمن وعدم فهم مرحلته السياسية إلى وجود شلل شمولية داخل التنظيم، قادت إلى مغامرات وصراعات ضارية.

إن فكره "الاشتراكي" كان طفوليا، ولم يشكل ثقافة ديمقراطية وطنية تلائم ظروف اليمن القبلي والأمي، ثم قفز إلى وضع سياسي هائل هو وضع الوحدة التي ذوبته وسط الشمال الكبير عليه.
في حين كان حزب الوحدة الشمالي الحاكم حزبا قبليا بامتياز لقبيلة حاشد، التي هيمنت على السلطة، وأورثت جماعاتها هياكل الدولة، وكان خيار الوحدة لها ليس خيارا ديمقراطيا وطنيا بل سيطرة قبلية كاملة، ولا شك أن دغدغة مشاعر الرئيس للهيمنة وأن يكون الشخصية الأولى والوحيدة والتي تورث حكمها لابنها وتحويل النظام الجمهوري إلى نظام ملكي أسوة ببقية الجمهوريات العربية، كانت تتلاقى وتتوحد في تيار شمولي شمالي قوي.

ووجد حزب الإصلاح المذهبي السياسي (السني) في هذا التحالف الشمالي في أول الوحدة وسيلته لضرب الحزب الاشتراكي اليمني، خوفاً من توجيه الوحدة نحو الاشتراكية والحداثة.
وهكذا فإن قوى تحديثية عديدة وجدت نفسها في خنادق متضادة، وراحت دولة الشمال وجيش الشمال يذوبان القوى الجنوبية التي توحدت معهما وأعطتهما السلطة، وغدت المعركة سياسية وشخصية، ثم تحولت إلى معركة حربية شرسة مخيفة، هجم فيها الجيش على الجنوب، واتضح فيها أن الشمال يفترسُ الجنوب لا أن يتوحد معه.

"وعلى الرغم من أن أصعب الأزمات التي تواجه الرئيس صالح هو صراعه مع القوى المتضررة من الحرب الأهلية في 1994، والتي كان الاخوان المسلمون شركاء الرئيس صالح فيها، حيث كانوا من أشد التيارات تحمسا لها، معزولة عن سياق الصراع الراهن بين النخبة الحاكمة والإخوان، فإن أغلب الكتاب المؤيدين لنظام صالح يرون أن تجمع الإصلاح الإسلامي متورط في تأجيج مشاعر أبناء الجنوب ويعمل بذكاء شديد على استثمار الوضع لتشتيت طاقة النظام وإضعافه."، (الشرق الأوسط، اليمن صراع السياسة بين الرئيس والاخوان، 29 اكتوبر، 2007).

لقد دمرت القوى التحديثية الوطنية: المؤتمر الشعبي، الاشتراكي، الإصلاح، أنفسها في صراعها الجانبي، المدمر، وكانت الحصيلة هي ظهور مؤسسة الفرد الواحد الحاكم المطلق، وهشاشة وضع القوى التحديثية التي أسهمت في صعود دولة الوحدة ونخرها بالصراعات الفئوية.

لقد كان هذا من أخطر إفرازات الحرب، فليس رئيس السلطة كفرد هو القضية، بل صعود الفرد المطلق مع قبيلته. لقد أدت نتائجُ الحرب إلى رجوع اليمن خطوات كبيرة للوراء، إضافة إلى فقد عشرات الألوف من القتلى والخسائر المادية الجسيمة.

وبدلاً من انتقال اليمن للحداثة والوطنية والديمقراطية عاد اليمن كلية للقرون الوسطى سياسيا، لقد نزع قشرة الحداثة الهشة من فوق جسده القبلي المحافظ وبان على طبيعته.

ومع ذلك فإن البقية الباقية من عناصر الوعي الديمقراطي الوطني في الحزب الاشتراكي اليمني حاولت أن تخرجَ من هذه الثنائية القاتلة، ثنائية الجنوب والشمال، ثنائية الاشتراكي والرأسمالي الخيالية، ثنائية الحياة والموت، بالتوجه إلى أساس المشروع التوحيدي وإلى عناصره الديمقراطية الصغيرة وإعادة إحيائها.
لكن الشمال القبلي المسيطر عاد إلى عصره الإقطاعي الشامل، لقد افترس الجنوبَ وتركهُ ينزفُ ويلعقُ جراحَه.

لقد استولى كلية على السلطة ولم يعد أحدٌ ينافسه من الجنوب، فقادة الاشتراكي الأقوياء الذين حرروا الجنوب من الاستعمار البريطاني إما قتلى وإما هاربون، ومن رفض الحرب وصراعاتها وتهميش ما بعدها لم يُترك ليعيش بل انقضت عليه عصاباتٌ تعددت أقنعتها ولها مضمون واحد.

لم تكن حرب الانفصال والوحدة سوى حرب الجنون القبلي، فكأن الشمال كان يثأر من تقدم الجنوب، وينشر قبليته الكاملة في الفضاء اليمني لتسود، وما يدري ان هذا التسويد سيكون خرابا قادما واسعا للشمال.

لقد اتفقت القوتان السياسيتان الشماليتان حزبا المؤتمر الشعبي والإصلاح على تحطيم المعارضة اليسارية التي كانت جزءاً من الحكم، عبر حرب لبست قناع الدفاع عن الوحدة، ولم تكن سوى عملية ثأر متخلفة ضد التحديث الجنوبي، الذي كان يمضي بخطى صغيرة نحو صهر الشعب في كيان تحديثي موحد، وجاءتْ عملية الثأر من منطلقات مختلفة، من قبل كراهية اليسار والاشتراكية، وإقصاء المنافسين في الحكم، وتوسيع حصيلة أنصبتها في السلطة.
لكن السلطة كانت تعود للوراء.

كانت تغرق في العالم السعيد الإقطاعي، عالم القبائل المتصارعة، عالم شيوخ الدين الحالمين بسلطة مطلقة، عالم المناطق التي راحت ترفع رؤوسها مطالبة بالحكم الذاتي، عالم القبائل التي تعتبر أراضيها من سلطتها، فتعتدي على السياح وتتدخل في امتيازات النفط، وتلجأ إلى خطف البشر والمطالبة بفدى.


لقد عاد اليمن للوراء.




(الجزء الثاني)

لماذا لم تؤد ما سُمي في عاصمة الوحدة صنعاء بحرب (الدفاع عن الوحدة) إلى مزيد من الوحدة والتقدم والإصلاح؟
لماذا أخذت الخريطة اليمنية في التمزق المستمر بدلاً من نجاح المنتصر ونشره للسلام والتقدم؟
لماذا عادت الأمور إلى الوراء بشكلٍ رهيبٍ وعلى نحو متسارع؟


لقد بدا للوهلة الأولى أن المنتصرين الشماليين حزبي المؤتمر الشعبي والإصلاح قد شكلا علاقة تحالفية وثيقة، وأنهما قادران على تجاوز غياب الحزب الاشتراكي اليمني المؤسس الثاني لهذه الوحدة العتيدة، ولكن ذلك لم يحصل بل دب نزاعٌ كبيرٌ وواسعٌ بين الطرفين المنتصرين.

كان هذا أيضاً حدثاً مؤسفاً، فقوى التحديث الوطني اليمنية ككل تمزقت على نحو مروع في المرحلة السابقة،

وقوى كثيرة أُقصيت عن السلطة والمشاركة، في اليمن الموحد غير السعيد، المتقاتل، ثم الآن دب الخلافُ الواسع في الشمال، وانتقل المتحالفان إلى حرب سياسية متأججة لم تـُستعمل فيها بينهما لحسن الحظ أدواتُ العنف.
لنقل إن المشكلات تفاقمت في البلد الفقير، والدولة حين تنتقل من التنوع والتعددية الحاكمة الشخصية إلى التفرد الشخصي - القبلي، تكون قد عبرتْ عصر الحداثة باتجاه عصر ملوك الطوائف.


إن الدولة التي تقودها قبيلة حاشدة ضخمة، تتوارث الامتيازات والنفوذ والخيرات، لا تريد أحداً آخر ينافسها ويشاركها في الحكم، وبالتالي كان عليها أن تلتف حول الرئيس وتضخم من صورته وتوسع من سلطاته وإمتيازاته.

"وبينما يتهم الحزب الحاكم بأن خطابها المشكك في شرعية الحكم والقائم على التعاطف مع تلك الحركات قد أضعف الدولة وهيبتها ومكن لتلك الحركات من تهديد مستقبل اليمن، فإن المعارضة بدورها تحمل الحاكم المسؤولية وتعتقد أن استحواذ الحزب الحاكم على مفاصل السلطة واستبعاد القوى السياسية الفاعلة من المشاركة في السلطة والثروة وعدم اهتمامه بمشاكل الواقع هي من يسهل الطريق أمام الفوضى"، (اليمن يغرق في عاصفة الانفصال والارهاب وإيران)، (الشرق الأوسط، 14 أبريل 2008).


نستطيع القول إن شهية الشمولية تكون عادة مفتوحة حين تهضم أي خصم سياسي كبير، فتنتقل لالتهام الخصم التالي وهكذا دواليك، فتلغي سمات التحضر الحديث، خاصة مع فواتح الشهية مثل ظهور النفط وتصاعد ثروات التنمية التي تـُحتكر من قبل الحكم وتتسع بعد تصفية الخصوم والرقابة.

فصار حزب الإصلاح المذهبي السياسي، لأنه يقتصر على جماعة سكانية مذهبية واحدة، ومحاولة تسييسها، خصماً لأنه يريد حصة أكبر في السلطة، بل يتطلع إلى الهيمنة عليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
لكن حزب الإصلاح يمثل عقلية تقليدية محافظة، ففقهها يعود لمرحلة الإمامة وربما أبعد من ذلك، وحزب المؤتمر الشعبي الحاكم حزب (وطني)، مقارب للعلمانية الحديثة، رغم انه حزب ديني كذلك وينتمي إلى الطائفة نفسها، فكان عليه أن يركز في نقد الوعي المذهبي المحافظ وخطره على التقدم، بعد أن كان شريكاً في معركة النضال المشترك ضد الخطر الاشتراكي الانفصالي الملحد.

"... فحزب الإصلاح الذي كان يمثل الشريك الأبرز لنظام صالح، أصبح يمثل العدو اللدود المهدد لمستقبل النخبة السياسية المرتبطة بالرئيس صالح، فقد قاد الإصلاح منذ انتخابات 2003 النيابية معارضة شرسة، دفعت بعض قياداته في عام 2006 إلى المطالبة بثورة شعبية للقضاء على نظام الرئيس صالح باعتباره السبب الرئيس لتخلف اليمن، هذه المواجهة بدأت بعد أن تبنى نظام صالح سياسة إخراجهم من منظومة الحكم، وشكلت الانتخابات النيابية عام 1997 المدخل الرئيس لإخراجهم من الحكم، ومن ذلك الحين والرئيس صالح يعمل على إعادة بناء تحالفات جديدة لدعم قوة النظام، حيث عمل على تمكين القوى ذات الاتجاهات الليبرالية من منظومة الحكم، وقام بتصفية العناصر التي كان لها تاريخ اخواني من المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم لصالح قيادات سياسية ليبرالية وتقليدية مشهورة بمواقفها العدائية لحركة الإخوان المسلمين، وعمل أيضا على إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية ورفدها بالقيادات الجديدة من أبناء النخبة الحاكمة التي تلقت تعليما حديثا في الجامعات الغربية، وتمتاز بولائها المطلق للرئيس صالح، كما عمل على بناء تحالفات قبلية داعمة للنظام من خارج قبيلة حاشد"، (اليمن صراع السياسة بين الرئيس والاخوان، سابق ذكره).


وإذا كان ذلك قد أدى إلى تمركز قبلي شخصي في السلطة، وكرسها في حزب واحد، فإن الديمقراطية تتحول إلى ديكور، ولا تستطيع أحزاب المعارضة اختراقها، لأن الحزب الحاكم حزب المؤتمر صارت بيديه ثروة البلد يوزعها على أنصاره ومحبيه، فكانت قسمات الليبرالية والديمقراطية والوطنية الجميلة تخفي تحتها السمات القبيحة للقبلية والفساد والمحسوبية.
فلجأت أحزاب المعارضة التي تقاتلت سابقاً إلى العمل المشترك، فكان لقاء الحزب الاشتراكي وحزب الإصلاح طريفاً بعد دعوات الكراهية الطويلة واستئصال الإلحاد والاشتراكية من اليمن المسلم.
لكن هل هذا التوحد للمعارضة تم على أسس فكرية ديمقراطية وطنية؟

لا، بل تم على مناوأة حزب المؤتمر ومناكفاته، وإحراجه ونقده وتعريته بأي شكل، بالباطل وبالحق.
فوجدنا بعض قادة الاشتراكي يؤيدون القاعدة.
ووجدنا بعض أنصار الإصلاح يوسعون الخلاف بين الشمال والجنوب ويريدون عودة الانفصال وقد كانوا مقاتلين أشداء لدوس الجنوب المتمرد المنفصل.

ووجدنا مناصرة للحوثيين المتمردين العسكريين من داخل قوى المعارضة.



(الجزء الثالث)

لقد كان انزلاق اليمن لصراعات العصور الوسطى نتيجة طبيعية لضعف قوى الحداثة، وعدم نمو عناصرها الديمقراطية الداخلية، وبدا ذلك في الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي اللذين أرادا قيادة اليمن إلى الاشتراكية والرأسمالية معاً!
وكان اليمن يواجه ظروفاً صعبة، فقراً وتضخماً في البطالة ونزيفاً سكانياً مستمراً للخارج، ومواقف خاطئة في الحروب الداخلية والخارجية، فتدحرج مشروع النهضة على صخرة القبلية والمناطقية والمصالح الخاصة المتحكمة!

لقد أدى ذلك إلى التفكك المناطقي، وبدء انفصال الجنوب عن الشمال بطريقة سلمية فسادت المظاهرات والاحتجاجات على سوء توزيع الثروة بين الأقاليم وعلى اقتصار الجيش على منطقة واحدة وقبيلة، وعلى سوء الإدارة.

(واجه النظام السياسي الحاكم في اليمن في الآونة الأخيرة عاصفة من الأزمات السياسية، من الواضح أنها مع اعتصام المتقاعدين العسكريين في المحافظات الجنوبية، والمظاهرات التي شملت معظم أنحاء البلاد والمعترضة على غلاء أسعار المواد الغذائية، بدأت تهز عرش السلطة المكين ولم يجد الرئيس صالح في ظل هذه الوضعية الصعبة إلا أن يعلن مبادرة سياسية، كمحاولة للحد من تصاعد وتيرة الاعتراضات الشعبية على سوء أوضاع الحياة الاقتصادية، وعجز الدولة عن القيام بوظائفها نتيجة تفشي الفساد في مؤسساتها، ومن جانب آخر محاصرة القوى السياسية المعارضة المهددة لحكمه، وتجاوز مشروعها السياسي بمبادرة تحمل في مضمونها إصلاحات سياسية جذرية.)، (العربية، أكتوبر 2007).

إن بعض المطالب الشعبية كان صحيحاً ومهما إذا أُخذ في إطار وطني توحيدي وليس من أجل استثمار النزعات القبلية والمناطقية لزعزعة الدولة، ولكن إذا كان جهاز الدولة متصلباً في مركزيته، وشمولياً في قرارته، فإن قوى المعارضة المتخلفة سوف تستفيد من أخطائه وتطرح شعارات مضيئة جميلة بمضمون طائفي متوار، وهذا ما حصل خاصة في أخطر تمرد واجهه اليمنُ الموحد فيما بعد وهو تمرد الحوثيين.

(أما فيما يخص الحكم المحلي في ظل التركيبة الاجتماعية فإن النخب القبلية ستهيمن على الحكم المحلي، وهي قوى اجتماعية في معظمها مؤيدة للرئيس ومرتبطة بالحزب الحاكم، وحتى في حال إفراز الحكم المحلي لنخب سياسية جديدة فلن يكون للإسلاميين نصيب فيها، على الأقل في المستقبل المنظور، فالانتخابات المحلية السابقة أثبتت قدرة الحزب الحاكم على تشكيل تحالفات تتناقض مصالحها مع الفئات الاجتماعية التي تمثل الإسلاميين)، (العربية، المصدر السابق).
لكن النظام وجد ان قطب المعارضة تحول من الجنوب للشمال وتجسد في شريكه السابق حزب الإصلاح، فعمل على زعزعة وجوده وإنتاج مشكلات سياسية جديدة.

ونجد هنا كيف أن المذهبية السنية المحافظة تنتج شكلين متنافسين، أحدهما يجثم في السلطة ويحاول أن يمكيج نفسه ببعض الشعارات الليبرالية لكي يعطي لنفسه التمايز السياسي عن حزب الإصلاح المذهبي المحافظ الذي يقوم بالاستعانة بقوى مضادة لا لشيء سوى هزيمة غريمه حزب المؤتمر!

أخطر ورقة استعملها حزب المؤتمر الشعبي الحاكم كانت ورقة (الزيديين)، فهذه كانت فرقة إمامية معتدلة تقارب أهل السنة في الكثير من الأطروحات الدينية، وقد حركها الحكم لكي تناوئ حركة الإصلاح، فغذى ونمى الصراع الطائفي.

ولكن تفجر ورقة الحوثيين بيّن المدى الرهيب الذي يمكن أن تؤدي إليه الصراعات المذهبية السياسية واستغلالها من قبل أطراف محلية وإقليمية، وكم الخسائر الذي تسببه لبلد شديد الفقر!

وتغذية الصراعات الطائفية المتزايد في اليمن يعاكس ويناقض إخفاء وتحجيم الصراع الاجتماعي، فالقوى السياسية الحاكمة والمعارضة تلجأ، مع فشل سياستها ولعدم سيطرتها على الحراك الاجتماعي المنفلت بسبب هذه المرجعيات القروسطية، إلى استثمار الصراعات المذهبية وتأجيجها لعجزها عن تنمية الصراع الاجتماعي بشكل سلمي حضاري، اتجاهاً لحل مشكلات الناس.

وقد استفاد زعماء الزيدية من هذه الانتهازية الوطنية المتصاعدة، فتحولوا إلى لاعب أساسي في الساحة.
هناك من يربط نشاط الزيدية وتصاعدها بالسياسة الإيرانية ودورها في اختراق الدول الإسلامية والتأثير في سياساتها لكي تغدو اللاعب الأكبر في المنطقة.

وهذا لا ينفصل عن استغلال تنظيم القاعدة من قبل أطراف أخرى لضرب السياسة الأمريكية التي يتعاون معها النظام اليمني في السنوات الأخيرة، وبدا انه يربط مصيره بها.
وعموماً صار النظام اليمني ساحة صراعات وطنية وإقليمية كثيرة، وجدت من تفكك العلاقات السياسية الداخلية، ومن تفكك خريطة البلد الجغرافية، ومن تفاقم مشكلات الفقر والبطالة والكوارث الطبيعية فرصاً لاستثمار النقد الشعبي في مخططاتها السياسية، التي تتراوح بين النضج المسئول والحماقات بل الجرائم العسكرية.

وضاعت الخيارات التحديثية الديمقراطية الوطنية المتوحدة التي كانت باكورتها تعاون حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي، والتي لم تعد مطروحة تماماً، وصار خيار الانفصال يتعمق في الجنوب، وتستغله قوى متضررة من الوحدة وحربها، كما يتعمق خيار الانفصال في محافظة صعدة. لكن كل هذه الخيارات غير سليمة، ومضرة، وخطرة على التطور السياسي اليمني، الذي يجب أن يعود إلى الوحدة وحوار القوى الوطنية من أجل انقاذ البلد من مسلسل الانزلاق الكلي للحرب الأهلية الواسعة.

لابد أن يعيد كل طرف الرؤية تجاه ما جرى وأن يبدأ الجميع من النقطة التي تمت مغادرتها وهي صراع قوى اجتماعية سياسية متحضرة وليست صراع قوى دينية وطائفية ومناطقية.


*مفكر وروائي بحريني (سياسي)


التعديل الأخير تم بواسطة حد من الوادي ; 11-19-2008 الساعة 02:00 PM
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اليمن ، إلى أين ؟ - 4 - التأريخ والجغرافيا .. الإنسان والحضارة (3) حضرموت 2 نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 41 02-22-2010 10:22 PM
سلام لكم من أهل مصر يا اهل اليمن الدور القبلي الســقيفه العـامه 25 10-01-2009 12:39 PM
حملة يمنية على الجنوب وقادتة / علي سالم البيض.. حقائق للتاريخ عن (ثقافة اليمن الجنوبي حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 4 05-25-2009 02:13 PM
اليمن تتقدم بطلب رسمي لتسليمها عناصر يمنية مطلوبه مقيمة في السعودية وعمان حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 3 04-29-2009 07:46 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas