العذر أقبح من الذنب في تقديم المقامات الشبامية

[احمد العطاس]

قل لمن يدّعي في العلم معرفة = حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء
أخونا المجدد في علوم اللغة أبو عوض الشبامي لم يسمح له غروره بالاعتراف بالحق بالرغم إنه فضيلة 0
ألم تكن ملاحظاتنا على تقديمك للمقامات الشبامية واردة ؟ لماذا لا تعترف بالحق؟
لماذا تدّعي معرفة كل شئ؟
لماذا تحاول إقناع نفسك بذلك ؟ وتفرض قناعاتك على الآخرين
ولماذا تقول إفكاً ( فالمسلم ليس بالأفّاك)؟
ملاحظاتنا التي أوردناها على تقديمك لم تكن تتعرض لمقامة أحمد بركات بل العكس لعل ما أكسب مقامة أحمد بركات جمالية وواقعية فنية هو استخدامه للهجة العامية الدارجة وتوظيفها توظيفاً رائعاً بل أجزم أن أسلوب الرجل على عاميته يفوق بكثير أسلوبك بل تكاد تنعدم المقارنة لأنه قد خطّ لنفسه منهجا في الكتابة والتعبير وأحسن وأتقن فيه وعلى الأقل فهو قد عرف ما يريد ولم تعرف أنت ، ثم لعلمنا ودراستنا إن المقامات فنٌ تدخل العامية في سياقه وتكون مجالاً للإبداع الفني فيه لم نناقش مقامة أحمد بركات ولم نتعرض لها البتة ولمعرفتنا أيضا بآداب وسلوك الحق الأدبي طلبنا الإذن لتحليلها أدبيا منك ولكنك لاتعرف هذا السلوك ولست من أهله والدليل تعقيبك المغرور0
أما من ذكرت من علماء حضرموت فهولاء رموز للعلم ليس فيها فقط بل إن شأنهم قد تعدّاها إلى أبعد منها فهل أنت منهم؟ ثم إنهم إذا استخدموا الفصحى أجادوها ولم يهذوا مثلك وحين استخدموا العامية في كتاباتهم فذلك لغرض نبيل وسامي لا تدركه أنت فالقوم رجال علم ودعوة وأهم ما يحرص عليه رجال الدعوة هو أن تصل كل كلمة من كلامهم ودعوتهم إلى أجهل شخص فكتبوا بالعامية لتقريب المعاني لمستوى فهم العامة 0أفهمت؟ أما أنت فكتبت بما أردته الفصحى ولكن فاقد الشيء لايعطيه0 والأدهى إنك تكتب في سقيفة التراث من أرض الحضارات وتقول إن اللغة قشور، ألم تكن اللغة أهم مقومات الحضارة؟ ألم تكن هي التراث كله تقريباً؟ ألم تكن اللغة هي معجزة النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ممثلة في فصاحة وبلاغة القرآن الكريم0 أنت بدعواك هذه ـ وأقول بدعواك لأنها دعوى وليست دعوة وليفهم أولو الألباب ـ تطالب بإغلاق مجامع اللغة ـ إن كنت تسمع عنها( ولا أخالك) ـ وإلغاء مناهج تدريسها في المدارس والجامعات والأدهى من ذلك ( واستغفر الله) إعادة كتابة القرآن الكريم بالعامية حتى يفهمه مثلك0
أفرأيتم أيها الأخوة ؟
أفرأيت أستاذنا المشرف العام ؟
أفرأيت أستاذنا كبير مستشارئ السقيفة ؟
أفرأيت أستاذنا عمر خريص؟
أفرأيت أخي محمد باذيب؟
أفرأيتم جميعا كيف أن غرور الرجل ومنطقه الأهوج يقوده إلى أين؟
كل يوم وكل مشاركة تكتبها يا رجل تظهر عيبا سلوكياً فيك وجهلاً بجانب من العلم فنصيحة لله لا يعدل السلوك سوى التواضع ولا يبعد الجهل سوى التعلم وأنت يصعب تعليمك لأن العلم مطيته التواضع0 والمشكلة إنك لا تخجل من سوق مبررات واهية لعيوبك وجهلك فهل علماء حضرموت قالوا لك ارفع المنصوب وانصب المجرور وافعل باللغة كما أردت إنها دعوة لعصر الانحطاط والله لو بُعِث سيبويه والدؤلي والزجّاج والزمخشري وابن مالك وغيرهم أعان الله وجهك كم سيتلقى من صفعات هذه الدعوى تطلب من الشعراء المبدعين وقف إبداعاتهم الفنية وبيانهم وبديعهم وكذلك من كتّاب القصة ومن كل أهل الأدب أن يجلسوا على الدكك والمقاهي ويستمعون ويكتبون حكايات العجائز وخرافات النساء وحكايات الجدّات لأحفادهن قبل النوم هذه التي نشأت أنت عليها واستوحيت ثقافتك منها0
إننا لسنا ضد الكتابة بالعامية ولكنها عندما تكون منهجا وأسلوبا لصاحبها يعرف مواطنها وجمالياتها وجوانبها الإبداعية فاكتب بها فلعلها أقرب إليك هذا إن استطعت ولن ينتقدك أحد إذا أجدتها بل مثلما قلنا سلفاً إننا سنعجب بها ونثني عليك والدليل هذا أخونا المبدع الحاضر دائماً الشرقاوي في سقيفتنا الجميلة يبدع أيما إبداع بل أكسبها جمالية وجذباً باستخدامه العامية لم تكن لأي سقيفة وكلنا نركن إليها ونعشقها لأن الرجل عرف ما يتناسب مع مواضيعه من آلية للتعبير وعرف الموطن وبالإجمال عرف مايريد0
ألم أقل لكم أخواني إن الرجل مغرور ودعي؟
الأمر المستغرب من الأخوة القائمين على السقيفة وممن خاطبتهم سلفاً هو كيف يسمح لهذا الرجل أو مثله أن يرفل في السقيفة دون رادع؟ من هو طالب العلم أو المثقف الذي يمكن أن يدخل مع هذا في نقاش عقيم ميت مرجعيته الهوى ومنطقه كمال العلم؟ أين هو الحوار البنّاء المعلن عنه عند مدخل السقيفة والله لاأحد يرضى ممن يحترمون أقلامهم بهذا وأخشى أن تكون مضاعفات هذا على السقيفة بكاملها فيصيبها ضرراً 0 أما أنا فأعدكم إنها الأخيرة ولا يشرفني مخاطبة من لا يعي من مثل هذا ولعل أبلغ ما يقال في هذا المقام كشاهد حال قول الشاعر أبي بكر بن عبدا لرحمن بن شهاب حيث يقول:
وأنكر أقــــوامٌ يخالــــــــــــون إنهم = رجــــــــــــال وإن العلم لعبةُ لعّابِ
ومن هم وما هم لو عجمتَ قناتهم = سوى كل سبّاب سفيــه وصخّابِ
سأضرب عنهم لا لعجــز وإنمــــا = أرى الكف عن صيد الثعالب أولى بي
ألم تر إن الليث يحمـــي عرينـــــه = ويفـــرق من أنيابــــــــه كل ذي نابِ
ويعرض أن نقـــــّت ضفادعُ غابهِ = ولو ملأت أصواتـــــها أفـــقَ الغابِ