فك الإرتباط القائم سلميا وإقامة وحدة كونفدرالية بين اليمن الشمالي والجنوبي

[عامر عبدالوهاب]

ما يجري في الجنوب حاليا من ثورة ضد القوات اليمنية كان متوقعا منذ وقت ، وقد كنت اتوقع قيام معارضة سلمية ومسلحة بعد عام 2010 م في مقال لي على ما اذكر عام 2003 م او 2004 م . وقد تطورت الاحداث الان ونرى معارضة حقيقية بدأت عام 2007 م ومستمرة حتى الان ، وستضل مستمرة حتى تحقق اهدافها ، وهو الاستقلال واعادة الدولة الجنوبية .

ما يهمنا من هذا المقال هو طرح بعض التصورات والمعالجات لموضوع الوحدة والاستقلال والتعايش السلمي بين شعب اليمن الشمالي والجنوبي.الوحدة قامت عام 90 بتراضي الطرفين الشمالي والجنوبي، وكان التسرع هو سيد الموقف وتمت خلال سبعة اشهر من التوقيع عليها في نوفمبر 1989م حتى اعلانها في 22 مايو 1990 م .وقد ولدت تلك الوحدة مشوهة ، لذا لم تمر عدة اسابيع من قيامها الا وسمعنا بالاغتيالات ، ومحاولة احد الاطراف السيطرة على الدولة الجديدة ، وقد كتبنا حول هذا الموضوع دراسة مطولة ونشرت في يناير 2006م يمكن الرجوع اليها على

فشل الوحدة الإندماجية السلمية ووحدة القوة
والسبب انه لم يجري الاعداد المناسب لها بحيث تبداء من التعاون وتطبيع العلاقات وبناء الثقة ، ثم وحدة كونفدرالية لعدة سنين، ثم فدرالية بعد ذلك . وقامت بعدها الوحدة المعمدة بالدم كما يسميها حكام الشمال ، اي وحدة القوة عام 1994 م ، وقد تبعها ما يعرفه الجميع من نهب وسلب وتخريب وتدمير وحل للدولة الجنوبية , وهذا ما جعل الجنوبيين يثورون لاستعادة حقوقهم ودولتهم .

حل الوحدة القائمة سلميا واقامة وحدة كونفدرالية
رائيي المتواضع ان يتم حل الوحدة القائمة بطريقة سلمية لأن الاستقلال اصبح مطلبا شعبيا عارما في الجنوب، وان تقام وحدة كونفدرالية بين اليمن الشمالي ، واليمن الجنوبي ،لانها الاصلح في الوقت الحاضر ، فهي ستجنب البلدين الدخول في حرب ستأكل الاخضر واليابس ، وسيكون الخاسر الاكبر فيها اليمن الشمالي،لأنه كما قلنا قد جرب وحدة القوة عام 94 م ولم تنجح وهي الان تسقط حجرا حجرا ..!! فلو قامت حرب عصابات طويلة على ارض الجنوب فقد تؤدي بعد وقت الى انهيار الدولة في الشمال ،لأنها غير قادرة على تحمل تكاليفها ، وامريكا بعضمتها تشكوا من حرب افغانستان والعراق وهي اقوى دولة بالعالم ، فما بالنا باليمن ، وقد يؤدي ذلك ان حصل الى تفتت اليمن الشمالي الى كانتونات ومقاطعات يحكمها بعض من بقي له من مال وقوة من المشائخ والضباط وغيرهم ،ولو لبعض الوقت حتى تقام دولة جديدة بزعماء جدد . والدولة قائمة الان بسبب وجود بعض المال الاتي من عائدات نفط الجنوب ، ومارب ، والجمارك ،والضرائب ، والمساعدات الخارجية ، اما لو انقطع الدخل او قل فكيف ستبقى الحكومة الحالية ..؟؟، لانها قائمة على المال (البنك المركزي) وشراء الذمم والانفاق على كل موالي للسلطة فحسب وليس المبادئ او المثل العليا ..!!

فوائد الوحدة الكونفدرالية لا تعد ولا تحصى ، فكل بلد سيكون له سيادته واستقلاله ودستوره وحدوده الخ ..ولكن في نفس الوقت العلاقة بين البلدين ستكون في مستوى عال من التنسيق والتعاون، بحيث يسمح للمواطنين بالتنقل بالبطاقة الشخصية ،بحرية والعمل والاقامة والتملك والاستثمار في البلد الثاني ، اي وكأنها بلدهم ، وهذا ما يجب ان يكون لأنه يوجد الان الكثير من الشماليين في الجنوب ومن الجنوبيين في الشمال ، ولهم املاك وعلاقات مصاهرة وصداقة، وعلاقات انسانية واجتماعية، ومصالح ..الخ .ويمكن بعد وقت من الزمن 10، 20، 30، سنة او اكثر يمكن اقامة وحدة فدرالية بين اليمن الشمالي والجنوبي.بعدما تبنى الثقة ويسود الاحترام والاخاء والمحبة العلاقة بين الشعبين الشقيقين ، وبحيث تكون هناك مخارج وضمانات واليات لعلاج اية مشكلات قد تضهر في المستقبل .

انا من الشمال ولكن اعز اصدقائي من الجنوب سواء من هم مقيمين في جُبن من الصبيحة ولحج والضالع او ممن عشت معهم في الثلاثين عام الماضية في بلاد الاغتراب .
ولكن لا يمكن اقامة وحدة كونفدرالية والتمتع بمميزاتها بدون فك الوحدة القائمة سلميا.ويجب على شعب الشمال وقادته السياسيين ان يدعمون هذه الفكرة والاتجاه فهو الاسلم والافضل والواقعي والطبيعي .اما فرض الوحدة بالقوة على الجنوب ، فلا يمكن نجاحه ، وسيؤدي الى كارثة كبرى على الشمال قبل الجنوب ، اذ الجنوبيين ليس لديهم الكثير مما يمكن ان يخسروه .! ولو حصل وانفصل الجنوب بعد حرب عصابات فلا يمكن تصور اقامة وحدة كونفدرالية بين البلدين ، وستكون الخسارة كبيرة جدا ولا يمكن تصورها ،وسيتفكك الشمال وستكون هنالك عدوات بين البلدين ،وقد يعاد رسم خارطة الشمال نفسه ، وضم اجزاء منه الى الجنوب . وهذا ما لا نتمناه ان يحصل للشعب اليمني شمالا وجنوبا ، فقد وقعت من الحروب الكثير ، ولم تحقق له الا القليل من الخير .

وليس عيبا التراجع عن الوحدة الشاملة والاندماجية الى الوحدة الكونفدرالية ، فهو عودة الى الشيئ الطبيعي والواقعي والخطوة رقم واحد .ولانها ستجنب اليمن الكثير من المأسي والكوارث ، والتي نرى بوادرها في الافق .ارجوا من الاخوة الاعزاء رفد الموضوع بما يرونه مناسبا.فالكمال لله سبحانه وتعالى وقد كتب هذا المقال على عجل لضيق الوقت .والعفو من اي تقصير .وللجميع تحياتي واتمنى لهم السلامة والسعادة شماليين وجنوبيين زيودا وشوافعا ..!