صنعاء" الشعب التونسي يعلمنا معنى الحياة

[حد من الوادي]

الشعب التونسي يعلمنا معنى الحياة
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: ساعتين و 33 دقيقة
الجمعة 14 يناير-كانون الثاني 2011 11:46 م
--------------------------------------------------------------------------------
في اليوم الرابع عشر من بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة, كانت تونس والوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه مع الموعد المفاجئ والمتمثل بالإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

الأحداث التي اندلعت في تونس مند نهاية ديسمبر المنصرم, كانت توحي بأن تغييرا ما سوف يجتاح البلد.. وبعد ما يقل عن شهر تقريبا كان لهدا التغيير أن يتم, وإن كانت ملامحه النهائية لم تتضح بعد.

اليوم الجمعة, الـ14 من يناير, غادر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي البلاد, مضطرا, وتولى الوزير الأول محمد الغنوشي مهام رئاسة الدولة بالإنابة مؤقتا, وبذلك يكون ما يراوح الـ24 عاما من حكم تونس من قبل بن علي قد تم الإعلان النهائي له بهذه الأحداث الدرامية, وبقى أن نترقب ما الذي سيقرره الشعب التونسي بعد ذلك.

كانت هذه الأحداث العاصفة قد بدأت في الـ18 من ديسمبر 2010, في مدينة سيدي بو زيد (265 كلم جنوب العاصمة التونسية), حين أقدم بائع متجول على الانتحار بإحراق نفسه؛ احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها بعدما منعته من بيع الخضروات والفواكه دون ترخيص من البلدية.

وولاية سيدي بو زيد هي إحدى ولايات الجمهورية التونسية الـ24, تقدر مساحتها بـ6994 كم مربع.

وحين رفضت سلطات سيدي بو زيد قبول الشكوى التي تقدم بها محمد البوعزعزي (26 عاما), أقدم الأخير على صب البترول على نفسه وأشعل أنار.

هذه الحادثة تشير لنا أن القضية تعلقت بالبطالة, لكن الشعب التونسي استغل الفرصة التي سنحت, وأخذ يعبر عن مطالبه وما يريد, إلى غداة الانقلاب السلمي الذي قاده الشعب ضد بن علي الذي فضل الخروج من البلد دون المزيد من سفك الدماء, وحتى الآن تقول المعلومات إنه لم يستقر في دولة محددة, مع أن معلومات قالت إنه لجأ إلى "مالطا".

ليس هذا بالشيء الغريب على الشعب التونسي, إذا ما تذكرنا كلمات الشاعر التونسي النابغة أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر, ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر..

وفعلا الشعب التونسي أراد الحياة.. قال كلمته وكان عند مستوى المسئولية.. واستطاع أن يجبر "بن علي" على التنحي, رغم أن الأخير لا يزال في أوج قوته وسلطته.

وبما أنني أسجل هنا آيات الثناء والتبجيل للشعب التونسي, أرى أن أوجه رسالة شكر للرئيس بن علي لأمرين اثنين:

أولهما: أشكره لشجاعته في الاعتراف بالقضايا المطلبية للشعب التونسي في خطابه أمس الخميس (انقر هنـــا), وكان شجاعا حين قال إن مستشاريه قدموا له معلومات مغلوطة وخدعوه, وتوعدهم بالمحاسبة. (ما يثير الانتباه هنا, أنه لم تمض 24 ساعة على توعد بن علي بمحاسبة أولئك الخادعين, حد تعبيره, حتى تمت الإطاحة به).

وثانيهما: أشكره لأنه فضل الخروج من البلاد دون المزيد من سفك الدماء, ويحترم أكثر أنه أعطى أوامره للجيش بعدم استخدام السلاح في مواجهة الشعب الغاضب.. كان يعرف تماما أنه الطرف الخسران وعرشه يتزلزل ولا رجعة عن ذلك, لكنه فعل شيئا يستحق معه الاحترام..

نعم إنه شعب عظيم.. ونعم إنه رئيس ضرب مثلا رائعا مقارنة بالحكام العرب, وإن كان ديكتاتوريا واستبداديا, وكانت تونس في عهده تعيش قمعا لم تعرف معه معنى الحرية, إلا أنه احترم ذاته على الأقل..

عن تونس

تونس بلد يقع في شمال أفريقيا يحده من الشمال والشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب الجزائر, ومن الجنوب الشرقي ليبيا. عاصمتها مدينة تونس, وتبلغ مساحة الجمهورية التونسية 162.155 كم2. تمتد الصحراء الكبرى على 30 % من الأراضي التونسية بينما تغطي باقي المساحة تربة خصبة محاذية للبحر. لعبت تونس أدوارا هامة في التاريخ القديم منذ عهد الأمازيغ والفينيقيين والقرطاجيين وقد عرفت باسم مقاطعة أفريقيا إبان الحكم الروماني لها. وقد دارت حروب بين قرطاج وروما لا تزال إلى الآن أحد أهم حروب العهد القديم كما كانت تسمى مطمور روما لما كانت توفره من منتجات فلاحية. فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان سنة 50 هـ لتكون أول مدينة إسلامية في شمال أفريقيا.

من هو بن علي؟

ولد زين العابدين بن علي في الـ3 من سبتمبر عام 1936، ورأس الجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 حتى الـ14 من يناير 2011، وهو الرئيس الثاني لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة.. كان قد عُين رئيسا للوزراء في أكتوبر 1987 ثم تولى الرئاسة بعدها بشهر في نوفمبر 1987 في انقلاب غير دموي حيث أعلن أن الرئيس بورقيبة عاجز عن تولي الرئاسة. وقد أعيد انتخابه وبأغلبية ساحقة في كل الانتخابات الرئاسية التي جرت، وآخرها كان في 25 أكتوبر 2009.

صنفت جماعات حقوق الإنسان الدولية وكذلك الصحف الغربية المحافظة مثل الإيكونومست النظام الذي يتراسه بن علي بالإستبدادي ‏( en )‏ وغير الديمقراطي. وانتقدت بعضا من تلك الجماعات مثل منظمة العفو الدولية وبيت الحرية والحماية الدولية المسؤولين التونسيين بعدم مراعاة المعايير الدولية للحقوق السياسية وتدخلهم في عمل المنظمات المحلية لحقوق الإنسان.

وباعتبارها من النظم الاستبدادية فقد صنفت تونس في مؤشر الديمقراطية للإيكونومست لسنة 2010 في الترتيب 144 من بين 167 بلدا شملتها الدراسة. ومن حيث حرية الصحافة فإن تونس كانت في المرتبة 143 من أصل 173 سنة 2008.

*المعلومات عن "تونس", و"بن علي", مقتبسة من الـ"ويكيبيديا".

[الفارس الهاشمي]

الشعب التونسي ينتصر

فمتى ننتصر ؟؟