حرب يجب إيقافها.. آخر منحة من عدن لفرنسا قبل 8 سنوات

[حد من الوادي]

مستجدات الأحداث في النظرة البردونية.. قضية صعدة أنموذجاً

30/08/2009
أحمد الشامي-نيوزيمن:

كنت ولا زلت على قناعة بأن الأستاذ عبد الله البردوني سبق عصره بعقودٍ طويلة إن لم أقل قروناً، ومن هنا فالبردوني حيٌ بيننا ومعايشٌ ومتفاعلٌ مع الواقع والأحداث التي شهدها اليمن منذ وفاته وحتى الآن..وأجدني مطمئناً وأنا أعود إلى البردوني باحثاً ومتسائلاً عن الحلول والمعالجات وعن التفسيرات والتحليلات لما أشكل عليّ فهمه أو استعصى عليّ إدراكه من عُقد المشكلات وأمهات الحوادث..ولاشك أن ما هو حادثٌ في صعدة منذ خمسة أعوام هو خطير وهام يستدعي استثارة العقول لمحاولة فهم العلل والأسباب ومن ثم النتائج التي قد تفضي إليها الأحداث..ولما أعلمه من المكانة الكبيرة التي يحظى بها المفكر البردوني لدى الشريحة الأوسع من خاصة الشعب وعامته فمن المناسب والطبيعي أن نستنطق البردوني ليتحدث عن مشاكلنا لأنه كان صادقاً لا يماري ولا يجامل، وكان شجاعاً لا يخاف ولا يجبُنْ، وكان أيضاً خبيراً بشؤون بلاده بكل تفاصيلها، وهو فوق كل هذا وذاك رجلٌ نافذ البصيرة يهتدي بهدى العقل ويستضيء بنور القلب المليء بحب الله والوطن والإنسان.

صعدة ومكانتها التاريخية:
منذ ما يربو على أحد عشر قرناً حجزتْ (صعدة) مكاناً لها بين الأماكن الهامة والحيوية على امتداد الساحة الإسلامية " فمن القرن التاسع الميلادي أصبحت مدينة(صعدة) اليمنية كإحدى عواصم الثقافة، وذلك بعد أن قام فيها(الإمام الهادي يحيى بن الحسين)، وأسس دولته على المذهب(الزيدي) الذي كان قليل الأتباع خارج اليمن، بل لم تكن مؤلفاته تشكل مذهباً يساوي أحد المذاهب الأربعة، ولما قامتْ دولة(الهادي) بصعدة، تأسستْ(الزيدية) كامتداد للمعتزلة فكرياً وللحنفية فقهياً" ويستمر حديث البردوني عن صعدة بالقول:"مهما عجز(الهادي) عن توسيع رقعة دولته على كل اليمن، فإن عاصمته(صعدة) لم تعجز عن تأسيس الثقافة وتعدد المدارس الفكرية والفقهية؛ بمفهوم فكرية ذلك الحين".

ويرى البردوني أن التفاعل الفكري والثقافي والفقهي كان أهم أطرافه الفكر(الهدوي) الذي تأسس بداية في صعدة، ولهذا فإن مدينة(صعدة) لها رمزيتها التي تشكل جزءً من هوية(الزيديين) في اليمن؛ ورمزية هذه المدينة لا تختلف عن رمزية النجف وكربلاء وقم لدى(الإثنى عشرية)، وكذا رمزية نجد بالنسبة(للوهابية)، أو رمزية حراز وجبلة (للإسماعيلية) وهكذا..

وصعدة لها أهميتها في نفوس كل اليمنيين باعتبارها أول المدن اليمنية استقلالاً عن الخلافة العباسية التي كانت آخر أيامها كأسوأ ما تكون عليه الخلافة؛ بالإضافة إلى أن(صعدة) هي حاضرة العلم وحاضنة الثقافة على مدى قرون عديدة.

استمرارية الثورة:
سبق لي أن نشرتُ مقالاً بعنوان: الثورة في فكر البردوني، أوضحتُ فيه أن البردوني يرى استمرارية الثورة حتى تحقق أهدافها؛ فعندما يستعرض البردوني الحركات والانتفاضات التي سبقتْ الثورة السبتمبرية؛ فعلى الرغم من تشكيكه في الأهداف الوطنية لبعضها فإنه يعتبرها الأساس لما تلاها من أحداث أوصلتْ إلى الثورة الشاملة والعامة ذات الأهداف الوطنية؛ وفي هذا المعنى يقول:"فبحركة حاشد وما تولد منها من انتفاضات تنامت عوامل الثورة الشعبية لكي يثور الشعب بنفسه لنفسه من أجل تحقيق حكم نفسه بنفسه في الستينات" ويستطرد بالقول "إذن لم تأت ثورة الشعب إلا من هذا الدفق الذي تجمعت كل أمواجه المتلاحقة في بحر الستينات والسبعينات؛ لكي تتقد ثورة الشعب، وتمتد ديمومتها، لأن الثورة الدائمة تجددٌ سرمدي يتجلى بعضه من بعض".

ويقول في مكان آخر ولكن في ذات السياق "فكل ما تفجّر من أحداث خصّب حيوية الإرادة واستبقى معالم الجرأة في جماهيرنا لكي تتلاحق مواكب التحرك الخلاق تحت مبدأ: الكل للشعب والشعب لكل غاياته العليا".
وهذه النصوص وغيرها تؤكد أن البردوني على قناعة بأن الحوادث والتمردات والانتفاضات هي مقدمة لثورة شاملة ووطنية.

أحداث صعدة الأخيرة:
ها هي السنة الخامسة على التوالي والدم في صعدة ينزف، وجرح الوطن يزداد عمقاً واتساعاً، ويأتي هذا النزيف بعد أن عانت منه مناطق واسعة من اليمن خلال السنوات والعقود الماضية..ثم ها هو الجرح يمد أذرعه إلى المحافظات الجنوبية؛ فهل هذه الأحداث على صلة ببعضها؟ وهل هي مقدمة لشيءٍ ما؟ أم أنها منفصلة عن بعضها البعض ولكل واحدة أسبابها؟..دعونا نعود إلى البردوني سائلين عن إجابة لبعض هذه التساؤلات؛ حيث يقول البردوني:"إن التذمر الطائفي ناتج عن سوء الأوضاع العامة" ثم يضيف قائلاً:"لا يشتعل التمرد إلا على أوضاعٍ فقدتْ صلاحية البقاء أو قدرة التسيير" فالتمرد-في نظره- هو أصدق الصور على سوء أوضاع الحكم.

ولا يستبعد البردوني أن يشكل هذا النوع من الأحداث مقدمة للثورة الشاملة حيث يقول:"قد تشكل الحركات الفوضوية أرومة الثورة الوطنية، لأنها تصاعد حرارة الحيوية في الشعب حتى ينتقل من التحرك الآني العشائري إلى الاندفاع الشعبي لتحقيق الغايات العليا للوطن، باعتبار الفوضى الدموية تؤدي إلى العكس وهو الانسجام عن طريق إبداع واقعٍ يمكن التصالح معه".

وبعد أن اتضح رأي البردوني في أسباب هذه الأحداث والتي أرجعها إلى سوء الأوضاع العامة وعدم صلاحية الحكم القائم، وأوضح لنا أيضاً ما قد تفضي إليه تلك الأحداث من ثورة عامة ووطنية..آن لنا أن نسأله عن جدوى الحل العسكري للسيطرة على هذه الأحداث، فيجيب بالقول:"إن إخضاع منطقة من الوطن لا يسمى نصراً عسكرياً، وإنما يسمى هزيمة سياسية للنظام، لأن الإخضاع يخمد الظاهرة ويقوي أسبابها" كما يؤكد البردوني أيضاً بأن القمع يعجز عن إيقاف حركة الشعب أو حركة جماعاتٍ منه.

الختام:
بعد هذا العرض الموجز لبعض أفكار البردوني التي يمكن أن نهتدي بها في واقعنا يظل التساؤل قائماً: هل ترانا سنستجيب لصوت العقل ولمنطق الحكمة التي تدعونا إلى أخذ العبر والدروس، وعدم تكرار أخطاء الماضي، والسعي بإخلاص وصدق مع النفس والتاريخ لمعالجة الأخطاء التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، وكذا رفع الظلم ودفع المظالم إلى أهلها بهدف سحب الذرائع عن كل خارجٍ ومتمرد؟..هذه تساؤلات أضعها على أمل أنه لا زال بين الجموع عقلاء يدركون معنى النصيحة، ويستشعرون حجم المسؤولية، ويدركون أن السفينة-لا قدر الله- قد تغرق بالجميع دون استثناء..

-------------------------------------------------------

حرب يجب إيقافها.. آخر منحة من عدن لفرنسا قبل 8 سنوات

30/08/2009
حبيب سروري- نيوزيمن:

(في مقاله عن اليمن) يريد صاحب جريدة الأهرام (من كبار مؤدلجي التوريث بمصر، و...) بوضوح أن توجه السعودية ومصر زمام أمور بلد فالت كاليمن!.
بالتأكيد لا يتحدث في مقاله عن جذر كل أزمة: صعدة، أو الجنوب! لا يهمه ذلك كما يبدو!...
جذر المشاكل دائما في الداخل أولا!...

هل كان سيكون هناك حراك في الجنوب لولا نهبه منذ 1994؟

(مثل بسيط جدا من الواقع الذي أعرفه: كان عدد الممنوحين للدراسات العليا في فرنسا، الآتين من الجنوب، أكثر من عدد الممنحوين الآتين من الشمال قبل الوحدة (السبعينات، الثمانينات...)!... أما الآن: فآخر مبعوث من جامعة عدن للدراسة العليا في فرنسا كان قد وصلها قبل تسع سنوات! يأتي مبعوثون سنوياً لفرنسا مع ذلك!...)

هل كانت أحداث صعدة ستقع فعلاً لو لم تكن هناك مصالح لتجار الحروب فيها، ولو لم تُترك هذه المناطق ترتع في الفقر وعدم التنمية والجهل، ولو وجد نظام يصغي لاحتياجات أهلها، يحترم خصوصياتهم، يرفدهم بالتعليم والنهضة؟
أخاف أن هذا الحديث المفاجئ عن إيران يأتي أساساً لتبرير دخول السعودية على الخط، ولخلق شرعية في خوض هذه الحرب المدمرة حقاً!

الدبابات اليمنية التي ظهرت اليوم في يوتيوب (ونيويمن) يقودها حوثيون (صور تثير الرعب وتنذر بكوارث جديدة! بين المجموعة التي يقودون هذه الدبابات طفل صغير! ياللجنون!) لم تصلهم من إيران عبر ميناء حجة الدولي (!)، أو مطار يافع الدولي (!)) لكنهم أخذوها من الجيش اليمني!...
باختصار هذه الحرب كارثة انسانية حقيقية: المقالات والاستطلاعات التي ظهرت في النداء وعدد من الصحف الأخرى تنذر بكارثة إنسانية مرعبة!...
ايقافها السريع مهمة عاجلة جدا جدا جدا!...

[حد من الوادي]

أنقـذوا اليمـن‏..‏ ولا تتركـوه لإيران أو القاعدة

28/08/2009
أسامة سرايا رئيس التحرير (جريدة الاهرام)

اليمن السعيد المهم استراتيجيا لكل العرب يتعرض الآن إلي أقسي الأزمات التي يمكن أن تتعرض لها أي دولة في عالمنا‏,‏ فالحرب بين الدولة وجماعة الحوثيين المدعومة إيرانيا ليست الخطر الوحيد الماثل أمامنا الآن‏,‏ فالانتحاريون الذين يهربون الآن من العراق وأفغانستان يبحثون عن ملاذ آمن جديد للقاعدة لتهديد المنطقة وإشاعة الفوضي فيها‏,‏ وأزمات اليمن المتلاحقة تساعد علي تحقيق هذا الهدف‏,‏ خاصة أن جغرافيا اليمن وجباله الوعرة والطبيعة القبلية للتجمعات السكانية تجعل بيئة اليمن مثالية لتلك التنظيمات الإرهابية في حالة سقوط أو ضعف الدولة في اليمن‏!!‏

فلقد تجمعت مشكلات التطور وغياب الآليات السياسية لإحداث التطور الاقتصادي والسياسي في اليمن لتعمق مشكلاته الذي حيث مازالت الوحدة بين شماله وجنوبه هشة وتتعرض من حين لآخر لجماعات الابتزاز السياسي لعودة الانقسام بين اليمنين‏(‏ الشمالي والجنوبي‏),‏ وما يعرف الآن بالحراك الجنوبي ينتهز هذه الفرصة والظروف السياسية الراهنة لتحقيق مصالح سياسية وإعادة العجلة للوراء ليدفع النظام والدولة اليمنية ثمن الوحدة اليمنية التي تمت قسرا وبعد حرب عام‏1994‏ الأهلية القاسية بين اليمنيين‏

فالوضع الداخلي الهش والضعيف وفي الوقت نفسه بروز التحدي الخارجي المدعوم إيرانيا لإنتاج تنظيم جديد‏,‏ ينضم للتنظيمات الشيعية المتطرفة مثل ولاية الفقيه في إيران وحزب الدعوة في العراق وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن لتصبح جميعها أجنحة تابعة لإيران في منطقة الشرق الأوسط ـ كل هذه الأوضاع أدوات للتشغيل السياسي لرهن قضايا العرب وربطها بالسياسات الإيرانية‏!!‏

إن هذه التطورات السياسية المتلاحقة في اليمن تستدعي من العرب الانتباه لأنهم لا يتحملون فشل اليمن‏..‏ فماذا سيكون وقع سقوطه لا قدر الله؟

فاليمن ينزلق تدريجيا إلي الحرب الأهلية ولن يقتصر الصراع بين الشماليين والحوثيين وإنما قد يمتد إلي فتح جبهة الشمال والجنوب الهشة جدا‏..‏ والتوترات الواردة من هناك تكشف عن الكثير من المخاطر المحتملة والدقيقة ليس علي مستقبل اليمن وحده ولكن علي المنطقة العربية كلها خاصة دول الخليج العربي‏,‏ فاليمن ليس بلدا سهلا‏,‏ وأخطر ما فيه أنه يقع علي البحر والمحيط ويجئ كتجربة إيرانية جديدة لزعزعة استقرار الدول العربية امتدت في الخليج بالكويت والبحرين وامتدت للمشرق العربي في لبنان والعراق بالسيطرة علي سوريا ووصلت إلي المغرب العربي بل ووصلت إلي محاولة اللعب مع مصر عبر حزب الله اللبناني‏

وإنني أقف مع الرأي الذي يري أن اليمن لا يخوض حربا ضد الحوثيين أو أن هناك أزمة داخلية‏,‏ محورها أسباب خاصة بنظام الحكم او اهتزاز الوحدة بين الشمال والجنوب‏,‏ فاليمن يخوض حربا ضد القاعدة منذ سنوات واليوم يخوض حربا ضد إيران وقد التقت مصالح الطرفين في ضرب استقرار اليمن ووحدته وهز الدولة اليمنية الشقيقة وتعريضها للتفكك والانهيار‏.‏

والعرب يجب ألا يتركوا اليمن في صراعه وحيدا‏,‏ بل يجب أن يسارعوا إلي مساندته ودعمه‏,‏ وعدم تمكين إيران من تحقيق هدفها في هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية من العالم العربي‏.‏

ولندرك أن الظروف الاقتصادية في اليمن صعبة وتكلفة الحرب باهظة وتزيد الأعباء علي الحكومة والمواطنين بما يغذي عناصر القلاقل والفوضي‏,‏ كما أن الحرب في جبال صعدة ليست سهلة‏,‏ والمتمردون يتغذون علي أسلحة وأموال قادمة من الخارج ويجيدون اقتناص الفرص المتزايدة لاستنزاف الحكومة والجيش اليمني في حرب عصابات لا تنتهي‏,‏ خسائرها باهظة التكلفة والصعوبة‏.‏ وربما تؤدي إلي إشعال فتنة طائفية حادة في اليمن ستنتقل نيرانها وتأثيراتها السلبية إلي كل محيطها العربي وستؤدي إلي زيادة انخراط الشباب العربي في المشروع الارهابي الذي كاد يتوقف ويلفظ أنفاسه فإذا بهذا الصراع من جديد يزيده تأججا ويعيد إحياءه في أخطر وأكثر مناطقنا التهابا في الخليج العربي وما يمثله من ثقل للمنطقة والعالم العربي كله‏.‏
‏
.................................................. ..................‏

إن الوساطة في اليمن والحل السياسي بدعم الحكومة المركزية لم يصبح من الحلول المستحيلة فمازال الحل ممكنا لو سارعت جامعة الدول العربية إلي حشد طاقات العرب خاصة مصر والسعودية لدعم صنعاء وحكومة اليمن‏,‏ أما كشف الوجوه التي تعبث باليمن وتريد صوملته بحجة الإصلاح والتغيير مهما تكن المبررات فيجب أن تكون واضحة‏,‏ مع رغبتنا الأكيدة في أن يكون اليمن قادرا علي زيادة الإصلاح في كل المجالات سياسيا واقتصاديا‏..‏ وهذا الإصلاح لا يحققه التفكك أو انهيار الدولة وتسليمها لإيران عبر الحوثيين وإعادة تقسيم اليمن إلي شمال وجنوب‏..‏ كما يجب ألا تكون حجج الإصلاح مبررا للانفصال أو التدخل الخارجي‏.‏

إن العرب مازالوا قادرين علي مساعدة اليمن لكي يتجاوز الأوضاع الصعبة التي يعيشها الآن‏.