![]() |
#1 |
مشرف سقيفة الحوار السياسي
![]() ![]()
|
![]()
الماوري والقضية الجنوبية 1-2 2/5/2012 عيضه العامري
منير الماوري كاتب يمني مشهور وهو صحفي كثير الكتابة، ومن أسباب شهرته معارضته البارزة لنظام صالح من خلال مقالاته الجريئة التي كان يكتبها؛ وربما لأنه كان يكتب من خارج اليمن، ويتمتع كذلك بجنسية بلد آخر. وكنا نحسبه مثقفاً عصرياً، ولكننا أخطأنا الظن عندما كشر الرجل عن أنيابه، وبدأ يقود معركة جديدة وربما بعد أن شعر بأن المعركة مع نظام صالح على وشك اختتام فصولها . فالرجل قد انبرى يهيئ الناس لمعركة جديدة قديمة عنوانها الوحدة أو الموت وحتى أدواته المرجعية التي يستخدمها لا تختلف كثيراً عن الأدوات القديمة التي كان يستخدمها النظام الآفل الذي كان يهاجمه . وهي في جملتها تغذي الكراهية للجنوب و الجنوبيين وقياداتهم وأطرهم الوطنية، مستعيناً بعبارات الشتم والاستخفاف، ووصل به الإسفاف أن جرد الحراك الجنوبي الذي كان أحد المصادر الملهمة للثورة الشبابية في اليمن من قيمه الوطنية عندما اختزل أهدافه في أطماع مادية بخسة "عسل حضرموت" كما جاء في احد مقالاته محاولاً في الوقت ذاته تحجيم المساحة الوطنية لفعل الحراك من خلال توزيعه فاعليته بين مركز وأطراف يمثل الأول منطقة الضالع وما حولها، والثاني يمثله مناطق الجنوب الأخرى، وهو تقسيم مغرض يعرفه القاصي قبل الداني . فزخم الحراك يمتد على طول وعرض الساحة الجنوبية، ذلك الحراك الذي بدأ بدياته الأولى في حضرموت في العام 98م بوصفه تعبيراً عن معاناة الجنوبيين، ثم امتد بعدئذٍ إلى الضالع وغيرها من المناطق، وكان ذروة تشكله في العام 2007م في المهرجان الذي عقده أبناء الجنوب في ساحة العروض في خور مكسر في مدينة عدن. إن طريقة حديث الرجل يذكرنا بحديث زهو المنتصرين بعد حرب صيف 94م وما تبعه من ممارسات أضرت كثيراً بالوحدة الوطنية وبالروح الوحدوية التي تشربها أبناء الجنوب منذ نعومة أظفارهم، ممارسات قتلت الوحدة في عقول ووجدان أبناء الجنوب؛ تلك الممارسات التي وصفها اللواء علي محسن بأنها كانت ضرباً من ضروب الاحتلال، وهي رواسب أظن أن كاتبنا لم يتحرر منها بعد . ولا أدل على ذلك من تمسكه بالأدوات القديمة التي عفا عليها الزمن؛ والتي لن تستطيع أن تؤتي أي أكل في الماضي فكيف بها أن تأتي أكلها اليوم، وهي أدوات مؤسسة على تزييف حقيقة أوضاع الجنوب ومحاولة الوقيعة بين أبناءها . وتتمحور هذه الأدوات في مهاجمة بنية مجتمع الجنوب ومحاولة تصويره بأنه مجتمعاً هشاً وأن بدأ في الظاهر متماسكاً، ومن ثم فهو مرشحاً للعودة لحالة الفوضى و التجزئة لما قبل 67م لو قدر له أن ينفصل . والعمل باتجاه ضرب إسفين بين أبناء الجنوب من خلال التوظيف المباشر وغير المباشر لأحداث 13 يناير آملاً في إيقاظ جذوة الفتن . علاوة على الترويج لوهم انفصال حضرموت . والإدعاء بأن تحقيق السلام الاجتماعي للجنوب مرهوناً في بقائه مرتبطاً بالشمال بوصفه ضرورة وجودية . وعليه فإن إي حلول لمشكلة الجنوب كما يرى الماوري وأشياعه ينبغي أن يكون في إطار التماهي مع الشمال إذ يوفر مثل ذلك الأمر ليس حلاً للجنوب، بل ومدخلاً لتحقيق فكرة الفيدرالية في الشمال بوصفه المخرج لأزمة المناطقية و المذهبية التي يعانيها . لذلك لا ينظر الرجل بعين الرضا لأي حلول لا تتفق مع فكرة التماهي لأنها تعيق تحقيق حلمه في فدرلة الشمال . ومن هذا المنطلق رأينا كيف يكيل كاتبنا سهام حقده على كل النخب السياسية والثقافية من أبناء الجنوب، ولم يسلم من سهامه حتى قيادات المؤتمر من أبناء الجنوب؛ لأنها وأن اختلفت - أي النخب السياسية الجنوبية - فإنها تكاد تتفق في غالبها بعدم نجاعة فكرة التماهي بوصفه خياراً للمشكلة الجنوبية . بل أن الرجل لا يكتفي بذلك فقط، بل يسوق في مقالاته جملة من الأخطاء التاريخية، ولن أستطيع القطع فيما وراء تلك الأخطاء هل هي من قبيل المغالطات، أم تنم عن معرفة سطحية للمادة التاريخية ؟ وأظن أن الثاني هو الأقرب، وسنناقش هذا الموضوع في الجزء الثاني من المقال إن شأ الله. |
![]() |
![]() |
#2 |
مشرف سقيفة الحوار السياسي
![]() ![]()
|
![]()
الماوري والقضية الجنوبية (2/2) المغالطات التاريخية 2/8/2012 عيضه العامري
لقد استعرضنا في الجزء الأول من الموضوع الأدوات الموظفة للنيل من بنية مجتمع الجنوب . وسنناقش في هذا الجزء نوعاً جديداً من هذه الأدوات ؛ ليس جديداً في شكله بل جديداً في مضمونه أيضاً ، وهي أدوات مؤسسة على توظيف المادة التاريخية والإثنوغرافية بغض النظر عن صحة المادة من عدمها بقصد اختراق البنية الثقافية لأبناء الجنوب آملاً في خلخلة الرابطة الجنوبية وأسسها التاريخية والاجتماعية عبر التشكيك في مسلمات تلك الرابطة . ومنها ما ادعاه الرجل في أحد مقالاته بأن مشيخات الضالع والعلوي والشعيب وأجزاء من يافع العليا وأجزاء من الصبيحة كانت تتبع النفوذ الإمامي في العام 1920م ، ثم احتلها الانجليز في العام 1928م وألحقوها بالجنوب ، أي أنها ليست جنوبية في الأصل . وقول مثل ذلك ضرب من السفسطة ، فهذه المناطق مستقلة بأمرها منذ ما قبل سيطرة الإمام على مقاليد الأمور في اليمن بعد انسحاب العثمانيين عام 1918م . إذ ارتبطت هذه المشيخات بمعاهدات حماية مع الانجليز منذ أواخر القرن 19م وأوائل القرن 20م حيث عقدت معاهدة الحماية مع العلوي في عام 1895م ومع الضالع في 1904م ومع الشعيب في 1903م ومع يافع العليا في 1903م ومع الصبيحة1889م . وما جرى هو قيام الإمام باحتلال هذه المناطق في العام 1920م للضغط على الانجليز للانسحاب من الحديدة ، وظلت قوات الإمام في المنطقة حتى بعد مغادرة الانجليز الحديدة . وحاول الانجليز معالجة الأزمة بالطرق السلمية . و لكن بعد أن فشلت مساعيهم وما رافق ذلك العناد من زيادة معاناة الناس في تلك المناطق ، وشكواهم المتكررة من ظلم عمال الإمام وجنوده ، وتمادي الإمام في الاعتداء على مناطق أخرى في العام 1926م ، اضطر الانجليز للتدخل عسكرياً في العام 1928م لإرغام الإمام على الانسحاب منها . ثم أن هذه المناطق كانت ضمن مناطق النفوذ البريطاني بموجب خط تقسيم الحدود بين العثمانيين والانجليز في العام 1904م وهو نفس الخط الذي اُعتمد بعدئذٍ في تقسيم الحدود بين المملكة المتوكلية ومحميات عدن وقتئذٍ ، إذا ما استثنينا البيضاء التي اعترف الانجليز بسلطة الإمام عليها وهي المنطقة التي كان قد استولى عليها في العام 1923م . إن الكاتب لم يكتفي بتك الفرية بل ذهب إلى تحليل النفسية الاجتماعية لسكان تلك المنطقة حين وصفهم بغلبة نزعة الهيمنة والاستحواذ الإمامية عليهم ، مستنداً على انطباعات رجل كل خبرته بالمنطقة أنه عاش فيما بين ظهرانيهم سنوات طفولته الأولى !!!. وبالرغم أن الكلام ينم عن شتم لجزء عزيز من جنوبنا الحبيب ولا صحة له البتة ، إلا أن مغزاه يفصح عن نية الكاتب في إحداث شرخ في الوحدة الوطنية الجنوبية ، فبعد أن أستل خرافة تبعية هذه المناطق للإمام . استل معها فكرة الهيمنة الإمامية بوصفها تعبيراً ثقافياً ، وكساءً براقاً لما ذهب إلية من عدم جنوبية هذه المناطق . فأين حق الإمام بعد كل ذلك من هذه المناطق ؟ ألا ترى يا ماوري إنك قد قلبت المعادلة فجعلت من الغاصب صاحب حق ؟ بل وشككت في الهوية الثقافية لمناطق واسعة من الجنوب ، أليس ذلك رجماً بالغيب ، وقذفا بغير حق على الآخرين ؟ . لقد أصبت بدهشة كبيرة لمنهجية الثقافة التاريخية عند كاتب بمقام منير الماوري ، حين يستل بعضاً من معلوماته من كتب شبيهة بالتاريخ من دون أن يستوقف ولو قليلاً يتعقل فيما ينقله . فكيف برجل عاش في مجتمع سنواته الخمس الأولى يستطيع أن يدرك بنية النفسية الاجتماعية للجماعة التي عاش فيها ؟ وقس مثل ذلك على المادة التاريخية التي استلها ، فهو لم يكلف نفسه حتى البحث في المصادر التاريخية الحقيقية كي يطمئن لصحة ما استله ، حتى لا يتحول حديثه إلى ضرباً من الكلام الفاقد للقيمة والمعنى . وهو المأزق الذي وقع فيه بالفعل. ولنا لقاء قادم إن شاء الله للحديث عن الماوري و حضرموت |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|