أزمة سياسية تعيشها البلاد بعد استهداف نواب المعارضة وناشطيها

[حد من الوادي]

27/1/2007

أزمة سياسية تعيشها البلاد بعد استهداف نواب المعارضة وناشطيها.. وكتلة الإصلاح تطالب باستدعاء الداخلية والأمن القومي وتدعو لحياد الإعلام الرسمي

الكاتب : ناس برس - نجيب اليافعي:




طالبت الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح باستدعاء وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن القومي إلى مجلس النواب لمناقشة الموضوع في جلسة علنية للوقوف على مهام جهاز الأمن القومي واختصاصاته.

وأدانت كتلة الإصلاح -في بيان لها حصل عليه ناس برس- ما تعرض له النائب الشيخ حميد الأحمر في: 16 من الشهر الجاري "للاستفزاز والتفتيش بهدف تصفية حسابات سياسية ضاربين عرض الحائط بالحصانة التي منحها إياه الدستور واللائحة الداخلية للمجلس" داعية إلى نزع الصفة الضبطية القضائية من المتسببين المباشرين لهذه الانتهاكات تمهيداً لتقديمهم للقضاء.
واستنكرت السعي "لتسخير إمكانيات الدولة خاصة الأمنية منها لمضايقة كل من يقف أمام الفساد ويصطف مع المظلومين من أبناء الشعب".

ودعت كتلة الإصلاح إلى حيادية أجهزة الإعلام الرسمي وعدم انجرارها في مهاترات لصالح فئة أو حزب معين كونها تعبر عن الشعب بكل فئاته، مشددة على ضرورة "التوعية الدستورية والقانونية لقيادات وضباط أفراد الأمن بالحقوق الممنوحة لأعضاء مجلس النواب كي لا تكرر مثل هذه التصرفات غير القانونية".

من جهته وصف علي الصراري -رئيس دائرة المنظمات بالحزب الاشتراكي اليمني- هذا الاستهداف بأنه يدل على "أن السلطات لا تحترم مسئولياتها وواجباتها وإنما تمارس نوع من الثأر الشخصي، وهي تنفي عن نفسها أي مشروعية التي تستمدها من احترام القانون، أما عندما لا تحترم القانون فهي عصابة تستخدم وسائل القوة لتنفيذ مآرب شخصية".

وقال الصراري لـ"ناس برس": "هذه البلاد تدار بعقلية العصابة وليس بمفهوم الدولة،وحميد مواطن علاوة على أنه عضو في مجلس النواب وناشط سياسي وقيادي في أحزاب المعارضة، وليس من حقهم أن يفتشوا الحقائب لا في القانون ولا في الأعراف والأخلاق لأن كل مواطن مشتبه في نظرهم لا بد يفتشوه هذا فيه تقصد ومضايقة واضحة".

وبين الصراري أن السلطات الأمنية "عندما تحاول أن تفتش الحقيبة الشخصية لحميد فإنها تعرف أنها لن تجد شيئاً فيها، وإنما تقوم بذلك على سبيل المضايقة ومن أجل أن تستخدم مثل هذه الوقائع للإساءة والتشهير، وفي الواقع هي لا تعرض أمامنا إلا سوء استخدامها لما بين يديها من نفوذ".
وأضاف "هذه الممارسات للأسف الشديد يمارسونها مع أعضاء مجلس النواب تحديداً بما يدل على نوع من الاستهتار بحصانة هؤلاء وبصفتهم، وهذا الأسلوب يمارس حتى مع نواب في المؤتمر الذين يسكتون عنها، لكنهم فقط يفتشون نواب الحزب الحاكم كغطاء لإخضاع نواب المعارضة للتفتيش".

وأشار الصراري إلى أن ما تقوم به السلطات الأمنية "لا يمثل القانون وإنما يمثل عقلية تعود إلى فترة سحيقة من الزمن عندما عرف العالم محاكم التفتيش التي كانت تلاحق ضمائر الناس، وتلاحق أفكارهم، ويبدو أن السلطات الأمنية في اليمن مغرمة بالتفتيش عنها" مضيفاً "ولأنها في الوقت نفسه لا تحرز أي نتائج عقلية في التفتيش على المخدرات وعن التجارة بالسلاح غير المشروعة التي ينبغي أن تكون هم رئيسي لها، فسوء سمعة اليمن هو مرتبط بالمخدرات وتجارة السلاح غير المشروعة وليس بما يحمله اليمنيون من أفكار وضمائر".
وقال "لا تستطيع السلطات في هذا البلد أن تبرر تعسفاتها بما يجري في الدول الأخرى، نحن نطالبها بأن ترتقي بأدائها إلى نفس مستوى الدول الأخرى التي تحترم مواطنيها وزائريها".

وفي السياق تساءل المحامي خالد الآنسي عن الوسائل التي تكفل الرقابة على الأجهزة الأمنية في أدائها لعملها بحيث تمنع تعسفها، وقال "ما الذي يحفظ للمواطن حقه عندما يتم التعسف معه وكيف يمكن إثبات حقه؟ وعندما وليت سلطة على أعراضنا وأموالنا ورقابنا وليت وفقاً لمشروعية قانونية، وعندما تخرج عنها تكون محلاً للمحاسبة".

واعتبر الآنسي أن تفتيش عضو مجلس النواب يخضع للحظر "فلا يتم إلا بإذن من مجلس النواب وهنا الاستدلال بنص المادة للمصدر الأمني استدلال مغلوط ومردود على من استدل بها، لأن النص القانوني لم يعط لسلطة الضبط أن تقبض على عضو مجلس النواب أو تفتشه حتى لو كان متهماً في جريمة، إلا إذا كانت هذه الجريمة مشهودة، ولا تشمل الحق في التفتيش لأن القبض يأتي في إطار التحفظ على أعضاء النواب".

وقال الآنسي لـ"ناس برس": "أما في غير ذلك من الحالات لو كان متهماً في أي جريمة مهما كانت خطورتها فإن الحصانة البرلمانية الممنوحة له وفق الدستور تمنع إجراء أي اتخاذ ضده، فهذه المادة حجة على المصدر الأمني لا له باعتبار أنه لم يكن هنالك جريمة مشهودة ولو كان هناك جريمة فإن الإجراء الذي أعطي لرجال الأمن هو القبض أما التفتيش فلا يحق لهم أن يقوموا به إلا بعد صدور الإذن ممن يملكه وهو مجلس النواب".

وأكد الآنسي أن احترام القانون "يستوجب عندما ينفذ أن يتم وفقاً لما أراده المشرع وهو تحقيق المصلحة العامة لا تحقيق مصلحة خاصة" مضيفاً "في هذه الحوادث لم يكن المراد تحقيق مصلحة عامة بقدر ما أريد به إيصال رسالة لهذه الشخصيات المعارضة وفقاً للوقائع السابقة، أنهم محل مضايقة ويعاقبون على مواقفهم من النظام السياسي، حتى مع ما لهم من حصانات برلمانية".

ونبه الآنسي إلى أن هذه الواقعة تقتضي من النواب "اتخاذ موقف وأن يطلبوا مساءلة الحكومة وأجهزتها الأمنية عن هذه الوقائع، ويقتضي أن يوجد آلية تكفل لكل مواطن حمايته من استخدام ما خولت فيها أجهزة الأمن من صلاحية تفتيش بألا تكون أداة للتعسف، وقال "هنالك من يضايق ويمنع من مغادرة البلد، وأحياناً بقوائم تضعها الأجهزة الأمنية لا السلطة القضائية، وأحياناً تخضع للمزاج الشخصي، بأن يقدر أحدهم أن هذا الشخص معارض وبالتالي يتقرب زلفى إلى النظام السياسي بعرقلته ومنعه من السفر وبتعسفه".

وفي رسالة وجهها النائب حميد الأحمر إلى رئيس مجلس النواب أعضاء هيئة رئاسته تحدث الأحمر عن تعرضه لمضايقات من قبل موظفي جهاز الأمن القومي بمطار صنعاء الدولي وانتهاك حصانته البرلمانية له ولغيره من أعضاء المجلس، مشيراً إلى قيامه بالتوضيح لضباط الأمن القومي باحترام حصانة البرلماني ومخالفتهم الصريحة لنص المادة (82) التي تحضر اتخاذ أي من إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي ضد عضو المجلس إلا بإذن من مجلس النواب.

وأوضح النائب الأحمر أن هذه المخالفات تكررت لكن الجواب الذي كان يلاقيه أن هذا يأتي "تنفيذاً لتوجيهات عليا" مشيراً إلى وعود تلقاها من وكيل جهاز الأمن القومي بعدم تكرارها وهو -ما لم يتم حسبما جاء في الرسالة- مما اضطره لترك حقيبته لدى ضباط الأمن في صالة التشريفات بمطار صنعاء أثناء قدومه من إحدى سفرياته في السابع من هذا الشهر "وذلك لحرصي على عدم التهاون في قضية اختراق الدستور والقانون ولتحميلهم مسئولية ما يجري".

وانتقد الأحمر الخلل الكامن في عدم احترام الدستور والقانون والاستهتار بموادهما "باعتباره أهم مرجعيات العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم والذي بغيابه تفتقد هذه الأجهزة والمؤسسات شرعية عملها" مؤكداً أن رفعه للمذكرة لم تأت إلا بد تكرار هذه المخالفة للمرة الثالثة على التوالي.

واستغرب من مواقف مدير أمن المطار وضباط الجهاز التي أكدوا فيها "الإصرار والتعمد على خرق الدستور وعدم الاكتراث بهذه المخالفات القانونية بالرغم من علمي ويقيني أن إجراءات التفتيش هذه يستثني منها كثيرون والأمر يخضع للمزاجية ناهيكم عن اختفاء إجراءات التفتيش عند الوصول في معظم مطارات العالم".

وطالب النائب حميد الأحمر مجلس النواب باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوق أعضاءه والتحقيق مع من تعمد اختراق الدستور والقانون ومحاسبته "راجياً أن يشمل الطلب وكيل جهاز الأمن القومي ومدير المطار".

وكان الإعلام الرسمي نشر خبراً لمصدر أمني قال فيه أن ادعاء النائب حميد الأحمر بأنه كعضو مجلس النواب يملك الحصانة، ولا ينبغي تفتيش حقائبه أثناء وصوله أو مغادرته المطار، "ينم عن عدم فهم بنصوص الدستور والقوانين النافذة ومنها المادة (82) من الدستور، بل وتكييفها وبما تقتضي مصالحه وتوجهاته الضيقة".. موضحاً أن النص الدستوري فيما يتعلق بالحصانة يترتب وفقاً لغرض واحد يشير إليه، وهي الإجراءات ذات الطابع الجزائي".

وأضاف المصدر "إن مثل هذه الإجراءات الاحترازية الأمنية أو الإدارية تمارسها سلطات المطار بصورة مباشرة بحسب الصلاحيات القانونية المخولة لها في هذا الشأن، دون انتظار لأي توجيهات، وتطبق على الجميع ولما فيه تحقيق الأمن والسلامة والمصلحة العامة, والأجهزة الأمنية تتعامل مع المواطنين من منطلق أن الجميع سواسية أمام القانون، ولا يمكن لأي شخص مهما كان ن يتصرف وكأنه فوق النظام والقانون.