المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > الســقيفه العـامه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


المدافع عن حلقات التحفيظ شهيد القرآن

الســقيفه العـامه


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 11-29-2010, 01:53 AM   #1
نبراس شبام
حال نشيط

افتراضي المدافع عن حلقات التحفيظ شهيد القرآن

اللهم ارحم عبدك محمد بن عبده يماني ..
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه , وأدخله الجنة مع الأبرار ...

أيها القارئ النبيل , منذ أن عقلت ووعيت في مدينة جدة كنت اسمع من أبي عن اسم هذا الرجل , كان والدي مديراً لمدارس تحفيظ القرآن أول ما أنشئت في نهاية التسعينات من القرن الهجري الماضي , وكان أبي عضواً في جمعية تحفيظ القرآن , وكنت أشاهد أعضاء الجمعية ومنهم الشيخ الفاضل أحمد صلاح جمجوم ومحمد عبده يماني رحمهم الله وغيرهم .
مع مرور الزمن تعرفت على رجل وضيء الوجه سمح المحيا كريم المعشر , وهو محمد بن عبده يماني , وكان أول مجلس خاص سمعته يتحدث فيه مع الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين , وهذا المجلس عقد في العشر الأواخر من رمضان قبل حرب الخليج بسنة واحدة , رغم أن ابن عثيمين رحمه الله يكبر يماني بعقد من الزمان إلا أن الوقار أو الهموم جعلت من يماني أشبه برجل تجاوز الثمانين آنذاك ..مع أنه توفي ولم يجز السبعين إلا بسنتين ...

كان رجلاً مربوعاً , لم يكن طويلاً ولا نحيفاً , فيه لطافة ودعابة , مع حياء وهدوء ...

تحبه , وتتمنى أن تستمع لحديثه الوقور , رغم أنك تختلف معه , إلا أنه يسمح لك بحرية النقاش , كنت ولازلت لا أحب دروشة الصوفيين , ولا تنطع الغالين .

استمعت إليه مراراً بعد ذلك في مناسبات وحفلات , وافقته في أشياء , وخالفته في أشياء .

لكنني والحق يقال أكبرته في مواقف كثيرة .

فقد كنت أستمع إليه كثيراً باهتمام عندما يتحدث في إثنينة عبدالمقصود خوجة , كان يلبس عبائة وزير سابق , ويقبل على أنه وجيه كبير في الحجاز , ويقدم على أنه مدير لجامعة عريقة .


ولكنه إذا تحدث فإنما يتحدث عن هموم الناس , يتحدث عن الجمعيات الخيرية , ويتحدث عن العلم الذي ينبغي أن يبذل للناس , يتكلم عن المجتمع وكأنه يعيش في حارة شعبية فهو يعرف هموم الناس وحاجات الشعوب رغم ثرائه ومناصبه ...

ربما شطح في نظري في بعض المرات فتحدث عن المولد النبوي أو تحدث عن رأيه فيما يسمى بالآثار النبوية , لكنني كنت استمع إليه وأن أعلم أنه يقبل النقاش , وأستمع إليه وأنا اعلم أنه محب الحوار , وأقول دائماً لمن معي عفا الله عنه.

محمد عبده يماني رجل صالح , ورجل فاضل , ومعين خير , ورفيق أمة مكلومة , وصاحب دمعة , ومحسن كبير ... يتحول مكتبه الفاخر في برج دله بشارع فلسطين إلى شبه جميعة خيرية كل يوم , بل يمكنك أن تقول ليست جمعية واحدة بل جمعيات خيرية .

فهو يكتب الشفاعات , ويوزع الصدقات , ويشفع في المساجين , ويصلح ذات البين .

وتعجب من هذه الطاقة الكبيرة التي تجتمع في شخص واحد , فقل مناسبة اجتماعية إلا حضرها , فتجده من أصدقاء المرضى حقاً لا دعاية , فهو يزور المرضى باستمرار , وهو أول المعزين في الموتى , وهو رياضي محنك ورئيس نادي! , وكاتب أدبي بارع ومؤلف ! , وعالم جيولوجي وأستاذ أكاديمي بارع , وهو إعلامي وكاتب مرموق , وله كتب شتى ومتنوعة , بل إنه كتب بعض كتبه باللغة الإنجليزية , وتراه دائماً في المحافل العلمية والاجتماعات الفكرية , وتجده في الجمعيات الخيرية فقل جمعية في مكة وجدة إلا وله فيها مشاركة جدية وفاعلة ..

حضر قبل شهر ونصف من وفاته تكريم ألف طالب حافظ للقرآن الكريم , حضر بصفته محب للقرآن وأهله , وبصفته عضو مؤسس وفاعل في جمعية تحفيظ القرآن في مكة وجدة , بعكازه العادي تماماً والجميل جاء متوكئاً , استقبله الحضور والجمهور الكثير بالبشر والترحاب , فهم جميعاً يعرفون شرفه وفضله ومكانته وحبه للقرآن وأهله , جلس في صدر المنصة الرئيسة , واستمع كغيره من الناس للطلاب وفرح ودعا لهم كثيراً ....

عرف عن يماني وغيره من أهل الفضل مسارعتهم لمثل هذه المهرجانات العظيمة التي تبعث في الأمة النشاط , وتخرج أجيالاً يحملون مشاعل الهدى والنور .

يسارع يماني كعادته في دعوة التجار للتبرع للجمعيات الخيرية عامة , وعلى رأسها جمعية تحفيظ القرآن الكريم , لا يكل ولا يمل , يكتب ويتصل ويبذل ما يستطيع من الجهد والوقت لتوفير الموال للجمعيات الخيرية باختلاف نشاطاتها .

كانت أوقاف الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن تقدر بعشرات الملايين , تبرع بها الناس من اجل أعظم كتاب سماوي على وجه الأرض اليوم ..

وبعد اقل من أسبوعين من هذا الحفل صدر قرار من أمير مكة بطرد جميع العاملين من مدرسي القرآن الكريم من غير السعوديين في جمعيات مكة وجدة وتوابعها ..

نتيجة لهذا القرار أقفلت وسرحت لأول مرة في التاريخ حلقات تحفيظ القرآن في المسجد الحرام , وهو أو إلغاء رسمي لها منذ عهد الإسلام الأول ..

ربما كانت الحلقات توقف في أيام الحروب أو الحج أو غير ذلك لظرف طارئ , لكنها لم توقف هكذا بدون سبب إلا في شهر شوال وذي القعدة من عام 1431.

كان إيقاف الحلقات قاسياً جداً على الغيورين , ولقد رأيت الدموع تنهار من بعض الناس لهذا القرار , فالقرآن والإسلام لا يعترف بلون أو جنسية أو عرق ..

إنه دين خالد وكتاب سماوي عظيم ..

بعد القرار المفاجئ بأيام معدودة اجتمع وجهاء الناس والقضاة والعلماء لمناقشة الوضع , صدّر الأمير قراره وهو على جناح سفر خارج المملكة ..

أصبح اللقاء مع وكيل الأمارة لا قيمة له , وأمير جدة يقول لا قرار لي , والأمير مسافر !!!...

في اجتماع جمع رؤساء المحاكم والعلماء والوجهاء ليبحثوا هذا القرار , وجدوا أنّ القرار بيد الأمير خالد الفيصل , عندما أغلقت السبل وتقطعت الطرق وتنصل الجميع من المسؤلية , فوجئوا بمحمد عبده يماني يجهش بالبكاء مثل راهب يرى هلاك أمته وهو ينصحهم وويمنعهم من الشر ....



كتب الناس بالمئات للأفتاء في الرياض , بخطورة هذا الوضع وتأزمه , وأنه يضعف العلاقة والثقة بين المسؤل والمحكومين , خاصة والبلد قام على كتاب الله .

ذكروهم بالمسجد الحرام وحقه وحرمته , كان للإفتاء في الرياض رأي آخر !!.

رأى الإفتاء إن لديه قضية أهم وأخطر , وهي يصدر فتوى جماعية في تحريم عمل المرأة محاسبة في المحلات التي تبيع للجمهور ...



عندما سقطت الفتوى في أيدي الناس في جدة ومكة كتب بعض الناس معلقاً , لماذا استأسد رجال الإفتاء على النساء ولم يستأسدوا على غيرهن ممن منع تدريس القرآن !!.



مع كل هذه الأحداث المزعجة , ومع أن الواقع لا زال قائماً حتى هذه اللحظة , وعندما أحس يماني بالخذلان المتكرر , رأى أن يصدع بالحق رغم أمراضه ..



وبعد القرار بعشرة أيام عاد الأمير من سفره أخيراً , وأصبح لابد من الجلوس معه , ويماني من أعضاء مجلس المنطقة , ووجيه كبير مهاب ومسموع الكلمة , وبعد أيام طويلة من المواعيد , وفي يوم الاثنين الثاني من شهر ذي الحجة لعام 1431 , وفي مجلس الأمير خالد الفيصل , تكلم يماني مع الأمير عن حلقات القرآن , واحتدم النقاش , وخرج الحوار عن مساره إذا أصر الأمير على رأيه .





كان يماني يقول في نفسه ولجلسائه دائماً بعد هذا القرار , إنه القرآن الذي تبذل الأمة مهجتها من أجله , والقرآن الذي نعيش به ونحيا على ضوئه , إنه كلام الله الخالق العظيم , وليس لعبة في أيدي الناس , ومع النقاش العنيف و وأمام الملأ سطر يماني ملحمة الخلود , ورأى أن بطن الأرض خير من أعلاها , لم يستطع أن يعيش ليشاهد كتاب الله تعبث به الأيدي ولا يجد نصيراً , فأصيب بجلطة

دماغية توفي على إثرها مباشرة ونقل إلى المستشفى السعودي الألماني بجدة ...

سقط بعبائته الجميلة وعكازه الخشبي الجميل بين الصامتين أو المطبلين للقرارات



سقط في المجلس أمام عدسات الكاميرات المنافقة وبريق الفلاشات اللامعة , وسقط بين الناس تحت الثريات

الكريستالية الفاخرة المعلقة , وبجوار الأرائك الوثيرة المريحة ..

سقط ليموت شهيداً للقرآن العظيم , وهو يحمل سبباً يلقى الله به وهو كتاب ربه سبحانه وتعالى ...
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas