من الحـرف الشعبيـة في حـضــرمــوت (( صناعة الجلود))

[أبوعوض الشبامي]

والحديث يتواصل عن الحرف التقليدية في حضرموت واليوم نتطرق الى حـرفة مهمة وهي صناعة الجلود (( الدباغــه )) .

صـــناعــة الجــلـود
------------------

استغل الانسان منذ الأزمنة السحيقة جلود الحيوانات واستفاد منها حسب احتياجاته ، فمن جلود الحيوانات المختلفة صنع الانسان ما يواري به عورته ، وصنع منها الخيام الصغيرة المتنقلة التي تحميه من هجير الشمس وشدة البرد ، وصنع من الجلود متاع وأوعية له يتسفيد منها ، وفي رقائق الجلود كتب تاريخه ونصوص عقائده ودون شعره وعصارة فكره .
وعندنا في حضرموت استفاد الانسان منذ القدم من صناعة الجلود ودخلت هذه الصناعة ضمن الأوعية التالية :

1- القربة : وهي وعاء من الجلد لحفظ الماء وتصنع باحجام مختلفة منها الصغيرة فيما تعرف بالشنه .





2- الشكوة : وعاء من الجلد اصغر من القربة ومن ( الشنة ) تستعمل في عملية مخض الحليب و تحويله الى حليب رايب (( الروبة )) ولاستخراج الزبدة وتحويلها الى سمن .

3- الدلو : وهو وعاء يصنع من الجلد باحجام مختلفة والكبير منه يسمى ( الغرب ) و بواسطة الدلو يتم جلب الماء من قعر البئر .




4- الصمار: أو السمار و هو وعاء من الجلد القاسي يحفظ فيه الزيت ( السليط ) أو السمن أو العسل .

5- البطة : وعاء جلدي مجوف يوضع فيه الزيت . وكما جاء في المثل الشعبي فلان يدهن لك من بطة خليّة . وكانت (( البطط )) تستخدم في الحروب حيث تعبأ بمادة البارود وتربط بفتيل ثم تضع تحت حصون الأعداء وتشعل النار فيها لتنفجر.

6- المسب : و هو وعاء جلدي يستخدم لحفظ الأشياء وامتعة الانسان الخاصة ويقوم مقام الحقيبة في زماننا هذا. وكانت نساء البادية يهتمين بتزيين المسب بالودع والاصداف والالوان الزاهية و الى عهد قريب كانوا يعلقنه على اكتافهن.




7- الجفير : أو غمد السلاح أو الزهاب ، ويستعمل الجلد في صناعة جفير (( زهاب )) الجنبية أو السكين .




8- الأحزمة الجلدية : وتصنع من الجلود وتوضع الأحزمة في وسط خاصرة الرجل أو المرأة وكانت الاحزمة التي تستعملها النساء تزين بالمعدن والاحجار الكريمة.


9- الأحذية الجلدية : وقد اشتهرت حضرموت قديما بصناعة النعال الحضرمية، وكما جاء في اخبار السيرة النبوية أن الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم لبس النعال الحضرمية ، وجاء في ذلك النعال الحضرمية أنها (( النعال المخصرة التي تضيق من جانبيها كأنها ناقصة الخصرين كما يقال رجل مبطن أي ضامر البطن ))
وكما قال الشاعر العربي قديما:[/COLOR]

رأيت ثياب العصب مختلط السدى =بنا وبهم والحضرمي المخصرا

كيف يتم تجهيز الجلود للإستفادة منها في صناعة تلك الأشياء؟؟

يتم تجهيز الجلود بواسطة عملية تسمى الدباغة ويقوم بها ناس على دراية وخبرة بهذه العملية وهناك اسر حضرمية تقليدية تتوارث مهنة دباغة الجلود وصناعته ، وكانت المدابغ منتشرة في انحاء متفرقة من حضرموت ، ولكنها الآن تقلصت كثيرا ولم يبق منها سوى عدد قليل في منطقة الحزم ، والحوطة ( مديرية شبام ) وفي سيئون ، وتاربه ، والقطن ، وفي مدبغة الجلود لا بد من توفير الأدوات التالية:

- مجموعة من الأواني الخزفية الكبيرة تشبه الأزيار ( الجرار ) تسمى عند البعض ( حويه) وكل منها يسع لكمية من الجلود بين 20 الى 30 جلدا .
- أوراق شجرة القرض.
- الملح والماء
- حليب اشجار العشر وشجرة العشر شجرة برية تستخرج منها مادة حليبية بيضاء لها مفعولها القوي لإزالة الشعر من على الجلد.
- سكين وتستعمل لازالة الشعر من الجلد.

خطوات دباغة الجلود :
---------------------
أولا : تحضر الجلود من المسلخة ( المذبحة ) ويحرص الدباغ أن يكون الجلد سليما وخاليا من العيوب.
ثانيا : وضع الجلود في الأواني الخزفية ( الجرار ) وتغمره بالماء ويرش عليه الملح ، ويضع الحليب الأبيض والمستخرج من شجرة العشر. وتترك لعدة أيام حتى تتحلل الشحوم والدم والأوساخ اللاصقة بسطح الجلد وتخف رائحته الشديدة .
ثالثا : تنقل الجلود إلى اواني خزفية أخرى وتغمر بالماء النظيف والمخلوط بمسحوق اشجار القرض والتي يتم جلبها من شعاب بادية حضرموت، وتبقى الجلود في هذه المرحلة عشرة أيام. مع تقليبها ودعسها يوميا لمدة نصف ساعة .
رابعا: بعد أن يتأكد الدباغ من أن الجلود بدت نظيفة وخالية من الشعر وبقايا الشحوم والأوساخ ، ينقل الجلود في أواني خزفية نظيفة وتغمر بالماء ومسحوق شجر القرض لمدة تتراوح من اسبوع إلى عشرة أيام ، ثم تستخرج الجلود وتجفف في الشمس لتصبح جاهزة للتصنيع.





.