المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الحوار السياسي
سقيفة الحوار السياسي جميع الآراء والأفكار المطروحه هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


تجفيف منابع السلفية في سياسة الاحتواء اليمنية

سقيفة الحوار السياسي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-15-2003, 11:39 AM   #1
ابن حضرموت
حال نشيط

افتراضي تجفيف منابع السلفية في سياسة الاحتواء اليمنية

يرى المتابعون للملف اليمني أن السلطات اليمنية واقعة بين سندان الولايات المتحدة الأميركية، التي تمارس عليها ضغوطا كبيرة من أجل تجفيف منابع الإسلام، وبين الضغوط الشعبية والقبلية، وضغوط المعارضة السياسية، التي تطالبها بعدم الانصياع لإرادة الإدارة الأميركية، وبالمزيد من الشفافية وعدم التفريط في السيادة اليمنية. والنتيجة، أن السلطات في وضع لا تحسد عليه.


ويرى البعض ان استراتيجية علي عبد الله صالح الرئيس اليمني التي قامت على احتواء مرحلة الحرب وآثارها عبر الاسراع بمصالحة عمان واتفاقية مباديء للمصالحة مع السعودية، وتطويق ازمة جزيرتي حنيش الصغرى والكبرى، واطلاق خطة تطوير قطاع النفط، وتعزيز عملية بناء مؤسسات الدولة والنظام العام ومحاولة الانفتاح على العالم الخارجي كانت تستهدف اخراج اليمن من ازماته التاريخية التي جعلته معتمدا على الخارج في استقراره واقتصاده.


وحاول الرئيس ان يعزز هذه الاستراتيجية عبر توسيع دائرة المشاركة السياسية لاشراك جميع فئات وشرائح المجتمع في مرحلة اعادة بناء الدولة الجديدة بعد خروجها من الحرب التوحيدية التي كلفتها الكثير، ودولياً يواجه اليمن علاقات دولية مشوبة بالتوتر خاصة مع اميركا التي تسعى منذ زمن للحصول على قواعد عسكرية لها في اليمن او جزره في البحر، واذا كانت لا توجد مؤشرات على دور اميركي مباشر للاحداث التي يتعرض لها اليمن لكن تقارير صحفية تحدثت اكثر من مرة عن وجود خلافات اميركية يمنية حول النظر للمصالح الحيوية لكلا الطرفين في المنطقة، ومن المعروف ان الولايات المتحدة كثفت من اهتمامها باليمن بعد حرب الخليج الثانية وقيام الوحدة اليمنية فكيف رسم اليمن الموحد سياسته الخارجية بعيدا عن التأثير الاقليمي؟ ادى ضعف الدولة اليمنية قبل الوحدة لتعرضها للاختراق، والدلالة الواضحة على الطريقة التي تم فيها اختراق المجتمع اليمني من قبل جهات اقليمية وما زالت، واضحة في قدرة هؤلاء على حشد القبائل اليمنية كوسيلة لزعزعة البلد وممارسة ضغط على النظام، واختراق المجتمع اليمني اصبح امرا واضحا من خلال تبعية اقتصاده، فاليمن يعتبر من افقر دول العالم العربي، ففي عام 1998 وصلت نسبة الدخل السنوي للفرد الى 280 دولارا اميركيا، مقارنة مع 030،2 دولارا اميركيا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وقبل الوحدة اعتمد الشمال والجنوب على تحويلات المغتربين، وعلى المساعدات المالية الخارجية، ومعظم التحويلات الواردة إلى الشمال جاءت من العمال اليمنيين في السعودية، اما بالنسبة للدعم الخارجي للجنوب فقد جاء معظمه من الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية وقد عانى الشطران من نفس المشاكل الاقتصادية.


ولم يكن هناك تطوير او تنوع اقتصادي واضح، ومعظم الميزانية الوطنية خصصت للانفاق على شراء الاسلحة، كما اظهر النظامان اعتمادا كبيرا على برامج المساعدة، والتي كانت تضم حزم الدعم ونشاطات التطوير التي قدمتها الدول الاخرى العربية وغير العربية، ولم تقض الوحدة على المشاكل الاقتصادية، بل وعلى خلاف ذلك ادت لمفاقمتها، بسبب المطالب الناجمة عن دمج نظامين مختلفين، وعودة الاف العمال اليمنيين من السعودية ودول الخليج الاخرى بسبب موقف صنعاء اثناء حرب الخليج الثانية، وكذلك النتائج المدمرة للحرب الاهلية عام 1994.


وتشير الدراسات الى ان هذا الضعف والاختراق الواضح في اليمن دفع حكومة الوحدة للبحث في سياستها الخارجية عن حلول يمكن ان تعزز استقلالية قرارها السياسي وتزيد من ثقل موقعها الدولي. ونجحت القيادة اليمنية في استغلال الثغرات المتواجدة في المجالين الاقليمي والدولي لصالحها.


وبدلا من ان تكون الدولة رهينة ضعفها وللتدخلات الاقليمية، اظهرت السياسة الخارجية اليمنية، استقلالا مثيرا للدهشة عن جيرانها، ونتيجة لذلك، فان ضعف الدولة، وفق الدراسات، قد قاد لاستقلالية القرار السياسي الخارجي وظلت السياسة الخارجية الوسيلة الأهم التي تقدم للقيادة اليمنية الوسائل والادوات الضرورية للمناورة وتقوية موقفها في مواجهة التدخلات الخارجية، وتعزير دورها الاقليمي، واضفاء الشرعية على نظامها داخليا، ولبلد مثل اليمن فان هذه الاهداف صعبة التحقيق، ومع ذلك يجب النظر اليها باعتبارها خطوطا عامة مرشدة تسيدت صناعة القرار اليمني في مجال السياسة الخارجية.


هناك عاملان ساعدا على تشكيل وتكييف السياسة الخارجية اليمنية وهما: التهديد الذي مثلته القوى الاقليمية والدولية للأمن الوطني اليمني قبل وبعد الوحدة، وعدم رضا اليمن عن موقعه في المجتمع الدولي.


وقد تصرفت هذه القوى لحماية مصالحها وحاولت اختراق وزعزعة الاستقرار اليمني من خلال مجموعة من السياسات: 1 ـ فقد قدمت دعما ماليا وشحنات اسلحة، وهذا مهم، للعناصر القبلية على المناطق الحدودية وغيرها من مناطق الهامش، كما واظبت على تقديم الاموال الجانبية ايضا لبعض المسئولين اليمنيين والحركات الاسلامية والقوى المحافظة، اضافة لاستخدامها وسائل اخرى مثل الرشاوى والتلاعب بالعملات.


2 ـ قوة العمالة اليمنية المغتربة، فكل اليمنيين الذين كانوا يبحثون عن وظائف واعمال هاجروا لدول الخليج خاصة في فترة الازدهار النفطي فما هي الثغرات التي لجأ اليمن إلى استغلالها؟ سياسة الاحتواء قام اليمن باستخدام عدد من العوامل: أ ـ هيكل القوة الإقليمي في الجزيرة العربية: فقد اعطى ملمحان من ملامح هذا التركيب اليمن فوائد، الاول هو مقاومة اللاعبين الاقليميين الصغار لميول هيمنة الدول الكبرى في المنطقة، والثاني هو التنافس بين اللاعبين الاقوياء والمهيمنين اقليميا، وقد ادى الملمح الاول لانشاء ما اسماه روبرت دي باوروز نظام القوة الموازنة والموازية. والشكل الآخر من هيكل القوة الإقليمي في الجزيرة العربية والذي انتفع منه اليمن كثيرا، هو الخلافات بين اللاعبين الإقليميين المهيمنين.


ب ـ «التنافس بين القوى العظمى: منحت الدول العظمى اثناء الحرب العالمية الثانية اليمن فرصا كثيرة لكي يقوم باصلاح موقعه في المعترك الدولي.


استفادت القيادة اليمنية من عدة عوامل اشارت اليها دراسات ومصادر متعددة، منها: 1 ـ رغبة الاتحاد السوفييتي في توثيق علاقاته مع دول الجزيرة العربية، فالهيمنة الاميركية في المنطقة كانت مثار خوف لموسكو التي نظرت اليها باعتبارها تهديدا لمصالحها، وعلى الرغم من علاقتها الوثيقة مع اليمن الجنوبي الا ان اقامة علاقات مع دولة ثانية في الجزيرة العربية حتى لو كانت العدو اللدود للجنوب كانت إضافة ذات قيمة بالنسبة لها.


2-اذا اخذنا بعين الاعتبار الانشغالات الاميركية بهجوم سوفييتي محتمل ضد مناطق الخليج الغنية، فان وجود نظام صديق للاتحاد السوفييتي على باب السعودية كان مثيرا لخوف الاميركيين، مع ان اليمن لم يكن في حد ذاته مهما للاميركيين.


3 ـ القلق الدائم الذي ساد القوى الاقليمية من قيام اليمن الشمالى باتباع خط نظيره اليمن الجنوبي وتبني الايديولوجية الاشتراكية، فإذا كان اليمن الجنوبي يسبب متاعب بما فيه الكفاية لهم، فان ظهور نظام اشتراكي ثان كان سيشكل خطرا لأمنها الوطني.


هذه العوامل مجتمعة اعطت اليمن القوة الكافية للمناورة اقليميا.


حملت ولادة الوحدة اليمنية مخاوف وهواجس الفشل، وكانت النتيجة المؤلمة للوحدة المصرية ـ السورية تلقي بظلالها على الأحداث مع اختلاف الظروف هنا وهناك، فلم يكن بين اليمنين «الشمالي والجنوبي» ما بين مصر وسوريا من تباعد جغرافي، كما أن الأصول القبلية والعشائرية المشتركة والانتماء إلى الجنسية اليمنية كانت من عوامل الوحدة.


ولكن بالرغم من ذلك، فقد أحاطت بالوحدة اليمنية - منذ بدايتها أخطار حقيقية، كان أهمها وجود سلطتين فعليتين في رداء واحد، وكل منهما تملك مقومات الدولة في يديها. وظل هذا الوضع هو الخطر الحقيقي الذي يهدد الوحدة حتى حَسَم الصراع العسكري التنافس بين السلطتين، فخرج الاشتراكيون من قمة السلطة بعد هزيمتهم في الحرب الأهلية 1994 التي مهّدوا لها، ولكن النتائج جاءت عكس ما توقعوه.


في بداية عهد الوحدة واجه اليمن الجديد تحديا خطيرا تمثل في تداعيات الاحتلال العراقي للكويت، واستقدام القوات الدولية لتحرير الكويت والدفاع عن منابع النفط.. واعتبر المعسكر المعادي للعراق أن الموقف اليمني الرسمي كان منحازا للعراق، ولا سيما في مجلس الأمن، حيث كان اليمن عضوا فيه. وأدى ذلك إلى عزلة شديدة أحاطت باليمن الجديد، وزاد من معاناته كما اشرنا عودة مئات الآلاف من اليمنيين من السعودية والكويت بعد أن خسروا أعمالهم، وأسهم كل ذلك في ظهور أزمة اقتصادية حادة لم تستطع السلطتان المتنافستان حلّها.


كما شهد اليمن في العام الأول للوحدة صراعًا سياسيا وفكريا بين التيار الإسلامي وأنصاره، وبين الحزب الاشتراكي وأنصاره، حول جملة من القوانين والتوجهات الدستورية التي كانت في الحقيقة مواجهة بين الاتجاه الإسلامي والاتجاه العلماني الليبرالى. وعلى الرغم من أن المواجهة انتهت رسميا لمصلحة العلمانيين الليبراليين بحكم سلطة الحزب الاشتراكي، فإن الإسلاميين كسبوا نفوذا كبيرا في الشارع اليمني مكنهم فيما بعد من المشاركة في السلطة، وتحقيق إنجاز مهم تمثّل في تعديل الدستور اليمني وفق تصوراتهم، ولا سيما فيما يختص باعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا وحيدا للتشريع.


وبعد عام واحد من قيام الوحدة، دب الشقاق بين الحزبين الحاكمين ـ آنذاك الحزب الاشتراكي اليمني وحزب المؤتمر الشعبي العام حول عدد من القضايا، كان أبرزها اقتراب موعد نهاية الفترة الانتقالية، ومن ثَم إجراء الانتخابات النيابية، و برز ذلك الشقاق بين الحزبين في صورة قلاقل، وتدهور أمني، واغتيالات، ومحاكمات سياسية أصابت البلاد بحالة من الشلل، ولم يكن هناك من حل إلا اندماج الحزبين في حزب واحد أو الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. وكما فشل حل الاندماج، فقد فشلت الانتخابات التي أجريت عام 1993م في حسم الخلاف، بل إنها فجّرت المخاوف والهواجس عند الاشتراكيين عندما بدأ زعيمهم «البيض» في التمترس في عدن عاصمته القديمة، وأعلن من هناك رفضه العودة إلى صنعاء والمشاركة في السلطة إلا بعد تحقيق عدد من المطالب يمكن القول بأنها كانت شروطا جديدة لاستمرار الوحدة.


كانت الانتخابات النيابية قد أبرزت الإسلاميين في التجمع اليميني للإصلاح كقوة شعبية حقيقية حصلت على المركز الثاني في الانتخابات، وتوقّع الاشتراكيون أن خصمهم التاريخي سوف يتحالف مع حليفهم المؤتمر الشعبي العام ضدهم، وبالتالي فإن نهاية وجودهم في السلطة قد بدأت بعد أن تضاءل وجودهم في البرلمان من 150 عضوا إلى 56 عضوا فقط. وكان ذلك بداية ما عُرف بالأزمة السياسية الشهيرة في اليمن التي استمرت قرابة ثمانية أشهر قبل أن تنتهي بحرب السبعين يوما التي انهزم فيها الاشتراكيون هزيمة قاسية خسروا فيها كل مقومات الدولة التي كانوا يحتفظون بها.


الاصوليون مرة أخرى نجحت الجهود الأميركية الحثيثة إلى حد كبير في محاصرة وتحجيم نفوذ التيار الإسلامي في اليمن، لكنها عمقت في المقابل الكراهية وحالة العداء تجاه الولايات المتحدة من عناصر هذا التيار المتغلغل في أوساط جميع فئات المجتمع اليمني، وبالتالى كرست قطيعة حادة، كان يمكن أن تكون أقل حدة، فيما لو أنها لم تندفع وراء نصائح اللوبي الصهيوني المتعلقة بكيفية التعامل مع التيار الإسلامي.


ويلاحظ أن السياسة الأميركية تنطلق في هذه المسألة من قاعدة تتلخص في إيجاد حالة افتراق وخصومة بين القيادات السياسية وقوى الشعب الحية والفاعلة، وكنتيجة لهذه السياسة الضاغطة نجد ان صيف 1994 شهد خطوة نوعية في ملف الاسلاميين تجلت في تسليم مشايخ قبائل الضالع «أبو عبد الرحمن» وهو أمير جماعة في تنظيم الجهاد، جزائري الجنسية، صال وجال في مدن اليمن وجبالها، وانتهى به المطاف لمواجهة تهمة الارهاب والتخريب أمام محكمة ابتدائية عام 95 وفي صنعاء بعد أن سلمه مشائخ منطقة الضالع الذين لجأ إليهم عقب أعمال عنف في المنطقة حصدت أبرياء وخربت منازل وهدمت صوامع، وفتحت ملف الارهاب من جديد.


واثار هذا الملف مفاوضات ساخنة في ثلاثة اتجاهات مثلتها السلطة «حزب المؤتمر الشعبي» وشريكه تجمع الاصلاح، والثالث جماعة الأفغان اليمنيين والأعراب، كم شهد مشاورات بين السلطة، ولجان التحقيق الأميركية والبريطانية، و قيادات في تجمع الاصلاح ووجاهات ذات صلة في البلاد، وفيما تبدو أحزاب المعارضة في حالة ارتباك، فرئيس مجلس شورى الاصلاح عبد المجيد الزنداني اطلق دعوته للسلطة بالاحتكام الى القضاء، دون التردد في الحكم القاطع ان اعمال الارهاب والاغتيالات هي حوادث ثأر بين هذه الجماعات والنظام السابق في الجنوب اليمني، واشارت المصادر الى ان الحرص على خلط الأوراق كان سمة مشتركة عند الأطراف المعنية المختلفة بما في ذلك لجان التحقيقات التي وصلت «أميركية، بريطانية، أسترالية».


وكما أشرنا تبرز في ملف الارهاب والعنف في اليمن، ثلاثة اتجاهات رئيسية اتفقت منذ قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو، 90 حتى حرب صيف، 94 واختلفت بعدها ثم تباعدت وتخاصمت ولم تصل بعد الى فترة التناحر. وان كان البعض يرى في عملية اختطاف ومقتل الرهائن أحد المؤشرات لتصاعد الأزمة ودخولها منعطفا خطيرا في الفترة الأولى لاتفاق مايو 90 وحتى بعد حرب 94، إذ اتفقت كل التيارات المتشددة والمتطرفة والأفغان العرب والبدو اليمنيين، على التصدي للوحدة مع الشيوعيين في جنوب اليمن، ورفضوا دستور الوحدة، ثم انتقلت العملية الى الاغتيالات وتصفية الخصوم جسديا، وتصاعد الأمر مع الأزمة السياسية.


لقد ضغطت الولايات المتحدة على السلطات في صنعاء لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على الإسلاميين العرب والأجانب المقيمين في اليمن، ودفعها لترحيلهم أو تسليمهم لدولهم الأصلية التي هربوا منها، نتيجة خلافاتهم مع حكوماتهم. وبالفعل استجابت الحكومة اليمنية للضغوط، وقامت بترحيل أكثر من 15 ألف إسلامي من جنسيات مختلفة. ومنحت واشنطن اليمن في المقابل برامج مساعدة أمنية، تتمثل في تدريب العشرات من رجال الشرطة في مجال مكافحة الإرهاب منذ منتصف عام 1997، وبلغ عدد الدورات التدريبية لرجال الشرطة حوالى خمس دورات.


واتجهت الولايات المتحدة لممارسة العديد من الضغوط باتجاه السلطة اليمنية كي تقوم بتجفيف منابع التيار الإسلامي، وبالتالى دفن العلاقة المتوازنة التي جمعت السلطة بالإسلاميين، والتي كانت تشكل أنموذجا مثاليا في الوطن العربي، ومن ثَم إدخال الطرفين في مواجهات تهز الاستقرار السياسي في البلاد، ويكشف هذا التوصيف حرص الولايات المتحدة على دفع السلطة في اليمن إلى ضرب التيار الإسلامي. وقد تجلى هذا الأمر أكثر عقب العملية التي نفذها شابان يمنيان ضد المدمرة الأميركية «كول» في ميناء عدن، واتهام القيادي الإسلامي «أسامة بن لادن» بأن تنظيمه المعروف باسم «تنظيم القاعدة» يقف وراء المجموعة المنفذة للهجوم.


وامتد الغضب الأميركي ليشمل التجمع اليمني للإصلاح، وهو حزب سياسي منفتح في برنامجه وخطابه ومواقفه، ويسعى لتقديم نفسه باعتباره حزبا يمنيا غير أممي، ويقبل باللعبة الديمقراطية ضمن الحدود المسموح بها، وقد تجلت المواقف العدائية ضد كل ما هو إسلامي في اليمن، بعد أن كانت واشنطن تتعامل مع هذه المسألة بحساسية مفرطة في الماضي، وضغطت لإبعاد العناصر الإسلامية من مفاصل قيادة الحزب في المؤتمر الخامس عام 1995 والسادس عام 1998.


وهكذا نجد ان ملف وجود الجماعات الدينية المتطرفة وبعض معسكرات تدريبها في اليمن برز كقضية محورية في السياسة الخارجية اليمنية مع دول عدة، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا ومصر، وسارعت الحكومة اليمنية لوضع خطة أمنية ودبلوماسية لمواجهة هذا الملف، وتبديد الشكوك التي كادت تدرج اليمن ضمن قائمة الإرهاب في العالم، و بدأت العلاقات اليمنية الأميركية الدخول في منعطف جديد بعد هذه الأحداث 11 سبتمبر التي تسببت في تضييق هامش المناورة أمام الحكومة اليمنية، خاصة بعد وضع اليمن ضمن قائمة الدول المستهدفة بضربة عسكرية بدت شبه محققة في وقت ما، ولإبعاد شبح الضربة العسكرية توجه الرئيس علي صالح لواشنطن في الثامن والعشرين من نوفمبر 2001، والتقى بالرئيس بوش، وتم الاتفاق على الخطوط العريضة للتعاون الأمني الذي كان من المفترض إقرار اتفاقية بشأنه، وكان من أبرز ما أسفرت عنه تلك الزيارة غير نزع فتيل الأزمة هو الاتفاق على تدريب الأميركيين للحرس الجمهوري اليمني، وبذا توقف خطر الضربة العسكرية لليمن.


وحينئذ صرح الرئيس علي صالح لقادة أحزاب المعارضة بأنه «صرف عن اليمن الشر»، خاصة بعد تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش ان الولايات المتحدة تسعى لإنقاذ اليمن من التحول لأفغانستان ثانية، الا انه لا يمكن القول بأن شبح ملف الارهاب قد طوي، فقد اثبتت الأحداث التي تلت والتي تمثلت بحادثة الناقلة ليمبورغ ثم مقتل الحارثي بصاروخ أميركي ان هذا الملف الشائك له أكثر من مدخل وانه مازال السكين التي تذبح استقرار وامن اليمن، رغم انه لم يؤثر على سياسته الخارجية التي نجحت في ابراز اليمن كمعادلة مهمة في المنطقة، وتبقى اليمن تترقب وجلة احداث المنطقة الجسام على خوف دائم من اثار الارهاب فيها واثار السياسات الدولية عليها.


لقد نجحت اليمن الى حد ما في تجفيف بعض منابع الاصولية والسلفية التي تنزع للعنف لكنها مازالت تقاوم رغبة أميركية في التدخل واعادة البلاد الى وضع يشبه الانتداب، مثلما تواجه الاحراجات التي تضعها السياسة الاميركية فيها، وفي وقت فتحت الدولة الفتية ابوابها للاستثمار وانقاذ البلاد من وضع اقتصادي مترد، فهل تنجح اليمن في الخروج من مأزقها السياسي والاقتصادي بعد اثنى عشر عاما على الوحدة، ذلك هو تحديها القادم.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المواجهة سياسة «العقاب الجماعي».. اليمنيون يجاهدون يومياً في البحث عن بدائل لاستمرار الحياة حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 09-09-2011 01:39 AM
مأرب أحد أهم منابع النفط باليمن تعاني أزمة حادة في الوقود حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 06-24-2011 01:59 AM
هادي يهدد بالاستقالة إذا استمرت سياسة "لي الذراع" ،و حميد يدعوه إلى تسلم السلطة مراعا حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 06-18-2011 12:16 AM
سياسة السلام ... والأستسلام مولى عنتره سقيفة الحوار السياسي 0 01-02-2011 08:47 PM
سياسة توريث السلطه المفقوده مولى عنتره سقيفة الحوار السياسي 2 10-26-2010 11:06 AM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas