حضرموت"والجنوب العربي"واليمن"والحوار الوطني .. هل هو الحل المعجزة ؟!

[حد من الوادي]

الحوار الوطني .. هل هو الحل المعجزة ؟!

الأحد 23 ديسمبر 2012 03:12 مساءً

محمد كليب أحمد

في أحيان كثيرة تجدنا – نحن الآباء – نعبثُ بأفكار أطفالنا ، ونكذب عليهم أو نظللهم ، لا لكراهيةٍ في قلوبنا نحملها لهم ، بل نجدُ أنفسنا مضطرين لتمريرِ بعض الحيـَـل في سبيل اقناعهم التخلي عن هذه الفكرةِ أو تلك ، بل وأحياناً للتخلص من احدى متطلباتهم الطفولية ..

ومثل هذه المواقف المتكررة والمتناسخة بين الأجيال تدعوني للإعجاب الشديد والتقدير البالغ لذلك العبقري والحكيم ( المحنـَّـك ) الذي خرجَ بفكرته الذهبية لإقناع هذا الشعب الطيب بالخضوع والاستسلام " لأمرٍ كان مقدورا " !!

فقد استفاد تماماً – هذا النابغة – من قصص التاريخ السحيق ومعجزة ( عصى موسى ) التي ابتلعتْ كل محاولات فطاحلة وعظماء سحرة فرعون الذي خرُّوا سجداً أمام هذه المعجزة قائلين : آمنـَّـا برب موسى وهارون !

فألقى " عبقري الزمن الجديد" هذا بفكرته المعجزة المسماة بـ ( الحوار الوطني ) في ساحة السياسة اليمنية الملتهبة لإطفاء كل فوهات البراكين المتفجرة وكأنها الغطاء السحري الذي سيحجب الأكسجين عن كل لهبٍ حتى يخمد اشتعاله ، ويكسب أطول فترة زمنية ممكنة حتى يعيد ترتيب أوراقه – هو وكل من له مصلحة في ذلك – في الوقت الذي ينشغل فيه الآخرون بالتفكير والنقاش والجدل الطويل الذي لا ينتهِ عن هذه المعجزة العظيمة والتي أستطاع من خلالها جرّهم جميعاً لحاناتِ الأمل الزائف ، يتجرعون كؤوس الخيال الخدّاع الذي جلجـَتْ حنجرته الذهبية بالتبجح به هو وبطانته وكل من انطوَتْ عليهم هذه الخدعة المغلـَّـفة ببريق الحل الأوحد الذي لا خيار سواه إلاّ الاحتراق والنهاية المؤكدة للجميع دون استثناء ..

كيف لا ؟ وهو المخرج لكل الأزمات ، ولا يستطيع أحد البدء بخطوة واحدة نحو غد مشرق بالتفاؤل للوطن دون ترديد بنوده وشروط الدخول اليه وتلاوة ترانيم أحكامه وفقراته والتغني بها أيضاً .

ولكي تزداد جرعة الأمل لديك – أيها المواطن المتشائل – لابد وأن يكون لديك طول بال ورحابة صدر تتسع لرمال صحراء الربع الخالي الذي سيعود كسابق عهده غابات خضراء وجنـَّات أعناب وورود كما جاء في وصف علامات الساعة التي نؤمن بها يقيناً ولا يستقيم إيمان أحد منا بدونها .

وهذا الحوار الوطني يحتاج منا "لصبر أيوب" حتى يؤتي ثماره ، وزمن غير قصير كزمن سيدنا نوح عليه السلام الذي احتاجه لبناء سفينته العملاقة التي نجا من خلالها كل الصالحين من الطوفان العظيم الذي اجتاح الأرض ليغرق كل الملحدين الكفرة والمكذبين بالدعوة وسخط وعقوبة الخالق الجبار حتى وإن كان أحد أبناء سيدنا نوح ، فطالما وهو قد كذَّب بدعوة أبيه وصعد إلى أعلى قمة في الجبل لينجو من هذا الطوفان ..

الحوار الوطني اليوم كتلك السفينة العملاقة التي نحتاج لبنائها ما لا يقلُّ عن ألف سنة حتى تتسع للقائمة الطويلة جداً من الأسماء والأحزاب والأطياف والمذاهب السياسية والقبلية والمناطقية والتي لم يبدأ بعد تسجيل أي أسم فيها حتى اليوم ، لأنه – من الصعب ، بل ومن المستحيل – الاتفاق على اختيار أعضائها في فترة لم يحدد القائمون عليها أي موعد او رقم للعدد المجهول الذي يتصاعد بمتتالية تراكمية متسارعة لا تنتهي ..

فالحوار الوطني هي المعجزة الكبرى التي لا تنافسها معجزة في العصر الراهن سوى انتشار الانترنت ، لا يتوقف فيها الجدل والبحث والدراسة والتحليل والخيال الواسع مطلقاً ، مثلها كمثل أبحاث وكالة ( ناسا ) لأبحاث الفضاء التي لا حدود لها ، حيث ستتوالى الأجيال تلو الأجيال ولا نعرف أي منها سيكون المستفيد الأول منها بعد وصولنا لما بعد كوكب المريخ والكواكب الجديدة التي تم اكتشافها مؤخراً ..

جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}