09-15-2012, 01:15 AM | #11 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
حضرموت المكلومة ؟ 9/15/2012 علي باخيل بابطين ينظر الكثيرون إلى الحاضر والماضي والمستقبل، وإلى الزمن بكل أشكاله، من خلال دراهمهم وريالاتهم، في عبوديةٍ لا يرضاها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، أو من خلال أهوائهم التي تحولت في صدورهم إلى إله. في حمأة هذا الاستعباد المر للمال والهوى على قلوب وعقول كثير من الناس، لم يعودوا يميزوا بين الحقيقة والزيف الذي يملأ أفئدتهم هواء، ويتحول الزيف إلى حقيقةٍ بديلة يدافعون عنها وكأنها حقيقة. وفي زمنٍ تدهورت فيه القيم الأصيلة والأشياء النفيسة، وارتفع فيها التحوت، كما اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، كُتِب لنا أن نعيش في وحْل هذه الأودية المظلمة !. وحضرموت القلعة الشامخة والحقيقة الصارخة، أقدم الممالك في التاريخ البشري، مرت عليها سنون، ومر عليها حكامٌ ظلمة، وذئابٌ بشرية عاثت فسادا في جسدها النقي وعلى ثراها السخي، ومع ذلك ظلت حضرموت محتفظةً باسمها في حينِ بدَّل الكثيرون أسماءهم وأشكالهم وعروقهم. حضرموت موطن الرجال الذين حملوا سيوفهم في فتوحات الإسلام، فدكُّٰوا بلاد فارس، وطردوا الروم، وعربوا بلاد مصر وبلاد المغرب. كل تلك الخيول الصاهلة، والأجساد التي صنعت التاريخ، نجد - للأسف - من يتجاهل كل هذه الأصوات المتعالية، أو يغض من طرفها عندما يكتب آثما، لأنه إنما يكتبُ تحت أنفاس عقله المثقل بالزيف والأوهام، خانقا كل ذلك التاريخ ليخفيه تحت وسائده الأثيرة. ويتحول الرجل الحضرمي - حفيد المئات من الصحابة رضوان الله عليهم - تحت كل هذا الجو الملبد بالزيف، إلى لحمٍ حرامٍ تلوكُه أفواههم المليئة بالتقرحات. وليصبح الحضرمي في نظرهم القاصر ذلك التويجر المجهول النسب، المنزوع الحسب، ليس له أن يفخر بموطنه ولا بقبيلته، ولا أن يذكرَ أصوله الموغلة في القدم، أمام فئات هي في ظل شجرته كأوراق الخريف المتساقطة.. وعليه أن يقنع منهم بجائزة تسمح له بالعيش في جزيرةٍ ارتوت من دم آبائه وأجداده، فتباً لهم ولزيفهم المتهاوي. وتختفي الحقيقة وتغيب شمسُها، حتى في بيوت و أفواه هؤلاء الحضارمة، فيشعروا بالغربة في جزيرة العرب بل وفي ظل حيودهم المنيفة، في حين يدَّعي كثيرون صلتهم بترابٍ يأبى أن يُقِرَّ لهم بحسبٍ أو نسبٍ على ثراه. ويساهم هؤلاء الحضارمة الذين لا يعرفون أن التاريخ وُلِد بين أصلابهم وترائبهم، وأن الجغرافية تقع في جبينهم العريض، يساهمون في تعزيز هذه الأوهام، متناسين أنهم قمر هذه الجزيرة ونجومها. لِمَ لا يقلبون أوراق تاريخهم فيقفوا عند أطلال آكل المرار الكندي ملك نجد، وعند بلاط سيف الدولة حيث المتنبي ذلك الحضرمي شاغل الناس، وينظروا بين الجبال إلى أستار الكعبة ليجدوا معلقة امرئ القيس يحركها هواء مكة الحار، أو يغوصوا في بحر مقدمة ابن خلدون ذلك المهاجر من ضفاف وادي حضرموت، وليمتلئوا عزة وفخاراً وهم يسمعون المقداد صاحب مقولة "والله لو خضت بنا برك الغماد لخضناه معك". وغير ذلك كثيرٌ لمتأملٍ يرى بعين الإنصاف، لم يعم عينه بريق الذهب القاتل، أو يحول بينه وبين الحقيقة هوى متبع. كل ذلك تناسوه فتناساهُ غيرهم، وصدق من قال: من يَهُن يسهُلُ الهوانُ عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ فاستيقظي أيتها الأبصار التي ودّعت الشمس وتوارت في الظلال، واعرفي قَدر نفسك، وأملئ صدور أبنائك عزةً، يصنع لهم مستقبلاً زاهراً، واذكري سواعد أجدادك التي بَنت من الطين قصورا شامخاتٍ قبل قرون عندما كان غيرهم يعيشون في عششهم المهترئة. استيقظ أيها الحضرمي.. وألقِ عن كتفك رداء الذلة الذي رضعتَه من مشايخ السوء الذين لعبت بهم الأهواء فاستعبدوك لتقبل أكفهم.. وحرِّر نفسك من عبودية الدرهم التعيسة، واصنع لنفسك ولجيلك مجدا كما صنعه أجدادك غفر الله لهم.. وهذه خطوتك الأولى نحو فضاء الاستقلال الرحب "إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا". |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|