![]() |
#1 |
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]() اليمن بين حسابات النظام والحسابات الإقليمية والدولية 09/10/2010 كتب/ د. ناصر محمد ناصر * تعاني اليمن من أزمة سياسية طاحنة مصدرها وأساسها سياسة التوريث، التي تجلت مظاهرها في المذهبية في شمال الشمال، والمناطقية في بعض محافظات الجنوب، والقاعدة الآخذ نشاطها في التزايد، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية المستعصية على الحل. والسؤال هو كيف يتعاطى النظام وكيف تتعاطى الأطراف الإقليمية والدولية مع هذه الأزمة؟ للإجابة على هذا السؤال دعونا ننظر في الآتي: النظام وطوال ثلاثين عاماً مضت لا يملك لا رؤية سياسية ولا تنموية لليمن فضلاً عن رؤية إستراتيجية، وكل سياساته منصبة على هاجس التوريث، فهو الباعث والمحرك لكل أفعاله وتصرفاته، ويتعامل مع معطيات الشأن الداخلي من منطلق توظيف المعطيات التي تبرز في كل مرحلة لتحقيق الهدف المركزي وهو الوريث، وانطلاقاً من هذه السياسة فكل شيء يتحول إلى ورقة قابلة للتوظيف والاستخدام بهدف تحقيق مصالح وأهداف آنية تصب في الهدف المركزي وبصرف النظر عن آثارها البعيدة والتداعيات التي يمكن أن تترتب عليها مستقبلاً والتي لا يراها النظام، وهذا أمر مفهوم ومتوقع، فرأس الدولة المنتج لهذه السياسة دخل على السياسة من باب المؤسسة العسكرية وبمستوى تعليمي ضحل، ولا يعتمد على جهاز استشاري فعّال، وهذا ما لا يؤهله للنظر والتصرف على نحو استراتيجي غير مدرك له من حيث الأساس. فالاقتصاد والثروة الوطنية هي بالنسبة له مجرد ورقة لشراء الذمم وإسكات الخصوم، بصرف النظر عن الأثر التدميري لهذه السياسة على مسيرة التنمية، والتعليم هو مجرد ورقة يتم المساومة عليها بهدف كسب شرائح اجتماعية إلى صف النظام، بصرف النظر عن الأثر التدميري لهذه السياسة على كيان الوحدة الوطنية، والأحزاب السياسية هي مجرد ورقة يتم ضرب بعضها ببعض بصرف النظر عن الآثار والأضرار التي تلحقها سياسة الإقصاء والتهميش. وعليه فإن هذه السياسة التي تغيب عنها الرؤية الإستراتيجية، ويغلب عليها التوظيف التكتيكي الآني هي التي خلقت المذهبية والمناطقية والقاعدة، والأزمة الاقتصادية، والتي باتت تهدد اليمن والمنطقة والعالم. وهذه نقطة منهجية يمكن أن تستقى من التجربة اليمنية، مفادها أن بوسع رجل واحد في مركز القوة في دولة نامية محدودة الموارد أن يضع بلده والمنطقة والعالم على فوهة بركان. إن مشكلة القوى الإقليمية والدولية لا تكمن في طريقة التعاطي مع الأزمة، وإنما في قراءتها وإدراكها لطبيعة وكنه وجوهر الأزمة، فالسعودية لا تنظر إلى الحوثية على أنها نتاج أزمة، وإنما تنظر إليها على أنها هي الأزمة ذاتها، ويترتب على هذه القراءة التشخيصية الخاطئة سياسة خاطئة، وهي أن الحل يكمن في دعم النظام الذي صنع الأزمة بهدف معالجة الأزمة، أي: "وداوها بالتي كانت هي الداء. إن النظام السعودي لا يشخص الأزمة اليمنية تشخيصاً علمياً، ولا يدرك مدى خطورتها على وجوده، إن انهيار الوضع في اليمن سيضرب المكانة الدولية والإقليمية للملكة ويصيبها في مقتل لن تشفى ولن تتعافى منه أبداً، فتحول اليمن إلى أفغانستان أخرى يرتب على المملكة أن تكون باكستان الثانية، والمملكة بحكم تكوين نظامها السياسي وبحكم تكوينها الديموجرافي لا تقوى على القيام بهذا الدور، فهي لا تملك المؤسسة العسكرية الباكستانية، ولا تستطيع زيادة حجم جيشها، ولا تقوى لأسباب سياسية داخلية على فرض التجنيد الإجباري على الشباب السعودي، وستجد نفسها في أفضل الأحوال مجرد لاعب من ضمن لاعبين كثر في الساحة اليمنية، وربما لا تكون أقواهم، فهناك إيران وهناك ليبيا، وهناك قوى أخرى في المنطقة ستصفي حساباتها مع النظام السعودي على الساحة اليمنية وعلى بوابة حدوده الجنوبية. إن مسيرة تراجع السياسة الخارجية السعودية التي بدأت من لبنان وفلسطين والعراق ستصل إلى نقطة الصفر في اليمن. وسترتب عليها انتقال الخلافات إلى داخل الأسرة السعودية ذاتها. وبالمثل فإن الولايات المتحدة لا تنظر إلى القاعدة على أنها نتاج أزمة في صلب النظام، وإنما تنظر إليها على أنها هي الأزمة ذاتها وأن حلها يكمن في توظيف النظام القائم للقضاء عليها. إن النظام القائم لا يمكن أن يقضي لا على الحوثية ولا على القاعدة، فهو يدرك جيداً أن ما يمنع الملكة، التي تمول الانفصال وتستضيف بعض رموزه، من فصل وتجزئة اليمن هو المخافة من قيام دولة شيعية على حدودها الجنوبية، وبالتالي لا يمكن أن يفكر في التخلص من ورقة الحوثية إلا بعد حل مشكلة المحافظات الجنوبية، إن حسابات النظام في هذه مفهومة، فهو لن يسد جبهة مشتركة بينه وبين جارته الشمالية كي يخلصها من عبء ثقيل، فيطلق يدها المكبلة بالحوثية، ويمكنها من أن تفتح له جبهة أكبر تهدد وجوده، إن المشكلة هنا تكمن في الرياض وليس في صنعاء، فالرياض لا تملك إستراتيجية موضوعية تجاه اليمن، وتريد أن تدير الملف اليمني انطلاقا من شراء ذمم منتفعي ودراويش اللجنة الخاصة ومجلس التضامن القبلي. ولا يمكن للنظام في نفس الوقت أن يفرط في ورقة القاعدة، والحملة الأخيرة ضد القاعدة تفهم وتقرأ في سياق رغبة النظام في إضعافها وتحجيمها والسيطرة عليها بهدف احتوائها وتوظيفها في الوقت وفي المكان الذي يريد، وليس في سياق رغبة النظام في القضاء عليها والتخلص منها. فما يبقي على تحالف القوة الأكبر في العالم وتحالف الغرب مع النظام هو القاعدة وليس أي شيء آخر، ومن غير المتوقع لكل ذي عينين أن يقدم النظام على هدم أساس تحالفاته مع الولايات المتحدة ومع الغرب عموماً. وهذا التحليل يجسده الواقع ليس في اليمن فحسب وإنما في باكستان، فعقب زيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى الهند قبل بضعة أشهر، والتصريح من هناك بأن باكستان دولة مصدرة للإرهاب، قام الرئيس الباكستاني برد في غاية القوة، فقد قام بزيارة بريطانيا نفسها والتصريح من هناك بأنه يخشى أن تفشل مهمة الجماعة الدولية في أفغانستان، والرسالة هنا واضحة ولا لبس فيها، ومفادها أن نجاح جهود الجماعة الدولية في أفغانستان مرهون بإرادة باكستان وليس بإرادة غيرها. وتحليلي أن باكستان ما لم تتغير سياسة الغرب نحوها فإنها لا يمكن أن تمكن الولايات المتحدة والغرب أبداً من النصر في أفغانستان، لأنها تدرك أنه لا توجد مقارنة بينها وبين جارتها اللدودة الهند في حجم المصالح مع الغرب، وفي حالة إغلاق الملف الأفغاني فإن الغرب سينحاز إلى الطرف الأقوى وهو الهند، وسينتهي الدعم الغربي للنظام الباكستاني لانتهاء الحاجة لخدماته، وستبدأ الضغوط المكثفة على باكستان التي ربما تطال ملفها النووي باعتبار أنها دولة غير مستقرة ومسلحة بأنياب نووية، تشكل خطراً على السلم الإقليمي والعالمي. وبالنسبة لليمن فلا يمكن أن يكون الحل في الدعم المادي والعسكري للنظام في ضرب الحوثية والقاعدة، فذلك آخر ما يمكن أن يقدم عليه النظام، وآخر ما يمكن أن يفكر فيه، وإنما في ممارسة الضغوط، وفي ربط الدعم بمسيرة للإصلاح السياسي، تحل فيه سلطة المؤسسة محل سلطة الفرد، بحيث لا يقوى النظام الفرد بعدها على خلق وصناعة وتوظيف الأوراق التي تهدد اليمن والمنطقة والعالم. [email protected] نقلا عن الوسط |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|