المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الأدب والفن > سقيفة عذب الكلام
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


ثقافة الحضارمة .. هل تقدمت أم تأخرت ؟؟

سقيفة عذب الكلام


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-27-2006, 06:04 AM   #1
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي ثقافة الحضارمة .. هل تقدمت أم تأخرت ؟؟

محاضرة
ثقافة الحضارمة .. هل تقدمت أم تأخرت ؟؟
الأسباب - والحلول






إعداد
محمد بن أبي بكر بن عبدالله باذيب



ثقافة الحضارمة .. هل تقدمت أم تأخرت ؟؟
الأسباب ، والحلول

الحمدلله الذي أكرمَنا وأعزّنا بالإسلام، وجعلنا من خيرِ أمةٍ أُخرجَتْ للأنام، وفضَّل متبوعَنا الأعظمَ ونبيّنا الأكرمَ سيدَنا محمَّدا  على سائر الأنبياء والرسُل الكرام، بل جعلهُ أشرفَ مولُودٍ، وأكرَم موجُودٍ، ورفعَ ذكره، وشرَح صدره، وأناله من واسِع عطائه مالا تحصره الأقلامُ، أو تدركُه الأفهام .. اللهمّ صلِّ وسلم على سيدنا ونبينا محمد ، سيد رسُلِك، وخِيرتِكَ من خلقِك، صلاة وسلاما يليقَان بعظيمِ شرَفه ورفيعِ منزلته لديك، ياحي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام .
أيها الحضورُ والحفلُ الكريم :
يسعِدُني ويطيبُ لي في هذه الليلة الغراء، أن أجتمعَ بكم في هذه الأمسيةِ الجميلة المباركة، وأشكُرُ من صميم قلبي : إخوَتي الأفاضلَ الذين أكرمُوني وأتاحوا لي هذه الفرصةَ الثمينة، وأشكر لكم حضوركم، فالشكرُ موزَّعٌ مني لكلِّ من دعا واستضافَ وحضَر .. وأسألُ الله تعالى أن يجعلَ في هذا اللقاء الخير والبركة .
سبب اختيار هذا الموضوع :
إن اختياري لموضُوعِ هذه المحاضرة نابعٌ من اهتمامي بشأن قومي ومجتمعي أولا، وهذا يستلزم بطبيعة الحال الاهتمام والحب والولاء للوطن والأرض التي وجدت عليها ونشأت على ترابها :
بِلادٌ بها نيطتْ عليَّ تَمائِمي وأوَّلُ أرْضٍ مسَّ جِلدِي تُرابـُُها
ليست في هذه النسبة أو المحبة أو الولاء أيُّ تعصبٍ أو نزعةٍ قوميةٍ أو غير ذلك مما قد يدور في أذهان البعض، وإنما هو فطرةٌ وجبلّةٌ أودعَها الخالقُ سبحانه في طينةِ كلِّ البشر، فمن هو الذي لا يحنُّ إلى وطنه وأرضه ؟ ومن هو الذي يستنكفُ عن ذكر قومه وآبائه وأجداده ؟ ومن هو الذي يخجلُ، أو يستَعِرُّ –كما يعبر البعض- من ذكر عَشيرته أو قبيلته ، مهما كان قدْرها وخطَرها ووزْنها ؟؟ لا شكّ أن الجواب سيكون بالنفي، فلا نظن أحدا ممن ميزهم الله بميزة العقل والإدراك يفعل هذا !! .
ونحن وإن كنا في مهاجرنا، بين قومٍ كرام، هم منا ونحن منهم، فلا نعني الانحيازَ عنهم أو التقوقُعَ على أنفسنا، بل إن الروابطَ التي تجمعنا كثيرة، فرابطةُ الإسلامِ والدين، واللسان والأصل العربي الواحد، والجوار أو المواطنة .. وغيرها، كل تلك روابط تجمع بين الإخوة ولا تفرق :
نحن في رَوحٍ وراحة * وحبور واستراحة
نعمة الإسلام أعلى * نعمة حلت بساحة
لماذا الثقافةُ وليس المعرفةُ أو الفكْر ؟
لقد اخترتُ لفظ الثقافة لأنه أقربُ إلى الأفهام، ولشيوع استعماله بين أهل عصرنا، كما أن المعرفة أو الفكر فيهما نوع خصوصية من حيثُ أن مجالَ المحاضرة عن السماتِ العامة والخصائص البارزة في السلوكِ الفكري عند الحضارمة، وليس مجالَ دراسةٍ في ماهِيَة معرفتهم أو فكرهم، فهذا أمرٌ ليس مقصودا بالتناول والحديث هنا. وعلى التعريفِ الذي سأسوقه للثقافةِ .. يكون (الفكر) أحد عناصرها المكونة لماهيتها، كما عليه بعض علماء اللغة والاجتماع .
إن حديثنا عن الثقافة أو الفكر حديثٌ ذو شجون، وكثيرُ التشعب، وإن أسبابَ التخلف أو التقدم عند الحضارمة هي نفسُها –غالبا- عند غيرهم من الأقوام والشعوب، عربيةً كانت أو غير عربية، لأن الأسسَ والمرتكزاتِ التي تقومُ عليها الثقافةُ والمعرفة هي قواسمُ مشتركةٌ بين البشر، والفرق بينها هو في الخصائص والمفاهيم والمزايا التي تميز كل ثقافة عن الأخرى .
ما هي الثقافة(1) ؟
إن تعريفَ الثقافةِ ليس أمرا سهلا وميسورا كما نظنّه من أول وهلة، لأن مفهومَ الثقافة لا يتمّ أو يتكوّن إلا بعد مراحلَ متداخلة متطاولة من الزمن، تقطعُها الشعوبُ بين مئاتٍ من فتراتِ الارتفاع والانخفاض، والتقدمِ والتأخر، والحركةِ والسكون، والوضوحِ والغموض.
ولفظ (الثقافة) لفظٌ مستحدثٌ في لغتنا، بل في كافّة اللغات، لذا وقع اختلافٌ شديد في تحديدها وتعريفها، ومع شدّة الاختلاف بين علماء اللغات نجدُ أنّ هناك سماتٍ بارزةً ومميزاتٍ واضحةً تجعلنا نحصر ماهيةَ الثقافة فيها، وهي : ( العقائد، والأخلاق، والعادات، والتقاليد، والأفكار، واللغة). وأراد بعضُ الغربيين أن يجمعَها في سياقٍ واحد فقال: إن ثقافةَ الشعبِ ودينَ الشعب مظهران مختلفان لشئ واحد، لأن الثقافة في جوهرها تجسيدٌ لدين الشعب، وقد صحح الأستاذ الكبير محمود شاكر هذا التعبير بقوله : (وهو تعبيرٌ صحيحٌ في جوهره، يجمعُ هذه المميزاتِ المبعثرةَ في إطارٍ واحد).
ويوضّح شيخ العربية أبو فهر رحمه الله هذه المقولة أكثر فيقول: (ومع ذلك فإني أوضح هذا بعبارة أخرى فأقول: إن ثقافة كل شعب هي تراثه البعيد الجذور، في تاريخه المنحدر مع أجياله، ينقله خلف عن سلف، وهذا التراث مكون من أفكار وبادئ يحملها الشعب على اختلاف طبقاتهم وطبائعهم في ومن ما من حياتهم، ومن تطبيق هذه الأفكار والمبادئ حتى تصبح سلوكا لحياة المجتمع المكون من هؤلاء الأفراد.
.. ولم أرد بهذا تعريفَ الثقافة ، ولكني أردت تحديد حركتها في جيل بعينه، يعيش زمنا محدودا، وفي خلال هذا الزمن نفسه تكون حركة الثقافة دائمة التغير في تطبيق الأفكار والمبادئ، وينشأ في أحضان هذا الجيل جيل آخر من أبنائه يتلقى عن الأفراد وعن المجتمع، فيتأثر بما تلقى، ولكنه لا يزال ينمو وتنمو معه أفكار أخرى، تزيد أفكار الجيل السابق غنى أو تعدلها أو تنقص منها .. فيصير مجتمعا ثانيا، يمثل مجتمع الآباء من وجوه، ويعطي مجتمعه هو لمحة جديدة تميزه بعض التميز عن مجتمع الآباء، وهكذا دوالَيك على طول امتداد حياة هذا الشعب).
من هذا الكلام المفصل الدقيق، لأحد كبار مفكرينا، بل لمن يعد شيخ العربية في العصر الحديث، وأحد حملة لواء الدفاع عن اللغة والمفاهيم الإسلامية الأصيلة، وهو الأستاذ محمود شاكر، نستطيع أن نقول إننا قد وضعنا أيدينا على بغيتنا، ولنمض فيما نحن بصدد الحديث عنه .
إذن فالعقائد، والأخلاق، والعادات، والتقاليد، والأفكار، واللغة ..)، هذه هي الأسسُ العامة للثقافة، التي ذكرها الأستاذ الكبير في معرض تعريفه للثقافة، وسوف لن أشرحَ هذه المصطلحات وأخوض في غمارها، بحيث يكون الكلام نصيا مملا، ولكني سأتوغّل بكم في أثناء حديثي عن جزئية من هذه الجزئيات، بحيث يفهم المقصودُ من فحوى الكلام وسياق الحديث ..
التراث الفكري أهم مقوم للثقافة
إن من أهمّ المرتكزات في حديثنا عن الثقافة : مرتكز التراث الفكري الأدبي - [الأدبي هنا هو في مقابلة التراث العلمي الذي يعنى بالعلوم الرياضية وقواعدها وفروعها وبالحساب وغيرها مما يسمى بالعلوم البحتة] - وهذا أمر لا مرية فيه، فالتراث المكتوب ركيزة أساسية لبناء الفكر الإنساني عامة، ولولا ما كتبه الأوائل ودونوه من علوم وأفكار في شتى الفنون والعلوم –بعد الله وإرادته- لما كان لإنسان اليوم أن يصل إلى ما وصل إليه من تطور وتقدم في شتى نواحي الحياة وأشكالها وتطوراتها .
وحديثي سيكون في نطاق الثقافة الأدبية المكتوبة، وهي المتمثلة في مصطلح (الأفكار)، أحد المصطلحات التي تشكل الملامح الهامة في الثقافة كما تقدم معنا. وهذه الثقافةُ الأدبيةُ تشمَل -من باب أولى- : التراثَ الفكريَّ الموروثَ عند الحضارمة، بشتى صوره وأشكاله، فتراثنا الفكري المكتوب، تراث غني وغزير، ولم يكشَفِ النقابُ عنه بعد، وما نشِر أو أذيعَ عنه إنما يمثل نسبةً مئويةً بسيطة، أعتقد أنها لا تتجاوز العشرة في المائة (10 %) فقطْ من المجموعِ العام، وسوف أتحدّث عن هذا التراث لاحقا.

أهم ميزات الشخصية الحضرمية المثقفة
حديثُنا عن الشخصيّة الحضرمية، يتعلقُ ويرتبط بثقافة الحضرمي ارتباطا وثيقا، فإن الشخصية مكتسبة للإنسان من بيئته وطبيعته وتقاليد مجتمعه وعاداته، ومنها ما ينبثق عن الدين والعقيدة،
ومن المميزات الهامة والبارزة في الحضرمي هو النبوغ الذي عناه باكثير بقوله :
ولو ثـقّـفْتَ يَوماً حَضْرَمِياً لَـجَاءكَ آيةً في النّابِغينَا
لهذا فسوف أسوقُ لكم ما كتبه أحد المؤرخين والمربّين وهو الأستاذ المربي الفاضل المرحوم سقاف بن علي بن عمر بن شيخ الكاف رحمه الله، في كتابه (حضرموت عبر أربعة عشر قرنا) ، فقد أورد في كتابه هذا (11) ميزة من مميزات الشخصية الحضرمية، وأعقبها بذكر (7) سلبيات .
فمن المميزات :
1. قوةُ الإيمان بالله تعالى، والحرص على نشر وتبليغ الدين. والحديث عن نشر الدين والتفاني في خدمته حديث طويل جدا، يبدأ كما ذكرت قبل قليل، منذ عصر النبوة وحتى عصور متقدمة، ولازال هذا الهدف السامي متوارثا وموجودا بيننا ولله الحمد، على اختلاف الطرق وتنوع الوسائل.
2. التواضع والأخلاق وحب التعارف .
3. الأمانة والحرص على الحقوق الشخصية، وحقوق الغير، وثقة الناس في الحضرمي، واستئمانه على الأموال والممتلكات الخاصة.
4. الحضرمي اجتماعي، ويميل إلى التجمع مع نظرائه وأقرانه، والحرص على عقد مجالس للحديث للعامة، أو مجالس العلم للعلماء وطلاب العلم، وتثقيف الناس ولاسيما الأهل والأقارب .
5. الحضرمي ذكي، حريص، ثقف لقف، صاحب خبرة في الحياة تساعده على فهم ما يدور حوله.
6. وهو إنسانٌ قنوع، يكتفي بما يجده من رزق، كما أنه عف اليد، لا يمد يده للسؤال، ويموت فقيرا عزيزا ولا غنيا ذليلا مهانا، فهو عزيز النفس.
7. الحضرمي شخص عصامي مكافح، لا يرضى بالخنوع أو القعود دون عمل، ويحب التجارة وال**ب والضرب في الأرض، يحب الترحال والتنقل في البلدان والأقطار. وهو نشيط في عمله، يتقن ما كلف به أو تصدى له، وهو ناجح في أعماله بشكل عام.
8. اكتسب الحضرمي من رحلاته ورحلات أسلافه أخبارا وتاريخا ومجدا، لذا فهو شغوف بحب التاريخ وتتبع الأخبار، والدخول في غمار السياسة أحيانا.
9. كما أنه يميل إلى النظافة والتجمل، والنظام، وحسن الهندام، ويحب الضيافة والإكرام،
هذا ما ذكره السيد سقاف، وأزيد عليه:
10. أن الحضرمي يحب التميز والتفرد في شخصيته، وقليل هم الذين يذوبون في شخصيات غيرهم، كما أنه بعض أفراده يمتازون بحسن القيادة والتصدر في الأمور، ويحكمون ذلك تمام الإحكام.
هذه من أهم المميزات .. ونحن لا نقول هذا من باب المدح أو الفخر، فكل ما ذكر صفات حسنة، ولا يمتاز بها الحضرمي وحده، بل يشاركه الكثيرون، ولكن ذكرت على سبيل التشجيع على التشبه بأهل هذه الصفات المحمودة.
أما الصفات السلبية فسوف أرجئ ذكرها إلى موضع قادم، أذكر فيه نقدي لوضع الحضارمة في المهاجر، درءا للرتابة، واستنهاضا للهمم ..
س - ماذا قدم الحضارمة للحضارة الإسلامية ؟
وهنا لابد من عرضِ تساؤل : وهو تساؤلٌ لابدّ وأن يعرض منطقيا لكل من فكّر أو تصوّر المشكلة التي افترضناها ونحاول إيجاد الحلول لها، التساؤل هو: ماذا قدم الحضارمة للفكر والعلم والمعرفة؟
والجواب على هذا التساؤل يحتاج بلا ريب إلى محاضرة مستقلة أو أكثر، ولكن بجيب عليه بسرعة وإيجاز ونحصر الإجابة في نطاق الحضارة الإسلامية، فنقول: إن الحضارمة كانوا منذ صدر الإسلام ومنذ بزوغ فجر النبوة على العالم، كان لهم سبق إلى اعتناق الدين، ونصرة الإسلام في مراحل انتشاره الأولى، ولعل الهجرة الحضرمية في زمن الفتوحات الإسلامية هي أعظم هجرات الحضارمة على الإطلاق، وأكبرها تأثيرا على موطنهم ونزوح معظم سكانه إلى مناطق أخرى من العالم الفسيح.
إن كتب الحديث الشريف والسنة النبوية طافحة بذكر أعلام من الحضارمة ممن رووا الحديث الشريف، وبلغوا الأمانة التي أنيطت بهم في تبليغ الدين والرسالة ونشر الدعوة الإسلامية، وإذا فتح الواحد منكم كتابا من كتب أسماء الصحابة مثل الإصابة أو الاستيعاب، أو كتب تراجم الرواة في الكتب الستة مثل تهذيب التهذيب للحافظ، ستقع عينه على العشرات والمئات من الأسماء الحضرمية.
أما كتب الفتوحات والمغازي، مثل فتوح الشام للبلاذري، وفتوح مصر لابن عبدالحكم، وكتب طبقات القضاة مثل قضاة مصر لأبي عمر الكندي، أو رفع الإصر وذيله، أو طتب طبقات علماء الأندلس وتراجم رجاله والفاتحين والغزاة، وطبقات فقهاء المغرب العربي وأشهر النحاة والمؤرخين و .. و...، فهذه مشحونة من أولها إلى آخرها بذكر العلماء كيونس بن عبدالأعلى الصدفي، والقضاة كآل لهيعة، والنحاة مثل ابن عصفور والمؤرخين كابن خلدون ، ومن الغزاة القادة عبدالرحمن الغافقي .. وأضرابهم، كل هؤلاء من حضرموت أصلا ونسبا، فهل يحق لقائل بعد هذا أن يقول ماذا قدم الحضارمة ؟؟
وأفضل من كتب في هذا الموضوع المرحوم الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف في كتابه (الجامع لشمل المهاجرين المنتسبين إلى اليمن)، طبع لأول مرة في 4 أجزاء، ثم طبعته وزارة الثقافة اليمنية في مجلد، وهو لم يستوعب، ويستدرك عليه الكثير، كما أنه يفتقر إلى ترتيب منهجي واضح، وقد قمت بجمع أسماء كثيرة فاتته من كتب الرجال والتراجم، وجمع بعض المعاصرين أسماء الصحابة من الحضارمة، وآخر أسماء الرواة، ولكن العمل لا يزال يحتاج إلى تفرغ واستقصاء، لاسيما مع توفر المراجع الضخمة ووجود الوسائل الحديثة المعينة على البحث والجمع.
* * *
إن للشخصية الحضرمية، الصادق عليها ما سبق من أوصاف ونعوت، تمثلت فيما انبثق عنها من أمثلة حية ومتجسدة بصورة رائعة في تاريخنا، لقد قرأنا وسمعنا وعلمنا ثم رأينا، نماذج من الناس في قمة الهرم أو السلم الاجتماعي للبشر، أناسا في قمة السمو والرقي، أناسا كانوا سادة الناس وسراتهم، كانوا ولا يزالون أمثلة عظيمة تحتذى في العلم والفضل والأخلاق، والذكاء والإبداع والفصاحة .
فمن هم ؟ ومن أين أتوا ونبغوا وكيف تكونت شخصياتهم ؟ وهل تكررت هذه النماذج في عصور متعاقبة ؟ وهل يوجد بيننا من يمثلهم اليوم ؟ وكيف يمكن لنا أن نوجد نظائرهم وأمثالهم في عصرنا ؟؟ هذه كلها أسئلة ملحة تستدعيها حالة التحفز التي اعتقد أنكم قد تلبستم بها بعد هذه المقدمات الساخنة .
وها أنذا أجيبكم عن هذه الأسئلة :
أما من هم ؟ فجوابه : إن ذكر أسماءهم وأعيانهم أمر يطول، ولكني سأذكر نماذج عظيمة، وأمثلة مشرفة من كبار الأعلام، ربما فيكم من يعرفهم بحكم الثقافة العامة أو بحكم السماع أو البحث المقصود أو غير المقصود، وربما الكثير لا يعرفونهم، لماذا ؟ لأنهم لا يقرؤون، ولم يسمعوا بهم حيث أنهم يعيشون في مجتمع غربة وهجرة ..
وقد ظهرت نماذج عظيمة في عصور متعددة، وأزمنة متعاقبة، فلم تعدم أمتنا الحضرمية وشعبنا المجيد من أعلام في كل زمان ومكان ..
إن ذكرنا لأعيان وأسماء جماعة أو طائفة من الأعلام، يستلزم منا الإعلان بأن أمتنا الحضرمية كانت متقدمة في النواحي العلمية بشتى مجالاتها، وأنها كتبت تاريخها بأحرف من نور، كان له شعاعه وبريقه في أزمنة متعاقبة، وهي باقية فينا بإذن الله إلى هذا اليوم.
فهل ترى فيكم من سمع عن طالب الحق الكندي ؟ أو عن أبي إسحاق الهمداني ؟ وهذان من كبار أعلام الإباضية في حضرموت، ولهما سيرة وأخبار طويلة طويلة.
أو هل فيكم من سمع عن الحافظ المحدث الإمام الجليل ربيعة بن الحسن الشبامي ثم الصنعاني الذماري، تلميذ الإما مأبي موسى المديني الحافظ الكبير محدث أصبهان، وتلميذ الحافظ الكبير أعلم أهل الأرض في زمنه أبي طاهر السلفي الأصبهاني نزيل الإسكندرية، كما أنه شيخ الإمام الكبير الحافظ المتفنن عبدالعظيم المنذري، ومسند الدنيا باقعة الحفاظ الإمام البرزالي الشهير .. هل فيكم من قد سمع به قبل الساعة ؟؟
إن من نماذج الأعلام الكبار : أعداد غفيرة من السادة الأشراف بني علوي، وعلى رأسهم الإمام الفقيه المقدم، والشيخ سعيد العمودي، والشيخ محمد بن أبي بكر باعباد تلميذ الحافظ أبي بكر العثماني المراغي المدني، والمحدث علي بن محمد ابن جديد العلوي، والفقيه الكبير والمؤرخ الشيخ عبدالرحمن حسان، والمحدث المؤرخ الشيخ أبوبكر بن عبدالرحمن باشراحيل تلميذ المحدث العامري، ، والفقيه الكبير عبدالله باقشير، والعلامة الوالي العادل الفقيه عبدالله بن محمد بن عثمان العمودي، والإمام المفتي الأكبر مفخرة فقهاء حضرموت عبدالله بن عمر بامخرمة، ونابغة أهل زمانه الشيخ محمد بن عمر بحرق.
والفقهاء الكبار الشيوخ الأجلاء من آل باجمال، والمشايخ القضاة النبلاء من آل بارجاء، وآل باحويرث، وآل باجنيد، وآل بن عفيف الهجرينيون، وآل باصهي.. وغيرهم . وجهود الفقهاء من آل بافضل وآل الخطيب التريميون .
ولا ننسى السادة آل العيدروس بالهند، ومنهم : المؤرخ الشهير أحد أشهر المؤرخين للقرن العاشر عبدالقادر بن شيخ العيدروس الذي يعد مؤلفاته التاريخية مصادر مهمة في فنها، والشيخ الإمام عبدالكبير باحميد المكي وأبناؤه، والعلامة المتفنن الشهير الذكر الفلكي الفقيه محمد بن أبي بكر الشلي، ومفتي الحرم ورئيس المدرسين بالحرم المكي الشيخ عبدالله سعيد باقشير، وشيخ زاوية جبل أبي قبيس الشيخ سعيد بابقي، ومفتي الطائف وعالمه الشيخ أحمد باعنتر السيوني، ومفتي المدينة وشيخ السادة بها السيد أحمد بن علوي جمل الليل.
وهل ينسى التاريخ أو يغفل أمثال مجدد الدين في حضرموت ومحيي السنة بها الإمام المجدد عبدالله بن علوي الحداد، أو تلامذته من آل الحبشي، وآل السقاف، وآل باذيب، وآل العمودي، وآل سميط، وآل باعباد، وآل باصهي، وآل باسلامة، وآل باحميد .. وغيرهم.
ومن المتأخرين: السيد الفقيه المقرئ بالعشر السيد البصير أحمد بن حسن العطاس، مفتي مكة العلامة محمد بن حسين الحبشي وأولاده الأئمة الأعلام، ومفتي الشافعية الشيخ محمد سعيد بابصيل، وتلميذه وخليفته في المنصب الشيخ عمر باجنيد .. وغيرهم كثير وكثير .
ومن ذا ينسى : السادة آل الجنيد وما بذلوه للعلم في سنغافورا، أو السادة آل السقاف مؤسسو مدرسة النهضة في سيون أول مدرسة نظامية تفتح في حضرموت، أو السادة آل الكاف ومساعيهم في نهضة حضرموت في جمعية الحق ومدارسها وما بذلوه لتوطيد الأمن في ربوع حضرموت، أو جهود أبي بكر ابن شهاب الإصلاحية، أو مساعي السيد محمد بن عقيل .. أو ما خلفه المشايخ آل باكثير في كينيا، والسادة آل جمل الليل، وآل بن سميط في شرق افريقيا وجزر القمر خاصة .
ومن ذا الذي يغفل أمثال : ابنَ عبيدالله السقاف، أو علوي بن طاهر الحداد، أو الأديب الكبير الأستاذ علي باكثير، أو صلاح البكري اليافعي، أو السلطان النابغة الفقيه صالح بن غالب القعيطي اليافعي، أو السيد حامد بن أبي بكر المحضار، أو السيد محمد بن علي الجفري الفقيهان الأزهريان والزعيمان السياسيان، أو الأستاذ القدير المربي والمؤرخ سعيد عوض باوزير.
أما الأعلام في وقتنا الراهن : فكان بين أظهرنا في الزمن القريب مفتي سنغافورا الشيخ عمر الخطيب التريمي، والعلامة الفقيه القاضي مفتي الساحل الحضرمي السيد عبدالله بن محفوظ الحداد، والسيد الفقيه الجهبذ الأديب محمد بن أحمد الشاطري، والوزير الشاعر عبدالله بلخير، والإمام الداعية الكبير أحمد مشهور الحداد أحد من نشر الإسلام في ربوع أفريقيا الشرقية .. وغيرهم كثير وكثير.
وأبشركم أن محدثكم الآن بصدد جمع موسوعة شاملة لكل الأعلام ولكل من ينسب إلى حضرموت، منذ فجر الإسلام وحتى عصرنا الحالي، وقد اجتمع لي إلى الآن –بحمدالله وتوفيقه- ما يمكن أو يكون في ثلاثين مجلدا !! أسأ الله أن يتمه على خير .


• أسباب النبوغ والتقدم الثقافي والحضاري عن الأسلاف الحضارمة :
أما كيف نبغوا ؟ وتم لهم ذلك ؟ فالجواب عليه يمثل الجواب عن التساؤل الذي كتب في عنوان المحاضرة المعبر عنه بـ (أسباب التقدم)، ومنه النهوض، والحضارة، والرقي .. الخ .
إن مواهب الله سبحانه وتعالى لا تختص بأحد ولا بزمن دون زمن، فالنبوغ موهبة من الله تعالى، ولكن هناك خطوط عامة ومسارات سار عليها أولئك الرجال، وسبلا ومفاوز قطعوها حتى تم لهم ماراموه من زعامة ومراكز قيادية في الفنون والأمور التي أحكموها وعرفوا بها.
جميعهم بما فيهم العالم الفقيه، والأديب الشاعر، والوزير والسياسي البارع، كلهم كانوا طلاب علم، درسوا على الشيوخ، وتهذبوا وتخلقوا بالأخلاق الدينية الحسنة، وابتعدوا عن كل ما يضر بالصالح العام، واجتهدوا في خدمة قضايا الأمة الكبار، أصلحوا ذواتهم فأصلح الله على أيديهم .
كانوا بمثابة موسوعات متنقلة، فقيههم ومحدثهم وشاعرهم وأديبهم .. لا يخلو الواحد منهم من الإلمام بجميع الفنون أو أطرافها، تجد الفقيه المفتي الفرضي يستشهد بالأشعار الجميلة والآداب النبيلة، ويحفظ م شعر الأولين والآخرين ما يحفظه، وربما أجاد بعض اللغات الأخرى ..
إنهم يمثلون نماذج باهرة ورائعة للعلماء ، كانت بينهم روابط ووشائج قوية، كثير منهم من أسر فاضلة، وكم في حضرموت من الأسر العلمية المحترمة، التي رجاؤنا في الله أن يبقي النجابة والفضل والخير في أعقابهم ..
فأبرز المعالم لتكوين هذه الشخصيات حسبما أرى :
1. التربية الصالحة في البيوت، سواء كانت عل يد الأب أو الأم، وإن في تاريخنا نماذج لمن ربتهم أمهاتهم في غياب أو موت آبائهم، فكانوا من النبغاء، ومنهم على سبيل المثال: الإمام المفتي العلامة الجليل علوي بن طاهر الحداد، مفتي ولاية جوهر بماليزيا، المتوفى سنة 1382، فهذا العلم الشامخ تصدر للتدريس والإفتاء ببلده قيدون في مسجد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي، وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان بعض شيوخه يحضرون درسه لتشجيعه. وتلميذه العلامة أحمد مشهور الحداد يشبهه في هذا.
2. التعليم المبكر المتمثل في الكتاتيب وما أشبهها في سن الطفولة، والتعليم بالتلقين، فإن لهذه الطريقة أثر محمود جدا في التعليم، فلا تزال المعلومات محفورة محفوظة في ذهن الفتى ماعاش ..
3. المراقبة والملاحظة للسلوك العام، سواء من قبل الوالدين أو الشيوخ والمربين.
4. عدم الخلطة بغير بني الجنس، أو من يسميهم البعض بالأغيار، أو الأضداد، فإن للضد تأثيرا في العدول عن السيرة الحسنة التي يجب أن ينشأ عليها الأولاد ، وتفريغهم لطلب العلوم وعدم إشغالهم.
5. تعليمهم واجبات الدين أولا، ثم بقية الفنون، واختيار الأساتذة والشيوخ المعروفين بالعلم والصلاح، لأن الصالح يؤثر في جليسه .. وتحفيظهم الجيد من الشعر الراقي الذي يحتوي على معان جميلة، أو مما ي**ب الفخر والمحمدة عند الأقوام .
6. تنوع المعارف وتعدد المشارب، وعدم الانكباب على فن واحد بعينه، مما أ**بهم معرفة موسوعية، والبعد عن الجدل العقيم، خلا المباحثات المفيدة والمناقشات التي تثري الفكر .
7. احترام الشيوخ والأساتذة وتوقيرهم كالأب أو أكثر، كما قال قائلهم :
أقدم أستاذي على فضل والدي
فهذا مربي الروح والروح جوهر
وإن كان لي من والدي العز والشرف
وذاك مربي الجسم والجسم كالصدف

8. القراءة والاطلاع : وهذا عنصر هام جدا في صقل الشخصية، وإثراء العقل بالغذاء النافع، حتى أنكم ستعجبون إذا أخبرتكم أن أحد مشاهير فقهاء تريم العلامة أحمد بن عمر الشاطري مؤلف الياقوت النفيس ونيل الرجا كان يعتقن علم الجغرافيا، ويحفظ حدود الدول كل ما يتعلق بهذا الفن، من خطوط الطول والعرض وتاريخ البلدان وأخبارها .. كل هذا وهو لم يغادر تريم في حياته، إنما ذلك من خلال القراءة والاطلاع!
وأن العلامة محمد بن عقيل بن يحيى .. دون من مطالعاته اليومية أكثر من عشرين مجلدا، يحتوي المجلد على مئات الصفحات !!
وأن ابن عبيدالله السقاف ألف كتابه العظيم الذي لم يؤلف مثله في تاريخ حضرموت (بضائع التابوت) من خلال جمعه للقصاصات ونتف المعلومات من خلال مطالعاته في حله وترحاله، سفرا وحضرا، وكان يجمعها في صندوق حتى تجمعت لديه مادة كتابه وغربلها ونسقها فجاءت في ثلاثة مجلدات ضخام لو طبع اليوم لجاء في خمسة أو ستة مجلدات.
ومما سمعته عن بعض كبار العلماء : أنه في ليلة زواجه أراد أحدهم أن يمزح معه، فوضع له في مخدعه كتابا كان حريصا على الحصول عليه ومهتما به، فلما دخل مخدعه وجد الكتاب، فبات معه وترك زوجته العروس، وانشغل عنها بالكتاب، ولكنها كانت ذكية حصيفة، فما كان منها إلا أن حملت السراج وأضاءت لعريسها الشغوف بالعلم والقراءة حتى بان الفجر !!
9. وأخيرا وليس آخرا : لقد امتاز هؤلاء الأعلام واتصفوا بصفة التقوى والخوف من الله، ومراقبته تعالى في كافة شئون حياتهم، فماكانوا يتسرعون في فتوى، ولا كانوا ممن يحب الظهور أو التبجح بمايعلمه أو يتقنه أمام الناس، على أن فيهم الجرئ في الحق، والصادع به .. كل بقدره، وكل في مقامه .
وأما السؤال عن : استمرار وجود بيننا من يمثلهم اليوم ؟ وكيف يمكن لنا أن نوجد نظائرهم وأمثالهم في عصرنا ؟
فالجواب عليه .. يمثل الشق الثاني من المحاضرة، أعني الأسباب والحلول لتفادي مشكلة قحط الرجال.
إننا نعيش اليوم فترة عصيبة، مثلنا في ذلك كبقية شعوب أمتنا الإسلامية، إنها فترة عصيبة تمر علينا اليوم في الوضع الراهن، أصبنا بنكبات ومصائب جراء السياسة العالمية العمياء، والتصرفات الهوجاء من قبل قوى الشر الدولية .. ولا يخفى ما حل بالمسلمين، الذين هم كالجسد الواحد .. فالتداعيات والتنازلات والخيارات الصعبة .. أودت بقوانا وأرهقتنا أيما إرهاق.
نحن في آخر الزمان، تكثر المصائب والفتن، وتأتي على الناس أمور لا قبل لهم لها، ولا علم لهم بها، فتعصف عواصف الأقدار، والأيام حبالى ننتظر ما تأتينا به أطرافَ الليل والنهار، ومن مصائب آخر الزمان الفادحة : قحط الرجال !! نعم إنها مجاعة فكرية، ومجاعة روحية، ومجاعة ثقافية دينية .. الخ .. وهي التي عبر عنها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (ويقبض العلماء)، و(يقل العلم ويكثر الجهل، ويتكلم الرويبضة .. الحديث) .
لن ننكر أنا قد فقدنا رجالا كثيرا، من أعلامنا بل من أعلام العالم الإسلامي والأمة الإسلامية، رحلوا عنا في فترات متقاربة، كان الناس يفيئون إلى ظلالهم، حتى دهمهم الوعد الحق، فلا ترى لهم من باقية ! نعم، تركوا بقية علم ورثوه من بعدهم من تلاميذهم أو خلفوا تراثا فكريا ينتظر من يخرجه إلى نور ويزيح عنه الغبار المتراكم !! .
ويا حبذا إخراج الكتب وإصدارها وطبعها، ولا بأس من توزيعها وبذلها لأهلها، ولكن .. هل هذا يغني عن وجود الرجال الصدور ؟؟ وهل هذا يغني عن الأئمة البدور ؟؟ إنه قطعا لا يغني !!
نعم !! نحن نحتاج للكتب، ولنشرها، وتعريف الناس بعلمائنا، وهو من نشر العلن وله فضل وأجر جزيل، ولكننا بحاجة ماسة إلى رجال يؤلفون مثل هذه الكتب، ويؤلفون رجالا يشبهون الرجال الأولين، في علمهم وأخلاقهم وإخلاصهم .. إذا نحن فعلنا ذلك، كتب لنا ولثقفاتنا وتاريخنا الاستمرار، وأما إذا تخاذلنا فسوف يفوتنا القطار ..
نحن نعلم ونوقن أن وعد الله حق، وأن ما أخبر به الصادق المصدوق  حق، ولكنا لا نرضى بالخنوع والاستسلام، إن أمتنا العربية والإسلامية أمة ولود، وسيتكرر فيها العظماء والأكابر من العلماء، ولكن علينا أن نحسن البذر لنجني الغرس النافع، كما بذر الأولون فجنوا شهدا زلالا صافيا !!
أين هو تراثنا الحضرمي ؟؟
الجواب : إنه قابع في أرفف المكتبات الخاصة والعامة، هذه المكتبات موزعة في أنحاء العالم، نعم في أنحاء العالم، ليست في حضرموت وحدها فحسب، ولكنها موجودة في كل بلد وقطر ومدينة سكنها الحضارمة المهاجرون .. إنها في حضرموت خصوصا، وفي بلاد اليمن كلها عموما، وهي أيضا في الحرمين، وفي جزيرة العرب، وفي العالمين العربي والإسلامي، خصوصا بلدان جنوب شرق آسيا، وفي الهند، وفي المغرب، وفي بلاد الشام، وفي تركيا .. في غيرها من البلدان والدول .
لاشك أنكم ستتعجبون من هذه المعلومة، ولكنها صحيحة مائة بالمائة، وما أخبرتكم إلا عن علم يقيني، وعن تجربة خضتها بنفسي ..
إن لنا تراثا فقهيا، وأصوليا، وتاريخيا، ومعرفيا، وفلكيا، وأدبيا، وبلاغيا، وشعريا .. وغير ذلك، فنون متعددة، برز فيها عدد من الرجال والأعلام، فقهاء ،مفتون، مؤرخون، فلكيون، فرائضيون، مبرون، مسلكون، أدباء، شعراء .. ثم دعاة إلى الله، وهم مفخرة من مفاخر الأمم، هناك جيل وطائفة من الأسلاف الكرام، لم يؤلفوا كتبا، او يتركوا تراثا أدبيا مكتوبا، لكنهم ألفوا رجالا، وقادوا شعوبا، وحكموا بلادا وأقطارا شاسعة، ومنهم فاتحون وغزاة ومجاهدون، وأمراء وملوك، وسلاطين، وقواد .. الخ القائمة.
وهناك نوع من الرجال الحضارمة، لم يكونوا دعاة جوالين أو رحالين يجوبون أرجاء العالم الإسلامي، لكنهم قبعوا في بلدانهم بوادي حضرموت، واشتغلوا بتأليف الرجال، وتربية النفوس، وإقامة الشرع في الذوات، فدان لهم الوادي بأسره، وكان من تلاميذهم ومريديهم سلاطين وحكام في حضرموت، حكموا بالشرع والدين، وأقاموا الحدود في البلاد .. ومن هذا النمط الشيخ الكبير الإمام المربي شيخ شيوخ عصره معروف بن عبدالله باجمال، الذي تربى به جماعة من السلاطين آل كثير، كما تربى وتخرج به الشيخ أبوبكر بن سالم السلطان الروحي لقبائل يافع وماداناها ..
عودة إلى التراث المكتوب : نعود بعد استطراد إلى ذكر التراث المكتوب .. إن آلاف المخطوطات من تراثنا الحضرمي مركومة في أرفف المكتبات الخاصة والعامة .. لازالت إلى اليوم والليلة حبيسة، لم تر النور، ولم تخرج إلى حيز النشر، وفيها المفيد والمفيد من المعلومات ..
إن المتوفر من والمطبوع من مراجع ومصادر تاريخنا وثقافتنا الحضرمية نسبة ضئيلة، ومع هذا وذاك، ومع كونها في نظري غير شاملة ولا مستوعبة، فقد جاءت لتسد فراغا كبيرا في المكتبة العربية والإسلامية
فعلى سبيل المثال .. لولا توفر الدوافع للسيد عبدالله بن محمد بن حامد السقاف، والمادة العلمية التي أودعها كتابه (تاريخ الشعراء الحضرميين) اعتقد أننا لم نكن لنجد اسم حضرمي واحد في كتاب (الأعلام) لخير الدين الزركلي، الذي يوصف بأنه كتاب القرن الرابع عشر الهجري، والذي انتشر وطار صيته في الخافقين، وصار مرجعا من أهم ولعله أهم المراجع عند البعض من الباحثين .. وكان من مصادره في تراجم أهل حضرموت كتاب السقاف المذكور ، كما كان المشرع الروي من مصادره أيضا .. وغيرهما.
فتخيلوا مقدار الكارثة فيما لو لم ينشر السقاف وأمثاله مؤلفاتهم، كم هي الخسارة التي سنجنيها أمام الأمم المتحضرة ؟؟ وانظروا مثلا إلى كتاب (إدام القوت) لابن عبيدالله، وتخيلوا الفرق في زمن التوقيت، لما أنه نشر في هذه الأيام، بعد أن افتقرنا من الرجال، لم أجد من المشجعين أو الدافعين لي على تحقيقه غير بضعة رجال الكبار الشيوخ رحلوا إلى جوار الله قبل طبع الكتاب، كيف لو طبع هذا المرجع المهم في الزمن الذي طبع فيه ابن حامد كتابه .. أعتقد أنه سيلاقي صدى وقبولا واسعا، كما لقي كتاب ابن حامد وأكثر .. ولو نظرتم إلى تقاريظ كتاب الشعراء لعلمتم المقصد الذي أرمي إليه.
فإلى متى سيظل تاريخنا مغمورا، وإلى متى سنظل نقرأ في المخطوطات ونتعامل معها على سبيل التقديس والانبهار، دون أن نسعى إلى نشرها وإخراجها إلى النور ؟؟ أعتقد أن الوقت قد حان لنفض الغبار عنها، وأن هناك من المخلصين لحضرموت والمتفانين في محبة الوطن سيقومون بذلك.
تراثنا الأدبي الصحفي : وليس المقصود بالتراث الفكري المكتوب المخطوطات والنصوص القديمة فقط، فإنه بعد ظهور الطباعة وانتشارها في المشرقين، ظهرت مطبوعات كثيرة، وظهرت الصحف السيارة، وكان للحضارة قدح معلى في الكتابات الصحفية، لا سيما في جنوب شرق آسيا، في سنقافورا وإندونيسيا بالأخص، ثم في الجنوب العربي في المكلا وعدن، وفي حضرموت الداخل شئ من ذلك.
فقد صدر في جنوب شرق آسيا من الصحف ما يقارب الخمسين صحيفة، منها ما هو جدير بالذكر، وكان مرآة صادقة للأدب والرقي والسمو الفكري، ومنها ما كان عبارة عن نزوات فكرية، وريح هوجاء عصفت ببعض العقول، فكانت تخبط خبط عشواء، فكانت ندبة ووصمة ..فيحق لنا أن نغض الطرف عنها، وأن لا نذكرها إلا من باب العظة والعبرة.
وقد اهتم بعض الباحثين والأدباء بمادة هذه الصحف، وبهذا التراث الفكري والأدبي الذي خلفه الحضارمة هناك، ولكن وللأسف فإن الكثير من أبناء الحضارمة لا يعرفون عنه شيئا البتة، بله أن يعرفوا رموز الأدب وكبار الكتاب والعلماء من أسلافهم .
ثقافة غير مكتوبة :
أيها المستمعون: ليس الشأن كله في الاهتمام بالتراث الأدبي المكتوب وحسب، ولكن هناك أمما وشعوبا عاشت ثقافة الحضارمة بالتلقي وبحكم المجاورة، ففي شمال وجنوب الهند، وإقليم جنوب شرق آسيا بأسره، إلى تخوم الصين، في قارة آسيا، وانتهاء بمناطق شرق أفريقيا في القارة السوداء .. كل هذه المناطق الشاسعة في العالم، حكمت من قبل المهاجرين الحضارمة، حكمت فكريا، وسياسيا وتجاريا ..
نعم أيها السادة !!
لقد حكمت هذه المناطق، كما ذكرت لكم ، من قبل أناس من بني جلدتنا، ومن قومنا وأمتنا الحضرمية، إنهم من سلالاتِ الإمام المهاجر إلى الله أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، الذي هاجر من البصرة إلى حضرموت، وأعقب ذريته المباركة، كان لأفرادها ولأسر منها شأن كبير في التاريخ الإسلامي .. لو كنا نقرأ أو ندرك !! ولكنه تاريخ مغيب وضائع عنا، ولم يدون كما ينبغي وللأسف .
فعلى سبيل المثال : كان منهم السيد عبدالرحمن الزاهر شهاب الدين الذي قاتل الهولنديين ودوخهم في جزيرة آشي لمدة عشرين عاما، حتى ظفروا به فنفوه إلى مكة المكرمة .. وإليه ينسب حي الزاهر بمكة إلى اليوم.
وهناك لو ذهبت أستقصي لكم أسماء الأسر أو الأعيان منهم .. لطال الأمر جدا جدا، ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد، ذكرت لكم هذه المعلومات في صدد تعديد التراث التاريخي الذي تركه لنا الأسلاف، والمجد العريض الذي شادوه .. فهل نضيع نحن هذا التراث المجيد ؟؟ إنه يحتاج منا إلى تبصر ووعي، ورعاية وتعهد لتلك المغارس التي غرسها الأسلاف ، فلا تلوها خلف ظهوركم !! بل استقبلوها بوجوهكم، وارعوها حق رعايتها .
مشكلتان ثقافيتان :
هناك بعض الناس يحبون أن يخدموا تراثهم، وأن يخرجوه للناس، ولكن هناك مشكلتان تواجهانهم، الأولى: فكرية، والثانية : اجتماعية .
أما المشكلة الفكرية : فتتمثل في التيارين السلفي والصوفي، مع العلم أن ظهور السلفيين إنما جاء متأخرا جدا، وتواجده بشكل علني رسمي كان في مطلع الثمانينات، وكانت هناك حرب غير معلنة على العادات والتقاليد وكانت مجرد انتقادات شخصية، وآراء خفية، ثم جهر بها الشباب الحضرمي مؤخرا، وكبر حجمها وانضوى تحتها جماعة من الحاقدين على التصوف الذي تردى في بعض المناطق وخرج على حدود الشرع والعرف، فقاموا بأعمال تخريبية باسم الدين، وأعمال عنف لا تصدر إلا عن حقد دفين، فما هكذا يكون إنكار المنكر !! وعلى كل فأرجو أن أكون في هذه القضية منصفا بعض الشئ ومحايدا فأنا لا أصدر أحكاما وإنما أصف وضعا قائما .
أما مشكلة التصوف : فإن أهل عصرنا قابلوا هذا العلم وهذا السلوك مقابلة مزرية، ولم يحسنوا التعامل معه أو مع من هو متصف به، فجابهوا أهل السلوك ونبزوهم بالضلال البعيد، والخطر الشديد، وألبوا عليهم الأجيال تلو الأجيال، حتى كأن لا خطر في العالم أو في الكون مثل خطر التصوف !! ولست في مقام عرض المشكلة وبحثها، فهذا مغاير لمقصد المحاضرة. إن صورة التصوف شوهت في العصور الأخيرة بسبب انتماء وظهور عينات من الناس حرصت على المصالح الشخصية، وتناست المصالح العامة التي يدعو الدين إلى رعايتها والقيام بها.
ولكني أقول هنا : أن تصوف أهل حضرموت تصوف عملي نقي، بعيد عن التصوف الفلسفي الفكري، بل هو تصوف عملي، أي السير إلى الله تعالى وفق ما جاء في الكتاب والسنة، وعلى نهج الصحابة والتابعين تابعيهم بإحسان، إن التصوف عند علماء حضرموت قاطبة هو المتمثل في مقام الإحسان الوارد في حديث جبريل الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .. فهو إذن مطلب ديني شرعي، ليس بالغريب عن الدين أو المنافي له ..
نعم !! هناك بعض الكتب التي أوغلت في ذكر الكرامات، وذكر المناقب وكتبت بأقلام المريدين المحبين لشيوخهم، فجاءت بصورة مهولة أخافت البعض، وجعلتهم ينفرون منها، كما هو الحال في المشرع الروي وغيره من كتب التراجم، فهوّل البعض من الناس في أزمنة مختلفة هذه الأمور، واستعظموها ثم بدءوا بمحاربتها، وشن الهجوم السافر عليها وعلى كل من يمت إلى أصحاب التراجم بصلة، فحدثت قطيعة تاريخية واجتماعية كانت لها تبعاتها السيئة جدا جدا .
وأما المشكلة الاجتماعية : فهي مترتبة على المشكلة السابقة، وهما متلازمتان لا تنفكان، فإن متبنيي الفكر المغاير للفكر السائد في حضرموت، أقاموا حواجز بينهم وبين عامة الناس، أو بالأخص لكل من ينتمي لمدرسة التصوف التقليدية والتي قامت عليها دعائم الثقافة الحضرمية منذ قديم الزمان، وحصلت القطيعة بل والمناوأة بين الفريقين، والمهم في الموضوع أن هذا التنازع أو الاختلاف لم يكن وليد المجتمع الحضرمي، وإنما جاء من المهجر.
فإن الفتنة العمياء الصماء التي شبت في صفوف الحضارمة ومجتمعهم في المهجر الشرقي الآسيوي فتنة لم يصب بمثلها الحضارمة في مختلف عصورهم وأزمانهم، لا في موطنهم ولا في مهاجرهم، وهي ما جرى بين العلويين وغيرهم من عموم الحضارمة، ولعلها كانت نتاج مكائد هولندية أرادت لهذا الشعب أن يتخلخل بناؤه، وتهتز مكانته في نفوس الوطنيين، وفي نفوس وأذهان العرب عامة .. وعلى أي حال، فما جرى كان ماضيا وتاريخا يجب أن يطوى، فقد أزهقت فيه أرواح ونفوس، وكان وصمة عار على الحضارم جميعا .
ولكن الشئ الملفت للنظر : هو أن هذه الفتنة العمياء الصماء، ضربت الوطن الأصلي، وتركت بعض الآثار إلى اليوم، ثم غذاها بعد ذلك التيار السلفي المتشدد، فجنى على المجتمع المسالم بجناية كبيرة، شوهوا فيها صورة العلويين، وكل من ينتمي إليهم أو يواليهم، بل والأدهى من ذلك جنايتهم على المذهب الشافعي عموما، فنبذوا المذهبية، واتبعوا آراء الرجال المعاصرين.
ثم تطاولوا على العلويين، ونبزوهم بكل نقيصة هم منها أبرأ من الذئب من دم يوسف، وكذبوا عليهم، وتجرأوا على علمائهم، وتحدث السفهاء وكتبوا في صحفهم السيارة ما يندى له جبين الفضيلة، إلى آخر تلك الفواقر التي مني بها الحضارم وساعد على نشرها بينهم الجهل والحقد الدفين في نفوس بعض الناس، مما لا نطيل بذكره .
إن هذه السلوكيات والأخلاقيات ليست من صميم الثقافة الحضرمية الأصيلة، وإنما هي أمور دخيلة عليها، ولم يكن لها أن تتطور وتنجلي صورها لولا خلل حصل في التركيبة الاجتماعية والفكرية عند القوم، أفرزت مثل هذه الأفكار والسلوكيات .
إن المجتمع الحضرمي في كافة عصوره التاريخية، وحتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري، أي إلى ما قبل سبعين عاما .. مجتمعا متماسكا، متعاطفا، متراحما، تغلب روح الألفة والشعور بالانتماء للدين والوطن الواحد، يتفقد الناس أحوال بعضهم البعض، ويشاع بينهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم تكن هناك فوارق مقيتة أو حواجز نفسية بين أفراد المجتمع.
أما العلويون، فحياهم الله وبيّاهم، لقد أسهموا في نهضة المجتمع الحضرمي، وعملوا على رقيه والانتهاض به من الحضيض، إلى أوج المعارف وسمو الفكر .. فهم منبع الفضل، وهم عنصر العلم والفقه والأدب، تعلموا على أيدي شيوخهم من العلويين وغيرهم، وعلموا الناس كافة علويين وغيرهم، لم يحتكروا العلم يوما من الأيام، كما يكذب ويهذي به بعض الناس .. وحاشاهم ثم حاشاهم. بل هم في كل زمان ومكان، بخلاف غيرهم من الحضارمة يقومون بتأسيس وفتح الدروس الفقهية والتربوية، كما هو معلوم لديكم في كافة المهاجر، وما مجالس مدينة جدة أو الرياض، التي مر على تأسيس بعضها أكثر من أربعين عاما إلا شاهد حي وصادق..
ولا ننسى الفضل لأهله، فإن هناك بعض الأسر الحضرمية قد احتذت حذو العلويين فقامت هي الأخرى بفتح بيوتها للدروس الأسبوعية في الحديث والفقه وعلوم الدين، كآل باشيخ وآل باسندوة بمدينة جدة، وهاتان الأسرتان من فضليات الأسر، ولهما تاريخ حافل في العلم ونشره . ويوجد بلا ريب غيرهما ولكن مع الفارق !! .
أيها الإخوة الحاضرون والمستمعون :
يجب أن نكون منصفين، ويجب أن نكون متفاهمين أكثر، أيها الشعب الحضرمي .. اعلم أن وحدتك جزء من وحدة العرب والمسلمين، إلى متى سيظل العرب الحضارمة يحملون في قلوبهم ما يحملونه على أهل بيت رسول الله ، هل يريدون أن يعدُّوا من النواصب، بئس القومُ هم إن كانوا كذلك.
إن من واجب العلوي أن يكون نبراسا لبني قومه ولكافة الناس، وأن يشعر بقيمته وشرفه فلا يرضى بالدنايا ولا بالدون وأن يتواضع لكافة الناس ولا يتعالى عليهم بعلمه أو نسبه فإن هذا خطر عليه،
وبالمقابل فإن على غير العلويين أن يقدروا للعلويين قدرهم، وأن يحفظوا حرمتهم، وأن يقوموا بحق الله وأمره فيهم بالمودة والحب خالصا لوجه الله، وحبهم تقربا لرسوله  فهم قرابته وآله وبنوه وهم القربى، وعليهم أن ينصحوا لهم ويخلصوا النصح، وأن لا تأخذهم العزة بالإثم، وليقرأوا سير أسلافهم، فقد كانوا مع العلويين لحمة واحدة، ولم يكن هذا التنافر الذي نشهده اليوم موجودا بينهم على الإطلاق .
إن النصح يكون برفق، لا بالعنف والتشهير، ولا بتأليف الكتب في الردود على بعض الأفكار، وعلينا أن نتكاتف جميعا، لتنقية التاريخ مما لا يليق ذكره، وأن نجتهد في إخراج تراثنا بصورة حسنة مشرقة، ليكون فيه نفع الأجيال القادمة، وحتى يعم الوئام والمحبة بين الجميع .

* * *


أسباب الركود الفكري

هناك أسباب سياسية كثيرة تؤدي إلى هذا الركود لن نخوض فيها الآن، لأن حديثي إلى الطبقة المسالمة التي تمثل عامة الشعب والشريحة الكبرى من الناس، فهناك أسباب تتعلق بهذه الشريحة، يمكننا أن نذكر أبرزها في معرض الإجمال ..
إن دخول الدنيا إلى النفوس وتغلغل حبها في الصدور، ولا ريب أن كل واحد سيتبرأ من مبدأ حب الدنيا، ولكنه يكذب على نفسه، لأنه لا يستطيع أن يفرغ نفسه عن قيود العمل والوظيفة، وهذا أمر محتم عليه أن يقوم به، ولهذا كان أسلافنا يميلون إلى التجارة لا الوظيفة، ولم تكن الطبقة المثقفة والعالمة وصاحبة النفوذ الروحي أو الديني أو الثقافي أو الدعوي تختص بأحد دون أحد أو بأسرة دون أخرى، بل من كان في مقدوره القيام بهذه المهمة والتصدي لها فإنه يبرز إلى ميدان العمل. وظهر فيهم من العلماء الكبار من جمع بين العلم والتجارة ، ولم تكن التجارة والاكتساب عائقا يوما ما عن التعلم.
ولكن جيل اليوم، استغنى بتجارته عن التعلم والفقه في الدين، وعن اكتساب أسباب المجد والرقي العلمي، خوى فكره وعقله وجفت روحه، فلم يعد يتذوق الشعر أو الأدب، وصار فصيح الكلام يعد بالنسبة له ألغازا، ومن كان بهذه الصفة بالله عليكم هل يمكنه أن يفهم القرآن أو يتدبره كما طلب منه؟؟
لقد بعد الجيل الحالي عن القراءة والاطلاع، وولعه بالحضارة الزائفة والأجهزة والتطورات الحديثة، كنت أتحدث مع بعض الطلاب شاب في السنة الثانوية الأخيرة، ليس الفرق بيني وبينه في السن سوى سنوات معدودات، وأقول له: لماذا لا تقرأ؟ فأجاب بكل برود جوابا آلمني وحز في نفسي : نحن جيل الكمبيوتر !!
سبحان الله !! وهل معنى كونك من جيل الكمبيوتر أنك لا تقرأ ؟؟ إنها لمصيبة، وكارثة، وطامة .. إنه الجهل بعينه، فهل معرفة الكمبيوتر أو أي فن أو مهنة من المهن تعني توقف العقل وانكبابه عليها ؟؟ ولكنه سوء التوجيه والتربية، يظنون أن الولد إذا نشأ أديبا متفقها عالما، أن مصيره أن يكون مؤذنا في مسجد أو مدرسا يتقاضى أجرا تافها، ونسوا أمرا مهما .. أن الأمة لابد وأن يظهر فيها من يقود ها ويدلها على الطريق لتنهض وتفيق من سكرتها وتتعافى من أمراضها، ولو تخلى الجميع عن دراسة علوم الشريعة والأدب واللغة والتاريخ ، ترى ماذا سيبقى لنا ؟؟
الاهتمامات قلت، والرغبات ضعفت جدا، فما هناك غير الكرة والسندوتش والسير في الأسواق والشوارع بلا هدف !! ضياع في ضياع، والعياذ بالله .
قلت لكم : إن عوامل الهزيمة والضعف مشتركة بين كل الشعوب، ولكن المحزن والمؤسف أكثر أن
تتردى بعض الأسر التي كانت في طليعة الأسر والعوائل الناهضة، والتي كان لأسلافها أدوار كبيرة وجهود جبارة في خدمة الدين والعلم .. أن تتردى هذه الأسر، ولا يبقى فيهم رجل موصوف بالعلم؟؟ يا للخسارة الفادحة.
إن هذا الأمر يؤدي إلى تبعات أخر، فعلاوة على الخسارة التي منيت بها هذه الأسرة من فقد صدور رجالها، فإنها سوف تضيع التراث الذي خلفه لها الأسلاف الصدور، وهذا ما رأيته بأم عيني، يموت العالم الكبير، ويخلفه أبناء جهلة أقل علما من العوام، فيضيعون كتبه، ويتخلصون منها، ولا يبقون في منزله بعد موته ورقة واحدة، لأنها كانت في حياته عبئا عليهم، وشاغلة حيزا من البيت !! أرأيتم كيف يؤدي الجهل والانحطاط ..
أيها الشباب ، وأيها الفتيان :
إلى كل من ينتسب إلى حضرموت، والى أسرها العلمية الفاضلة .. عودوا قليلا إلى تراثكم، والى مجد آبائكم، لا تلهكم الحضارة الزائفة، ولا المدنية الجوفاء، ولا غيرها من الأمور والأعراض الزائلة، وهبوا لخدمة العلم والدين والتراث .. إلى متى تبقون هكذا متفرجين، ادخلوا مضمار العمل الجاد، واتركوا مجالس اللهو وتوافه الدنيا ..
إن شباب العالم العربي والإسلامي اليوم يعانون من انعدام الهوية، وذوبان الشخصية، وانصهارها في بوتقات الغرب والإعلام الموجه، والمكائد المدبرة .. فيا أيها الآباء، أبناؤكم أمانتكم التي أودعكم الله إياها، وهم عماد الحاضر والمستقبل، فاتقوا الله في الأمانة,, واتقوا الله أنتم أيها الشباب الصاعد المقبل.

** *
خطة عمل ، وبوادر أمل

ربما كان في نبرة الحديث بعض الأسى والتألم لما حل بتراثنا وثقافتنا .. إنها نفثة مصدور كما يقال، ولكن الحظوظ ليست سيئة جدا، فهناك حركات حديثة قامت ببعض التصدي لتراثنا، بالنشر والتحقيق، والجمع .. ولكنها جهود فردية، ولا يصدر عنها إلا النزر اليسير في فترات زمنية متقطعة ومدد متطاولة.
وقامت جامعة عدن بنشر مجموعة جيدة من الأبحاث والدراسات عن تاريخ حضرموت، وتقوم بعض دور النشر التجارية بالإصدار أيضا في تريم وصنعاء وعدن والمكلا وجدة، وقليل في جاوة. وكل هذه جهود فردية، تخضع لبعض الآراء والنوازع والميول النفسية، ولم يقم إلى الآن مركز يقوم على حفظ التراث وجمعه يكون جامعا للأشتات، حافظا ومستوعبا لما تفرق في الجهات .
نعم .. هناك مكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم، لها جهود مشكورة في حفظ آلاف الكتب والمخطوطات، ولكنها ليست مخولة بالنشر أو بالإصدار، وإنما هي توفر للباحثين المصادر الخطية، وبها بعض المطبوعات والمراجع الهامة، ولكنها لا تكفي، ويوجد مكتبة أخرى للمطبوعات، تحتوي على مطبوعات نادرة ومراجع هامة، ولكنها مهملة بشكل ملفت للنظر، ويا حبذا لو يقوم الغيورون بالنظر إليها والاهتمام بشأنها.
كما أني ألفت النظر إلى الاهتمام بالمخطوطات المخبأة في البيوت، بيوت الأسر العلمية التي هاجرت في سيل (موسم الهجرة الأخير) من حضرموت، وكان السيل الأول في الأربعينات الميلادية (الستينات الهجرية) إبان هجوم المجاعة الفظيعة، والسيل الثاني في مطلع السبعينات والى نهاية الثمانينات (بين 1971 – 1989م) عقب مداهمة الحركة الشيوعية الحمراء للوطن الحبيب ،، ففر الناس، ولم يعودوا في غالبهم إلى اليوم .. وعاد بعض الناس بعد الوحدة اليمنية، ولكن لم تنصبّ اهتماماتُ أحدٍ بالنظر في شئون العلم والتراث .. ذهبوا للبحث عن أراضيهم وبيوتهم المغتصبة، وانشغلوا بتوثيق الحقوق والممتلكات، وهذا أمر مهم .. ولكني أرجو منهم أن يلتفتوا إلى تراث أسلافهم، ويتيحوا للباحثين الاطلاع عليه.
وأذكر لكم هنا على سبيل المثال : أسرة السيد العلامة الأديب كبير مؤرخي حضرموت في عصره، عبدالله بن محمد بن حامد السقاف، توفي في سيون عام 1387هـ، وبعد سنوات قليلة من وفاته، هاجر ابنه الوحيد إلى الحجاز (ال****ية)، وأقام بها ثلاثين عاما متواصلة، ولم يخرج إلى سيون إلا في العام الماضي، مع العلم أنه لم ينشر من تراث أبيه سوى كتابيه: الشعراء، والتعليقات على رحلة باكثير.
وكنت أتساءل : أين بقية تراث الرجل ؟ أين المعروضات النقية الذي أكثر من ذكره ؟ وأين التاريخ السياسي ؟ وأين مذكراته ورحلاته ؟ وأين الجزء المفقود من تاريخ الشعراء !! كنت أعتقد أنه يوجد من تراثه ما هو مخبأ في خزائن بيته . ولم أكن أعرف أن له ابنا ذكرا، سوى ما بلغني عنه أن له بنتا وحيدة (خديجة) التي ماتت في مصر !!
ثم فوجئت في آخر العام المنصرم، لما زرت سيون، بخبر سار ومفرح اخبرني به بعض الإخوة من طلاب العلم الفقهاء النبهاء، من حصوله على نسخة من فتاوى العلامة محمد بن حامد السقاف، والد السيد عبدالله، وهي فتاوى نادرة صورت من خطه، وهي غزيرة العلم مليئة بالفوائد، قام باستجلابها شيخنا الحبيب أحمد بن علوي الحبشي ,,
ثم تعرفت بالسيد طه السقاف، الابن الوحيد للمذكور، في بيته بجدة، وكان لقاء حافلا .. فأخبرني أنه خرج إلى حضرموت، بعد غياب طويل، ووجد كتب والده محفوظة كما هي قبل أن يسافر، ولكنه لم يتفرغ بعد لتصوير المؤلفات الموجودة وحصرها !!! إلى آخر اللقاء .. وقال بأن الرحلات والمذكرات موجودة، ويوجد صور نادرة لوالده مع شيوخ الأزهر كالمراغي وغير ه..
ما رأيكم .. إنني لو كنت مكانه لقمت بضجة إعلامية، ولنشرت مقالات تلو المقالات، لأشعر الباحثين بأن بغيتهم موجودة، وأن جزاء هاما وتراثا عظيما بانتظارهم ليأتوا ويحققوه وينشروه، أو لقمت أنا بنشره، فهذا مفخرة من المفاخر .. ولكن البضاعة هذه كاسدة في سوقنا وللأسف !! .
* * *
وأزيدكم حديثا ومن الشعر بيتا : عن تجربتي الذاتية لتأخذوا منها موعظة وعبرة، ولم أرد أن أسوقها ابتعادا من الحديث عن الذات، ولكن فيها تحدث بنعمة الله : فإنه أتيح لي العودة إلى وطني للدراسة في كلية الشريعة بجامعة الأحقاف بتريم -بعد هجرة طويلة بالنسبة لي- وطبعا تغير الناس، ولم يعد يوجد الذين كنت أعرفهم وآلفهم، الكل في المهجر، والكل مغترب، والبيوت خاوية على عروشها، خلا القليل من البيوت التي ترى مضاءة في شبام، مما لا يتعدى نسبة 50 في المائة من إجمالي البيوت والمساكن، أمر فظيع ..
المهم في الأمر : فوجئت بأن دور أهلي وعشيرتي ملأى بالمخطوطات، والكتب القيمة، منها ما تملكه الأجداد، ومنه شئ كثير بخطوطهم، مجلدات عديدة بخط الجد الفلاني، والجد الفلاني !! أمر مذهل، لم أكن أعلم عنه شيئا، وفوق ذلك كله، وجدت لأجدادي وأفراد أسرتي تاريخا علميا مجيدا، لو كان في بلاد غير حضرموت لقامت له منظمات الثقافة الدولية ولم تقعد ، مخطوطات تعود تواريخ بعضها إلى سنة 500 هجرية، وقبل وبعد .. أمر مذهل !! كل هذا في خزانات البيوت، هذا ما بقي ووجد إلى اليوم، وأما الذي ذهب فلن أزيدكم وأزيد نفسي حسرة وألما .. فيكفي النفوس ما فيها !! .
لقد قمت بطباعة وتحقيق بعض هذه الكتب، والتي تمثل تأريخا لأسرة آل باذيب التي أنتمي إليها، وجمعت التراث الذي يخص أربعة علماء فقط من الأسرة، فجاء في مجلد عدد صفحاته 740 صفحة !! فكيف بالله عليكم لو أردنا أن نجمع تاريخ الأسر كلها، والأعلام كلهم !!
إن هذا مشروع عظيم ،، مشروع عمر، سيستغرق زمنا طويلا، وهذا المشروع متوفر المادة العلمية، ولا ينقصه إلا المادة النقدية، فهل من مساعد، وهل من معين ؟؟
إني أنادي وأطالب كافة القادرين من الحضارمة، بسرعة التحرك لإنقاذ التراث، وجمع شتاته، ولملمة أوراقه المبعثرة، فهلموا إلى مجدكم بني قومي، وهلموا إلى تاريخكم وفخركم وعزكم !! آن الأوان، فلا تدعوا الفرصة تفوتكم.
وأدع لكم أيها الحاضرون أن تجيبوا على السؤال المعنونة به المحاضرة، هل تقدمنا أم تأخرنا ثقافيا ؟؟ أرجو أن تجيبوا بوضوح !!
وبهذا أختم مقالتي ومحاضرتي، آملا أن تكونوا قد استمتعتم بها، وبما جاء فيها من معلومات ومقتطفات من هنا وهناك .. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
وتم تحريرها
ليلة الجمعة 25 من المحرم الحرام سنة 1427هـ
بمدينة جدة حرسها الله وسائر بلاد المسلمين
* * *
  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2006, 06:09 AM   #2
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي نموذج مقترح لمشروع العمل

نموذج مقترح لمشروع العمل
في خدمة التراث الحضرمي
تصور / محمد أبوبكر باذيب
بعد أن أعددت محاضرتي السابقة، وقبل مغادرتي جدة، زارني في مكتبي بعض الفضلاء من السادة في جدة، وبعد حديث مطول ذي شجون عن الهموم الثقافية والأدبية المتعلقة بحضرموت، أطلعته على هذه المحاضرة، فأشار إلى أن أضيف تصوري للعمل المقترح حول مشروع خدمة تراث حضرموت، فكان هذا رأيا صائبا جدا، وحمدت الله على أن وفق هذا الرجل لإبدائه في وقته المناسب .. وهذا من بركة المشاورة التي أمرنا ربنا تعالى بالأخذ بها في قوله (وشاورهم في الأمر) .
فإليكم هذا التصور الذي أرجو أن يكون قريبا من الواقع ، وهو بلا شك قابل للزيادة والنقصان، وللتداول بين من يهمهم هذا الأمر ..
اسم المشروع : (مشروع خدمة تراث حضرموت وأعلامها).
الهدف من المشروع : إبراز الجوانب المضيئة والنيرة والهامة من تراث علماء حضرموت، في كل النواحي والاتجاهات الفكرية، من نواحي دينية أو أدبية، أو تاريخية. ووضع تاريخ شامل (موسوعي) يشمل كافة الأعلام الذين كان لهم بروز في تاريخ حضرموت منذ أقدم العصور، وحتى العصر الحاضر.
تفصيل العمل وخطته : جمع المادة العلمية الأساسية، وتشمل: المعلومات التاريخية للأعلام، نتاجهم التأليفي، ووصف هذا النتاج وصفا دقيقا وشاملا، بحيث يعطي للقارئ تصورا صادقا وحقيقيا لذلك النتاج، مع الاهتمام بتوثيق المعلومات توثيقا تاما. مع دراسة حياة الأعلام، وذكر الأعمال الاجتماعية التي قاموا بها، وتوثيق ذلك بالصور ما أمكن .
ميدان المشروع : كل المناطق والبلدان التي تواجد فيها الحضارمة في شرق الأرض وغربها، وكان لهم دور فعال في حياتها الاجتماعية، وامتد أثرهم ثقافيا أو اجتماعيا أو تجاريا بها .
فريق العمل : كل من كانت لديه القدرة المالية أو الذهنية أو الوقت الكافي للعمل، ومحاضركم هو من أول المتطوعين !! ويكون هناك رئيس للفريق، يشرف على كافة المراحل، وتكون لجنة عليا تسمى لجنة الأمناء أو اللجنة العليا، مهمتها الاستماع الى مقترحات الفريق، وتسهيل المهام، ويكون من واجباته الكبرى توفير المال اللازم لإنجاز المشروع، ووضع الميزانية الكافية لمثل هذا العمل.
خطوات مهمة : زيارة الأعيان من تجار الحضارمة وأعيانهم في كل مكان يوجدون فيه، وإعلامهم بالمشروع، من خلال توزيع بروشور أو كتيب يشرح فكرة المشروع ويوضحها لهم، وطلب الدعم المعنوي والمادي منهم، كل ذلك تحت إشراف وموافقة اللجنة العليا .
مدة العمل : من ثلاث الى خمس سنوات، ويتم خلال السنتين الأوليين تنفيذ المرحلة الأولى على أقل تقدير ، والبدء في المرحلة الثانية .
المواد اللازمة : توفير الباحثين المهيئين لهذا العمل واختيار الأصلح فالأصلح ممن يقترحهم مجلس الأمناء، توفير رواتب الباحثين (الفريق)، ووضع الميزانية اللازمة، ووضع الخطط ودراسة الجدوى من الرحلات التي سيقوم بها الفريق، وتوفير الأجهزة اللازمة والضرورية من حاسبات وآلات تصوير، وغيرها.
خطة العمل : سيكون هذا العمل على مراحل، كالتالي :
المرحلة الأولى : جمع المصادر والمواد (الخام) الأولية، للمشروع، وهذا باب واسع جدا،ومبدئيا يمكن ذلك بالنظر في المراجع المطبوعة، والدراسات الأكاديمية، وتتبع مصادر الباحثين، الأقدم فالأقدم، وهذه الخطوة مهمة، ويمكن أن تكون بعد البدء في وضع الهيكل العام للمشروع، وتداوله مع المختصين.
ويشمل هذا الجمع: جمع المصادر المطبوعة والمخطوطة على حد سواء .
ومما يتبع هذه المرحلة ويقتضيها : السفر الى مهاجر الحضارمة والمواطن الأصلية، وسؤال الأهالي، وكل من له صلة بأحد من الأعلام المراد الكتابة عنهم، وعمل مسح شامل لذلك، وقد قمت بعمل مسح بسيط لبعض المهاجر الشرقية، ولنا علاقات ببعض كبار الباحثين والمهتمين بهذا الجانب، ويمكن تفعيل هذه العلاقات بشكل أكبر، وعمل زيارات أخرى تكون أوسع نطاقا.
جمع كل ماله صلة بتراث الحضارمة، ومن ذلك : جرد المكتبات الخاصة والعامة، وتتبع الفهارس الخاصة بالتراث والمخطوطات، وهي متاحة للجميع وتؤخذ من مظانها في المكتبات ومراكز البحوث والدراسات المنتشرة في أرجاء العالمين الإسلامي والعربي، وغيرها من مكتبات ومراكز العالم الغربي.
المرحلة الثانية : ضم الأشباه والنظائر الى بعضها البعض، وترتيب المعلومات المستقاة من المصادر المتقدمة في المرحلة الأولى، وتنسيقها في ملفات أو بطاقات، مع الاهتمام بوضع الوثائق والصور في مواضعها أولا بأول، لئلا تكثر فيكون ترتيبها صعبا جدا بعد ذلك.
المرحلة الثالثة : صياغة المواد المجتمعة، وإعدادها في قوالب ذات طابع مشترك، حسب الخطة التي ستوضع لهذه المرحلة، أعني الخطة التفصيلية، ونحتاج في هذه المرحلة الى اشتراك عدد من الباحثين المتفرغين، لايقل عددهم عن ثلاثة، إذا أردنا أن نخرج هذا المشروع في القريب العاجل، وإلا فإنه سيبقى حبيس الأرفف والملفات، لأن الباحث أو الباحثين لا يكفيان في هكذا مشروع .
  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2006, 05:15 PM   #3
العوش النهدي
حال نشيط


الدولة :  حضرموت - المكلا (فوه)
هواياتي :  كرة القدم وخاصه فريق برشلونه
العوش النهدي is on a distinguished road
العوش النهدي غير متواجد حالياً
افتراضي

ممكن لو سمحت ان تلخص هذه المحاضره في سطور حتى يمكن الاستفاده منها وذلك على اعتبار انها مطوله وحتى نفهم قصدك هل تطورت ام تاخرت ولا اظن انها تاخرت
يا باذيب ما قل وكفى خير مما كثر والهى
وشكرا على هذه المحاضره فانا فهمتها ولكن غيري قد لايفهما
رجائي ان يتم استخلاص الاستنتاجات والتوصيات من هذه المحاضره حسب شروط مناهج البحث العلمي وانت اكيد عارف وقاري كتب اسس البحث العلمي
  رد مع اقتباس
قديم 03-28-2006, 03:36 PM   #4
البحار
حال نشيط

افتراضي

الشكر الجزيل للدكتور باذيب على نقل هذه المحاضره القيمة والصريحة الواضحة والصادقه عما حصل ويحصل للحضارم بسببهم انفسهم وبسبب مساعدتهم لمن كان السبب.

حضرموت كانت متقدمه فتأخرت وستتقدم انشاء الله رغم محاولات تأخرها بشتى الطرق والدسائس.
  رد مع اقتباس
قديم 03-29-2006, 01:09 PM   #5
ابوعمرالشقاع
حال جديد

افتراضي

مشاركة رائعة
  رد مع اقتباس
قديم 03-29-2006, 04:43 PM   #6
صكه
حال نشيط

افتراضي

رائعة المحاضرة . وشكرا يادكتور احمد على هذه المشاركة .
  رد مع اقتباس
قديم 03-29-2006, 08:07 PM   #7
ابومحروس
مشرف عذب النغم والفن
 
الصورة الرمزية ابومحروس

افتراضي

شكرا يادكتور على هذا الجهد الشاق
الله يعطيك العافيه وكلامك لن يتم فهمه من اول قراءه
لابد من تمعن هذه المحاضره
لك التحيه
والسلام ...
  رد مع اقتباس
قديم 03-29-2006, 09:55 PM   #8
ماهر
حال نشيط

افتراضي

شكرا للأخ الدكتور باذيب على هذه المشاركة القيمة وشكرا للأستاذ المحاضر على هذا المجهود .
كلامك صحيح اخي بومحروس المحاضره بحاجة الى قراءة وتمعن .
الاخ النهدي البحث العلمي الذي تريده معناه لازم يستشهدالمحاضر بما قاله مستشرق اوغيره.. او عندما يتكلم ويحاضراكاديمي من ابناء البلد.ويوقع باسمه الحقيقي.ويضع النقاط عالحروف.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حياة (الخائن) علي سالم البيض الممتدة حالة من التقلب؛؛؛؛؛ الخليفي الهلالي سقيفة الحوار السياسي 6 02-21-2013 08:18 AM
صنعاء" دبابات للجيش اليمني تتجه نحو منزل الشيخ الأحمر مصحوبة بأسلحة ثقيلة حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 03-13-2011 02:29 AM
بر جدة توزع أجهزة منزلية وكهربائية بقيمة مليون ريال على الأسر المتضررة من السيول إبداعات الســقيفه العـامه 0 02-25-2011 04:19 PM
حضرموت ؟؟ ثقافة اللا مبالاة / كتب: الدكتور / ماهر بن دهري حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 11-14-2010 01:00 AM
الجنوب " ثقافة (النهب) أوجدت ثقافة ( الكراهية ) حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 1 11-11-2010 08:30 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas