الاستعداد ليوم الرحيل

[وليد العمري]

الإستعداد ليوم الرحيل

أما يكفيك يا نفس التشاغل؟

كفى بالموت للإنسان شاغلْ

فكفي واعبدي رب ِّ البرايا

فلست بخير من نزل المنازلْ

وليس المرءُ في الدنيا بباقٍ

وما الدنيا بباقيةٍ لآملْ

ولست الدهر باقيةً ولما

تداهمك المنايا والنوازلْ

وإن عمرت فيها عمر نوحٍ

وأعمار العمالقة الأوئلْ

فمادامت سلامتها لحيٍّ

وكل مطوّلٍ لا شكّ راحلْ

ونبكي كل من سبقوا مضياً

ويبكي بعدنا طفلٌ وعاقلْ

وحكم الله مكتوبٌ علينا

إذا حُمّ القضاءُ فلا نماطلْ

كأنا والمنايا خابطاتٍ

تقطِّفنا كأعجاز السنابلْ

فمن طالت إليهِ يداً تردّى

ومن تركته ينتظر التداولْ

فتهرمهُ وتسقمهُ الليالي

ويصبح مثلما الزهر الذوابلْ

بأدنى هبة للموت يذوي

إلى باريهِ تبكيه الثواكلْ

وقد طلبت له الغفران قدما

وشاءت أن يموت وقد تعاجلْ

إذا شهدت له جسداً هزيلاً

و أن بقاءه من دون طائل

فيا نفسي استعدي للمنايا

فإن العيش أيامٌٌ قلائلْ

لنعم العبد من يخشى بحقٍ

مغيب العمر لا يرضى التواكلْ

فيأتي بالصلاة لكل وقتٍ

ويخشى الله في شتى المسائلْ

ومن يعمر بيوت الله سيراً

إليها في الأماسي والأصائلْ

فلا يترك صلاة الفجر يوماً

ولا ترك العشاء من التكاسلْ

ولا ظهراً أضاع بدون عذر

ولا عصراً تملكه التثاقلْْ

وما غربت عليهِ شمس يومٍ

أضاع صلاته في العمر كاملْ

ومن أدى زكاة الله حقاً

إلى الفقراءِ من عينٍ وسائلْ

وصام الشهر لم يفطره عاماً

وقام شهوره الغرّ الفضائلْ

وصام الدهر في رمضان لمّا

أتم الست من شوال واصلْ

فإن الشهر للصوام عشرٌ

وبالستّ اثنتا عشرٍ كواملْ

وحج البيت واكتملت عليهِ

صفات المؤمنين بلا مجادلْ

لنعم العبدِ والعثُّادِ هذا

فأما من يجاهد أو يقاتلْ

مغول العصرِ أومن كان معهم

ولا يرضى على حقٍ بباطلْ

فهذا يسكن الرضوان داراً

ويحيا في نعيمٍ غير زائلْ

لان الله يجزي كل نفسٍ

وبالخيرات يجزى كل عاملْ

فلا تنس أخا العقال يوماً

تصير إليهِ بالأوزار حافلْ

وكن متحرراً عفاً سليماً

كريماً في الصفاتِ وفي الشمائلْ

ولا تطلق إلى الشهواتِ نفساً

ولا تكُ من ميول النفس مائلْ

ولا تنزل مزابل بعض قومٍ

فمثلك لا يصير إلى المزابلْ

الشاعر الاديب د./مقبل العمري