مقال عن الحب

[سالم علي الجرو]

أحب النساء إليَّ..

د. أحمد بن عبدالرحمن الطويل

الحب نهر زلال، وفيض تتقاطر منه المشاعر الإنسانية.. يحمله القلب وتبوح به العينان واللسان دمعا
وابتساما، ساعاتنا في الحب لها أجنحة، وفي الفراق لها مخالب، ولكي حبي الكبير لهذه المرأة حب
لا ينازعني فيه أحد، ولا يختلف معي في صدقه الا أصحاب القلوب القاسية..!

من لم يبت والحب حشو فؤاده = لم يدر كيف تفتت الأكباد

أما محبوبتي وريحانه قلبي فالحديث عنها ذو شجون، وكأن الكلمات تريد ان تتسابق على الخروج لتفوز
بالحديث عنها. كيف لا.. وهي أحب النساء الى قلبي..!

إنها أمي (سارة بنت محمد الجهيمي)..

ذلك النبع الصافي والقلب الكبير الذي نهلت، ومازلت أنهل، من فيض حنانه.

إنها الغيمة التي تظلني من عناء الدنيا، وهي الابتسامة التي تضيء حياتي، والدمعة التي تجبر مصابي..
وتخفف من آلامي!

أوجب الواجبات إكرام أمّي = إن أمّي أحق بالاكرام
حملتني ثقلا ومن بعد حملي = أرضعتني إلى أوان فطامي
ورعتني في ظلمة الليل حتى = تركت نومها لأجل منامي
فلها الحمد بعد حمدي إلهي = ولها الشكر في مدى الأيام

إن أعذب ما تتفوه به البشرية هو لفظة الأم، وأجمل مناداة في الوجود هي أمي.. كلمة صغيرة مملوءة بالحب والأمل
والعطف، وكل ما في القلب البشري من الرقة والعذوبة.

أمّاه.. كيف أردّ جميلك؟

سؤال لا يوجد له جواب..!!

لا أنت تسعفينني بالاجابة.. لأنك تعطين دون أن تنتظري رداً، ولا أنا مهما فعلت قادر على الوفاء ببعض صنيعك..

أنت عطاء وبذل وانكار ذات بغير حدود..!

آه ياأماه.. كم من الليالي الطويلة سهرت على راحتي.. وكم من الدموع الغالية ذرفت لمرض او عارض ألم بي.. وكم .. وكم.. يطول الحديث، وتعجز الكلمات حتى عن ذكر عطائك، وفيض حنانك!!

تذكرت ياأماه رجلا جاء من خراسان الى مكة حاملا امه على كتفيه، وراح يطوف بها المشاعر براً بها..
فرأي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، فقال: ياصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه أمي جئت بها من خراسان على كتفي حاجا بها.. هل ترى أنني أديتها حقها..؟!

فتعجب ابن عمر رضي الله عنهما وقال: إنك لم تؤد ولا طلقة واحدة من طلقات ولادتك..

أماه اعذريني على ركاكة المعنى وضعف المعنى، فأنت أكبر من الكلمات..! لن أسميك امرأة.. سأسميك
كل شيء!!

ولم لا..؟ أليست الأم هي كل شيء في هذه الحياة..؟

أليست هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف..؟!

ألم يقولوا ان الأم تهز المهد بيمينها لتهدهد صغيرها.. تهز العالم بيسارها، بما تكون قد زرعته في أبنائها
من مثل وقيم وتعاليم انسانية خالدة..؟!

ألم يقل عنها شكسبير: لا توجد في الدنيا وسادة انعم من حضن الأم..!
أنت كنزي الحقيقي ياأماه.. أنت الحب الذي لا يشيخ ابداً.. أنت أعظم كتاب قرأته في حياتي، وأنت المدرسة
التي لم أتخرج منها بعد.. ولا أريد أن أتخرج منها.. لأنك أنت الحياة..!!

أنت الشمعة التي تضيء دربي.. انت طريق الجنة الذي اتقرب به الى ربي.. أماه.. اذا مر يوم دون أن أراك
فانه يوم حزن في حياتي لتقصيري في لقياك.. وخسارتي لكل فيوض الحنان والعطف من قلبك ألحاني..

أماه.. كم اشتاق اليك وأنا بجانبك.. فكيف اذا كنت بعيدا عنك، وحالي كما يقول الشاعر:

ومن عجب أني أحن اليهم = واسأل عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها = ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي

أماه.. اعترف لك بالتقصير في أداء حقوقك، لكن قلبك الكبير يتجاوز عن تقصير مثلي... ويحتوي بحنانه
ابنا ينشد الرضا من أمه الغالية..!

أماه.. ما أجمل وأروع هبوب نسائم الرضا من قلبك الحاني.. لتشرع لي باب من السعادة عظيم..
وفيضا من دعائك الخالص لربي الكريم..

إنني مدين لك - بعد الله - بكل ما وصلت إليه، وبكل ما أرجو أن أصل إليه في مستقبل أيامي.

شكراً .. أمي

إن سمحتي لي ببث بعض خواطري.. أنثره بين يديك.. طالبا الرضى... ومتلهفا لخالص الدعاء.

اللهم لك الحمد ان وهبتني أماً حانية.. وقائدة مربية، كوالدتي (سارة)، اللهم احفظها بحفظك ومتعها
بالصحة والعافية، اللهم اجعلها عني راضية.. واحفظها لي ولاخواني نوراً نستضيء به في حالك الأيام..