المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


دولة الجنوب"قادمة"حتمارغم انف الغزاة"قبل ان نكون اخدام عندهم

سقيفة الأخبار السياسيه


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 09-01-2009, 04:12 AM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

دولة الجنوب"قادمة"حتمارغم انف الغزاة"قبل ان نكون اخدام عندهم


انتهاك بحق الإنسانية..
شيخ متنفذ يعذب ويقيد حرية يمنيين في ريمة تهمتهم أنهم مهمشين
31/08/2009

الصحوة نت - عبد الحفيظ الحطامي:


10001_8_31_2009.jpg


كان ملهوفا للشكوى وجدته متكوما إلى جوار جدار في شارع التنمية بمدينة الحديدة .. ينعي كرامته المسلوبة ، يتشبث بي يتوسل بصورة شعرت معها بمرارة الذبحة المؤلمة الذي تلقتها آدمية هذا المواطن المنتهكة
آدميته. حاولت مرارا أن أهدأ من روعه، قلت له من قال لك أنك خادم كلنا أخدام في هذه البلاد .. هذا ما تمكنت من تسجيل مقدمة صوته الدامي الخائف المرتبك المسحوق المقهور المنتهك "أنا خادم لكنني مواطن يمني والله يمني" .. هذا ما كان يردده ليقنعني انه يمني أسود وخادم من ريمه.

مواطن يمني اسود يا سيادة النائب العام ويا حضرة الوزراء ويا قادة الحقوق والحريات ويا أصحاب الضمائر الحية، يقول إنه يتعرض مع عدد من أبناء علوجة السود للتعذيب والسجن والقيود والضرب والإهانات والإذلال .. ومهدد مع 200 مواطن يمني اسود بالتشرد ومنتهكون على أساس اللون حتى النخاع .. فقط لمجرد إنهم من الفئات المهمشة .. ممن يطلق عليهم سخفا "أخدام"، ينتهك آدميتهم شيخ قبلي نافذ بصورة مستفزة لمشاعر الإنسانية .. ويصادر مواطنتهم بشكل سادي ووحشي مقزز تستدعي إدانة حقوقية وشعبية عارمة .. على اعتبار أنها قضية انتهاك صارخ ضد الإنسانية ..

تفتح مسلسل أسود لانتهاكات على أساس اللون في اليمن، أبطالها نافذون يحضون برعاية رسمية جراء تجاهل لأفعالهم وصمت عن ممارساتهم القذرة .. فأي جهة تقدر على استدعاء هذا الشيخ من اجل مواطن أسود لا يزال يدعى "خادم" في مزيد من الإهانة والاحتقار والإذلال .. في وقت من المفترض أن يكون اليمنيون قد نسوا قضية خادم وعربي وسيد وقبيلي في عهد الهامش الديمقراطي .. ضرب تعذيب إهانات شتم تعيير بسبب اللون تهديد سحل سجن صرخات تكبيل بقيود لمسنين إلى أرجل بناتهم وآخرون إلى شقيقاتهم ورميهم في سجن داخل منزله، بطلها شيخ نافذ يتمترس خلف الدولة والرئيس والمحافظ، يمارس ظلمه على مواطنين عزل لا يعرفون شيئا من حقوق المواطنة المتساوية فقط ينتظرون الشيخ "أمسيد" يقبلون رجله ومن يجرؤ على رفض أوامره يقاد كالكلب إلى سجنه ويقيد بقيود حديدية ويجلد يوميا بأسلاك كهربائية وسيخ حديدي وعصى غليظة .. صرخة تقدم بها "محمد هبه على صالح" - 25 عاما - بين يد النائب العام ووزير العدل والداخلية وحقوق الإنسان ورئيس الجمهورية ومحافظ ريمة الذي يتستر الشيخ النافذ وراؤه. بينما 200

مواطن يمني يعانون أشد أنواع التعذيب والانتهاك البدني والجسدي والنفسي.. وجدته يصرخ للتو هارب من محافظة ريمة تسلل من سجن الشيخ بقيوده تهمته أنه شاب أسود أجعد الرأس أفطس الأنف فقير وأمي وعاطل عن العمل .. يحدثني بأسى وفي عينية صرخة احتجاج مقموعة .. "أنا خادم لكني يمني يا ناس يمني ويش ذنبي اسود وشعر رأسي مجعد أمي ولدتني هكذا يا سيادة أمرئيس، أنا مواطن وأحد رعاياك وانتم مسؤول عني أمام الله يوم أن نلتقي في المحشر يوم الحساب شيخ يقول إنه يخدمك ومؤتمر ولأجلك يعذبنا".

هكذا قال "والله لو يأتي على عبد الله صالح ما تركتكم .. فقط سيادة أمرئيس تهمتي وذنبي لأنني عملت لدى محصل ضرائب قات كان الشيخ يتحصلها من قبله وحين طلب مني ترك العمل معه رفضت استدعاني إلى منزله رفضت لأنني حسبت أن هناك دولة قادرة على حمايتي، وحين بلغه أنني رفضت جاء ومعه مرافق من أقاربه وبالقوة سحبني إلى منزله ويا لطم على وجهي ويا زبط كان ذلك مع زميل لي يدعى طاهر عبد الله عمره 18 عاما أسود اللون كذلك .. فقط لأنني رفضت أن اترك عملي مع محصل ضرائب كان يتحصلها الشيخ سابقا إضافة إلى أنني من أوائل وفي مقدمة من تقدموا بالشكوى ضد الشيخ، قبل أشهر عندما أخد علينا مشروع مياه وحرمنا منه وحوله إلى مزرعة الموز التابعة له، وسبق لنا نحن أبناء علوجة أن شكونا النائب العام قيام احد المتنفذين باستغلال مشروع المياه لصالحه الشخصي وكتبت الصحف حينها والمجلس المحلي حقق في الواقعة إلا أنه لم يحلها إلى النيابة حتى اليوم، ونحن ليسوا سوى مجرد أخدام في دولتك ـ يا سيادة أمرئيس ـ لا نستحق ان نشرب ماء نضيف لأننا يمنيون سود لنا اللعنة والموت والأمية والجوع، وحده الشيخ من يستحق الحياة لأنه سيد ونحن طز مجرد رعاع لا نقدر على حشد الناس إلى يوم الانتخابات فقط مجرد محشودون".


ويمضي "محمد هبه" يسرد لي بلهجة دامية مأساته بعد أن هدأت نفسه .. وبشكوى مريرة يغص بها حلقه
الواهن من الصراخ والبكاء، جراء عمليات التعذيب.. أبي وجدي لم يتلقوا هذا الظلم منذ 40 سنة واليوم في عهد الديمقراطية والحرية ينتهك حقي، وأتعرض لصنوف العذاب الجسدي ليتك ترى عذاباتي وصرخاتي وآثار الضرب الذي أعتقد أنه سيوقظ بعضا من الضمائر الميتة في هذه البلاد .. استعبدت أهينت كرامتي وقيدت أقدامي عذبت ضربت بالأسلاك الكهربائية وبالعصا كنت أصرخ قلت له سأقبل حذاءك أتركني معي أسرة كان يقول لي يا خادم ليش ما تسمع كلامي وتروح مع هؤلاء يقصد محصل الضرائب الجديد،

تدخل ناس كان يقول لهم هؤلاء أخدام ما ينفع معهم إلا هكذا، وكذلك كان زميلي "طاهر حسن عبد الله" يتعرض للضرب معي يوميا، وليس هذا فقط منذ شهرين قيدت رجل مسن في الخمسين ويدعى "حسن عبد الله" قيد بقيد واحد مع بناته فقط لأنهم لم يطيعوا الشيخ، كما قيد "محمد ناصر" وأخته بقيد واحد وفي قدم واحدة، هذا كان قبل 3 إلى 4 أشهر تقريبا ويمكث المواطنين السود الأخدام من يومين وثلاث أيام وهات يا تعذيب في منزله .. لقد شرد شاب أسود قبل شهور وهو ابن مهدي على، إلى محافظة المهرة ويخاف اليوم أن يعود إلى قريته خوفا من الشيخ .. حقي كإنسان منتهك مسحوق مدمر أريد أن أصرخ أتمنى الموت يا ليتني مت لقد رأيته أمام منذ يومين أنا وزميلي طاهر تحت التعذيب يضربني بقسوة وكأنني مجرم،

بأسلاك الكهرباء والعصي ويصرخ فوقنا يا حوثيين بينما هو السيد صاحب الحسب والنسب .. قلت له حرام عليك أسألك بالله أتركني كنت أصرخ بودي لو تسمعوا وجعي تشوف هذا آثار الضرب في ظهري ومؤخرتي وأضلاعي وأقدامي تمكنت من الهرب من الطاقة الوحيدة للغرفة هربت إلى الحديدة، بعد أن حررني مدير الأمن المسوري من القيود التي لا تزال عنده، قالوا في من سيدافع عني من منظمات حقوقية، جئت إليكم شاكيا باكيا قولوا للرئيس نحن يمنيين قدرنا أننا سود خلقنا الله هكذا، وهذا الشيخ أذلنا باسمك يا سيادة الرئيس قال لن أفرج عنهم حتى لو جاء الرئيس .. "الشيخ عبد العزيز النهاري" – يضيف هبه - هذا يقوم بضربنا في السوق والاعتداء على أطفالنا ونسائنا ويهين كرامتنا وحين يتدخل بعض العقلاء في مديرية الجعفرية عزلة علوجة يقول لهم هؤلاء أخدام ..

إلى النائب العام ووزير الداخلية ووزارة حقوق الإنسان لقد وجدت هذا الشاب متكوما بجسده المتهالك في شارع التنمية بمدينة الحديدة يبكي .. يشكوا شيخ نافذ سحق كرامته وإنسانيه وأهدر مواطنته كيمني له حق الحياة الكريمة .. لا أعتقد أن ثمة احد في هذه البلاد يرضى له ضميره السكوت عن هذه الجريمة التي ارتكبت بحق مواطن أسود ولأنه خادم ومهمش وفقير .. قال انه كان يصرخ ويبكي .. أنا بس كفى قلت له أبوس حذاءك أتركني ولا رضي يكف الضرب عني قلت له أبوس ( ...........) تتركني لكنه كان عصبي ويصرخ ويمارس التعذيب جلدا بسلك كهربائي في حقي.. يقول أن المحافظ معه وقريب له ويعرفه .. يضحك علينا يخوفنا ويتعرض بقية السود هناك لانتهاكات مماثلة من شيخ نافذ يستند إلى الرئيس والمؤتمر والمحافظ.

اتصلت بأحد الشخصيات الاجتماعية وبالمحامي صغير النهاري أكدوا لي الحادثة وحين اتصلت بـ"عبد
العزيز المسوري" مدير امن الجعفرية، قال نعم إنها وحشية ارتكبت بحق مواطن .. لقد جاء إلينا مقيدا بقيد حديدي في قدميه فقمنا بفكه وقلت له اذهب إلى محافظة الحديدة وأتي لنا بتقرير طبي نحن ممن أفرجنا عن قيوده وقلنا له اذهب إلى المستشفى لتتعالج وتأخذ تقرير طبي لنأخذ أقوال المتهم ونحيله إلى النيابة على أساس تكون الإجراءات سليمة..

محمد هبه ورفيقه المنتهك طاهر، صرخة بين يدي العدالة والمواطنة المتساوية .. كل ما يحلم به هؤلاء العزل إلا من الشكوى والصراخ من الألم ، أن يجدوا مسؤولية تقف إلى جوارهم ليشعروا ولو لمرة واحده أن الخادم في هذه البلاد غدا مواطنا له الحق بحياة كريمة.


* بالتزامن مع الأهالي

-----------------------------------------------

رؤية أخرى لأسباب الصراع في اليمن
خليل العناني


يخطئ من يظن أن ملف التغيير والإصلاح في العالم العربي قد طُوي برحيل المحافظين الجدد وزعيمهم جورج دبليو بوش. ذلك أن التغيير البنيوي لا يأتي عبر دعوات وضغوط موسمية تنتهي بتحقيق وظيفتها أو رحيل مروّجيها، بقدر ما يكون رد فعل على أوضاع قد تحجّرت وحان وقت انفجارها.

صحيح أن الدولة العربية تخشى تغييراً قد يطيح من في السلطة أو يقلّص نفوذهم، بيد أن إبقاء الأوضاع على جمودها وعفنها قد يأتي بتغيير يطيح بالمجتمع وأهله جميعاً، وذلك على نحو ما هو قائم الآن في أكثر من بلد عربي. وتظل الحركات الاجتماعية والدينية العنيفة إحدى مؤشرات الانفجار الذاتي للمجتمعات العربية، ومرآة عاكسة لفشل الدولة في تحقيق وظيفتها الاحتوائية والإدماجية لفئاتها وحركاتها المختلفة.

وما كان لتنظيمات مثل «القاعدة» بمختلف طبعاتها، وغيرها من الجماعات العنيفة أن تنشأ وتتوالد باطّراد لولا القصور الواضح للدولة العربية في القيام بوظائفها الأساسية. صحيح أن هذه التنظيمات تنطلق من خلفية عقائدية متطرفة، بيد أنها ترتع في بيئة خصبة من الفشل السياسي والعوز الاقتصادي والقهر الاجتماعي تجعلها قادرة على تجديد نفسها باستمرار.

في ظل خلفية كهذه يمكن قراءة سلسلة الأزمات الراهنة التي تكاد تطيح بسلطة الدولة في العالم العربي، وتدفع بالحركات الانفصالية إلى صدارة المشهد السياسي العربي. فمشكلة الحُوثيين في اليمن لا يمكن ردّها ابتداء إلى نزعة إيديولوجية أو رؤية عقائدية متطرفة، أو حتى إلى نزعة سياسية انفصالية، إنما هي بالأساس تعبر عن أزمة بنيوية اجتماعية ناجمة بوضوح عن فشل الدولة اليمنية في مرحلة ما بعد الاستقلال في تحقيق الحد الأدنى من الاكتفاء الوظيفي والإشباع النفسي لإحدى مكوناتها الاجتماعية.

وهي نسخة مكررة عن مشكلة الجنوب التي زادت حدتها خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي تعكس الفشل الذريع للنظام اليمني في استثمار الوحدة التي تحققت قبل عقدين بين الشمال والجنوب، ولم ينجح في تحويلها من وحدة جغرافية وإدارية إلى وحدة سياسية واجتماعية كان لها أن تصبح نواة صلبة لدولة قوية. ولا يستوي الحديث هنا عن أدوار خارجية وألاعيب إقليمية، فالأزمة اليمنية موطنها هو الداخل وعلاجها لن يأتي إلا من خلال إعادة النظر في مشروع الدولة ذاته وقدرة نظامها على إعادة تعريف وظيفته ودوره ضماناً لبقاء شرعيته. ولا يمكن لدولة يعيش أكثر من ثلثي سكانها تحت خط الفقر، في حين وصلت نسبة الأمية فيها إلى نحو 40 في المئة، يضاف إليه ضعف السلطة المركزية وجهازها الإداري، أن تظل في مأمن من التوترات الاجتماعية والرغبات المتزايدة لمنازعة سلطان الدولة.

معضلة اليمن أنه بات دولة بلا أنياب، بعد أن تقلصت قدرات الدولة الفعلية تحت وطأة الاستنزاف والإنهاك المتواصل لإمكاناتها بفعل المواجهات بين الشمال والجنوب. وبذلك أصبح المجتمع اليمني مرتعاً خصباً لجميع التيارات والجماعات التي تبحث عن موطئ قدم وتسعى لتنفيذ مشاريع سياسية ودينية تتجاوز حدود الدولة الوطنية. وسيكون وبالاً على اليمن، ومن يجاوره، إذا توحدت القوى الثلاث المناوئة للدولة (الحوثيون والجنوبيون وتنظيم «القاعدة») وسعت إلى إسقاط نظامه السياسي.

وما ينطبق على اليمن هو حادث بالفعل في بلدان أخرى مثل السودان الذي تتنازعه دعوات الانفصال من الجنوب والشرق، وربما الغرب لاحقاً. ويكاد الوضع في اليمن يكون استنساخاً لما جرى في السودان طيلة العقدين الماضيين، سواء لجهة انعدام قدرة الدولة على بسط سلطانها على كافة أراضيها، أو لفشلها في تسويق مشروعها الوطني كبديل عن الولاءات المحلية ووقف نزعاتها الانفصالية. وفي فلسطين تبددت آمال قيام دولة فلسطينية، ولو مبتورة الصلاحيات، ليس فقط بفعل الانقسام السياسي وإنما بفعل تفشي التطرف الاجتماعي والديني ومزايدة الجميع على القضية الوطنية ورغبته في الاحتكار الأحادي لتمثيلها.

وفي حالات أخرى يبدو الخطر ذاته ماثلاً ولو من بعيد، كما هي الحال في مصر وتونس والجزائر والمغرب. فالمجتمع المصري يتوافر لديه كثير من مقومات التمرد والانفجار، وإن كانت السلطة المركزية وجهازها البيروقراطي لا يزالان يتمتعان بقدر من الردع والاحتواء. فلم يكن لأحد قبل أعوام قليلة أن يسمع عن بؤر التوتر الاجتماعي والديني التي تزايدت حديثاً في شكل مخيف. ولم يكن لأحد أن ينازع الدولة المصرية سلطانها وهيبتها على غرار ما هو حاصل الآن. قطعاً لن تتحول مصر إلى دولة فاشلة بالمعايير الصارمة مثل انهيار سلطة الدولة أو تحلل نظامها السياسي، بيد أن ذلك لا يحول دون تآكل هيبة الدولة وانخفاض رأسمالها المعنوي وذلك بفعل ضعف أدائها الاقتصادي، وتشوّه الوضع الاجتماعي، فضلاً عن الفشل في إنجاز وظيفتها الاستيعابية للكثير من فئاتها وجماعاتها. وقد يكون ملف نقل السلطة بمثابة القشة التي قد تقصم «ظهر» التماسك الاجتماعي الهشّ، خاصة إذا ما تحقق سيناريو التوريث الذي يُجرى الإعداد له على قدم وساق من دون اكتراث لمخاطره.

مكمن الخطر في العالم العربي الآن ليس في انهيار إحدى دوله من عدمه، وإنما في قدرة بنيته الاجتماعية على الصمود في وجه الاستحقاقات المؤجلّة منذ أكثر من نصف قرن. فلم يعد شيء صعب الحدوث في منطقتنا، فمن كان يتخيل أن يهتز نظام الثورة الإسلامية في إيران؟ ومن كان يظن أن يقف اليمن على حافة الانهيار دولة ومجتمعاً؟ ومن كان يعتقد أن تصل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلدان قديمة مثل مصر إلى ما هي عليه الآن من التوتر والاحتقان الذي لا تخفت نيرانه؟

عوامل ثلاثة تظل هي المحرّك الأساسي للتوتر وربما تقف وراء الانفجار المقبل في العالم العربي، أولها تآكل صلاحية المشاريع الوطنية للدولة العربية، وذلك إما بفعل الفشل السياسي والفساد الاقتصادي والظلم الاجتماعي، أو لانعدام القدرة على تحقيق التماسك الداخلي واحتواء الأقليات الدينية والمذهبية، وهو ما يتوازى مع ارتفاع سقف المطالب والطموحات الفئوية خاصة لدى الشرائح العمرية الشابّة.

ثانيها، زيادة النزعة الإقصائية والاستئصالية للدولة العربية والتي تعبر عن نفسها يومياً في السلوك القمعي والبوليسي لأجهزتها ومؤسساتها، ما يوّلد احتقاناً مجتمعياً وطائفياً يعزز نزعات التمرد ويدفع ببدائل الانفصال إلى الواجهة. ويكفي أن نراقب الآن ما يحدث بين بعض الحكومات العربية والحركات الإسلامية المعتدلة، فقد وصلت العلاقة بين الطرفين إلى حالة من التربص والشك، ربما تدفع بكثير من قواعد هذه الحركات إلى إعادة النظر في جدوى العمل السلمي، وربما يسقط بعضها في شباك التنظيمات الراديكالية العنيفة ويسعى لإقامة «إمارته» الإسلامية على نحو ما حصل حديثاً في غزة. وثالثها، وجود أدوار وقوى خارجية تسعى لاستثمار ما سبق من أجل تعزيز حضورها في الساحة العربية، وهذه لا تعمل من دون توفرّ ما سبق.

هذه العوامل تنسج معاً مستويات أربعة لطبيعة الدولة الراهنة في العالم العربي، ويمكن أن تصنَّف دوله وفقاً لها. المستوى الأول يضم دولاً تتمتع بالكفاءة الاقتصادية وبقدر من الشرعية الاجتماعية، ولكنها لا تتحمل وجود معارضة سياسية حقيقية، ما يفتح الباب أمام ترعرع المعارضة الدينية خاصة العنيفة منها، وذلك كما هي الحال في عدد من دول الخليج. والمستوى الثاني لدولٍ تعتاش على إرثها التاريخي من دون القدرة على تجديد شرعيتها السياسية بسبب ضعفها الاقتصادي وتوترها الاجتماعي، مثل مصر والجزائر والمغرب، وترزح مجتمعاتها الآن في بيئة مثالية للاحتقان الأهلي الذي يهدد بالانفجار في أي وقت. والمستوى الثالث لدول تملك الحد الأدنى من الشرعية ولا تعبأ بأي معارضة داخلية أو خارجية كما هو الحال في ليبيا وتونس وسورية، وهي بلدان سيكون الانفجار الداخلي فيها مروّعاً إذا نضُجت مقوماته. والمستوى الرابع لدول سقطت بالفعل في براثن الفشل، وفقدت قدرتها على البقاء متماسكة، وذلك إما بفعل الاستنزاف الداخلي المتواصل، أو نتيجة للتلاعب الخارجي بأزماتها، وذلك كما هي الحال في اليمن والسودان والصومال والعراق ولبنان.

ربما كانت الضغوط الأميركية من أجل الإصلاح آخر فرصة أمام كثير من الأنظمة العربية كي تراجع نفسها وتعيد حساباتها، بيد أن الرغبة في احتكار السلطة تظل هي الأقوى، ما يجعل الوضع في معظم الدول العربية عالقاً الآن بين استقرار هشّ لا يضمن بقاء السلطة لدى محتكريها، أو تغيير عنيف سيكون أقرب إلى الانفجار الذاتي.

نشر هذا المقال في صحيفة الحياة بعنوان "مجتمعات عربية تُنذر بالانفجار".
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صنعاء تشن هجوم غيرمبرر على دولة السيد / حيدر العطاس رئيس الجنوب حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 4 12-11-2009 01:23 PM
اذا اردت ان تعرف انك فى دولة عربية عدن الام الســقيفه العـامه 2 10-16-2009 12:05 PM
حتما ستعود دولة الدينار الجنوبي العربي ( بقلم : زهرة سليمان ) حد من الوادي سقيفة الحوار السياسي 6 09-05-2009 07:56 AM
وشهد شاهد من أهلها (( حميد الأحمر )) أحرار الجنوب .. وخيانة الرئيس العظمى ..!! شعاع الجنوب سقيفة الحوار السياسي 11 08-06-2009 09:25 PM
أكثر من 7 آلاف طالب يمني مبتعث لأكثر من 40 دولة عربية وأجنبية: حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 03-25-2009 11:54 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas