مدن حضرميــــة (( عـيــنــات )) ...!!!

[أبوعوض الشبامي]

عينات

خريطة عينات سنة 1355هـ

قال أحد شعراء المغرب العربي :

من جنة الخلد أم من سفح عينات .... لا حت لعيني أنوار العنـــــايات
لله من نفحات لم تزل أبداً....... يجلو صداهل الشذي من وجه مرآة

عينات من الحواضر الحضرمية القديمة ولا يعرف بالضبط متى استوطنها الانسان الحضرمي ، ولعل وجود بعض النقوش والكتابات المسندية التي وجدت في عينات يعزز الرأي القائل أن عينات من البلدات الحضرمية القديمة ، وكل ما نود أن يعرفه القاريء بأن عينات القديمة تقع في وادي بوحة في حضن جبل يسمى جبل شريان ، يقع بين شعب الاصف من الناحية الجنوبية الشرقية لموقعها الحالي وبين شعاب الساحرة ، ويسمى الآن موقع عينات القديم (( بكودة آل شرية )) ولعلها شرجة لأن الحضارم يقلبون الجيم ياءاً في نطقهم ، وقد حدد بعض المؤرخين موقع عينات بأنه بين ( ( شعبي حراد وضربة )) والشعبين يقعان في وادي عينات .
وفي القرن السابع الهجري ( 629هـ) نزحت أفواج من قبيلة آل كثير إلى أسفل وادي حضرموت وعلى مقربة من عينات القديمة بنو لهم حصوناً في المكان الي يعرف حالياً ب (( دقم البلاد )) وكانت حصونهم في عرض الجبل من الناحية الغربية ، ومن حول تلك الحصون انتقلت الناس من عينات القديمة وتشكلت نواة عينات الجديدة فوتوسعت في العمران وأزداد سكانها .
تقع عينات شرق مدينة تريم وتبعد عنها ب 15 كيلومتر تقريباً ، وتتصل بها بخط اسفلتي حديث ، وربما يضم البعض قرى باعطير والقوز واللسك الى القرى التابعة لعينات .
كانت عينات قبل القرن التاسع الهجري بلدة شأنها شأن حال كل البلدات الحضرمية التي تعاني من الفوضى والاضطرابات ، و محل غارات وحروب بين القبائل المتناحرة وقد قال الشاعر الشعبي يصف حالها :

واديش ياعينات وادي القوم ...... من حل في عينات ما هني نوم

وقد أحتلت عينات في الوعي الشعبي الحضرمي مكانة تصحبها قداسة روحية مميزة ودور تاريخي في الأزمات السياسية الدائرة بين السلطنات الحضرمية ، وهذه المكانة التاريخية لم تكن لها لولا أن الشيخ ابوبكر بن سالم العلوي أتخذها موطنا له ولأولاده وأحفاده ، وقد عدت المصادر التاريخية الحضرمية أن قدوم الشيخ أبوبكر بن سالم إلى عينات بزوغ عينات الجديدة ، وحين بنى الشيخ أبوبكر بن سالم داره واختط مسجده سنة 946هـ بنى الناس من حوله حتى صارت عينات بلدة معمورة تفتخر على بقية الحواضر الحضرمية بأسفل وادي حضرموت ، فحظيت بالشهرة الكبيرة التي تعدت خارج حضرموت ، وأصبحت حوطة آمنة ومنارة علم وقبلة الزائرين والوافدين وملاذا لكل من أراد أن يكف نفسه عن الفتن واسفك الدماء . ولهذا وصفها المستشرق (( شليفر )) في دائرة المعارف الإسلامية بأنها من أهم الحوط في جنوب الجزيرة العربية .

السكان

جاءت تقديرات سكان عينات بواسطة المستشرقين الاجانب الذين زاروها منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي حيث سجل المستشرق الهولندي (( فان برج )) عام 1887م بأن سكان عينات في تلك الفترة يبلغ (( 1500 )) نسمة ، ثم جاء المستشرق (( فإن در مولن )) عام 1931م وذكر في كتابة (( حضرموت )) أن سكان عينات بلغ خمسة آلاف نسمة ، وذلك حسب تقديره أثناء زيارته لها .وإن كان كما يبدو لي مبالغ فيه .
وجاء المستشار البريطاني إنجرامس عام 1935م وقدر سكان عينات مع اضافة بادية المناهيل بسبعة آلاف نسمة ، وفي الأحصائيات الأخيرة الشبه الرسمية بينت أن سكان عينات لا يتجاوزون خمسة آلاف نسمة .

النشاط الاقتصادي لسكان عينات

أهتم الناس في عينات بالزراعة كغيرهم من سكان وادي حضرموت ، لسد احتياجاتهم من المواد الغدائية ، ولهذا أهتموا بإقامة السدود وقنوات الري للإستفادة القصوى من مياه الأمطار والسيول ، واستصلحوا الأراضي لأستغلالها ، وحفروا الآبار المفتوحة لغرض (( السناوة )) . وتحيط بعينات عدة سدود ترابية منها (( سد الخور ، سد آل حمدون ، سد العطاس ، سد الحسين ، سد الذئب ، سد آل إسماعيل ، سد آل الحامد ، سد آل بكري )) . وأزدهرت في عينات الزراعة بشكل ملحوظ خاصة في العقود الأخيرة من القرن الماضي حيث غدت كواحة زراعية في المنطقة الشرقية لوادي حضرموت وقد عرفت عينات استعمال المكننة الزراعية في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ، وبلغت في حقبة السبعينيات قمة نشاطها في الزرعة حيث بلغت الآبار التي تعمل على المكائن 22 بئرا .ولكن في السنوات الأخيرة شهدت الزراعة انحسارا كبيرا وتقلصت أعداد الآبار الى عشرة بئرا . وبدأ السكان يهجرون مهنة الزراعة والتوجه نحو الأعمال الأخرى كالتجارة والبناء ، والهجرة الداخلية والخارجية للبحث عن فرص لتوفير المداخيل الاقتصادية الأخرى.
وفي عينات هناك حرف يدوية أخرى ضمن النشاط الاقتصادي السكاني كالحدادة والحياكة ، والصباغة ، والنجارة ، والدباغة .

للموضوع بقية ولنا لقاء قريبا بإذنه تعالى


.



.