'' الجمرة الخبيثة والقاعدة ''وعلاقتهما بالحكومة اليمنية ( بقلم : علي اليافعي )

[حد من الوادي]

'' الجمرة الخبيثة والقاعدة ''وعلاقتهما بالحكومة اليمنية ( بقلم : علي اليافعي )

التاريخ: الأحد 02 أغسطس 2009
الموضوع: كتابات حرة


ستوكهولم – لندن " عدن برس " خاص : 2 – 8 – 2009

حينمـا أرادت أمريكا محاربة الإرهاب... سَعَـتْ أولاً لبناء قاعدة ( حقديّـة ) شعبية متينة داخل أمريكا نفسهـا ، بشكـلٍ متناغـم مع إشاعـة ( الجمرة الخبيثة ) استطاعت على ضـوءها من تحقيق أجندتها الخاصة باعتبار إن أفغانستان دولة تأوي الإرهاب...وأُسامة بن لادن غولها والرأس المدبّر لحادثة تدمير برجي التجارة العالمية وتفجير السفارة بدار السلام ... وهي ذرائع ربما ستثبت الأيام مدى بطلانها..!

ثـم رأينـا فيما بعد قيامهـا باتهام العراق بناءً على تقارير إستخباراتية ( كاذبة ) عن امتلاك صدام حسين للسـلاح النووي والكيمـاوي أتضح عـدم صدقها فبـادر الرئيس الأمريكـي السابق جورج دبليو بوش بالاعتراف فيمـا بعـد بأنهـا " كانـت " معلومـات " مغلوطـة وغير دقيقـة " ليخرج نفسه مـن دائـرة التاريخ الأسـود كمجرم حرب وقائد نازي ولكن بعد أن أصبحت قواته محتلة لبلدين كاملين ( أفغانستان والعراق ) .

في تلك الفتـرة كان المطبـخ الإعلامـي العراقي المحيط بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين غير مؤهل..ولهذا لم يحسن التعامل مع خيوط اللعبة...ولم يجيد تجنيب بلاده مكائد صقور السياسة الأمريكية للإدارة السابقة..ولهذا وقع العراق في محنة كبـرى معها دفع العراقيون ثمنًا باهظا وتم طمس هويـة العـراق وحضارتـه ودجلته وفُراته .. وبـدلا من أن يكـون سعـر البرتقالـة بـ ( 10 دنانير كويتية ) كما أُشيع سابقاً أضحت اليوم بسعر أدنى من ذلك بكثير..وهي الحجة التي بسببها أشار مطبخ البعث الصدامي بحتميـة غـزو بلـد ذات سيـادة وجـار مخلص ووفــيّ مثـل الكويـت .

واليـوم ، فـذات المطبخ تم تصديره لليمـن...وأضحـى هؤلاء الشلّـة يتبوءون مناصب استشارية وإعلامية حساسة في الحكومة اليمنية...وعلى ما يبدو بأننا نمضي قدماً باتجاه الهاوية التي لم نكن في الأصل بحاجة لنصلها عبر مستشارين عراقيين ، حيث ونحن ندرك تماما بأن المستشارين اليمنيين المحيطين بالرئيس اليمني والفاسدين والمتنفذين سيتكفّلون بإيصالنا سريعا لشفر حفرة من نار دون الحاجة لمطبخ عراقي مستورد...!

والمُتتبـع لخطابـات الرئيس اليمني وما يصاحبها من( فبركـات ) سيلحـظ مـدى تخبّطُـه...ومدى أخذه بما يقوله المطبخ البعثي العراقي الذي يحيطـه..وسيدرك تماما بأن هناك بوادر جمّا تشير إلى إن ذلك المطبخ الخسيس لا زال يعمل بذات الوتيرة التي كان عليها في عهد الرئيس العراقي صدام حسين وإن اختلفت الطرق..!

ومنذُ دخـول هـؤلاء المستشارين لقصر الرئاسة اليمنـي بعد هروبهـم من العراق في عام 2003 م بدأت الخطابات الصبيانية للرئيس اليمني في الظهور بطريقة تهدف إلى إشغال الشعب اليمني ببعضه وإلهائه عن مفاسد الحكومة...وحينما لم تنجح تلك المساعي...شاهدنا أولى محاولاتهم الخسيسة بتدبير حادثة الحارس الشخصي للسيد فيصل بن شملان المنافس الأقوى للرئيس اليمني في الانتخابات الفائتة...وبدأت الخسة بتصويره على أنه أحد المنتمين للقاعدة...وهي إشارة يهدف المطبخ الإعلامي البعثي من خلالها إلى لفت أنظار العالم الخارجي بأن اليمن يمكن أن يصبح وطناً ومأوىً جديدا للقاعدة والإرهابيين..وهم بهذه الطريقة يرمون لاستعطاف ومؤازرة دول تدور في تلك الدائرة..فيتمكن الرئيس اليمني من الحصول على مواقف خارجية وتصدير أزماته وتسويقها عبر وسائط بعثيـة عراقيـة سيدفـع الشعـب اليمنـي نتائجهـا قريبـاً..!

وذات المطبخ يسعى بشتى الوسائل إلى ( إدارة وتصنيع الأزمات اليمنية) ويتكفّـل أيضا بتعليبها وتغليفها وإضفاء اللمسات البعثية عليها..بل ويسهم فعلياً برسم السياسات الخارجية لليمن.. بدليل اختيار أوقات ومناسبات عديدة لإصدار مبادرات ومقترحات وحلول لأزمات دولية تُعد من وجهة نظر السياسيين والمراقبين والمتابعين أكبر من حجم اليمن بكثير.. ولاحظنا أيضا إن هذا المطبخ هو ذاته من أشار على الرئيس اليمني بعد كل تلك التصريحات ( والمبادرات ) والمطالبات بانعقاد قمة عربية لأجل ما يحدث في غـزّة..بإعلان

انسحابه من القمة التي تقرر انعقادها لهذا الهدف بدولة قطـر الشقيقـة..!

وقـد لا يدرك المتابـع العادي للشـأن اليمني لأسباب وخلفيات وحيثيـات ( تراجع ) الرئيس اليمني عن حضور تلك القمة في اللحظات الأخيرة..ولكن الضالعون ببواطن السياسة اليمنية والمتابعون عن كثب لتغيّرها في الآونة الأخيرة سيدركون بأن وراء ذلك الهدف توجه بعثي يهدف إلى إذكاء نار الفرقة وتأجيج لهيب التباعد ( الُسنّي ) بغية تشتيت الالتفاف الإسلامي الحقيقي بما من شأنه الوصول للهدف الأكبـر الرامـي إلى وجـود ثقـوب في جـدار العلاقـات البينيـة لمعشر المسلمين أنفسهـم..

وبما إن هناك من لا يدرك ماهية الصراع الحاصل في اليمن بين الشعب الجنوبي ممثلا بقادته التاريخييـن وبين الحكومـة اليمنية ممثله بالمطبخ الإعلامي العراقي والسابحـون في فلكـه.. وجب الإشارة إلى إن هناك محاولات "خسيسـة " يسعى هذا المطبخ إلى إبرازها على السطح اليمني ، ومن ثم تصديرها للخارج بشتى الوسائل..فبعد نجاح ذات المطبخ بتسويق فكرة ألإرهاب الحوثي لدول الجوار ومن ثم ابتزازها بطريقة غير مباشرة للحصول على مواقف داعمة ( مالاً وعتاداً ) لدول مؤثره كـالمملكة وحشـد الدعـم المالـي واستنزاف المـوارد.. يسعـون اليوم في ذات النسـق لتصوير الحراك الجنوبـي السلمـي على أنه يتخذ

سُبـلا تصاعديـة تتجـه نحـو التصعيـد المسلح وأن له ارتباطات بمنظمات وهيئات خارجه عن القانـون الدولي كالقاعدة ليتسنـى لتلك الشلّـة البقـاء والعيـش ضمــن صناعـة الأزمـات وتصديرهـا لبلـدان الجـوار والعالـم إن أمكنهـم ذلك .. وهـي تلك الوسيلـة التـي كـان يمارسهـا صدام حسين أثنـاء حربـه مع إيـران للحصـول على دعـم الكويت وبقيـة دول الخليـج الأخـرى وتقويـة مركـزة العسكري مـن ميزانيـة تلك الـدول فكـان ما كان.


بل وبدؤوا فعليا في الشروع بوضع أولى خطواتهم عبر توظيف عناصر إستخباراتية حكومية مُدربه مهمتها ممارسة سياسة الاغتيالات لبعض المواطنين الشماليين القاطنين في مناطق الجنوب.. ورأينا بأنهم رغم هذا لم يستطيعوا الاحتفاظ كثيرا بتلك الطبخة وبانت عورتهم سريعا بعد إن أعلن ذلك المطبخ بأن عناصر إرهابية تنتسب للحراك الجنوبي هم من قاموا بقتل عدد ( 3 مواطنين ) شماليين بعد ساعة واحدة فقط من ارتكاب تلك الجريمة ... وهنا يبرز سؤال مُلحْ ، لماذا ( سارعت ) الحكومة اليمنية لنسب هذا العمل للحراك الجنوبي.. ولماذا لم تنتظر حتى قيام جهات أمنية محايدة بإجراء تحقيقاتها حيال المسألة ... فقد تكون تلك الفعلة الشنيعة مجرد ( جُـرم جنائـي ) وقد تكون الجريمة بدافع الثأر المنتشر كثقافة في المجتمع الشمالي .. وتساؤلات عديدة لن نلقى إجابة واضحة عليها..؟

كما لا ننسى بأنه في تاريخ 28 / 7 / 2009 قامت مجاميع مسلحة بمهاجمة نقطة أمنية بما حفظة أبين (الجنوبية ) أدى لمقتل 4 جنود وإصابة خامس بجروح..وتـم الإعـلان الرسمي بأن الأجهـزة الأمنية استطاعت القبض على مرتكبي الجريمة في محافظة مأرب ( الشماليـة ) وأن الجناة يحملون بطائق عسكرية تابعه لـ ( اللواء 315 ) التابع لشخصية متنفذه يدعى علي محسن الأحمر ، سرعان ما قامت تلك المصادر بنفي خبر القبض عليهم وطمس هذه الجريمة حتى لا تنكشف خيوط اللعبة القذرة..ويقال بأن تعليمات عليا صدرت بإطلاق سراحهم وهذا دليلُ آخــر على أن الفاعليـن تابعين للحكومة اليمنيـة لإشعـال الفتنـة بواسطة الجمرة اليمنية الخبيثة ورمـي التهمـة علـى الحـراك الجنوبـي .

لاحظنا أيضاً .. بأن تلك الآلة الإعلامية...تقوم وفق عمل إعلامي مبرمج على تسيير دفة البلاد.. فهي من أوحت لبلدان الجوار وللرأي العالم الدولي بوجود ملامح لتشكيل بذرة أخرى لتنظيم القاعدة في اليمن..فقامت بارتكاب سلسلة من التفجيرات والاختطافات والقتل وتوظيف السيد ناصر الوحيشي الذي ينتمي للأمن السياسي اليمني وإعلان نفسه وكيلاً عاماً لهذه البذرة .. وهي سيناريوهات متسلسلة تماما تهدف إلى ابتزاز خزائن دول الخليج والحصول على تأييدها الكامل ومقايضة خسيسة مدفوعة مقدما في حال أرادت الحكومة اليمنية أن تقدم على ارتكاب جرائم أخرى مشابهة لتلك التي ارتكبتها في صعدة .. وهي أولا وأخيراً ترمي إلى صياغة

مسوغات قانونية للانقضاض على الجنوب بعد أن حشـدت الحكومة اليمنية أكثر من ( 35 لواء عسكري ) مدججين بمختلف أنواع الأسلحة مطلقة العنان لعناصرهـا الإستخباراتية لارتكاب المجازر والقتل والاعتقال والتنكيل بكـل من يفتـح فـاه معارضا لها وآخـرها المجـزرة التـي حدثـت في أبيـن أحـد محافظـات الجنـوب...

وقامت أولا بإغـلاق صحيفة الأيام الجنوبية واسعة الانتشار وفرضت طوقاً أمنياً على صحفييها وتقييد حرياتهم الشخصيـة .. يرافق هذا الإجراء قيـام الحكومة اليمنية بعقـد صفقة كبيرة لشراء أسلحة روسية فتّاكة بقيمة ( ملياري دولار أمريكي ) في الوقت الذي يشكو فيه العالم والدول ذات الاقتصاديات العملاقـة من أزمة اقتصادية خانقة بينما الحكومـة اليمنية تتبذّخ بصرف أمـوال ( الـدول المانحـة ) يمنـةً ويسـرة في ضل وضع اقتصادي متـردي ومعيشة ضنكا يتكبـد الشعب اليمني عنائها بكل جلـد..!

على العالم أجمع أن يدرك بأن الصراع الدائر اليوم في محافظة صعدة الشمالية..يعتبر صراع من نوع آخر..تُغذّية الحكومة اليمنية من قصر الرئاسة ويدعمه وجهاء ومشائخ وشخصيات ومتنفذين وقادة عسكريين كبار..حيث يسعون لإطالة أمد تلك الحرب على مراحل وفترات متفاوتة ( 5 سنوات ) من القتال بين الحكومة والحوثي في مساحة لا تتجاوز كيلومترات ولم يتم الحسم...وهذا دليل على أن الهدف من هذه الحرب هو ابتزاز ميزانيات دول الخليج في حرب بالإنابة تحت دعاوي محاربة المد الإيراني في اليمن..علما وأن محافظة صعدة عبارة عن محافظة نائية محرومة من أبسط خدمات الدولة فكيف إذاً أستطاع الحوثي وأنصاره من الصمود على مدار خمس سنوات دون أن تهتز ميزانيته بينما أرهقت الحرب ميزانية حكومة الرئيس

اليمنـي .. فلـو تساءلتم لماذا يملك الحوثيين أسلحـة ثقيلـة دبابات مضاد طيران مصفحات راجمات صواريخ قصيرة أسلحة خفيفة متنوعة وذخائر ومؤن وما تتطلبه الحروب من نفقات باهظة وأمور لا تزال خافية لعرفتم أن الحوثي ممول من قبل الحكومة نفسها لإطالة أمد الصراع واستنزاف الخارج..!

نـودْ الإشـارة إلى أن هناك حقائق كثيرة تغيـب عن متابعـي الوضـع اليمني..ونحـن بدورنا ندعو جميع المنظمات الحقوقية الدولية والمؤسسات الخيرية والصحفيين والمراسلين والقنوات الفضائية العربية والدولية لمراقبة الوضع في الجنوب اليمني ورصد الخطوات المقبلة للحكومة اليمنية بكثب ... ونعلن تعاوننا المطلق مع الجميـع لنقل الممارسات الجنونية بحق الجنوبيين وزيارة المُعتقليـن السياسيين والصحفيين والمواطنين لكشف تلك الألاعيب والممارسات...


ونناشد دول العالم أجمـع بضرورة تقصّـي الحقائق وعدم إهمال ما يجري في الجنوب كدولة كانت ذات (سيادة وعلم ورئيس ) بمساحة إجمالية تبلغ ( 337 الف كم2 ) وشعب حضاري متعلم ويرزح أبنائه تحت سياط نظام دكتاتوري بعثي يمارس شتى أنواع الوسائل لإرهاب أبنائه...مذكرين الأمة بأن قادة الحراك الجنوبي وكافة أبناء الجنوب أعلنـوا عبر كل مواقعهـم ومنتدياتهم رفضهـم المطلق للعنف وأدانوا كل الممارسات الإجرامية التي تمارسها حكومة صنعاء والتي تهدف للإساءة للحراك الجنوبي واستقطاب دعم الدول المجاورة كما فعل صدام حسين..لهذا قام المكتب الخاص بالرئيس الجنوبي السيد / علي سالم البيض بإصـدار بيان يشجـب تلك الجريمـة التي لا يمكـن أن يلجـأ إليهـا الجنوبيين مهمـا عانـوا من ظلم معلنيـن لكـل العالـم بأنهـم متمسكين بنضالهـم السلمـي حتـى يتم استعادة دولتهم كاملة السيـادة.


كاتب يمني مقيم بالسويد
[email protected]