حديث الخميس (( حضـــرمـــوت )) الحلقة الرابعــة...!!!

[أبوعوض الشبامي]

.

ديانة الحضارمة قبل الإسلام

شهدت حضرموت في العصور القديمة ازدهارا حضاريا مبكرا وفي ظل ذلك الازدهار برزت أهمية الدين في حضرموت كبقية تلك الأمم في تلك العصور والحضارات القديمة .

فأقيمت في حضرموت المعابد الخاصة للمعبودات الوثنية المقدسة عند الحضارم، وتدل على ذلك الاكتشافات الأثرية التي حددت معابد كثيرة في وادي حضرموت واكتشافات لنقوش أثرية واهداءات ونذورا كانت تهب لتلك المعبودات وأماكن ذبح القرابين لتلك الآلهة.

ومن الثابت من قراءة تلك النقوش من قبل أهل الاختصاص بتاريخ حضرموت القديم فإن الحضارم قد عبدوا الكواكب الثلاثة فكانوا يسمون إله القمر باسم (( سين )) ويرمزون له بالهلال ، ويسمون اله الشمس ب (( شمس )) أو (( ذات حميم )) أو (( ذات بعدن )) .ويسمون إله الزهرة (( عشترم )) وقد صوروا تلك المعبودات ورمزواا لها برسومات حيوانية وكانت رسوماتها منحوتة في معابدهم وبيوتهم .

وبعد نهاية القرن الثالث أنهارت مملكة حضرموت و دخلت حضرموت في إطار الدولة الحميرية ، وتلاشت الاعتقادات القديمة لعبادة الكواكب الثلاثة ، وظهرت في حضرموت تأثيرات للديانة اليهودية والمسيحية ، بجانب ديانات شركية وثنية كانت سائدة في جزيرة العرب.

ومن المعبودات الوثنية الصنم (( مرحب )) الذي كانت تعبده حضرموت . وحافظت القبائل النازحة من وسط الجزيرة العربية والتي كان إفرادها يعملون في الحاميات العسكرية في مملكة حضرموت حافظت على معبوداتها الوثنية ، لهذا ذكرت المخربشات والكتابات القديمة الحضرمية اسم الإله (( العزى )) وهو إله وثني شهير في كافة أنحاء جزيرة العرب.

واتخذت قبيلة كندة من الصنم (( ذريح )) معبودا وثنيا لها ، وكان هيكل معبده في حصن النجير ، وذكر ياقوت الحموي (( الجلسد )) كصنم كان بحضرموت تعبده كنده وحضرموت .
وقيل أن الجلسد من أعظم المعبودات الوثنية الحضرمية المقدسة عند الحضارم قبل الإسلام ، وذكر المؤرخون أن (( للجلسد )) حمى ترعاه سوامه وغنمه ، وكانت هوافي الغنم إذا رعت حمى الجلسد حرمت على أصحابها ، وزعموا أن هناك من يكلمهم من داخل الصنم (( الجلسد )) .

والجلسد عبارة عن صخرة بيضاء ملساء لها ما يشبه الرأس الأسود ، إذا ما تأمله الناظر رأى فيه وجه إنسان (( ياقوت الحموي معجم البلدان جزء2 )).

وكانت شعائر الصنم جلسد من أعظم واهم الشعائر الدينية عند الحضارم وهي طقوسا تؤدى قبل الوقوف والدخول عليه منها التكبير وذكر ابن المنظور في لسان العرب وقال :

(( كما كبر من يمشي إلى الجلسد )) واختلف رواة هذا الشطر من بيت الشعر بين من وصف المشي إلى الجلسد في حالة التكبير ، (( رفع اليدين )) أو مشية البيقرة ، وهل كان مشي الشاعر إلى الجلسد أو إلى الخلصة وكليهما صنم معبود . فقد ذكر الجوهري الجلسد صنم قال الشاعر:

فبات يجتاب شقارى كما= بيقر من يمشي إلى الجلسد

وجاء في لسان العرب (( أن البيقرة إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه
.
قال امرئ القيس :

ألا هل أتاها والحوادث جمة= بأن امرأ ألقيس بن تملك بيقرا

وكانت قبيلة كندة تكبر وتلبي إذا أقبلت إلى أصنامها وقد ذكر صاحب كتاب (( المحبر )) طريقة تلبية الناسكين للصنم ذريح في الجاهلية وهي:

لبيك اللهم لبيك= لبيك كلنا كنود= وكلنا لنعمة جحود= فاكفنا كل حية رصود
وتلجأ قبيلة كندة للتضرع إلى الجلسد إذا أضل أحدها إبلا له، فإنه يأتي إلى الجلسد وينحر جزورا ويستعير ثوبين من ثياب السدنة ويكتريهما ويلبسهما وهذا في اعتقادهم من باب الطهارة في اللبس وكذلك يفعلون ثم يتوجه إلى الجلسد ويقول : (( أنشدك يارب أبكرا ، ضخمة مدمومة دما ، مخلوقة بالأفخاذ ، مخبوطة بالحاذ، أضللتها بين جماهير النخرة ، حيث الشقيقة والضفرة ، فأهد رب وأرشد )) .

المراجع (( ياقوت الحموي معجم البلدان ـ ابن المنظور لسان العرب ، معجم ما استعجم للبكري)) .







لنا تكملة مع الموضوع.