الجنوب العربي" هل يساق ابناء الجنوب الى نزاع اهلي؟؟

[حد من الوادي]

هل يساق ابناء الجنوب الى نزاع اهلي؟؟

2011/12/22 الساعة 17:05:57

عبد الكريم سالم السعدي

في اعتقادي أن خيار جر الجنوب إلى نزاع أهلي ليس مستبعدا من أجندة الشريك الشمالي في حال ما عييت وسائله وفشلت محاولاته في إبقاء سيطرته على الجنوب وثرواته.. وما نراه اليوم من خلافات وانقسامات بين أبناء الجنوب ما هو إلا مؤشرا واحدا من مؤشرات عدة تطفوا على السطح الجنوبي وترى بالعين المجردة ولا تخفى إلا عن من لا بصيرة له تؤكد أن هناك سعيا ممنهجا يستخدم كل الوسائل ويستغل كل الظروف بل انه يصنعها في كثير من الأحيان ويوظف كل الظواهر للوصول لإبقاء هذا الخيار كهدف إذا ما فشلت مساعيه الأخرى...

نجح نظام صنعاء الذي مازال يحتفظ بتواجده وحضوره في نظام ما بعد( المبادرة الخليجية) في اختراق الجنوب منذ أن كان يسمى (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وسار بخطى ثابتة ومدروسة حتى نجح في إيصالنا إلى وحدة 22 مايو1990م التي إذا ما نظرنا إليها بمنظار العقل سنجدها عبارة عن مهزلة ترقى إلى الجريمة في حق أبناء الجنوب فقد كانت تلك الوحدة عبارة عن عملية تسليم واستلام تمت بين نظام صنعاء والحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب وقياداته أدت إلى أن يصبح الجنوب ملكا للنظام الشمالي بعد أن كان في يوما من الأيام ندا له بل انه كان يتقدمه بعشرات المراحل في جميع نواحي الحياة ...

واليوم تظهر أمامنا مؤشرات عديدة تؤكد أننا نساق عنوة إلى منطقة حشد(النزاع الأهلي) وعندما تكتمل مرحلة إعدادنا ووصولنا إلى هذه النقطة سوف تبدأ مرحلة الإملاءات (لخيارات الطرف الشمالي) فإذا قبلنا بها فمعنى ذلك أننا سنعيد سيناريو مأساة 22مايو90م وإذا ما تمردنا عليها ورفضناها فسنكون حينها قد تمت تهيئتنا نفسيا وبدنيا وسياسيا وعسكريا وقبليا ومناطقيا للإجهاز على أنفسنا حينها سينال الطرف الشمالي بغيته وسيعود مرة أخرى من أبقته الحرب منا عبدا لنظام صنعاء وحكامها!!

سيتهمني البعض بسوداوية النظرة وبالتشاؤم ولكنني في الحقيقة وفي هذا الحيز لا انقل إلا هواجس الشارع وإيقاعات الأقوال فيه بل أن ما أورده هو حصيلة تحليل ونظرة لأناس سبقونا في مضمار الحياة السياسي والعسكري والإعلامي فهم يرون أن هذا الخيار الصعب بات حقيقة ماثلة إذا لم يفيق أبناء الجنوب من سكرة الحماس غير المنظم والتشدد غير البناء ويعودوا عقلانيين وينظروا بموضوعية إلى ما يدور حولهم وما يحاك لهم من أوساطهم بنظرة متحررة من قيود البحث عن الذات فيها تمحيص لما يدور على الساحة والبحث عن من يقف وراءه ولماذا في هذه المرحلة بالذات ؟؟

أكاد اجزم أن جزء كبير مما يدور على الساحة الجنوبية تديره أصابع صنعاء بنظامها السابق والقادم وهذا سبق لنا وأوردناه في كتابات سابقة لنا وهو ليس بجديد فقد قرأ الشماليون تاريخنا جيدا واعتمدوا في تعاطيهم مع القضايا التي تجمعنا بهم انطلاقا من هذه الأرضية ووضعوا جل جهدهم في تمزيق الممزق في جسدنا المتهالك وفي الوقت نفسه وفرنا لهم نحن الجنوبيون المناخ المناسب بأننا قوم لا نستفيد من تاريخنا الاستفادة الايجابية ونذهب دائما حيث سبق لنا وان (جرحنا) ونتمتع ونحن نعيد إنتاج نكساتنا ومآسينا بعقلية لا تدرك عواقب الأمور وبذاكرة أنشط ما فيها (الماسح) فترانا نحلق في سماء الأهداف التي ننشدها في رحلة وقودها استنزاف حقيقي لقدراتنا وإمكاناتنا وبعد كل رحلة نقوم بها نعود إلى الأوكار ذاتها التي صنعتها لنا أخطاء الماضي وجعلتها بمثابة محاجر لنا نعيش فيها بموجب فرضيات الولاءات الضيقة ..

عندما وضعت هذه القضية نصب عيني حرصت على التحرك في كل الاتجاهات على الساحة ومحاولة تلمس ما يدور في أذهان البعض على المستويين القمة والقاعدة في الجنوب من خلال تواجدي في الساحات ومشاركاتي في الفعاليات واطلاعي على نشاطات ودعوات البعض فاستمعت للكثير من الأقوال ورأيت الكثير من السلوكيات والتصرفات والأفعال التي أفضت في محصلتها الأخيرة إلى أن اخرج بهذا التخوف مما ينتظرنا جميعا وأنا هنا لا أروم تحطيم المعنويات كما قد يعتقد البعض ولكنني أضع الأمور في نصابها حتى لا نجد أنفسنا مرة أخرى نؤدي دراما الستينات من القرن الماضي بين جبهتي (التحرير والقومية)!!

من المؤشرات التي تظهر على السطح , انعدام الثقة والمصداقية في التعامل بين فصيل أصحاب الهدف الواحد , وتغلغل الكثير ممن يظهرون ولاءهم للقضية وفي نفس الوقت يدعون إلى التفريق والتمزيق بين أبناء الجنوب , كثرة أصحاب الدعوات غير السوية التي تظهر في أوقات لا يعني ظهورها فيها إلا الإساءة للقضية الجنوبية وأهدافها السامية,تسلل البعض إلى مواقع مؤثرة في الحراك الجنوبي (حاضن القضية الأساسي) وظهور دعوات إلغاء الآخر واحتكار النضال في أسماء وفصائل معينة, انتشار الأسلحة بكل أنواعها في العاصمة عدن وغيرها من مدن ومحافظات الجنوب والترويج لمن يقف وراء هذه الأفعال بأنه إنما يخدم القضية , سقوط بعض مناطق الجنوب بأيدي مرتزقة الشريك الشمالي !!

أن ما وصلنا إليه من حالة التشرذم يدعونا إلى أتباع مبدأ التطهير لأنفسنا ولحراكنا الجنوبي من الداخل وهذا ليس عيبا ولا جريمة ولن يؤثر على مسيرة الثورة الجنوبية كما يعتقد البعض خطئا بل على العكس سيزيد من فاعلية الحراك ويقصي المندسين في أوساطنا ويفضحهم ويفضح الأجندات التي تسيرهم والتي تعمل على إجهاض حركتنا السلمية من خلال خلق البلبلة والانقسامات فيما بيننا , علينا جميعا في الحراك الجنوبي أن ندرك أننا لسنا ملائكة وانطلاقا من ذلك علينا دائما العمل الدءوب على تطهير صفوفنا وهذا لن يحدث إلا متى ما انتظمت صفوفنا التنظيم الذي يفرز الغث من السمين والمخلص من المتسلق وصاحب الأفكار الهدامة من البناءة !!

نقطة أخيرة مهمة أعيد تكرارها هي أننا مطالبون بتعلم أبجديات الديمقراطية ابتداء من الساحات التي تحتضن ثورتنا وان نعود أنفسنا على القبول بالنتائج التي يفرضها الشعب الجنوبي من خلال استفتاءاته وخياراته واعتقد أن أول خطوة يجب أن نقوم بها هي خلق صفوف احتياطية من القيادات الجنوبية المؤهلة التي تستطيع أكمال مسيرة النضال الجنوبي ومنحهم فرصة تداول القيادة مع صف القيادة الأول الأمر الذي سيؤكد إذا ما تم بطريقة ديمقراطية أننا تعلمنا أن القيادة ليست حكرا على احد بعينه ولا هي وريثة لا تجوز شرعا إلا لمن حملت اسمه!!!