شاعر المليون ومعول هدم الشعر الشعبي ...!!

[أبوعوض الشبامي]

.


أخشى على الشعر الشعبي من معول الهدم الذي بدى واضحا بعد ظهور مسابقات (( مليونية )) تمنح للشاعر الفائز ، وهذه المسابقاتالتي أتت دون ضوابط ومعيايير تقييمة ونقدية من ذوي الاختصاص في هذا المجال ، ولعل ما استوقفني قبل مدة وجيزة تعقيبا لأحدهم وأعقب التعقيب تعقيبات حول معلقة الشاعر الجاهلي (( عنترة ابن شداد )) وتبين لي أن (( القوم هنا )) يجهلون تماما بحور الشعر الفصيح ويخلطون ما بين علم (( العروض )) وميازينه وما بين (( ميازين دكاكين العرض )) .

فمن المعروف أن الأوزان هي القوالب التي يضع فيها الشعراء شعرهم , وكان الجاهليون ينظمون على هذه الأوزان بالسليقة , ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي فوضع لهذه القوالب ( الأوزان ) أسماء , وسماها بالبحور , وذلك للتمييز بينها , وحتى لا تندثر الأوزان , وأصبح الناس يتداولون أسماء البحور بحسب ما سماها الخليل .

ثم بدأ العرب يفقدون فصاحتهم شيئا فشيئا حتى وصلوا إلى مرحلة فقدوا فيها الكثير من فصاحتهم , وعم الجهل وساد حتى أصبح الناس يتكلمون وينظمون الشعر بلهجة عامية . ولكن قوالب الشعر موجودة كما هي , وهم ينظمون عليها أشعارهم . فأرادوا أن يميزوا هذه القوالب فسموها بمسميات شعبية بسيطة دون ادراك وتفسير لها واضح ومقنع فمثلا من نجد يقول لك هذا الزامل (( مربوع )) أو (( مثمون )) ثم إذا طلبت منه شرحا عن هذا المربوع أو المثمون وماذا يعني ؟؟ تبين لك أنه لا يفقه شيئا في عروض الشعر الشعبي .

وجاء بعض الباحثين في زمننا هذا وأخص بالذكر منهم الأستاذ (( محمد عبدالقادر بامطرف )) فأخذ يسمي بحور الشعر الشعبي بمسميات لم تكن موجودة أو معروفة عند الحضارم ، وكانت محاولته تلك جاءت في كتابه الموسوم ب (( الميزان)))، الذي وضع فيه حصيلة خبرته الأدبية ودرايته وثقافته الواسعة في مجال الأدب الشعبي وأوزان الشعر وقوانينه ووضع أسس وقواعد ذات قيمة وأهمية كبيرة في إيقاعات وميازين الشعر الشعبي المتعارف عليه بالشعر الحميني، وكانت محاولة منه في وضع أسس ومبادئ وميازين عامة تساعد على ضبط أوزان الشعر الحميني، وقد نجح بامطرف بطريقته العروضية الخاصة التي اتبعها في مؤلفه الميزان في تبسيط أساليب الوزن وجعلها سهلة على الفهم . ولكن البعض يعيب عليه اختراعاته لبحور غربية وجديدة ك (( الإثناعشري )) وغيره .

وخلاصة القول اقرأ كثيرا من القصائد الشعبية في هذه السقيفة ولكن في النادر أن أشعر بأني قرأت قصيدة ، ذلك أن ركاكة التعبير ، واضمحلال الصور الشعرية وتكرارها واستنساخها من الموروث الشعبي القديم ، واضطراب الوزن وغياب البنية الموسيقية في التفعيلات تبدو بوضوح للقاريء لمعظم تلك القصائد في هذه السقيفة التي تتميز بكثرة الكم على حساب الكيف .









.