![]() |
#1 |
مشرف قسم الأدب والفن ورئيس لجنة المسابقة الشعر يه
![]() ![]()
|
![]()
في ذكراه(13).. قيثارة حضرموت الغنائية ، وشمسها التي لن تغيب
جوهرة الطرب " بدوي زبير " إنساناً وفنانا رياض عوض باشراحيل ![]() أفذاذ المبدعين في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية همتلك المواهب الحقيقية الكبيرة التي تفسح الطريق لنفسها وتشق الصخر وتحلق في الآفاقوتؤثر في الناس بعطائها فتسكن قلوبهم .. وهي التي تبعث الماضي وتصنع الحاضر وتخطوفي دروب المستقبل .. وبدوي زبير احد النوابغ الحضرمية والرموز الغنائية الأصيلةالتي ابدعت بسمو، وأيقظت تراثها وأحيته ليس في حضرموت فحسب ولكن في وطنه اليمنيكله.. فهو من طليعة مطربي الوطن ومواهبه الفذة الذين تجاوز عطاؤهم الفني حدودوطنهم إلى دول منطقة الخليج والجوار . خزينة المواهب إن شخصية الفنان( بدوي الزبير) لا تقتصر على مكانة صوته الجميل وأنغامه العذبة التي تسري في النفوس كالنسيم العليل ، كما لا تقتصرطاقته الإبداعه على الغناء فحسب ولكن مواهبه المتعددة تفجرت في أكثر من ميدان ..فهو صوت مطرب أمده الله بذاكرة قوية يستقر بها كل ما يقع عليها منذ الوهلة الأولى ولا يبرحها مهما طال الزمن ، فنراه يشدو بالغناء دون النظر إلى أجندة أو دفتر بل يغني الحفلة بكاملها من مخزون ذاكرته، فمكنت له تلك الذاكرة الحية أن يؤدي أغنياتهأداءً حياً صافياً غير مشتت ، وهو حاضر البديهة شديد التركيز لا يشغله شاغل عن الاحساس بالأغنية والانفعال بمبنى الكلمات ومعناها وهذه سمة قلما تتوفر لدى الكثير من مطربي اليوم.. وهو عازف بارع على العود يحسن اللعب بأوتاره حتى فيالغناء الصعب كالغناء العوادي أو الصوفي اوالدان الحضرمي أو الغناء الصنعاني ، كماأنه شاعر يجيد التعبير عن مشاعره ، وهو ملحن ماهر تميزت جل ألحانه بالوحدة العضويةمع الكلمة التي يصوغ لها اللحن وكأنما سخّرت له قيثارة الكلمة والعزف واللحن والغناء ليطرب الجمهور بأشجى الكلمات وأعذبها وأروعها.. ![]() عاشق التراث وفناننا الزبير خلطة فنية صعبه يمتزج فيها رائد الدانعاشور الشن ومحمد جمعة خان وسعيد عبدالمعين ، بمحمد سعد عبدالله والمرشدي والمسلمي, وبالحارثي والآنسي وطارش ، ولا يعني ذلك ان بدوي كان يقلد هؤلاء الرواد مثلما لايعني ان المحضار كان يقلد المصريين في لهجتهم عندما قال في الاغنية التي شدى بها بدوي(علمني الحب الطريق ازاي) او يقلد الخليجيين في لهجتهم عندما قال (ايشلون حال الربع) ولكن المحضار كان يختزن تلك اللهجات في باطنه لمعايشته لها في الواقع بالمهجر او في وسائل الاعلام فتنطلق في ابداعه بصدق وعفوية على السجية ودون تكلف.. وكان الزبير كذلك لم يقلد أحداً ولكنه يتفاعل مع محيطه الفني ويتمثل الجيد والحي من فنونه ويختزنه في وجدانه ثم يخرجه لنا غناءً " بدويّا "ً صادقا ببصمة الزبير نفسه وأنغام قيثارته يتدفق حياة وحيوية حاملا عبق انفاسه الغنائية العاطرة. محطة الشحر والمحضار وقد اتاح له وجوده الدائم في الشحر معانقة الشاعر الكبير حسين ابوبكرالمحضار والارتباط به فنياً وقد وجد شاعرنا الكبير في هذا النابغة الغنائية وصوته العبقري ضالته فجمعتهم بعض المجالس واضحى فناننا اول من يستقي بكارة اعمال المحضارالغنائية في سنواته الاخيرة ومنها آخر اغنية للمحضار قبيل رحيله وهي ( الاختطاف ). ويشهد الوسط الفني في حضرموت بأن مطربنا الزبير يسمو ويتألق في كل اغنياته وفي أداء الأغنية المحضارية بصفة خاصة ولعل سر ذلك يعود لطبيعة أغنيات المحضارالمضيئة في كلماتها ومعانيها والنقية في موسيقاها وألحانها والتي تصادف عشق ومحبة فنان عاطفي رقيق فيستظهرها ويمنحها حقها عند الأداء، هذا من جانب ويعود كما أرى من جانب آخر للارتباط النفسي والعاطفي والوجداني الوثيق بين الفنان الزبير والشاعر الكبير المحضار.. ومحبة بدوي وارتباطه بصديقه هو انعكاس لمحبة وأرتباط صديقه المحضار به، وقد تجلى فنيا ذلك العشق المتبادل عندما وصل بدوي الى جده وكان مقيما بها المحضار في عام 1991م فنادىشاعرنا الكبير المحضار صديقه قائلاً : ايش اخبار لي من عنـدهم جيت يا بدوي عاد اخبارهم في الحيد موجب زمن تدوي لي ليالي ولي أيـام انـا ما سمعت الصوت كل شي يحتمل إلا فراقك يابلادي حضرموت وحين يتساهل بعض المطربين في غنائهم عموما وحتى في اداء الاغنيات الجديدة فيتسبب ذلك في بروز خروجهم المسيء عن اللحن أوالتخبط الموسيقي او الاخطاءاللفظية الكثيرة او عدم وضوح مخارج اللفظ عند الغناء فإن فناننا الزبير بحسه الموسيقي يفطن الى الخفي من الملامح الجمالية في الموسيقى او اللحن او الكلمة ويتعامل مع النص الجديد بكل طاقته الفكرية والوجدانية وقد رأيته في ذلك رأي العين.. رأيته كيف يتلقى أغنية جديدة من اغاني المحضار بفكره وإحساسه ومشاعره وكيانه كله وهاكم حكايتها : عند وصولي مدينة جدة عام 1989م كنت قد حملت في يدي من الشحر آخر اغنيةعاطفية ابدعها المحضار آنذاك مسجلاً في شريط كاسيت لحنها وكلماتها بصوت المحضار -يرحمه الله - لتقديمها في مناسبة فرح لأحد اقربائي بجده وتلك هي اغنية "حذاري تتبع الاوهام" .. وكان فناننا الزبير هو مطرب الحفل فأعطيته الأغنية ، ورأيته برفقة الموسيقي المعروف احمد مفتاح كيف ينصت الى اللحن والى الكلمة في الاغنية وشاهدته في البروفة كيف كان صارماً و جاداً الى ابعد حدود الصرامة والجدية.. ويكررسماع اللحن بإنصات تام ليكتشف في كل مرة اشعاع جميل او نغمة آسره ..يتعامل بدقة متناهية مع النص الجديد ويمتزج باللحن ويذوب عند الغناء في البروفة ثم في الحفل..ولعل السر في كل ذلك انه كان يعيش الأغنية في وجدانه ويهضم تأملاتها وسبحاتها في الكلمة وفي اللحن وأنه كان حريصاّ دائما على فنه وحريص على ان لا يطيش له سهم فيأي زاوية من زوايا الأغنية الجديدة ، لأنه- يرحمه الله- كان يرى ان المتعةالحقيقية للمستمع لا تتحقق إلا بفهم الكلمات وبالحفاظ على جماليات الابداع اللحني للشاعر الكبير المحضار . ![]() سعة الأفق ورحابة المعرفة اخلاقه وشمائله ورحلاته لقد رسم (بدوي الزبير) بصمته حية في آفاق الأغنيةالحضرمية واليمنية وضرب بسهم وافر في تطوير وانتشار فنه الغنائي وساهم في أفراحوطنه وابتهاجاته بمناسباته الوطنية ومهرجاناته الثقافية وكان آخرها مهرجان الأغنيةالحضرمية . ولمطربنا الزبير أدوار لا تنسى تجلت في تمثيل فنه الغنائي اليمني في المحافل العربية والدولية كتمثيله اليمن في ليبيا واثيوبا عام 1982م ورحلته الى المانيا التي سجل فيها للتلفزيون الألماني ثلاث اغنيات ، وكانت آخرها رحلاته ضمن وفود وطنه الفنية إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ![]() رحيل عبقري رحم الله فقيدنا وتغمده بواسع غفرانه .. فقد رحل عن دنيانا رجل طيب القلب، صاحب اياد بيضاء ، رددت صدى أنغامه العذبة وديان حضرموت وسواحلها وجبال اليمن وسهولها ، ولهجت بذكره الألسن وتغنت بأنغامه القلوب ،وسيقف التاريخ طويلا عند هذه العبقرية الفنية.. لقد ختم مطربنا الزبير حياته بعدان ترك بصمته المميزة في كل قلب من قلوب الذين احبوا فنه وصوته وترك خلفه قصة كفاح شريفة حقق فيها انجازات فنية وإنسانية عظيمة .. ومنذ رحيله والى اليوم وحتى قبل ذلك لم أجد ابداً من ينطق بكلمة سوء ولن نجد من ينطق بها مستقبلاً في رجل عاش لفنه ولتراثه ولوطنه ولأمته وللمحتاجين في مجتمعه ومات وهو مظلوم من حق التكريم الوطني اللائق بمكانته وغادرنا وهو يردد لكل الذين احبوه وأحبوا فنه (وداعاً ياسموات الأحبة وداعاً..وداعاً بعد نكران الأحبة وداعاً ) لقد ودعنا بعد ان نكرناه بينما هو لم ينكر أحد..عليه رحمة الله .. وستظل ذكراه العاطرة خالدة في نفوسنا وستظل السنتنا تلهج بذكره وذكر مآثره الفنية والإنسانية .. فقد سجل اسمه (جوهرة الطرب بدوي زبير) بأحرف من نور في ذاكرة وتراث حضرموت وتاريخ أغنيته ووطنه اليمني كله. رحم الله بدوي زبير . |
التعديل الأخير تم بواسطة باشراحيل ; 11-20-2013 الساعة 01:23 AM |
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|