الجنوب شعبة صفاواحدا" واليمن شعبة صفاواحدا"فليذهب كلاالى بلادة

[حد من الوادي]

المشترك والموقف من حراك الجنوب ( بقلم : فيصل الصفواني )

التاريخ: الأحد 09 أغسطس 2009
الموضوع: كتابات حرة


عدن – لندن " عدن برس " خاص : 10 – 8 – 2009

مع بداية مارس 2006 بدا الحراك السكاني في الجنوب يعلن عن نفسه ويشكل أطره وقواعده معبرا عن مطالبه السكانية والحقوقية بطرق سلمية جدا تدل على مدى وعي أبناء الجنوب وإصرارهم على التمدن في مواجهة دولة ريفية المنشئ عشائرية الطابع ، لا تؤمن الا بالقوة ولا تحاور الا حملة السلاح .

وبالمقابل تعاملت المعارضة مع الحراك على انه مكسب سياسي سيمكن احتوائه يوما ما دون ان تتفهم بموضوعية قضايا الناس ومطالبهم السياسية والمدنية ودون ان تتبنى هذه المطالب في حقيقة أمرها ،ولذلك ظهر الخلاف واضحا بين موقف المعارضة وموقف السكان في الجنوب ، الأمر الذي أدى إلى خروج الحراك الجنوبي بأهدافه ومطالبه وقيادته من سيطرة السياسي المعارض ووصايته .

لقد اصطدمت قيادة المشترك بجدية المطالب السياسية لأبناء الجنوب والمتمثلة في الشراكة الحقيقية في الحكم والتقاسم الفعلي في الثروة كون المطالب الجدية لم تكن ضمن أجندة المعارضة التي تبحث عن أوراق سياسية في أوساط الجماهير تستخدمها للمساومة مع السلطة الحاكمة فحسب ، لهذا لم يعول أبناء الجنوب على دور المعارضة في مناصرتهم ،لكننا ونحن نستعرض موقف المشترك من حراك الجنوب لابد ان نشير هنا ومن باب الإنصاف الى دور السلطة الذي لعبته بكل غباء سياسي في سبيل عزل المعارضة عن الجماهير في الشمال والجنوب وقد تحقق للحاكم ماراد

،لكن هذا الوضع تحول في نهاية المطاف الى عامل أضعاف للنظام الحاكم نفسه اذ تطورت المطالب الحقوقية عند ابناء الجنوب الى مطالب سياسية انتهت بطلب الانفصال وهذا هوالاخر مطلب سياسي له مايبرره ،اذنجد النظام الحاكم في صنعاء انشغل بمرضاة حملة السلاح في صعدة واستهجن الحراك السياسي السلمي في الجنوب الى حد ان الحاكم انكر رسميا وفي اكثر من مرة وجود قضية في الجنوب وانكر كافة حقوق ابناء الجنوب وايزاء الموقف الرسمي لم تتخذ المعارضة موقفا صريحا وواضحا يؤيد مطالب ابناء الجنوب اذكان الاحرى بالمعارضة ان تقف حينها الى صف السكان في الجنوب وتدفع بكل امكاناتها في سبيل الانتصار الحقيقي لمطالبهم انتصارا للمطالب السكانية وحتى لا يضطر ابناء الجنوب الى الخروج عن سقف الوحدة ،

فاذا سلمنا ان السلطة الحاكمة أسهمت في التفريط بالوحدة اليمنية فكان من باب أولى ان يتخذ المشترك موقفا دفاعيا عن الوحدة من خلال الاصطفاف الصادق والحاسم مع الشارع الجنوبي ، لكن المعارضة للاسف الشديد ضلت حبيسة مواقف المساومة والاستهتار وبالمقابل لم تتمكن احزاب المعارضة من تحريك الشارع في الشمال ليتبنى نفس المطالب على اعتبار ان مايشكو منه ابناء الجنوب يعاني منه ابناء الشمال لكن المعارضة لم تلعب دورها الايجابي في هذا المجال لاسباب عديدة لامتسع لنا هنا لشرحها .

المهم في الامر ان ابناء الجنوب شعرو بالغبن السياسي والضيم الاجتماعي اذ لم يجدوا لهم نصيرا من ابناء الشمال بما في ذلك القوى السياسية المعارضة ،وهذا مادفع ابناء الجنوب للعودة الى هويتهم السياسية والجغرافية والتي من شانها ان تكسبهم التعاطف الإقليمي والدولي تعويضا عن خذلان الأشقاء في الشمال وصار الانفصال او فك الارتباط هو المشروع السياسي لحراك ابناء الجنوب في الداخل والخارج ،وفي هذه الاثناء وجد المشترك نفسه خارج اللعبة عنصر غير مجدي للسكان في الجنوب وغير مهم بالنسبة لسلطة صنعاء،

الامر الذي دفع المشترك للتكالب الشطري مع النظام الحاكم ضد ابناء الجنوب باسم الدفاع عن الوحدة وتجريم الانفصال وفي هذه الحالة صارت الوحدة بالنسبة لأحزاب المشترك عبارة عن قيمة أيدلوجية معزولة عن مصالح الناس وحقوقهم الأساسية فالاشتراكيون يجدون في الوحدة منجزهم التاريخي الذي صنعوه في 22مايو ولاضير من ان تنتهك حقوق ابناء الجنوب في سبيل استمرارية الوحدة ، ويجد فيها القوميون القدامى بارقة امل للوحدة العربية (الوهم والحلم)المفقود ويجد الإصلاح في وحدة الضم والإلحاق الذي كان من ابرز منجزيها في 94م فريضة دينية مع انه لا يوجد في الكتاب ولا السنة ما يدعو اليمنيين للتوحد في الشمال والجنوب ناهيك عن ان الدين يحرص على حقوق المسلمين أكثر من الحرص على وحدتهم والغريب في الامر ان التجمع اليمني للاصلاح يدعم ويساند بقوة تشطير الشعب الفلسطيني ويدافع عن الوحدة اليمنية مع ان وحدة الشعب الفلسطيني اهم واولى .

وبشكل عام لم يقدم اللقاء المشترك مشروعا سياسيا واضحا يبين فيه مدى الضرر الذي سيجلبه التشطير على مصالح الإنسان اليمني في الشمال والجنوب ولم يبين موقفه من حقوق الجنوبيين ومصالحهم اذا استمرت الوحدة وما هي مطالب الجنوب بالتحديد ؟وكيف يمكن حلها ؟ومن الذي يعيق الحلول السلمية ويدفع باتجاه التداعيات والتصعيد ؟ وهل من العدل ان يتخلى ابناء الجنوب عن كافة حقوقهم المدنية والسياسية لكي تستمر الوحدة؟

في كل الأحوال لقد أدرك اليمنيون في الشمال والجنوب بمعزل عن المشترك ان مشكلتهم الحقيقية تتمثل في غياب الدولة المدنية الحديثة التي تكفل للمجتمع اليمني حق التطور والنماء واللحاق بركاب الحياة الإنسانية المعاصرة وهذا ما يرفضه ابناء الجنوب ويسكت عنه ابناء الشمال ،ومن يدري ربما يفكر ابناء الجنوب حاليا في الشروع في تأسيس الدولة المنشودة بشكل شطري لكننا حتى الآن لا ندري عن حقيقة نواياهم وما تخبئه الأيام من مفاجئات .

نعود مرة أخرى ونسال قيادة المشترك ما موقفها من مشروع الدولة اليمنية الحديثة ؟ولماذا لا تطرح هذا المشروع بشكل علني يلتف حوله كل أبناء الشعب اليمني ؟ لماذا لا يطرح المشترك مطلب التغير الشامل ويقنع به الجماهير ويتحرك بهم ومن خلالهم على هذا الأساس ؟

لقد تعلمنا من أبجدية العلوم السياسية ان اي حركة سياسية انما تقوم من اجل التغير فان رفضت مبدءا التغير تكون قد حكمت على نفسها بالإعدام سياسيا وصار وجودها عبئا اخر يرهق كاهل المجتمع وهذا مايقع فيه اللقاء المشترك.

لقد أصبنا بخيبة امل عندما بدا البث التجريبي لقناة سهيل الفضائية وبدأنا نسأل بحذر وخوف شديد .. ماذا سيحدث لو ان اللقاء المشترك وصل الى سدة الحكم ؟ ساعتها سيحظى الإصلاح بنصيب الأسد فماذا سيفعل الإصلاح يومها ؟ هل سيدير الدولة بخطباء الجمعة ؟ وهل سيكافح الفساد برجال الوعظ والإرشاد ؟ وهل سيسند مهمة الإدارة والتخطيط الاقتصادي لرجال الرقية الشرعية والمعالجين بالقران الكريم ؟

نحن هنا لا نعيب على الإصلاح الممارسات الدينية ولكن للسياسة والإدارة رجالها وليس ثمة تناقض بين ان يحافظ الإصلاح على هويته الدينية ويتحول الى حزب سياسي يرتقي إلى مستوى حزب العدالة والتنمية في تركيا ويكون عند مستوى آمال وطموحات اليمنيين في مختلف أرجاء الساحة اليمنية .



[email protected]