المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > الســقيفه العـامه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


ياغير مسجل أنـّـةٌ من القلب الدامي ،، لمؤلفه/ الاستاذ سالم بن علي الجرو

الســقيفه العـامه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2007, 08:00 AM   #101
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 32 ـ

إلى مكة المكرمة

إلى مركز الخضراء كانت الخطوة الأولى لاستخراج بطاقة دخول ، وقدر العدد بالمئات في اليوم الأول وكل يوم في ازدياد . هنا وجد الغريم الذي أوعده بجواز حج يمني مقابل ألفين ريال لكل جواز ، وقبل العتاب أدخل يده في جيبه وناوله وصديقه أحمد جوازين بلون برتقالي صادرين من مأرب ، وماذا سيفعلان بهما وهما يحملان بطاقات دخول شرعية ، وهذان الجوازان يحتاجان إلى إجراءات معقدة إذ لا ينبغي ليمنيين جنوبيين أن يدخلا في مغامرة فيحملا جوازات يمنية شمالية ، وصحيح إن المال سيذلل الصعاب وكما أتى بهما من مأرب سيكمل إجراءاتهما مهما تعقدت ، غير أن الأمور التوت وتعقدت أمام العطوي ، فالبائس أراد زيارة والده الجنوبي ، المريض بالسرطان وأعيد من المنفذ الجوي مرة ومن المنفذ البري مرتين لأنه يحمل جواز شمالي ، وكاد القهر أن يغلبه لولا أن أشار الأطباء على الوالد بالسفر إلى الديار الحضرمية لتغيير الجو وفي واقع الأمر استحسنوا أن يموت في بيته وهو محاط بأفراد أسرته . لا شيء مستحيل في أوطاننا الجميلة إلا الاستقرار في بعض الديار وشيء من حقوق آدمي.
صديق صدوق هو أحمد والثالث ابن عمته الدّاعي للملكة ليزيبيث بطول العمر والبقاء بعد أن نال حقوقه في البلد أوروبي . في الطريق إلى مكة المكرمة نسيا كل شيء ، وإن ظل بعيره في الخيال دائما إلا أن الشعور بالفرحة كان هو المسيطر . لم يعد يفكر في شيء سوى أنه يريد وبإلحاح رؤية الكعبة المشرفة والطواف حولها . بدت منائر الحرم لإثني عشر راكب معظمهم من النازحين ، وعندما اقتربوا فاضت دموع صديقه أحمد وشعر بخشوع ورهبة وفرحة لمنظر الكعبة المشرفة . في هذا المكان نقل الحجر الأسود بتحكيم خاتم الأنبياء ، وهنا كان يطوف ويسعى ويصلي ـ صلى الله عليه وآله وسلم.
بعد الطواف والسعي ركبوا إلى جدة وذهب كل منهم إلى جهة حيث الأقارب ومن يعرف ، وسأل هو وقريبه عن منزل الشيخ صالح عبد الحميد بن علي جابر ، المقاتل النازح وأقاما عنده وبين أولاده معززين مكرمين .
عبرة لمن أراد
أما وأنه قد وصل جدة ، فإن السعي للحصول على تصريح بالإقامة بات أمرا ملحا ، ولا يوجد هناك شباك حكومي يصدر التصاريح بناء على قانون واضح إلا للذين قدموا بعقود أو الذين دخلوا إلى البلاد بناء على طلب للعمل من جهة هي المسئولة عن استخراج التصاريح . هؤلاء النازحين ومن هو على شاكلتهم عليه أن يسعى بواسطة صديق أو وجيه لدى ذوي النفوذ و القرار ، وهذه ليست مهمة صعبة إلا أنها تحتاج إلى بعض الوقت . سمع عن وافدين أول من طشقند وبخار وسمرقند تأهلوا وصاروا مواطنين ، قدّموا لبني جلدتهم الوافدين بعدهم خدمات جليلة ، غير أن ذلك الود والعطاء من الوافدين القدامى ممن تحسّنت أوضاعهم إلى الوافدين الجدد لم يتوفر في بني جلدته ممن قدموا إلى هذه البلاد ونالوا تقدير ولاتها وشعبها . فيما عدا الكرم المنزلي فإن العطاء والخدمة تجاه الوثيقة التي تحسن من وضع الفقير ، البائس ، المشرد لم تكن كما ينبغي في ظل ود وسخاء من لدن ولاة الأمر للجالية الحضرمية.
ظنا منه أنه محق فيما شعر به وأن احتجاجه سيصل إلى المعنيين ، شعر بالغضب ، محتجا على الأعيان من بني جلدته ، المقيمون والمجنسون في هذا المكان الطيب الآمن عندما علم بأن بعضهم مقيم في جدة منذ عهد الدولة العثمانية ، وأن منهم من نال تقدير الملك عبد العزيز آل سعود وتشرف بالتحدث إليه ، وأن بعضهم على تواصل مع ولاة أمر البلاد[ آل سعود ] ، المعروف عنهم الكرم وحسن وفادة القادمين إلى ديارهم . هؤلاء لا يتقدمون إلى السلطات مثل غيرهم في الحصول على تصاريح بالإقامة لنازحين في الشوارع هائمين ، يهربون من العسكري في الطرق وفي الحافلات خوفا من التفتيش على الهوية. لكن الجميع حصلوا على تصاريح في أوقات مختلفة وعاشوا في مأمن.
كان وابن عمته يتسكعان في المدينة ثم يعودان إلى منزل الأب العظيم الشيخ صالح ، وفي هذه الأثناء جاء كبير السماسمرة ليزور الشيخ ووجدها فرصة لكشفه وكشف جشعه فبدا على السمسري الهوان والضعف . وليقينه بأنه والبدو كانوا السبب في تكبده خسائر كبيرة ، هي في عنقه ديون للآخرين ، وقبل ذاك الضرر الذي لحق بنازحين مقهورين . قال له: سأشكوك ومن معك من المبتزين الآخرين عند الأمير ، [ وسيرى الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ] ، غير أن الشيخ صالح طلب منه الستر والصفح وذاك يستمع صاغر ذليل ، وأيقن بأنه خوّفه وهذا أقصى ما يقوم به نازح مقهور .
الرجل الآخر الذي قابل كان المأمور الشرس ، أو ليس هو من رجال هانت عليهم رقاب الآخرين ، ومن الذين آذوه وعذبوه؟ . لأنه محسوب على سالمين فقد هرب ونفذ بجلده إلى عمان بعد قتل سالمين وشتات خليته ، ولاحقته لعنات المظلومين فاضطر إلى اللجوء إلى السعودية ، ووجده هو الآخر ضعيفا وأفرغ ما في صدره عليه دون غضب بل بالحجة ، فتودد وتذلل واستعطف خوفا من عمل ما يستطيع القيام به ، فهو من ألد أعداء السعودية وظن أنه سيقول عنه شيئا في الإدارات المهمة ، وكعادة كل مذنب ألقى باللائمة فيما حصل على غيره . أقسم بالله أنه يحترمه ويعزه ويجله ووصفه بأنه صاحب وفاء نادر . لم يلتفت إلى ما قال وتخيل ذاك السمسار الجشع وضعفه وخوفه ، فما أشبههما ، كلاهما ضعف وجبن .
انجلى همّ وبدت هموم ، وعليه الآن البحث عن عمل وتسديد الديون وإدخال البسمة والسرور على أب كريم ينتظر بر ابنه . مبالغ ليست قليلة ينبغي الحصول عليها من عمل شريف: سداد قيمة البعير وقيمة جواز حج يمني إلى الحاجة الماسة لأب كريم وبنياته لبعض من المال يستر الوقار ، وكيف يحصل على عمل وحملات التفتيش على أشدها؟ ، فالذي يقع في يدهم يرحّل فورا إلا إذا كان يحمل تصريح بالإقامة أو بطاقة من شروره كتلك التي حرم منها . عمل لدى وكيل حقائب أمريكية الصنع[ تورستور] لمدة ثمانية أشهر حصل خلالها على مبلغ خفف عنه الكثير من أعباء الديون ، وسعى في استخراج تصريح بالإقامة غير أن محسن القادم من الرياض الذي جاء يسأل عنه بدون سابق معرفة جعله يتشوق إلى الرياض وصرف النظر عن عرض العم صالح وكيل الحقائب . علم من محسن أنه يبحث عن شباب أكفاء للعمل في مجال الصرافة ، وأنه قدم لهذا الغرض ، فنظر إلى الحقائب وتصور العمل القادم فزاد تصميمه على السفر إلى العاصمة ، الرياض متمنيا تجارة رابحة تعود على والده بالفرحة والخلاص من أزماته.

------------- سالم علي الجرو ---------------
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 07:55 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-12-2007, 02:01 PM   #102
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 33 ـ

في الرياض


[ جدّة ] ، اسم محفوظ لدى حتى أطفال الحضارم ، فما من عائلة إلا وتستلم رسالة من مطعمها وكاسيها بعد الله جل جلاله ، تحمل عنوان: ( جدة ـ الخاسكية ).اسم هذه المدينة يتردد في أغاني حصاد القمح والذّرة في حضرموت ، والمعنى أن في جدة الدّراهم بكثافة ، أمّا السواحل ( شرق أفريقيا ) ( ما منها مردّة ) ، أي العائد منها قليل جدا ، غير أن الصورة تغيّرت بعد أن شاهد عن قرب معامل الطّوب وبيوت العزّاب ، فتشرّف بكد الحضرمي المحترم في عاد محسن يحمل كشفا رقم: ....... تاريخ: ............ ، صادر عن ......... بأسماء أربعة عشر شخص يسمح لهم بالسفر إلى الرياض للعمل لدى مكتب...للصرافة . شعر بالغبطة وهو على أبواب الحصول على التصريح بالإقامة والعمل الذي جاء إليهم ولم يأتون إليه ، وبكل ثقة واطمئنان صعدوا سلم الطائرة وهبطت بهم في مطار الرياض ، وكان قبلها يتلفت يمنة ويسرة قبل أن يركب الحافلة خوفا من عسكري يسأل عن الهوية . في مطار الرياض ساروا خلف محسن كرعايا السلطان ابن عفرير ، [ سلطان المهرة سابقا ] ، فقد كانوا يسافرون في مجموعات ، وكل مجموعة في جواز واحد ، عبارة عن كشف طويل مختوم بختم السلطنة.
كانت فرصة جيدة جدا للتعارف على رجال الأعمال والأثرياء لأنك ستكون على مقربة من فرص الاستثمار ، وإن محل الصرافة هو أنسب مكان للتعارف . هذه الفرصة لم يع حقيقة سرها إلا بعد فوات الأوان .
كان قد عمل في الصرافة لدى شركة في جدة لمدة شهر ، واستحسن العمل لدى العم صالح [ وكيل حقائب ] لدماثة خلقه ، ولما قابل أصحاب الصرافة في الرياض تحدث وكأنه صاحب خبرة في هذا المجال ، واعتبروه كذلك إذ سرعان ما أوكلت إلي مهمة صعبة تلتها أخرى أصعب في وقت قصير ، ولم تنقض شهور ثمانية إلا والنازح المقهور مديرا لمصرف يقوم بأعمال البنوك عدا الإعتمادات والضمانات ، وليس هو الوحيد في إدارة عمل مهم بهذه العجلة ، فالبلاد تعيش طفرة أو سمّها فلتة واليد العاملة على كافة المستويات نادرة ، والحضارمة موصوفين بالأمانة والإخلاص ، وهذه الصفتان تميز بهما الإنسان الحضرمي ، لذلك تجدهم على رؤوس الأعمال المهمة إداريا وتجاريا وفي قطاع الخدمات ، كإدارة البنوك والمتاجر والمخازن ونحوها ومحطات المحروقات والمطاعم ، لكنهم في الجانب الفني غائبون.
في موقع يحتل اليمنيون ساحاته ومتاجره ومنازله ومطاعمه والمغاسل كان فرع الصرافة ومن خلفه سوق الملابس والمفروشات بالجملة.
يعتمد مكتب الصرافة على الودائع فكانت ترد أموالا طائلة ، وإلى هنا كان حد الفهم: التركيز على الإيداعات من خلال زيارة التجار وكسبهم كعملاء ، وهذا يحتاج إلى شيء من لباقة وحسن الحديث ، وقد كان إلا أن الذي جاء فهمه متأخرا أن هذه الودائع في بلدان أخرى تدر على أصحابها بأرباح تسمى فوائد ، وهنا في أرض نجد من المحرمات الحديث عن فوائد بنكية فكانت فرصة ذهبية لأصحاب المصارف . من مهام المصرف بيع الذهب والعملات الأجنبية وسحوبات على البنوك الخارجية في مختلف أقطار العالم وإصدار الحوالات . كل هذا وهو مصر على أن يكون الموظف المثالي صاحب الكلمة الثابتة ، فكان لا يلتفت إلى تجارة أو عمل خاص وهي سهلة المنال ظنا منه أن ذلك يعتبر غدر ، وأن الوقت والجهد يجب أن يكون لصاحب العمل ، ويجب التنكر للذات ، وهذا قدره . وحيث أن المصرف يقع في قلب المدينة ، وفي بقعة مزدحمة بالمتاجر والعمال فإن الحركة كانت على أشدها .
كان التعامل في الصرافة على قاعدة العميل على حق حتى يخرج من الباب ، وهذا جعله يستقبل الشاب الكوري بحفاوة وبشاشة ويبطن له الكره . يستقبله بحفاوة لأنه يحوّل يوميا السيولة التي في حوزته بالعملة المحلية إلى دولار ، ويكرهه لأنه مدمن عمولة يحصل عليها من محلات مواد البناء المجاورة . إنها مبالغ كبيرة وتدل على تفشي العمولات ، وهي ظاهرة منتشرة في الأسواق بين العديد من المؤتمنين الذين وضعوا ضمائرهم في الأرفف ، وقد أخبر العميل الصديق [ جار الله ] عن فساد الضمائر والخيانة فقال: [ طَنِّشْ ] أي فوّت . جار الله لا يغيب عنه يوميا ، ففي الصباح أو المساء يودع الغلّة ، فإن جاء في الصباح وجده يتصفح جريدة السياسة الكويتية وجريدة الرياض ، وإن جاء في المساء سمع حديث في السياسة ، وكان يتحين الفرصة ليقول له شيئا ، وقد قال: [ إذا أردت أن تعيش ورزقك وافر فلا تسيء إلى الإسلام ، ولا تؤذي الدولة وإياك والسياسة ـ كل قرصك وادخل خلصك ] . طلب المزيد من الوضوح فأفصح وزاد ، وجاء الربط عفوا بين ما لاحظه في معسكر المعارضة وبين ما قاله جار لله ، المؤدب والمبتسم دائما . لمس الفرق بين نظرة وأخرى ، فهنا: ألزم مسارك ، لا تؤذي أحدا ولا تشاغب الأمن . لا أحد يسألك عن مالك مهما كثر ، ولا أحد ينظر إلى سيارتك الفارهة ، بينما هناك حيث الثوار تتهم بالبرجوازي إذا لبست ثوبا نظيفا ، أما إذا ركبت سيارة متواضعة، وهذا نادرا ، فإنك في التصنيف من طبقة الكومبرادور أو من البرجوازية في حين أن انضمامك إلى قائمة أعداء الثور لا يحتاج إلا إلى كلمتين من واش ملتزم: [ عدو الثورة ].

------------ سالم علي الجرو ----------------

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 07:57 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-16-2007, 11:42 PM   #103
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جابرعثرات الكرام
ايها السالمان
سلاما لكما من الرحمن المنان
دمتما ودامت الدررالتي تجعلنا نحن الي السقيفة وان بعدت بنا المسافات ونقتطع أجزاءمن اوقاتنا وان احلوت الاجازات لكى نستريح في ظل سقيفه عموداها سالم و سالم
دمتما والجميع

جزاك الله خير أخي جابر عثرات الكرام , الله يجبر عثراتك ويتجاوز عنك ويدخلك الجنه بدون حساب.
الله يديم النعمه عليك ونتمنى لك دائما ان ترفل بثوب النعمه والعافيه .

كلامك الطيب أحرجنا , ولكن هذا مش غريب من ولا من أمثالك ,

لك منا التحيه والاحترام , نتمنى للاستاذ الاديب سالم بن علي دوام الصحه والعافيه وطول العمر ربنا يبارك له فيه.
(حامل المسك ) .
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكرا لمن اهداني البطاقة الجميلة .
  رد مع اقتباس
قديم 08-17-2007, 05:39 AM   #104
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 34 ـ


الحضارمة منتشرون بكثرة في مدينتي جدة والرياض ، وإلى حال التأريخ لهم مكانة خاصة في قلوب أهل البلاد وحتى في الدوائر الرسمية يشيرون إليهم بالبنان ، وروابط الذين في جدة أوثق مما عليه في الرياض ، يكابدون أعمالا بعضها شاقة . يدور حديثهم حول الأهل والبلاد وكل منهم مهتم ببناء دار كهدف وخلال رحلة الإغتراب الطويلة يسعد بتزويج الذّرّية ، وإلى هنا تتوقف الأهداف . الكل يحرصون على دعاء الوالدين ، يتسابقون في برّهما . يتخيل المرء أنهم سيستغلون معاناتهم في النهوض بأنفسهم وبالبلاد ، ولكن الرياح تأتي عكس ما تشتهي السفن ، فالأهل يبددون الدخل بلا شفقة ، وفرص الاستثمار في البلاد ضعيفة جدا ، وتفكير المغترب لا يبعد بعيدا ، فظل يسافر ويعود ثم يسافر ويعود والمحصلة في الأخير أن يقوم ابنه مقامه . هذا الابن فأين الفرص التي حصل عليها الأب؟ . إنه حال يختلف عن أحوال بقية المغتربين من شتى أنحاء العالم ، فجميع أولئك يعملون لأهداف ، عندما تتحقق يحدث انحراف في الزاوية ، لكن الحضرمي يظل كما هو ، لا بخياره ، لكنها البلد الشقية التي لم تقم لها قائمة منذ عهد معن بن زائدة.
الكثير من الحضارمة زاولوا مهنة التجارة ونجحوا ومعظم هؤلاء من دوعن وإليهم تعود التجارة ، والحضارمة بحق أصحاب أمانة ، يبتعدون عن المشاكل إلى حد السلبية ، ينظرون بقلوبهم ، يميلون إلى الدعة وخفض الصوت. كان الرعيل الأول من هذه الفئة المحترمة لا يهدأ له بال إذا ما علم أن حضرمي موقوف في الشرطة فيسارع إلى نجدته مالم يكن ارتكب خطيئة تسودّ لها الوجوه.
اتجه الحضارمة نحو التجارة ، ومن شروطها الصدق والوفاء وكانوا لها أهلا غير أنهم لم يتأهلوا مهنيا لأن يقتحموا ميادين الإنشاءات إلا القليل منهم. يميلون نحو التكتم والحرص الشديدين.
بالقرب من المصرف يقع سوق الذهب تعود ملكية أغلب المحلات إلى العمال اليمنيين . فالمهنة في الهوية[ عامل ] للجميع حتى لو كان مهندس طيران أو جراح أعصاب ، ولا بأس من إدارة مصرف أو مشروع ضخم أو مزاولة التجارة ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه ، فعندما استلم التصريح بالإقامة اعترض على مهنة عامل ، فقيل له على رسلك ، إنك من الأجانب... ، وعندما قرأ البنود الستة توكل على الله والتزم بما جاء فيها حفاظا على السلامة وامتثالا لقوانين الدولة المضيفة ، وإن كان نظام التنقل من مكان إلى آخر يذكره بالقانون الهولندي في اندونيسيا إلا أنه في صالح واضعيه ، و[ إذا ما كنت في قوم غريب فعاملهم بفعل يستطاب ] ، إلا أن الحق يقال إذ لم يشعر بأنه غريب قط إذا ما قاس يومه حسب المعاملة مع ابن البلد .
تبلغ مبيعات الذهب اليومية في بعض المحلات أرقاما فلكية ، ولم وقد أخبره أحد العملاء الذي أضحى مليونيرا في وقت قصير جدا ، بأن امرأة شابة جميلة طلبت منه أن يصنع لابنتها زوج حذاء من الذهب ، على أن تزن كل فردة واحد كيلوجرام فقط لا غير ، وذلك على مرأى ومسمع من زوجها العجوز الذي دفع دون اعتراض ، وعندما سأل العميل: وهل ستستخدم البنت الصغيرة تلك الأحذية؟ . إبتسم قائلا: لا ، إنها للزينة والتباهي فقط ، ولعرضه أمام الحاسدات .

---------- سالم علي الجرو -------------

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 07:58 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-17-2007, 05:48 AM   #105
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 37 ـ

تعرف إلى ورّاق يمني الأصل من عبس ثواب ، ومن خلاله تعرف إلى بعض من روّاد مكتبته ، وكذلك الذين يأتون إلى سوق الخردة حيث يفترش الوراق الأرض لبيع الكتب عصرا ، علم أن وراء هذا الرجل معارف فاتخذه صديقا ، وكان الورّاق بالفعل ـ كما وصفته بعض الصحف [صياد الكتب النادرة والمخطوطات]، لكنها في معظمها كتب الدين المتفق عليها والمختلف حولها ، ولأول مرّة عاين جدال ومراء غلب عليه التحجر والتعصب ولغة التخشب حول الاجتهادات الفقهية ، وعرف الكثير عن فرق الإسلام الأكثر من سبعين . كان محظوظا ، فالكتاب الذي لا يرغبه القراء ولا يلتفتون إليه لا تزيد قيمته عن ريال ككتاب: ( إنسانية الإنسان ـ رينيه دوبو ) وكتاب: ( لعبة الأمم لمايلر كوبلاند ) وكتب القصص والروايات الأجنبية ومذكرات رجال الاستخبارات الغربيين ، فاقتنى منها عددا هي الآن في تعداد الكتب النادرة . عدا كتب الدين والشعر القديم والموسوعات اللغوية فإن ثمن الكتاب رخيص جدا ، هذا في سوق الخردة أو في مكتبة الوراق لأنها تأتي عن طريق سوق الخردة ، المسمى: ( حراج بن قاسم ) ، يقع في جنوب الرياض ، وإليه يفد القراء والباحثون في الشأن الإسلامي والأدبي ، أما الأكاديمي أو من له قراءات متنوعة فيذهب إلى المكتبات الكبرى العامرة بكافة أنواع المطبوعات: تاريخ ، جغرافيا ، إقتصاد ، إجتماع ، أدب ، طب وعلوم.
الوراق الصديق من الذين واجهوا صعوبات جمّة في ديار الشرق ، عمل حمّالا ، وعلى ظهره العريض نقل أكياس الإسمنت وهو ضاحكا . صبور ، هادىء , لا يهتم بالتفاصيل ، ساخرا متى ما أراد، ساذجا متى ما اختار تبعا للموقف والحالة ، فهو يعرف أنه غريب الديار ولا يستطيع مزاولة مهنة بيع الكتب إن هو تعامل بالنّدية ، مرن ، لا يسخر ولا يغضب من بعض الزبائن الذين يعيدون إليه الكتب بحجة أن اللون لم يتناسب مع ديكور الغرفة والمكتبة ولا يغضب من بعضهم وهم يشيرون بالجزمة إلى كتاب على الأرض ، سائلين عن قيمته . عاش غريبا ، لا تتعدى قراراته عتبة داره الصغير على أولاده المؤدبين . صوته خافت جدا وفي الوقت الملائم يكون مجلجلا ، شاعر عبر عن مخزون النفس ودوّن كل ما جاش بخاطره في قالب شعري أخاذ غير أنه حرق قصائده السليمة ، القوية ، العذبة خوفا من تفسير مقص الرقيب . قال في نجد ما لم يقله وليدها ، ولكنه شاخ بعد ستين سنة من العمل في ديارها وغادر بذكريات لا تسر الصديق ، إذ لم يجد وسيطا ليحقق رغبته في التجنس ، فشاخ وعاش وحيدا.
غادر مهموما بعد أن توزع أولاده في أرض الله ابتغاء المعيشة.
تعتبر الجنسية السعودية ـ ولا تزال ـ في عيون طالبيها صك إنقاذ وخلاص من معيشة ضنكا ومن حال اللاإستقرار ، وهي كذلك فلقد حمت الدولة السعودية رعاياها في الأسواق من سطوة الوافدين واهتمت برفاهيتهم وجعلتهم في منزلة يحسدون عليها وذو حظ عظيم كل من يحصل عليها، يليه في الحظ الذين يكفلهم المجنس من الأهل والأقارب ولو كانت أمه وأباه المعنيان في وقت مضى بأخذ خطاب من الكفيل يؤكد عدم ممانعته من التنقل في المدن السعودية مع اعترافه بأنهما ربّياه عندما كان صغيرا .
فلما رأى صديقه كلاس واطلع على ما آل إليه عرف أن الجنسية سهلة على من له علاقات وإن وفد للتّو ، صعبة المنال على غيره وإن بلغت مدة إقامته في البلاد نصف قرن ، تيقن أنه سيظل غريبا مع الذين يعتز بهم من الذرية في ديار نجد ما لم تقترب بلاده من الحال النجدي فيتساوى الجميع في الاستقرار والعدالة النسبية .

--------------- سالم علي الجرو -------------

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 07:59 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-22-2007, 10:43 PM   #106
ابوكنده
حال جديد

افتراضي

الشكر والتقدير لاخي سالم محمد بلفقيه (الشرقاوي) على طرح هذا الموضوع الرائع للاستاذ الكبير سالم علي الجرو الذي يتحفنا بالروائع الثقافية والتراثيه في هذه السقيفه جهد تاريخي وثقافي جميل يستحق الشكر
اخي العزيزسالم تقبل مروري ودمت في رعاية الرحمن اخوك ابوكنده
التوقيع :
  رد مع اقتباس
قديم 08-25-2007, 07:42 AM   #107
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ
39 ـ

المشروع الآخر

آن الأوان لاستقدام زوجته وطفلين من حضرموت فكيف والدولة تمنع من يطلب إذنا بالسفر وتقمع من تشك في أنه سيسافر . هناك نكتة متداولة ، تحكي عن صرامة وحزم المسئولين في اليمن الجنوبي ، فلقد حضر مؤتمر قمة عربي مسئول فارس من عدن ، وفجأة دخل على المؤتمرين أسد . حاول الملوك والرؤساء إخراجه من القاعة فلم يفلحوا . قام إليه الفارس وهمس في أذنه فهرول الأسد نحو الباب خارجا . تعجب المؤتمرون من خروج الأسد بهذه السرعة ، فقال لهم الرفيق: [ قلت له: يا أسد انصرف وأنت حر في تنقلك وإلا قسما بالثورة سوف أنقلك إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، وهناك لن تستطيع المغادرة إلا بعد إحضار كفيل يضمن عودتك ] . إذن فاستقدام بعضه سيواجه بعض المتاعب ، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ، فلقد تشجع وقرر وصمم رغم علمه بالرقابة المفروضة على أسر وعائلات الهاربين ، فلا حدود للعاطفة عندما يتعلق الأمر بفلذات الأكباد . بدأ مشروعه في سرية تامة بالرغم من المخاطر المترتبة على هكذا مشروع قد أودى بآخرين إلى الزنزانات ، فإن لم يكونوا هموا فأقربائهم ، وليس من المعقول القبول بحال الإنسان في بعض الديار العربية وهو يصارع لا من أجل الغنى والتخمة ، بل من أجل كسب لقمة عيشه وفي لمّ الشمل مع من يحب ، فالجمهوريات مشغولة بمقارعة الضد وكأنها قامت للمبارزة والمنازلة إلى الأبد ، وغير الجمهوريات ، وإن كانوا في رغد من العيش وفي أمن واستقرار إلا أنهم ليسوا مسئولين عن ذرية آدم .
كتب إلى أبيه يطلب أولاده ، وجاء الرد باستحالة الطلب ، فواصل الرسائل حاثا والده على الإقدام ، فالأمر يحتاج إلى بعض الحيل والاستفادة من خطط الذين هربوا أولادهم . وخوفا من أن تقع الرسائل في يد رقيب فقد عمد إلى الرمز ، وكذلك والده يرمز ، فيكتب: بخصوص الأغنام هناك متاعب ومخاطر في نقلها والأفضل أن تبقى في المرعى رغم الجفاف. أخيرا سافر الأولاد إلى عدن لعلاج الأم.. هكذا في الإعلان وفي الخفاء تدبير خطة للسفر من عدن إلى صنعاء ، ثم من آزال إلى ديار نجد.

----------- سالم علي الجرو -------------

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 08:00 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-25-2007, 07:53 AM   #108
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 40 ـ


المواطن العدو

سافر إلى صنعاء عام 1982 لاستقبال بعضه ، وكان في شك من نجاح مشروعه ، وإن كانت نسبة النجاح فيه أكثر من نسبة الفشل إلا أن البعض ممن سبقه فشلوا ومنوا بهزائم في اللحظات الأخيرة . الأمر يتوقف عند اثنتين ، الأولى: مبلغ عشرة ألف دولار ، وهذا المبلغ أرسل مع الشكر والتقدير والثناء لمن سيقوم بتسليمه إلى المتعاون ، والثانية:عند نجاح خطة المهربين في عدن فلربما يخرجونهم قبل ثوان من مغادرة الطائرة. هكذا كانت هواجس النازح المغلوب على أمره وهو في الجو . وعندما هبطت الطائرة في مطار صنعاء ، هبطت معها حدة المخاوف ، فلمنظر العاصمة الأم من الجو سحر وجذب ولمنظر الجبال والتراب اليمني قوة جذب أيضا . كان شعور بالفرح والغبطة كفرحة من سيحتضن أهله غير أن الجواز الأسود كان أحد المنغصات ، فما أن قدمه في المطار حتى تلقفه شاب بابتسامة لا كلفة فيها ، قدمه إلى آخر ، وهذا الأخير أكد له أنه سيستلم جوازه ولكن ليس هنا وإنما في مكان آخر. استلمه من مكان آخر يسمى قصر البشائر بعد أن جرى التحقيق الدقيق لأيام ، لكنه لم يشعر بأنه غريب ، فلقد كان المحقق معه في غاية النبل واللطف وإنما هو إجراء أمني بين الأشقاء المتحابين المتباغضين لا بد منه . سئل عن ميوله السياسية وعن أصدقائه وعنوانه في السعودية وعنوانه في الجنوب ، ولماذا سافر إلى الهند؟ . ادعى المحقق أننا أشقاء ولا هناك فرق بين شمالي وجنوبي . ليس ادّعاء في الواقع وإنما هو القول الحق والشعور الصادق ، لكن الشعور وأنت في مقر الأمن السياسي قد لا يعبر عن الصدق . إذن فهو يدعي في تلك اللحظة وفي ذلك المكان بأن لا هناك فرق بين شمالي وجنوبي ولا يدري أو يدري أن الأشخاص الوحيدون الذين يعرفون الفرق من هم على شاكلة القادم من أجل ضم أغنامه إلى الزريبة . استلم الجواز وعندما لمس في الأحبة الأعداء بعض الود وأيقن أنه بين أشقاء سيتقبلون فضفضته ، تشجع وقال: ( لم يصدقني أحد عن سبب هروبي من اليمن الجنوبي لأن الثقة منزوعة ، وأسباب ما نحن فيه على المستوى العام هو انعدام الثقة . هربت من الجنوب إلى السعودية مشيا على الأقدام وهناك الكثير مثلي لم يعلم بهم أحد ، وفي شروره كادوا أن يبعدوني لولا رحمة من رب رقيب ، ثم كفالة فاعل خير ، وليس سهلا الحصول على تصريح بالإقامة في البلاد السعودية ، الشديدة الحرص على أمنها ، من متسلل آثم أو مخرب أو شيوعي كما تعتقدون . هذان سببان ، والثالث: أني قدمت إلى العاصمة الأم لضم بعضي إلى بعضي ، لنقتات سويا ونخطط لمستقل فلذات الأكباد ، أما الرابعة: كيف أكون في نظركم في الشمال عدو ، وفي ذات الوقت محسوب عدو في الجنوب . لست والله مهتما بمن يحكم ومن لا يحكم ، فلقد يئست مثل غيري وعلمنا أن الخرق اتسع على الراقع ، وهمّي الوحيد والدي الكريم وذريتي المنتظر قدومها من عدن ، وأقر بأني اشتركت في المسيرات المناهضة للاستعمار البريطاني أيام الدراسة وكنت أحمل صورة الزعيم فوق رأسي ، ونهتف بحماس منثطع النّظير: أنّة من القلب الدّامي ضد المندوب السامي . كانت إذاعة صنعاء حينها تذكي فينا الروح الوطنية والانتماء إلى الوطن وتربطنا ، مصيريا بتراب غالٍ اسمه اليمن ، وحملت صورة الزعيم على رأسي وأنتم تعرفون ما للزعيم من مكانة في قلوب اليمنيين ، وأقر بأني شاركت في المسيرات المؤيدة لقرار التأميمات لأني كنت طالب طيّع ، وأقر بأني جئت إلى صنعاء من أجل أولادي الذين عانوا من شقاء تسعين يوما في عدن ، وبسببهم أنا هنا ). لم يخبرهم بما قرأ من كتب كارل ماركس وكتيب ماوتسي تونغ . غادر المبنى بعد وداع أخوي مؤثر ، أنساه ما كان من أمر التحقيق. قبل الخروج نصحه أحدهم بأن يدع الجواز الجنوبي ويبدله بشمالي ، فتعجب كيف لا يدرون هؤلاء عن معاناة الجنوبيين الحاملين جوازات الشمال.
------------- سالم علي الجرو -------------------

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 08-25-2007 الساعة 08:01 AM
  رد مع اقتباس
قديم 08-25-2007, 08:38 AM   #109
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 41 ـ

إرهـابيون

في القوائم التي أعدّتها منظومة الدول الرأسمالية ، فإن من يحمل جوازا أسودا عليه اسم: ( جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ) ـ ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) في التصنيف إرهابي ، وصاحبه تحت المجهر ، وأكثر حذرا وحرصا من هكذا صفة هي المملكة العربية السعودية غير أن المعرفين وهم نفر من وجهاء حضرموت يضمنون للسلطات السعودية صلاح الآدمي المرهق القادم من البلاد الشقية . من هؤلاء: عائلة بقشان على رأسهم الشيخ: أحمد سعيد بقشان ، ينحدرون من قبيلة سيبان الحضرمية والشيخ: عمر باراسين.
ما ذاك إلا محاربة لدويلة مشاغبة صغيرة تسيطر على باب المندب وتزعزع ـ إقليميا ـ أمن واستقرار الخليج بمبادىء قدمت من بعيد لا تصلح لمن يتوجه إلى الكعبة المشرفة خمس مرات يوميا . لا تصلح جملة ملطفة ، بل تقف موقف الضّد من الدين الإسلامي.
السبب الآخر: دولي يرتبط بمنظومة تغطي معظم اليابسة ، هي منظومة المعسكر الرأسمالي ، المناهضة وبقوة للمعسكر الإشتراكي . اليمن الديمقراطي ، إشتراكي علمي وجهته موسكو والكرملين ، والآخرون رأسماليون ، وهو ما يسمى بالاقتصاد الحر ووجهتهم واشنطن .
آيديولوجية ذات شقين: فلسفي لا يؤمن بوجود الله ، اقتصادي ضد النهج الرأسمالي ، وأحد وسائل محاربة مثل هكذا نهج وتوجه هو أن يدرج كل من له صلة ببلاد يرفرف عليها علم النجمة الحمراء بصفة الإرهابي حتى وإن كان سلام ومحبة ومودة تمشي على الأرض . الأبرياء هم الذين يدفعون ثمن الصراعات بين الصفوة.

---------------- سالم علي الجرو -----------------
  رد مع اقتباس
قديم 08-26-2007, 10:11 AM   #110
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـ 42 ـ

هاهم أفراد مملكته الخاصة وصلوا سالمين بعد ما يقرب من ستين يوما . نسي متاعب شأنه شأن الفرحين من الذين اشتروا زوجاتهم بملغ كبير من المال مع المغامرة وشد الأعصاب ، لتبدأ أخرى ، فلديه جوازين ، أحدهما: يحمل اسم الجمهورية اليمنية ، والآخر: يحمل اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، ومدة الإقامة في ذاك أربع سنوات بدون كفيل ، ومدة الإقامة في الأخير الأسود اللون ، سنتان ، بكفيل لا بد من الرجوع إليه ، وجواز الزوجة شمالي ، سيكون كفيلها جنوبي وحيث أن جوازها يستحق إقامة صالحة لأربع سنوات وكفيلها سنتان ، فلا يحق لكفيل عمره قصير في الإقامة أن يكفل آخر عمره طويل , وإذا ما أظهر الجواز الشمالي فربما عرض نفسه للخطر أقله الإبعاد عن البلاد لأنه منتحل مواطنة ، إلى جانب إجراءات أخرى بعضها يذللها المال وبعضها يذللها الجاه .
فترة عصيبة مرت حتى انتهى كل شيء واستلم الجوازات مختومة ، وإلى موعد التجديد القادم بعد أقل من سنة في ظل توتر وشد الأعصاب من جديد . ويعلم معظم أفراد الجالية بمن جاء للتو ومن لديه جواز [ ش ] وجواز [ ج ] ومن حصل على تصريح بالإقامة ومن تقرر إبعاده . فحديثهم لا يخرج عن موضوع القادمين بين من نجا ومن أبعدوه.
إنه ماض مزعج عندما يتذكر المرء ما مر عليه في دياره ، وإنها الصورة المخيفة كلما فكر فيما سوف يمر عليه في دياره الجميلة.
هي كلها أقدار في حسابات المؤمنين بالله ، إلا إن السيئ من الأعمال بما كسبت أنفس البشر. كان يتساءل أهو قرار محلي أم إقليمي دولي يقف وراء المفاجآت المروعة؟ . حروب الشطر الشمالي مع نفسه منذ 1962 حتى 1971 . حروب الشطر الجنوبي مع نفسه منذ عام 1969 حتى عام 1986. حروب الشطر الشمالي مع الشطر الجنوبي . الحرب الأخيرة بعد الوحدة.
ما من كتاب عن أحداث اليمن الدامية إلا وقرأه ، فلم يقرأ كتابا إلا ويتحدث عن كريهة ، حتى نايف حواتمه دخل عضو في صراعات اليمن مع نفسه فكتاب أزمة الثورة في اليمن الجنوبي يعبر عن ثورة وأزماتها ولكن في تحيّز ، وليس من صالح القضية المركزية أن يختلف الأشقاء في شطر من قطر ، ومن صالح الكاتب أن ينأى بنفسه عن مسائل خلافية بين الأسرة الصغيرة الواحدة ، لا أن يضعف فريق بتقوية الآخر، والسؤال: من المستفيد من هكذا شقاق؟ سنجده عبر كل الطرق إسرائيل أولا والبقية تلحق . فكيف بمناضل ضد إسرائيل يناصرها في مكان آخر؟. قرأ كتب عن حدود الوطن الكبير وحفظ عن ظهر قلب خرائط اليمن الميمون ، وقرأ كتب تتحدث عن القضم والابتلاع ومن يبتلع أرض من ومن يقضم من في الإعلام ، ناهيك عن الدسائس وما يدور في الغرف السوداء. تجاذب وصراعات لم تؤدّ إلى خير استفادت منها أطراف أخرى ممن نحسبهم أعداء.
شعارات جمّة منغّمة لا تؤلّف بين قلوب الأشقاء ، نظمها أشقياء في الأرض الغبراء فرسخت ثقافة العداء والكراهية بين اللحمة الواحدة.
لم تفته الألفة والمودة بين الجاليات العربية في الديار النجدية ، وهي الصورة الطبيعية لأشقاء ، يجمعهم الدم واللغة والتاريخ الواحد والمصير المشترك ، لا أثر للسياسة فالكل يحب الكل بالرغم من التنافس الشديد في السيطرة على المواقع في بعض المهن والتخصصات . الوافدون من الشام والهلال الخصيب سيطروا بلا منازع على الجوانب الفنية في قطاع الإنشاء والتعمير وتواصوا فيما بينهم بالرحمة ووجوب اللحمة ونبذ أيّ جسم غريب يدخل مستعمراتهم.
شاهد الجالية اليمنية بين تاجر وموظف إداري ومالي ومقاول ومهندس عمراني وطبيب وعقاري وموظف في العقار وميكانيكي ومندوب مبيعات وعامل وحارس ، وهم موزعون في الأعمال وأماكنها وفي السكن ، فرضوا أنفسهم وكانت نظرة الود من أهل البلاد تجاه العنصر اليمني هي التي ساعدت على انتشارهم وقبولهم ، وشاهدهم وهم يرحلون عن ديار نجد ، غير مأسوف عليهم ، في نزوح تاريخي لم يشهد له تأريخ العلاقات السعودية اليمنية مثيلا . رسميا وزعوا إلى شطرين ، ولكل معاملة خاصة فابن الشطر الشمالي حر طليق يعمل أنّى شاء ويتنقل في مدن المملكة بدون تصريح ، وابن الشطر الجنوبي لا يتنقل بين مدن المملكة إلا بتصريح من لدن كفيله ، فهو المقيّد ، ولا يمكن له العمل أنّى يشاء بل عليه أن يعمل لدى كفيله.
تجار بدؤوا صغارا تحت تستر بمهنة عامل على مرأى ومسمع ممن شرع منع التجارة على الأجانب ، والعربي في ديار نجد يعدّ أجنبي ، فتوسعت تجارتهم لتمتد إلى قارات أخرى ، ومنهم من ظل في أسواق المملكة ، لكنهم يعدون من كبار التجار وهؤلاء يختلفون عن كثير من الوافدين فلا خوف ينتابهم من حفظ أموالهم داخل البلد بالرغم من تجارب السابقين في المهجر في بلدان أخرى [ شرق أفريقيا ] الذين نفذوا بجلودهم بعد إنكارهم من حقوق مشروعة اكتسبوها بالجهد النظيف ومنهم من لقي حتفه. يعيشون مطمئنين على ممتلكاتهم وهي باسم غيرهم وبمدخراتهم التي تبلغ أرقاما فلكية لدى البعض ، بخلاف الذين يحولون مدّخراتهم إلى الخارج من الجاليات العربية الأخرى ، وقد تردّد أن بعض التجار الحضارمة في الحجاز كانوا على صلة وثيقة بمؤسس الدولة السعودية الثالثة: الملك عبدالعزيز ، وكانوا يدعمونه عند الحاجة قبل الاكتشافات النفطية .
وموظفون إداريون وماليون وأطباء ومقاولين ومهندسين مدنيين بالخبرة ، تولوا بنوكا وشركات ومؤسسات ، وبناء أحياء وأسواق تجارية وعمائر ، فكانوا نعم المخلصين ونعم الأمناء ، ونعم البنائين والمتقنين لأعمالهم . من هؤلاء الذين يعدون بمئات الآلاف من رسم أهدافا وحققها من تعليم الأولاد إلى المنازل العلا ، وتأمين مسكن وتنوع مصدر الدخل ، ومنهم من عمل بدون أهداف وانتهى به إلى القناعة والرضا بالمقسوم.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اسر ضحايا 13 يناير تقدم اسماء ضحاياها لمجلس الامن والمحكمة الدولية؛؛؛؛؛ الخليفي الهلالي سقيفة الحوار السياسي 11 06-02-2011 02:35 PM
سالم الجرو والتحرش بكتابة التراث الشعبي والتاريخ الحضرمي الدموني تاريخ وتراث 10 04-19-2011 10:18 PM
هل نحتاج لانقلاب ليُصلح الحال سالم محمد باعباد الســقيفه العـامه 49 03-01-2011 07:39 PM
الحضارم السلفيون ابوسعدالنشوندلي سقيفة إسلاميات 0 12-12-2010 02:24 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas