عبدالله الجعيدي..شاعر السقيفة وإبداعه في مناصرة قضايا الأمة و" نصرنا قادم من الفلوجة"

[باشراحيل]

أزمة الاحتلال الأمريكي في العراق .. و" نصرنا قادم من .. الفلوجة "

رياض عوض باشراحيل{جدة}

الشعر هو تعبير عن الحياة ليس بإمكانه ان ينعزل عنها وللشعر رسالة سامية إن لم يحققها فهو شعر فاسد وأوهام وأحلام ليس لها حدود في عالم الحقيقة , وقصيدة لا تظفر بمكانها في نفوس الناس لاضرورة لها .
والشعر أي كان مستواه اللغوي فصيحا او عاميا هو جزء من تاريخ اللحظة الإنسانية بقدر ماهو جزء من تاريخ اللحظة الإبداعية , لذلك فقد ارتبط الشعر الشعبي عبر الزمن بتاريخ أمتنا في أزماتها مسجلا مآثر الأبطال ومقاومة الغزاة ومؤرخا للحظات الحاسمة في مسيرة حياتها وتاريخها . وظل الشعر الشعبي شديد الالتصاق بهموم الناس وقضاياهم المصيرية معبرا عن وجدان الأمة إزاء تلك القضايا مجسدا الروح الشعبية المناضلة التي لاتنكسر لها قناة ولايلين لها عود في اشد الظروف وأصعبها .
لقد عبر الشعراء الشعبيون عن شئون أمتهم وأحوالها عند المحن فأجلوها واحتفوا بها وتناولوها في أعمالهم الفنية مكرسين من خلالها المعاني السامية التي تحملها كالعطاء والبطولة والأقدام والقدسية والتضحية مما يعكس نبل شعرائنا وتقديرهم لنضال أمتهم وتاريخها المجيد .
وحول أزمة الاحتلال الأمريكي الصهيوني للعراق ونضال امتنا هناك , هاهي المقاومة العراقية في كل شبر من أراضي العراق العظيم بإرادتها الحية وصمودها المشرف تضع العدو المحتل في مآزق يومية تزلزل اطمئنانه وتهز استقراره وتدمر آلياته ومركباته وقوافله العسكرية وتحرق القتلة الغزاة حين يحلقون بطائراتهم كالطيور وحين يختبئون داخل المدرعات كالخفافيش .
وقد تجلت مدينة الفلوجة الصامدة ببطولاتها وتضحياتها في الثبات أمام قوات الاحتلال الغاشم وترسانته العسكرية بعزيمة لن تلين وظلوا فرسان هذه المدينة يؤكدون للمحتل ان إرادتهم أقوى من جبروت آلته العسكرية وان الأيمان بحرية الوطن أقوى من الطائرات والدبابات التي يستخدمها المحتل . وقد مر ببصري من مشاهد عرضت من الفلوجة لوحة كتب عليها { ارفع رأسك فأنت في الفلوجة } .. حقا لقد رفعت الفلوجة رؤوسنا ورؤوس أمتنا العربية والإسلامية كلها وضرب أبناؤها المثل في حب الوطن والوفاء له والدفاع عن الأرض والعرض والدين .
لقد لفت انتباهي الشاعر اليمني عبدالله الجعيدي المقيم بالرياض في قصيدته " نصرنا قادم من الفلوجة " الرابضة بسقيفتنا الشبامية.. والشاعر الجعيدي يتفجر قلبه غيظا على المحتل الأمريكي فأخذ في قصيدته يشيد بالفعل النضالي للمقاومة العراقية في الفلوجة وفي كل أرجاء العراق الحبيب تحريضا وتمجيدا وتبشيرا بهزيمة العدو والنصر القادم , وقد استطاع ان يجمع في قصيدته بساطة الخطاب الشعري إضافة الىعفويته وصدقه , وهذه القصيدة تعد نموذجا للقصيدة الشعبية التي تربط بين شعر الوطن والمقاومة وبين متطلبات الإبداع والجمال الفني .
ويوحد الشاعر في قصيدته بين واقعه المحلي الوطني وواقعه القومي فينزع عن واقعه الخاص إطاره الضيق ويجعل ما تعانيه امته العربية والإسلامية هو ضوء لمعاناته الخاصة , لذلك فالتحرير من الاحتلال قادم والنصر الذي تشرق شمسه من الفلوجة هو نصرالأمة كلها :

من الفلوجة التحرير قادم = وقادم نصرنا بعد الهزيمة

ولأن العدو لا يعترف بأية لغة غير لغة القوة فإن إخواننا في العراق رفعوا رآية المقاومة والجهاد والفداء بالدم والأرواح الزكية الطاهرة التي تغسل عار الصمت والخنوع والهوان وتشيد صرح الصمود والنضال والتصدي للمحتل , أجل ان بسالة المقاوم العراقي وإرادته القوية قد زرعت في نفوس أمته الأمل بالفجر القادم من ارض الحضارات..

يقول اهل المراجع والمعاجم = هنا ارض الحضارات العظيمة
هنا جو الشهادات الملائم = هنا جنة لمستشهد نعيمة
هنا لازم يموتون البهائم = هنا للعرب والإسلام قيمة

ومثلما حمل الشاعر جمعان بن جوهر في قصيدته " الفيل باتقتله درة " على الرئيس الأمريكي " بوش الابن " تهوّره وحمّله مسئولية ما يجري في العراق اليوم بقوله في ختام قصيدته الشعبية :

تريضوا لاياأهل بامطروش = الفيل باتقتله درة
خله يصاليها لوحده بوش = ويرد ماها في مقره

فإن الشاعر الجعيدي هو الآخر يحمل بوش مسئولية اقتراف اكبر جريمة عرفها التاريخ المعاصر في حق الشعب العراقي وشعوب الأمة العربية والإسلامية وفي حق شعبه ايضا :

هنا يابوش تسطير الملاحم = هنا قهر السياسات العقيمة
هنا ع الاحتلال الكل ناقم = هنا بوش ارتكب اكبر جريمة

والمقاومة في نظر الشاعر تعني الإرادة الحية والتشبث بالأرض والاعتزاز بالقيم النبيلة والتصدي للمحتلين المدججين باعتي أنواع الأسلحة , الا أن حماسة شباب لمقاومة ومعنوياتهم العالية هي التي سجلت الملاحم الإنسانية الرائعة على الأرض وأسهمت بقوة في ضرب العدو وقطع الإمداد والتموين عليه واصطياد مركباته وآلياته في كل مكان ونجاح الكمائن من العيار الثقيل التي تنصب في الطرق وتهاجمهم على حين غرة فتحبط معنويات جنوده وتخر قواهم وتصاب بالشلل رغم التحصينات التي يتمتعون بها لذلك يقول الشاعر :

صقور البيت الأبيض والحمائم = وقائدهم يجرون الهزيمة
في الموصل ينالون الهزائم = وفي البصرة خسائرهم جسيمة

ويبصر شاعرنا ضوء الفجر ويبشر برياح النصر ويعلن بشارته للأمة ويكشف إخفاقات العدو الغاشم وهزيمة النكراء في العراق :

على ايديكم نهاية كل غاشم = وتدمير الأساطير العظيمة
أسود العرب هذا نصر حاسم = يرد الروح في النفس السقيمة

حقا إن النصر يرد الروح في الأمة التي مزقت كراسيها الواهنة قوتها وتلاحمها وأصابتها بالذل بعد العز والهوان بعد الكرامة والصمت بعد التعبير بالقول والفعل , وعلى الرغم من كل ذلك فالإرادة لا تزال حية في شعوبها والنخوة قائمة في أبنائها وها هم أبناء الرافدين يضربون المثل الأعلى لنخوة الأمة من الفلوجة الباسلة ومن بغداد وكربلاء وبعقوبة والناصرية والنجف وغيرها .
ولأن الحرية لاتعمّد الا بالدماء والشهداء فقد صان أبناء العراق وجودهم بالدماء وبالشهداء الأبرار ..
سلاما على الدماء التي سالت ..وسلاما لملاحم البطولة والفداء .. وسلاما لشهداء المقاومة العراقية شهداء هذه الأمة الذين سقطوا ليعيش العراق وتعيش هذه الأمة بعز وشهامة رافعة الرأس موفورة الكرامة .. وهاكم شذرات من قصيدة الشاعر الجعيدي ..

مـن الفلوجـة التحريـر قـادم= وقـادم نصرنـا بعد الهزيمـة
على الموت الكريم الشعب عازم= وناوي ع العدو يسكب جحيمـه
بسالتهـم تصحـي كـل نـائـم= وتزرع داخل النفـس العزيمـة
يقول أهل المراجـع والمعاجـم= هنا ارض الحضارات القديمـة
هنـا لازم يموتـون البهـائـم= هنا للعُـرب والإسـلام قيمـه
هنا يابـوش تسطيـر الملاحـم = هنا قهـر السياسـات العقيمـة
هنـا جـو الشهـادات الملائـم = هنـا جنّـه لمستشهـد نعيمـه
هنـا ع الاحتـلال الكـل ناقـم = هنا بوش ارتكب اكبر جريمـة
صقور البيت الأبيض والحمائـم= وقائدهـم يجـرّون الهزيمـة
في الموصـل ينالـون الهزائـم = وفي البصرة خسائرهم جسيمـه
بليـر اليـوم متحسّـف ونـادم = تقطّـع لحـم جنديـّه وديـمـه
نهايته الفشـل عـدوان غاشـم = على شعب الحضارات العظيمة
صفي جو في عراق المجد غائم = وهب ع العالم العربـي نسيمـه
وجو المعتـدي مـا زال قاتـم = مع كـل ثانيـة يـزداد غيمـه
فيا شعب العراق العـدو قـاوم = دنت لحظـات إعلانـه الهزيمة
على الإخلاص حافظ والتلاحـم = وحافظ ع العلاقـات الحميمـة
على أيديكم نهايـة كـل غاشـم = وتدميـر الأساطيـل العظيمـة
أسود العرب هذا نصـر حاسـم = يرد الروح في النفس السقيمـة