![]() |
#1 |
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]() الحضارم والحلم المكلا اليوم / كتب: الدكتور/ عبدالقادر علي باعيسى9/5/2011 نبدأ بهذا الافتراض وهو أن أجدادنا الحضارمة القدماء كانوا يمارسون تميزهم الثقافي والاقتصادي والديني دون أن يدعوا أنهم حضارمة ، أو بدافع أنهم حضارمة ، كانوا يمارسون ذلك التميز بواقع أنهم بشر كغيرهم من خلق الله ينتجون ويبدعون ، بينما ننظر نحن إلى إبداعهم ذاك - انطلاقا من حالة عجز نعاني منها - على أنهم أنتجوه لأنهم حضارمة ، أي شيء متميز عن الآخرين ، وهذه النظرة التي نسقطها نحن عليهم ، هي التي توقعنا في الاستلاب وعدم الإنتاج الفكري والسياسي والاقتصادي الفاعل راهنا . إننا بهذا القول من التميز ( الحضرمي ) نحاول أن نقصي الآخر نفسيا عنا ( السياسي تحديدا ) ولعلنا نقصيه بشكل أو بآخر ، غير أنه وهو المتسيد الفعلي على شؤوننا الاقتصادية والسياسية والجغرافية يعمل على إقصائنا إقصاء عمليا وواقعيا لا نفسيا ، وبشكل يومي ، مما تبدو معه النتيجة لصالح الإقصاء العملي الذي لا نجيد ممارسته نحن الحضارمة إلا على أنفسنا فقط ، فيقصي بعضنا بعضا ، ويعلي بعضنا نفسه فوق إخوته ، ونظل نشتغل في النفسي الذي كنا ومازلنا نعاني منه ، فنحن موحدون نفسيا بصورة إيجابية في تبعيتنا للآخر أيا كان هذا الآخر الذي نحن بالنسبة إليه خليط غير موحد ، وما يجمعنا هو الحلم بحضرموت ، ولكن الطريق إلى الحلم متعدد ومتصارع بحيث تضيع البلد في زحمة الطرق ، ذلك لأن حضرموت بالنسبة لكثير منا هي ذاتياتهم فقط أو مصالحهم فقط . ليقف الآن أي حضرمي متحدثا عن حضرموت ، سيقف معه الجميع ، وليحدد طريقه إلى حضرموت بخطوات عملية وآليات إجرائية ، أيا كانت تلك الإجراءات بحيث يبدأ في رسم الطريق سيختلف عليه الجميع ، وربما يختلف مع نفسه . ما زلنا في هذه اللحظة أصغر من حضرموت ، ولعل لذلك أسبابه ، منها أن الهجرات على مدى قرون طويلة رسبت فينا فكرة الحلم بحضرموت ، فلأن الحلم بالوطن البعيد يحتاج إلى السفر الطويل ، يجيء الرضا بالجنة القريبة أينما وجدت في دغل إفريقي أو قرية آسيوية غاية يمكن الرضا بها ، ويظل الوطن حلما ، ولو كانت الجنة كيسا من الذهب تحت أرجل بعضنا وهو في حضرموت لما بحث عن حضرموت ، وإن ظل يحلم بها مما تنطق به حقائق الواقع الآن ، وقد وفرت الهجرة غنى واسعا لكثير من الحضارمة ضعف معه – في ما يبدو مع ثقل السنين وتراكمها - هاجسهم العملي في التواصل مع الوطن والإحساس به ، وظل الوطن مجرد حلم أو حنين أزلي لدى كثير منهم ، لاسيما في مهاجر آسيا وإفريقيا ، كالحنين الأزلي إلى الرحم أو الحضن من غير عودة ، إلا القليل منهم ، أما هؤلاء الذين يذهبون ويعودون فهم مغتربون متعبون . وداخليا وقعت حضرموت في عدد من مراحل التاريخ تحت إمرة حكام يأتون من خارجها ، ونظل نحن كالمتفرجين في أرضنا ، نحلم بامتلاكنا لها ، ونمائها وازدهارها ، ونعيد إنتاج الحلم جيلا بعد جيل ، وإن كان هناك من تحضرم من أولئك الحكام كأروع ما يكون ، فهم أهلنا وفي دمنا ، ولهم أياد بيضاء على هذا البلد بلدهم . وعليه فنحن ندفع بحضرموت في أذهاننا وطرائق تفكيرنا إلى الحلم أو الذاكرة ، فهي واقعة فينا بين قوتين نفسيتين حلم وذاكرة ، ولتجلس إلى أي حضرمي أو تقرأ له فلن ترى حضرموت في ما يكتب أو يقول إلا حلما أو ذاكرة ، نحن موحدون في الذاكرة ومن ثم موحدون في الحلم وما بينهما الواقع لا فاعلية ولا حركة . وهذا نفسه ما يدفعنا إلى الإحساس القوي بحضرميتنا وتأكيدها نفسيا وباستمرار ، في كل لقاء وفي كل همسة ، دون أن نقدر على تحقيقها بصيغة عملية تتمثل في حضور اقتصادي وسياسي ومعرفي انطلاقا مما نمتلك من قدرات وطاقات . هذا الاستلاب هو ما يدفع إلى زيادة حدة الشعرية لدينا بشكل كبير في النصوص والأشعار ، وفي الواقع أن هذه الأشعار هي نفسها ما يعطينا الإحساس بخصوصيتنا ووجودنا كغيرها من أنماط الفنون فنعيد من خلال ذلك تعزيز ذاتنا والتشبث بها ، وهو شيء جيد على أية حال . إن اهتمامنا بمقولات الحضارة والتاريخ ، وترديدها عن أنفسنا بمناسبة وغير مناسبة ، يأتي غالبا في إطار توفير إحساس بالذات والدفاع عنها ، يرتفع كلما زاد الشعور بعدم القدرة على إنجاز فعل حقيقي واقعي ، وإن خطر إلحاحنا على المجد التاريخي يتمثل في كونه يعطينا تصورا بديلا عن حقائق الواقع ، وهو تصور متنوع ينشط في جميع مستوياتنا الثقافية ، من المواطن ذي الثقافة العامة إلى الأكاديمي المتخصص ، فثمة إحساس بالتاريخ ولكنه في مجمله – ولا أقول كله - إحساس استلابي يسلب النشاط المعاصر إلى رضا تاريخي ، ويسلب الوعي المعاصر إلى وعي تاريخي انطلاقا من فكرة الذاكرة والحلم . ومع هذه الآلام والأحلام ما أظن الحضارمة وضعوا أنفسهم يوما بمقابل الآخر استعلاء ، ولكن الآخر – وهو القادم إليهم ، أيا كان هذا الآخر - هو الذي يحاول أن يفرض نفسه عليهم بثنائية فوقية ( نحن ثم أنتم ) انطلاقا من قوة السلطة والرغبة في الاستحواذ سواء في هذه اللحظة التاريخية أو في غيرها ، ولكن بكيفيات مختلفة . وما أريد أن ألفت إليه هو أنه بكثير من الوعي وعلاقات التفاعل وتفادي الإحساس المبالغ فيه بالأمجاد التاريخية والانتماءات الحزبية والمصلحية ، يمكن للحضارمة أن يلتفتوا إلى حقيقة أكبر لوجودهم ، وامتلاك حضورهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي انطلاقا مما يمتلكون من قدرات وطاقات في مجالات مختلفة ، لكن متى ؟ وكيف ؟ وبأية صيغة ؟ هذا ما يترتب عليه كيفية التخلص من حمولة الحلم الزائد أولا بمزيد من الوعي وفـهم حركة الواقع ، وقرءاته بعمق ، إذا استطعنا ذلك .. وإلا سيظل الحلم ينشط فينا إلى أمد غير معلوم ، وسنظل سعداء به ، أي سعادة ! . |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|