الـقهـوة في الأدب الحضــــرمي ...!!

[أبوعوض الشبامي]

.

تشير المراجع العلمية بأن الموطن الأصلي لشجرة البن هي أفريقيا الوسطى ,وانه أول ما عرف في منطقة كافا ( kaffa ) وهي مقاطعة بأرض الحبشة . وقد جاءت التسمية العلمية نسبة إلى هذه المنطقة . وتشير ايضا المصادر التي تناولت تاريخ زراعة البن. أن انتقال زراعة البن إلى اليمن أنتقلت في حوالي سنة 575م وتم انتشاره في اليمن كمشروب مكيف بدلا من اسلوب وطريقة مضغه وتطور استعمال البن في اليمن من قشر وتحميص وطحن وغليه بالماء في دلة خاصة وتقديمه في الفناجين . وصاحبت تقديمه طقوس وتقاليد دينية لا تزال عند البعض من كبار السن تقليدا مهمًا يتمسك به ..
احتلت قهوة البن في جلسات الصوفية والذكر والوعظ والمناسبات الدينية وغيرها مكانة روحية كبيرة وكان الناس في حضرموت ولعهد قريب يستفتحون بشراب البن ( القهوة ) تباشير يومهم الجديد وقبل شرب القهوة ترتب الفاتحة لأولياء الله الصالحين من أمثال : الشادلي والخامري وغيرهم .. حيث يجلس الكبار صباحا حول دلة القهوة ويتم تصريف القهوة ويردد الكبير منهم العبارات التالية :
( للشادلي والخامري وكل صالح ولي .. الفاتحة لوالدينا ووالديكم ووالدي جميع المسلمين آمــــين ).
ومن اليمن عرف العالم البن ( القهوة ) بواسطة الدولة العثمانية حين غزا الأثراك اليمن ونقلو البن الى تركيا سنة 1554م وتفنن الأتراك في تحميص البن وصنع القهوة فيما تعرف بالقهوة التركية وعبر تركيا انتقل البن الى أوربا سنة 1600م تقريبا .

احتكر العرب زراعة البن وتجارته وحين زاد الطلب الأوربي على البن فكر الأوربيون في نقل زراعته الى مناطق أخرى من المناطق الأستوائية في آسيا وأفريقيا وامريكا اللاتينية حيث بدأت زراعته في سيلان وجاوا سنة 1720م وفي البرازيل سنة 1770 وتعتبر البرازيل من اهم الدول المصدرة للبن حيث يبلغ انتاجها ما يقارب 25% من الإنتاج العالمي للبن.

إلا ان للبن اليمني شهرة عالمية ويعرف بالبن العربي وتحت هذه التسمية توجد ثلاثة انواع من البن في اليمن هي :

العديني .. والدوائري .. والتفاحي . وهذه الأصناف أكثر انتشارًا في اليمن . وهناك اسماء أخرى تطلق على البن ومعظمها نسبة إلى المناطق التي يزرع فيها مثل البن اليافعي ، والمطري ، والبرعي ، والحرازي ، والخولاني ...الخ.

وفي حضرموت احتلت قهوة البن مكانة مهمة في الحياة الروحية والاجتماعية والثقافية للإنسان الحضرمي

المكانة الروحي : انها شراب شعبي لكل فئات المجتمع وهي شراب اولياء الله الصالحين واقترنت بجلساتهم وحلقات الموالد والذكر وترتيب الفاتحة الى ارواح الأموات ، و انها اول مشروب للصائمين وانها اول ما يتستفتح الانسان به تباشير يوم جديد من الشراب. وتعقد النذور بها الى المساجد والمقابر وحلقات الذكر فيما تعرف ( بالوهبه ).

المكانة الاجتماعية : فقد اقترن تقديمها مطبوخة بآداب الضيافة والترحيبب الزائرين .
واقترن حملها وتقديمها دون طبخ بتقاليد منها : قهوة الخطوبة ، وقهوة المعاريس ، وقهوة الخطراه ، وقهوة الطارش ، وقهوة الصلح ، وقهوة الرضوة ، وقهوة الاعتراف بالخطأ ، وقهوة الشيخ وقهوة المقدم ، وقهوة المنصب ، وقهوة السيد، وقهوة الأبو ، وغير ذلك من مسميات المناسبات الاجتماعية.

المكانة الثقافية : ان كل عادة وتقليد روحي واجتماعي يختزن في الذاكرة الشعبية و يبقى جزءًا لا يتجزأ من منظومة المجتمع المتكاملة ويسعى المجتمع في التعبير عن وجدانه بواسطة فنونه المختلفة وابداعاته الادبية شعرًا كان أو نثرًا .
احتلت القهوة مكانة بارزة في وجدان البشرية كلها واخضع تحضيرها وصنعها وتناولها الى تقاليد راقية وتفنن على درجة كبيرة من الاهمية وخصص لها محلات ( قهاوي ) تنافست على الشهرة وجذب الزبائن اليها في كل مدن العالم .
ولا زالت ( عزومة فنجان قهوة ) عرفا عالميًا بين الناس يعبر عن آداب الضيافة وشكلاً من اشكال البروتوكولات في ( الأتكيت ) .

لقد شدني الحديث والكتابة عن القهوة لرائحة البن وجذبني الشوق الى فنجان من القهوة الحضرمية ( شريخ بالزنجبيل ) استسمحكم عذرًا عن التوقف مواصلاً الحديث معكم بإذن الله تعالى لاحقًا .




.