![]() |
#11 |
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
نترك أبوصالح وذكرياته والراقصات وكذبة أول أبريل ونعود الي المعرور مسرور وبلاويه في خلق الله
![]() الفصل الثاني
![]() العشاء الأخير نفس الوقت جلس مسرور أمام مائدة العشاء في قصره. جدران القصر من حجر الجرانيت اللامع المصقول ، وأرضه من المرمر الفضي الشاحب ، وسجاجيد العجم تتناثر على الأرض كيفما اتفق .. وبإهمال يكشف عن ذوق مترف .. أما مائدة العشاء فكانت من حجر الجاد الكريم ، أما أقدام المائدة فقد صنعت من الذهب الخالص .. كانت الأطباق من الذهب ، أما الكؤوس فمن زجاج نادر أغلى من الذهب ، وكان مسرور يجلس في صدر المائدة على كرسي ذهب أُلقي عليه فراء ثعلبٍ ضخم .. كان وجه الثعلب طويلاً "ببوزه" الممدود ، وكان الفراء يبعث بمجرد وجوده على الدفء .. انحنت الجارية وصبّت لمسرور كأساً من النبيذ .. كان النبيذ جيداً توحي رائحته بحقلٍ كاملٍ من العنب .. ودارت رأس مسرور فالتقط قطعة من لحم الطاووس المشوي وراح يمضغها على مهل .. كان لا يفكّر في شيء .. وراحت الرياح تصفر حول قصره ولكن الرخام المصقول كان يتأمّل الرياح بنظراته الجليدية غير العابئة .. قال مسرور وهو يتأمّل ميل الأشجار في حديقة قصره من خلال نافذته الكريستال : -يبدو أن شياطين الرياح قد أُطلقت من عقالها .. قال كلمته وضحك.. واهتز المدعوون إلى مائدته بالضحك مجاملة له .. وعاد مسرور إلى سمومه وابتلع جرعة أخرى من نبيذٍ في لون الورد فأحسّ أن رأسه يثقل .. رفع رأسه وسأل الحاضرين: -هل تعرفون كم أنا غني؟ تطلعوا إليه بعيون مستخذية يوشيها التلهّف: -لا نعرف .. حدّثنا أيها السيد العظيم. قال: إن كل ثانية تمرّ .. ومع كلّ حبة رملٍ تسقط من الساعة الرملية .. تزيد ثروتي مائة جنيهٍ من الذهب .. شهقوا من الدهشة.. وعاد الباب ينفتح في كوخ مقرور. المأدبة مدّ مسرور يده ووضع كأس النبيذ. كان يعرف أن الخطيئة التي تملك نثر الذهب وهي تمضي في طريقها ، تستطيع أن تبلغ هدفها آمنة مطمئنة ، بل أنها ستجد في النهاية من يطلق عليها أوصاف الفضيلة ، وربّما وجدت من يُلبسها تاج الشرف. كان مسرور يعرف هذا كله ، وبالتالي فلم يكن لديه ما يقلقه ، على العكس ، كان يحسّ بلون من ألوان الكبرياء العميق .. لم يكن منبع كبريائه أنه غني ، أو أنه يكسب مع كل ثانية تمر مائة جنيه من الذهب ، وبالتالي تزيد ثروته كل يوم ثمانية ملايين من الجنيهات الذهب ، لم يكن هذا سرّ كبريائه .. كان عقله هو سرّ كبريائه وسرّ سعادته وشقائه معاً .. كان يحسّ أن ثروته مخبوءة في مكان ما في عقله ، ولقد صرّح في أكثر من مناسبة أنه أوتي ماله بسبب علمٍ خاص عنده .. هذه المقدرة الخارقة على تثمير المال وتكثيره كانت قناعته وإيمانه ، كان مؤمناً بنفسه .. وكان يحسب كم يكسب في اليوم وفي الشهر وفي العام ، ولكنه –من فرط ثرائه- لم يكن يعرف قدر ماله الأصلي ، وكان فشله في حساب رأس ماله الأصلي يجعله يحس بالعجز وانحصار مملكته ، كان يندب حظه إذا خلا بنفسه ، وكان يحلو له ساخراً أن يحدّث نفسه عن فقره ، كان يرى أن الغني هو الذي يستطيع أن يحسب ثروته ، أما الفقير فهو واحد من اثنين: إما رجل لا مال لديه ، وهذا غبي يستحق الحرق .. أو رجل أرباح ماله أكبر من قدرته على الحساب ، وهذا بائس يستحق المواساة .. وكان يعتبر نفسه بائساً يستحق الشفقة ... لم يكن يفصح عن هذه الحقيقة لأحد ، إنما احتفظ بها سرّا ودفنه في قلبه ، ورتب عليها نتيجة بدت له منطقية تماماً. مادام هو يستحق الشفقة ، فإنه لم يكن مستعدّاً لأن يواسي أحداً في المقابل ، إن شفقة القلب أو الحنان يمكن أن تدفع الإنسان لإعطاء قرش لفقير ، هذا القرش هو بداية الثغرة في أيّ ثروة ، لأن بلايين الجنيهات ليست إلا قروشاً قد تراكمت ، فإذا فرّطت في قرش واحد منها انقطع خيط العقد وسقطت حباته وتناثرت .. وهذه بداية النهاية لضياع أي ثروة. ينبغي أن يوضع كل قرش في مكانه .. لقد دفع مسرور من قبل ثمانية ملايين من الجنيهات الذهب لشراء مسحوق أضيف إلى نبيذ الملك فمات وهو نائم ، وحملت ملايينه إلى العرش ملِكاً بلا عقل ، كان مسرور ه عقله .. هذه نقود وُضعت في مكانه الصحيح .. خرج مسرور من ذاته وراح يتأمّل ضيوفه. حوار كان يستضيف الوزير الأول ، وقاضي القضاة ، وكبير البصّاصين ، ورئيس العسس .. ولاحظ مسرور أنهم يتحاورون حواراً ساخناً فأنصت لهم .. قال الوزير الأول: هل قال إننا حين نموت ونستحيل إلى تراب سنعود فنستيقظ من الموت ونقف أمام الله ونُحاسب ؟ قال قاضي القضاة : نعم .. تدخّل مسرور في الحوار وقد اخترق وجدانه خوف غامض .. سأل مسرور قاضي القضاة : من الذي قال هذا ؟ قال القاضي : مقرور .. سأل مسرور : أيّ شيءٍ هذا ..؟ قال رئيس العسس : هذا رجل فقير يعيش في كوخ عند أطراف المدينة .! سأل مسرور : هل هذا كلامه ...؟ رد كبير البصّاصين : لا .. قال إنه سمع هذا الكلام من نبيٍّ في الشرق .. قال مسرور : نبيّ في الشرق .. أي نبيّ هذا ؟ قال كبير القضاة : لم يقل أي نبي .. ضحك مسرور ساخراً وقال : هذا رجل مجنون ، إنه يتصوّر أن أجساد الناس ليست من تراب وإنما من ذهب ، من الذي يعبأ بإعادة استخراج تراب الناس من باطن الأرض ، هل هم ذهب ؟ ضحك كبير البصّاصين ورئيس العسس والوزير الأول ، وابتسم قاضي القضاة وقال كالمعتذر : -من يدري .. لعل ما يقوله الرجل صحيح .. قال مسرور هل تصدق أنت أننا ذا كنا عظاماً وتراباً يتطاير في الهواء ، هل تصدق أننا سنبعث ؟ قال قاضي القضاة : من يدري .. قال مسرور : أنت لا تصلح أن تكون قاضياً للقضاة .. توقفت حركت الضيوف وساد وجوم موحش .. كان واضحاً أن قاضي قد عُزل من منصبه بهذه الكلمة الغاضبة .. جمدت يد قاضي القضاة باللقمة التي كانت في طريقها لفمه .. أعاد يده ووضع الطعام في طبقه وظل صامتاً يرتعش .. ثم استجمع أطراف نفسه وقال: -سيدي مسرور .. أنا لم أقل إنني أصدّقه .. قلت فقط من يدري .. لم أكمل كلامي بعد .. كنت أريد أن أقول من يدري لعله كاذب .. لقد أضاء سؤالك في القضية عقلي .. هو رجل مجنون بالقطع .. من يدري لعله محموم أو مريض .. |
![]() |
![]() |
#12 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
أيه من رشخ ياشيخ؟؟ بس مشرفتنا الله يصلحها تدخل السياسة في كل شئ ![]() ![]() جابر جويد ماسك على قولة سيدنا المسيح من ضربك على الخد الأيسر أدره خدك الأيمن..أما الفنانة التي ذكرت فقد مرذكرها هنا بالمنتدى .. حكم السن ياشيخ ملخبط الذاكرة تابع وما راح تندم وشف عمائل مسرور. |
||
![]() |
![]() |
#13 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
بسلامتك ..... هــــــــــــــــــاك معانيهن : يروبس كلمة شاميّة ومعناها يمشي وهو نائم القصيدة غلطة لانني كنت سهراااااانــه ...... |
||
![]() |
![]() |
#14 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
عفاف
مسرورنا عندما يريد أن يهدئ اللعب يقول روق يارفيق ![]() وأنا أقول روقي مع هاني مع أحترامي |
||
![]() |
![]() |
#15 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
تسلم على الإهداء , عمومًا هي غلطة ![]() تسلم . |
||
![]() |
![]() |
#16 |
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]() نترك عفاف تنددن مع هاني ونعود الي المسرور الظالم الجبار الذي لا يهمه حساب ولا عقاب..هو الذي يتهم ويقاضي ويحكم!! الفصل الثالث ![]() مؤامرة هدأت الأعصاب قليلاً بعد أن تراجع قاضي القضاة عن موقفه وعاد إليه حرصه ، وراح الضيوف يتبارون في السخرية من فكرة البعث أساساً . وتناول قاضي القضاة كأسه ورفعها إلى فمه ، حاول جاهداً ألا ترتعش يده وهي تحمل الكأس ولكنه لم ينجح .. واستمع مسرور إلى الحوار الذي كان يسخر أساساً من فكرة القيامة والحساب والبعث ، وأحسّ مسرور باحتقار بالغ لما يجري قال: أيها السادة ، أنتم تتحدثون كالصبية .. ماذا فعلتم لدفع الخطر؟ سأل الوزير الأول : أي خطر ؟ تجاهل مسرور سؤال الوزير وتوجّه بنظراته إلى كبير البصّاصين .. وسأله : ماذا قال الرجل .؟ قال كبير البصّاصين : قال إننا سنقوم من الموت ونقف للحساب أمام إله واحد ، ابتسم مسرور وقال : هذا يعني أن الرجل ينكر آلهتنا .. وهذا يعني أن هناك مؤامرة واضحة .. تراجع الجالسون إلى الوراء قليلاً في مقاعدهم وسقط عليهم قول مسرور كالصاعقة .. كان أسرعهم إلى الحركة هو رئيس العسس ... قال –وهو يفكّر-: خطر لي هذا يا سيّدي .. وقد راقبنا "مقرور" أياماً متواصلة فلم نره يتصل بأحد ، ولا نما إلى علمنا أن أحداً يتّصل به .. ورغم ذلك .. فإننا لم نزل نراقبه .. إن الرجل يسكن في كوخٍ له باب أضعف من أن يصدّ الرياح .. ومن ثم فإن الباب مفتوح طول الوقت .. ونحن نراقبه من خلال الباب المفتوح .. المشكلة التي صادفتنا ، أو بمعنى أصحّ .. المشكلة التي فجّرتها هذه القضية في عقلي أنه ليس لدينا نحن العسس قدرة لمعرفة أفكار الناس ، وبالتالي فإننا لا نعرف كيف يفكّر مقرور .. ولن نخسر شيئاً لو انتظرنا . قال مسرور : آه ، أنتم تريدون الانتظار حتى يشعل مقرور النار في نظام المملكة .. وهو النظام الذي اختاركم لتكونوا كلاباً لحراسته .. وهو النظام الذي يطعمكم ويؤويكم ويمنحكم سلطات هائلة من أجل حمايته .. أراكم تنتظرون حتى يتحرك مقرور ، بعدها تتحركون أنتم .. هذا يعني أن حركتكم قد صارت تابعة لحركته . الحُكــم صمت الحاضرون جميعاً حتى انتهى مسرور من كلامه .. ثم توالت اقتراحات الجالسين لعلاج القضية .. قال الوزير الأول : فهمت أن هناك مؤامرة إذن .. قال رئيس العسس : الرأي أن نسجن "مقرور" . قال كبير البصّاصين : التهمة واضحة .. إشعال النار في نظام المملكة ، واحتقار الآلهة وازدراؤها .. قال قاضي القضاة : القضية جاهزة للحكم ، هذه تهم عقوبتها الإعدام حرقاً .. ضحك مسرور فسرى إلى الجالسين إحساس بمرور الأزمة ، ولكن (مسرور) ضرب إحساسهم بالراحة حين عاد يقول : مازلتم تتحدثون كالصبية .. مؤامرة وتهمة وقضية وحكم .. إننا نلفت الأنظار إلى أهمية الرجل ، ونجعل منه شهيداً دون داعٍ ولا مبرر. الرأي السليم أن يموت هذا الرجل بحادثٍ مؤسف .. ينام نوماً ثقيلاً بعد أن يشرب كأساً من الماء ، ثم ينفتح باب كوخه بسبب الرياح فيقع المشعل ويحترق الكوخ .. ويحترق معه مقرور .. ويتم هذا كله بهدوء .. ودون ضجة .. وبغير إعلان وسوف يسجّل العسس أن الرجل أهمل إغلاق بابه وكان إهماله سبباً في موته .. أحنى الجميع رءوسهم موافقين .. وأشار مسرور إلى الجارية التي تصبّ النبيذ أن تصب للضيوف كأساً جديدة .. وشرب الحاضرون نبيذاً في لون النار .. وبدأ سباق هادئ بين الضيوف في نفاق مضيفهم .. قال الوزير الأول : لولاك لغرقت المملكة .. قال كبير البصّاصين : ماذا كنا نفعل بدونك ، أنت ملهمنا دائماً . قال رئيس العسس : لقد تلقيت الليلة درساً في مهنتي لا أظن أن تجارب العمر الطويل فيها قد لقّنتني مثله .. ووجد قاضي القضاة نفسه وقد جاء دوره .. فتنحنح قليلاً ثم قال بصوتٍ معتذر : هذه أسرع قضية حكم فيها بالعدل .. لقد صدر الأمر بإعدام مقرور قبل أن ننتهي من العشاء .. لطالما شكا العدل من البطء . اليوم يسبق العدل السرعة .. وهذا إنجاز في حد ذاته . صــلاة نهض مقرور من نومه وهو يرتعش .. كان باب الكوخ مفتوحاً فاتجه نحوه لإغلاقه . فوجئ بكلبٍ أصفر اللون عسلي العينين يربض عند مدخل الكوخ .. هزّ الكلب ذيله حين شاهد "مقرور" .. قال مقرور في نفسه : سبحان الله .. هذا ضيف أرسله الله تعالى إلينا .. فتّش بعينيه في زوايا الكوخ عن طعام فلم يجد غير إناء يمتلئ قاعه باللبن .. وضع الإناء أمام الكلب فنظر إليه الكلب بعينين شاكرتين وهو يهزّ ذيله ، ثم وضع بوزه في اللبن وراح يلعقه .. ترك مقرور الكلب يستكمل طعامه ودخل الكوخ .. غسل وجهه ويديه وقدميه وانخرط في صلاة عميقة . قال مقرور لله وهو مستغرق في صلاته : اللهم اغفر لي تقصيري في عبادتك ، واغفر لي فقري وقلة إحساني للخلق ، وسامحني في حياتي القديمة ، وارحمني برحمتك يوم الوقوف بين يديك .. شفّت روحه وصَفَت وهو يصلّي .. وانحدرت دمعة من عينه فشقّت مجراها في أخدود صنعته الدموع في وجهه .. واستنشق مقرور رائحة غريبة لا عهد له بها .. رائحة عطر يشبه روح الريحان ، ولكنه ليس الريحان الذي يعرفه هو في الأرض .. وخُيّل إلى مقرور أنه ليس وحده في الكوخ .. وخُيّل إليه أن هناك وجوداً ما لكائنٍ غريب .. أراد مقرور أن يلتفت ولكنه كان يصلّي فخشي أن يفعل . وفاض قلبه بشعور من الرضا المستطاب في الله .. تذكّر أخطاءه الماضية أيام كان قاطعاً للطريق ، وتذكّر توبته لله وإخلاصه له حين قابل هذا النبي الكريم أثناء رحلته في الشرق .. وقال لنفسه : من يدري .. لعل الله لم يقبل توبتي ، ولعلي من الهالكين .. زاد بكاؤه وخرّ ساجداً . رفع الكلب رأسه من إناء اللبن وراح يهزّ ذيله ويستمع لبكاء مقرور .. ووصل رئيس العسس وكبير البصّاصين وشرذمة من الجنود .. وراحوا يتأملون "مقرور" وهو ساجد يبكي من خلال الباب المفتوح .. قبـض أشار كبير البصّاصين إلى مقرور وهمس لرئيس العسس: ها قد ضبطناه متلبساً بالسجود لغير آلهتنا .. لماذا لم نقتله ونستريح .. ألم تكن هذه أوامر السيد الأعظم في المأدبة .. ألم يحكم عليه بقتلٍ يبدو حادثاً مؤسفاً . قال رئيس العسس وهو يخافت من صوته : لقد غيّر السيد الأعظم رأيه ، استدعاني في الصباح التالي للمأدبة وأمرني باستحضار مقرور للقائه .. قال كبير البصّاصين : أتراه لا يثق فينا .. أيريد أن يقتله هو بنفسه ؟ قال رئيس العسس : عقلك دائم الشك .. لماذا تظن ذلك ؟ قال كبير البصّاصين : هذه مهنتي .. ماذا ترى أنت ؟ قال رئيس العسس : أظن أن السيد الأعظم يريد أن يلهو قليلاً به قبل قتله ، ألم تر قطة وهي تلتهم فأراً .. هل تأكله على الفور أم تلعب به ساعات طويلة ؟ همس كبير البصّاصين : يريد أن يلهو به إذن .. قلبي يحدثني أن وراء الأمر كلّه شرّاً مستطيراً .. هاهو ساجد لا حول له ولا قوة .. لو قتلناه لانتهى الأمر .. قال رئيس العسس بحزم هامس : الأوامر التي لدينا هي ضبطه وإحضاره .. نحن مأمورون في نهاية الأمر .. هل تقبض عليه أنت أم تترك لي هذه المهمة ؟ قال كبير البصّاصين : لا .. القبض مهمتك أنت .. أما استخراج الحقيقة فمهمتي أنا ، لن أتدخّل في مهمتك فلا تتدخل في مهمتي .. دعه لي إن لدي ألواناً من العذاب تجعل الحجر يعترف بكل شيء . .................... كان مسرور يجلس في إيوانه للحكم بين الناس حين دخل الحارس وأعلن عن وصول المتهم . أمر مسرور بإخلاء الإيوان ، فخرج الجميع باستثناء الوزير الأول وقاضي القضاة والجلاد .. بعد قليل دخل كبير البصّاصين ورئيس العسس وهما يمسكان "مقرور" ويحاولان معاونته على السير في سلاسله الحديدية. تأمل مسرور "مقرور" .. كان مقرور يرتدي ثوباً قد اهترأ في كثير من مواضعه حتى ظهر لحمه من تحته ، وكان حافياً قد اغبرّت قدماه من تراب الطريق .. وكان وجهه شاحباً ومطمئناً في نفس الوقت .. وكانت عيناه الصافيتان العميقتان تعكسان في أعماقهما دهشة بالغة .. تأمّل مقرور الجدران التي صنعت من خشب الصندل المنقوش بالذهب وزادت دهشته .
|
![]() |
![]() |
#17 | ||
المشرف العام
![]() |
![]()
وانا اقول وين سرى بوصالح ذيك الليله ![]() |
||
![]() |
![]() |
#18 |
المشرف العام
![]() |
![]()
بإنتظار باقي فصول اللاّروايه اخي جابر
شكرا لك ،، |
![]() |
![]() |
#19 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
أبشر مشرفنا العام غالي والطلب رخيص. الرواية مشرفنا ..الرواية ليس اللآرواية...أشوف من أنتماء الي شبام يلخبطون هذه الأيام ..حد ساكت (وحده) وحد يعلكس الكلام وخاصة بعد التفجير الأخير الذي أستوى عندهم الله لا يعيده ويحفظ شبام واهلها بس هم علمونا قالوا اذا حد ما عرف شئ يقول قال ((الشبامي فتح ثمك)) ![]() على كل تعالوا شوفوا عمايل مسرور بالمساكين..نصيحة ترى المسارير ما يتغيرون هذه طباعهم في كل زمان ومكان يتمسكنوا حتى يتمكنوا الفصل الرابع ![]() تحقـيق تأمّل مسرور سجينه وضحيته وتأمّل مقرور الكرسي الذهبي الذي يجلس عليه خصمه وقاضيه السيد الأعظم .. وطغى على مسرور إحساس بالكراهية والازدراء ، بينما جاشت نفس مقرور بالدهشة من الثراء الذي يراه . كانت مشكلة مقرور أنه يقف أمام السيد الأعظم حافياً .. وكان يحس أن دخوله عليه حافياً فيه ما فيه من سوء الأدب ، كان من المفروض أن يخلع نعله على باب السيد حتى لا يلوّث السجاجيد الثمينة التي وضعت على الأرض ، وكان مقرور آسفاً لأنه لا يملك نعلاً ، لقد أدركه الفقر بعد توبته فلم يعد يملك نعلاً .. وكان يحس أن السيد الأعظم سوف يسأله أين نعله ؟ هل يقول للملك أنه لا يملك نعلاً أم يصمت ؟ صدق حدسه .. تكلّم مسرور فقال لمقرور مؤنّباً : -أين نعلك ؟ قال مقرور : تركته عند باب كهف في جبل شرقي مصر .. ذاب النعل من يومها ، ومن يومها لم أستطع أن أحصل على نعلٍ آخر .. قال مسرور : أنت متهم وأظن أنك لا تجهل تهمتك .. فكّر مقرور سريعاً في التهمة .. كانت حياته في الأعوام العشرة الأخيرة تخلو من أي عمل خارج على القانون .. أو على الشرف .. لقد تاب منذ عشر سنوات .. أيكون السيد الأعظم يتحدث عن الأيام القديمة الشقية .. أخرجه من أفكاره صوت الوزير الأول وهو ينتهره. -تكلّم أيها الكلب .. الأفضل لك أن تعترف اعترافاً كاملاً .. قال مقرور : تريدون اعترافاً كاملاً ؟ قال مسرور : نعم . قال مقرور : سأعترف للسيد الأعظم بكل شيء .. لقد كنت قاطعاً للطريق .. لصاً يعيش على الخمر والسرقة .. وكنت أرفل في الحرير والديباج ، وكانت النساء يترامين علي ، ثم هجرت هذا كله .. أعترف أنني مذنب .. لكن هذا كان منذ عشر سنوات كاملة. قال مسرور معترضاً : لست أسألك عن قصة حياتك . قال مقرور : عن أي شيءٍ يسأل السيد الأعظم ؟ قال مسرور : أسألك عن جريمتك الأخرى .. إن السرقة واعتراض الطريق لا تهمنا .. حدثنا عن جريمتك الأخرى .. فكّر مقرور طويلاً فلم يجد شيئاً فقال لمسرور : -هذا كل ما عندي يا مولاي . اعتراف أشار مسرور بعينه إلى الجلاد فرفع الجلاد سوطه وهوى به على ظهر مقرور ، صفّر السوط وهو يخترق الهواء ، ثم هوى على ملابسه فمزّقها وترك خيطاً رفيعاً من الدم على ظهره .. فوجئ مقرور بنباح الألم في جسده ، ولكنه تماسك وقال لنفسه : -من يدري .. لعل الله يكفّر بهذا الضرب عن سيئاتي القديمة. مال كبير البصّاصين على مسرور وهمس في أذنه شيئاً فأشار مسرور إلى الجلاد أن يكفّ .. التفت كبير البصّاصين إلى مقرور وسأله : -السيد الأعظم لا يسألك عن حياتك السابقة .. هذا شأن لا يعنيه .. إنما يسألك عن جريمتك الآن .. لا تراوغ إذا أردت أن تنجو .. ألا تريد أن تنجو .. قال مقرور : أريد أن أنجو .. إن جرائمي كثيرة فعن أي جريمة تسألون؟ قال مسرور: أهم جرائمك .. ما هي أهم جرائمك ؟ قال مقرور : تقصيري مع الله .. لقد عشت عمراً كاملاً عبداً هارباً من الله ، ثم عدت إليه منذ عشر سنوات .. ما يدريني أنه قبل توبتي ؟ سوف أعرف إذا بُعثت من الموت ووقفت أمام الله هل قبل الله توبتي أم لا ؟ لكن هذه المعرفة عندئذ لن تجدي إذا كان الحق لم يقبل . هذه يا سيدي هي جرائمي ومخاوفي معاً .. قال مسرور: أنت تعترف أن هناك إلهاً غير آلهتنا .. وتقول : إننا سنصحو من الموت .. ألم تقل ذلك ؟ قال مقرور : نعم .. قال مسرور : بعد أن نتحول إلى ترابٍ يتطاير في الهواء ويتبدد مع الريح؟ ابتسم مقرور وهو يقول : ألا يعرف سيدي أن الله قادر على بعث الموتى .. لقد كنا أمواتاً فأحيانا الله ، ثم يميتنا ثم يحيينا .. هل يشك سيدي في هذا كله ؟ أين كان السيد الأعظم قبل أن يشرف الدنيا ؟ ألم يكن ميتاً وأحياه الله ؟ قال مسرور : المتهم لا يخفي خيانته .. أين سمعت هذا الكلام ؟ قال مقرور : من نبيّ بعث في الشرق .. كنت أضرب في الأرض حين قابلته .. لقد أضاء قلبي بكلماته وأدركتني التوبة من يوم لقائه .. لقد كان هذا النبي يا سيدي .. قاطعه مسرور : اصمت .. التهمة ثابتة .. بماذا يحكم قاضي القضاة؟ قال قاضي القضاة دون أن يفكّر : المتهم بريء .. ما قاله النبي صحيح . قال مسرور : لقد جنّ قاضي القضاة .. احرقوهما معاً .. أو انتظروا . رؤيــا سيق مقرور إلى السجن ، أمّا قاضي القضاة فقد أجبروه على شرب كأس قبل أن يغادر الإيوان ، فغادر المكان محمولاً على الأعناق .. وقيل : إن قاضي القضاة قد أحسّ بألم ثم سقط ميتاً .. وأرسل السيد الأعظم رسولاً خاصّاً من القصر لتقديم العزاء لأهل القاضي ، وتم تعيين قاضٍ جديد في المكان الشاغر .. وأسدل الستار على القضية برمتها. ... ... ... جلس مقرور في سجنه راضياً كل الرضا. لم يكن يصدق أنهم سيحرقونه ، سأل حارسه أكثر من مرة: -هل أنت واثق أنني سأحرق .. قال الحارس : ليس لديّ أوامر أن أرد عليك .. إنني حارسك فقط ، ولست صديقاً يجاذبك أطراف الحديث .. ومكث مقرور في السجن فترة . كان حائراً تتعاقب عليه لحظات من السعادة والحزن .. كان يحدّث نفسه أنهم لو أحرقوه حقاً لكان معنى هذا أن الله قبل توبته وعفا عنه واختاره ليموت في سبيله ، وهذا يعني أن توبته قد قبلت .. لكن ماذا يكون الأمر لو أنهم كانوا يهددونه فحسب ، ولن يقتلوه .. إن هذا يعني أن توبته لا زالت في الميزان لم ترجح بها كفة القبول .. لبث مقرور معذباً ثلاثة أيام . كان يطيل الصلاة ويسأل الله أن يريه علامة أو بشارة يطمئن بها لقبوله .. وفي الليلة الثالثة شاهد مقرور رؤيا عجيبة .. شاهد نفسه يسير في مكان وفير الخضرة يمتلئ بالأشجار والثمار والجداول ، وكانت أرض المكان من مسك ، وكانت أقدامه تسوخ في المسك فتتصاعد رائحة عطر مدهش .. وظل يسير ثم ظهرت له امرأة تشبه زوجته الأولى التي هجرها أيام الشقاوة .. وتقدمته المرأة حتى وصلا إلى سفح ربوة مخضرّة .. في قمة الربوة كان هناك قصر عجيب .. قصر أفضل من بيت السيد الأعظم مسرور .. أشارت المرأة إلى القصر وقالت : متى تجيء إلينا .. سألها : من أنت ؟ ولكنها قبل أن تجيبه اختفت واستيقظ من الرؤيا .. حدث حارسه في الصباح عمّا رآه فقال الحارس: -المؤكد أنك ستموت اليوم . لم يكن مقرور ليهتم .. كان طعم الرؤيا في فمه يغلب كل مذاق سواه . موت مسرور فرغ مسرور من عشائه وسخن رأسه من فرط الشراب فصحب قارورة الخمر إلى غرفة نومه وأشار إلى إحدى الجواري أن تسبقه ففعلت ..كان يدخل من باب الغرفة حين أحسّ بالدوار فجأة ، طنّت رأسه وتراخت أعصابه فسقطت زجاجة الخمر من يده إلى الأرض وتحطّمت .. واستند إلى الباب ولكنه أحس ألماً رهيباً في كتفه ، وجرى الألم من كتفه إلى يده إلى صدره ، والتف الوجع حول صدره كحزام من الذهب المحمي في النار .. سقط على الأرض فصرخت الجارية .. وامتلأت الغرفة بالجواري والحرس ، وتعاون الجميع على حمله إلى فراشه . ووصل أمهر أطباء المملكة والتفوا حول فراشه . كان وجه السيد الأعظم محتقناً يميل لونه إلى الأخضر الذي توشيه الصفرة .. وكان يتنفس بشخير عالٍ كأن أحداً يذبحه ببطء .. قال كبير الأطباء : السيد الأعظم غائب عن الوعي .. وهذه علامة سيئة .. . . . . . . . . . في الحقيقة لم يكن السيد الأعظم غائب الوعي .. كل ما هنالك أن وعيه كان في مكان آخر ، لم يكد يدخل غرفته حتى أحسّ بوجود زائر غريب فيها ، زائر بلا ملامح ، ولكن شيئاً في ملامحه كان يحمل ويلاً وبيلاً . سأل مسرور : من أنت ؟ قال الزائر : جئت أسقيك كأساً فدع زجاجة الخمر من يدك . لم يكن أحد من البشر يستطيع أن يسمع الحوار ، إنما شاهدوا فحسب زجاجة الخمر تسقط من يده . قدم الزائر الغامض كأساً إلى مسرور .. تساءل المحتضر دون أن يسمعه أحد : -أي شيء تحويه هذه الكأس ؟ قال الزائر : ألم تفهم بعد .. هذه كأس الموت .. لم يعد لك على الأرض غير ثوان قليلة .. هي بمقدار ما تشرب هذه . قال مسرور منهاراً : لا أريد أن أموت .. ليس الآن .. أتوسل إليك .. خذ كل ثروتي مقابل شهر واحد .. أسبوع واحد .. يوم واحد .. كشف ملك الموت عن وجهه فدخل مسرور في غمرات الموت .. كان يشرب كأساً مريرة ، وأحس أن روحه تنسحب من أقدامه مثلما يسحب المرء شجرة من الشوك انغرست في كومة من الصوف .. وبدأ ملك الموت يضرب وجه مسرور .. في الضربة الثانية كانت الروح تقاوم آخر الأبواب وهي تتلجلج في فم السيد الأعظم .. موت مقـرور حين كان مسرور يعاني سكرات الموت ، كان مقرور يقيد في عمود خشبي أعد في محرقة أشعلت لإعدامه . في البداية أحس مقرور بالخوف وهو يوشك أن يدخل النار ، ثم فوجئ بوجود كائن غامض في قلب النار . قال له الكائن : لا تخش شيئاً .. تقدّم مرة واحدة .. لن تحسّ بالألم .. لن تموت من النار .. سأل مقرور دون أن يفتح فمه : من أنت ؟ قال الكائن : جئت أبشرك .. قال مقرور : تبشرني بماذا ؟ .. أتكون أنت ملك الموت . قال الكائن : نعم .. قال مقرور : إذا كنت سأموت حرقاً بالنار .. فهذا يعني أن الله قبل توبتي . قال الملك : لن تموت حرقاً بالنار .. إن أجلك ينتهي قبل أن تصل إليك النار . قال مقرور محزوناً : كنت أريد أن أموت حرقاً في سبيل الله .. قال الملك : لا تبتئس .. مرحباً بك في العالم الآخر .. انكشفت بصيرة مقرور فجأة ، وعادت حواسه تستقبل عبق الريحان ، وأضاء وجه الملك وتهاوى جسد مقرور ميتاً وراحت روحه تتأمل جمال وجه الملك الكريم . صاح جلاد المحرقة وهو يخاطب آمر السجن : لقد مات المحكوم عليه يا سيدي .. هل نحرقه ؟ قال آمر السجن : اسكب على وجهه قليلاً من الماء ليفيق من خوفه ، وأحرقه بعد ذلك ، ثم ادفنه في مقبرة السجن .. ............ نفس اللحظة ، انتهى ملك الموت من انتزاع روح مسرور ، همدت حركة الجسد وأعولت إحدى الجواري فأمر الوزير الأول بطردها من الغرفة وصرف جميع الحاضرين واستبقى كبير البصاصين ورئيس العسس ، فلما خلت الغرفة من غيرهم قال الوزير الأول : -سيقولون إن السيد الأعظم قد مات ، وهذا كذب ، الصحيح أنه خرج وسيرجع بعد فترة ، عليكما الآن بدفن جثته سراً في مقبرة السجن ، وليبق قبره المرمري خالياً ليعرف الناس أنه لم يمت .. وفي جوف الليل ، حمل كبير البصاصين ورئيس العسس جثة السيد الأعظم في سرية تامة ووضعاها في مقبرة السجن حيث وضعت جثة مقرور من ثوان .. وأغلق عليهما القبر معاً . وأعلن الوزير الأول أن الحكم مستمر باسم السيد الأعظم . حساب مسرور لم يكن مقرور بعد الموت يحس بشيء ، وكذلك مسرور .. وضع الموت حدّاً لإحساسهما بالحياة .. دخلا عالماً آخر مختلفاً تماماً .. لم يكد مسرور ومقرور يدخلان قبريهما حتى ارتد إليهما إحساسهما فجأة ، كان هذا الإحساس الجديد غريباً .. كان إحساساً بالحياة وإحساس بالموت معاً .. كان كل واحد منهما يدرك أنه مات ، ويدرك انه يحيا الآن فقط .. كان مسرور مذهولاً لما حدث .. لقد اختطفه الموت .. أي ويل وراءه .. لقد كان يتصور أن الموت فناء للإحساس ، وهاهو يكتشف الآن أنه إحساس مزدوج .. إحساس مضاعف .. رؤية بغير عين ، وشعور بغير مشاعر .. لم يكد مسرور يدخل قبره حتى انطبقت عليه جدران القبر فصرخ .. صرخة هائلة بدون صوت .. أخافت الصرخة البهائم في المنطقة فارتعش لها دمهم .. فوجئ مسرور بوجود اثنين في قبره .. أجلساه فجلس .. سقط كفنه من فوق كتفيه وجلس.. سأله أحدهما : من ربك ؟ فوجئ مسرور بالسؤال .. عاد الملك يسأله : ما دينك ؟ .. من نبيك ؟ .. لم يرد مسرور بشيء .. عقد الخوف لسانه فلم يقل شيئاً .. أشار أحد الملائكة إلى الأمام وأمره أن ينظر .. نظر مسرور فشاهد بؤرة جحيمية من النار المشتعلة .. عاد دمه يتجمد من الرعب مرة أخرى .. سأل مسرور : ما هذه .. ؟ قال المَلَك : هذه الحطمة .. سأل مسرور بخوف : لماذا تريها لي ؟ ما شأني بها ؟ قال الملك : هذا بيتك في النار .. ألا يعرف السيد الأعظم بيته .. إنك لم تجب عن أسئلتي بعد .. أحس مسرور أنهما يحققان معه .. وملأه هذا الإحساس بروع خفي .. حاول أن يجيب على الأسئلة ولكنه وجد نفسه لا يعرف جواباً لها .. لقد كان الذهب هو ربه المعبود ، أما دينه فكان هو الهوى ، أما الأنبياء فلم يسمع عنهم شيئاً إلا بوصفهم ثائرين . لم يدر أي شيء يقول ! وخشي أن يقول كلاماً يثير عليه محققيه فلزم الصمت ، وارتفع العذاب من جوف القبر وهوى عليه .. حساب مقرور أيقظ ملائكة الحساب "مقرور" وأجلسوه في قبره .. كان قد تحول إلى رماد ولكنه فوجئ بنفسه يجلس في قبره بينهما . كان إحساسه الغالب هو الخوف والدهشة .. لقد فقد الوعي حين أدخلوه المحرقة ، ثم لقي هذا الطيف في النار فحدّثه ألا يخاف ، ثم أحس لفح النار ثم غاب عن وعيه .. وهاهو يعود إلى الوعي ليفاجأ بوجود كائنين جليلين حوله .. سأل مقرور : من أنتما .. ؟ قال أحد الكائنين ملائكة الحساب .. ارتعش مقرور وسأل : هل قامت القيامة ؟ قال له الملك : لم تقم القيامة بعد . أنت في قبرك .. لقد جئنا نسألك ثلاثة أسئلة .. -من ربك ؟ قال مقرور : ربي الله خالق كل شيء . سأله الملك : ما دينك ؟ قال مقرور : أنا على دين جميع الأنبياء .. أسلمت وجهي لله .. مسلم أنا. سأل الملك : ماذا تقول في النبي الذي قابلته في الشرق .. هل تؤمن بدعوته ؟ قال مقرور : نعم .. سأل الملك : وتصدق أن الله أوحى إليه ؟ قال مقرور : نعم .. أشار أحد الملكين إلى الأمام وقال لمقرور : -انظر أمامك .. نظر مقرور فرأى الحديقة الخضراء والقصر العظيم اللذين رآهما في الرؤيا .. التفت مقرور إلى الملك وسأل : -ما هذا أيها الملك الكريم ؟ قال الملك : هذا مكانك في الجنة . سأل مقرور الملكين وهو يحس بفرحة طاغية : -هل قبل الله توبتي ؟ لم يجبه الملك ، وقال له أحدهما : -عد الآن إلى الموت بأمر الله .. وعاد مقرور يتحول إلى الرماد الذي كان عليه قبل أن يسأله الملائكة .. وعاد يفقد وعيه .. فناء و ... مر عام .. ومائة عام .. وألف عام .. وألف ألف عام .. بليت الأجساد في قبورها وتحولت إلى تراب ، وامتدت المدينة إلى المقابر القديمة فصارت القبور مساكن ، ثم بليت المساكن وعادت قبوراً ، وتعاقبت دورة الحياة حتى نفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض .. إلا من شاء الله .. فني الأحياء جميعاً وتكاملت عدة الموتى .. خلت من سكانها الأرض والسماوات فصاروا خامدين بعد حركتهم ، فلا حسّ يُسمع ، ولا صوت يهمس ، ولا شخص يُرى ، ولا كائن يدبّ على الأرض أو يعبر السماء .. صفرت الريح في الأرض التي خلت الآن من جنس البشر .. مات الخلائق وبقي رب الخلائق منفرداً بجلاله مستعلياً بأنواره قائماً بنفسه مستغنياً بذاته عمّن سواه .. قهر الموت كل حيّ .. وبقي الجبار الأعلى على عرشه سبحانه .. ومرّت أزمنة وأزمنة .. ثم شاء الله تبارك وتعالى أن ينفخ إسرافيل في بوقه النفخة الثانية فأمره أن يفعل .. التقم إسرافيل البوق ونفخ فيه وهو يتمتم .. (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) . كانت هذه النفخة أمراً من الله تعالى أن يبدأ يوم القيامة وبدأ أطول يوم في تاريخ الكون . لقد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان . اليوم تموت السماوات والأرض والجبال ويستيقظ الإنسان من موته ليُسأل عن أمانته . كان مشهد موت الكون رائعاً ورهيباً معاً .. بدأ اليوم بتحطيم القوانين الحاكمة للكون ، وانفراط عقد النظام المحكم الذي سيّر المجرات أحقاباً وأزمنة .. حين بدأ الكون يموت ، صدر الأمر إلى الموتى المكلفين أن يقوموا من الموت .. لم يكد الأمر يصدر لهم حتى أطاعوا جميعاً ونهضوا من الموت ، كانت عظامهم قد تحللت وفنيت وصارت تراباً من تراب الأرض ، ودخلت أجسادهم ملايين التحولات والتبدّلات ، فمن لحم ودم وعظام إلى سيقان وردة إلى إبريق خزفيّ إلى فحم في باطن الأرض إلى ماسة مشتعلة إلى تراب .. كان كل شيء ينتهي إلى التراب ، رغم هذا كله ، لم يكد الأمر الإلهي يصدر إلى الموتى بالقيام من الموت حتى قاموا .. عادوا من العدم إلى الوجود كما قلبوا قبل ذلك من العدم . ونهض مسرور ومقرور . الفصل الخامس تابعوا قيام الساعة وحال مسرور |
||
![]() |
![]() |
#20 | ||
حال قيادي
![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]()
استغفر الله ,,, نقطة نظام .
|
||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الخبر عند مسرور | سالم علي الجرو | سقيفة عذب القوافي | 100 | 12-10-2010 09:53 AM |
من يسب مسرور او من يشتمه ؟اتحداه من يفعلها !!!!!! | عيون المكلا | سقيفة عذب القوافي | 35 | 04-21-2010 07:21 AM |
مرحبا بعودتك يا مسرور .. | شيخ القبايل. | سقيفة الترحيب | 6 | 12-13-2009 07:09 PM |
مسرور و المشرف صالح العمودي نبارك لهما التميز لـ ... | الدور القبلي | سقيفة التهاني | 11 | 10-15-2009 11:42 PM |
مسرور ومبهور في سوق البز !!! | الخليفي الهلالي | الســقيفه العـامه | 41 | 09-13-2009 04:49 AM |
|