حضرموت والثروة النفطية والفرق بين ألأمس واليوم "والغزاة اللصوص

[حد من الوادي]

و إني و إن كنت الأخير زمانه لاتي بما لم تستطعه الاوائل

1/3/2012 م. سالم احمد باحكيم

طالعتنا صحيفة “الأولى” في عددها رقم 306 الصادر يوم الاثنين الموافق 3 يناير 2012م عن نتائج ندوة حول ( الشفافية في الصناعة الإستخراجية ) .

و كان المذهل للمشاركين في الندوة و القراء للخبر ، سماع التصريحات التي قيلت خلال الندوة و نقلتها الصحيفة. فقد صرح وزير التجارة الدكتور سعد الدين بن طالب ب (ان الهدف من المبادرة هو معرفة الشعوب حقيقة إيرادات الصناعات الإستخراجية لكن اليمن اهتمت بالإجراءات أكثر من اهتمامها بالهدف الحقيقي للمبادرة).

و كم كانت المفاجاءة مؤلمه عندما اضاف ( أن شركات النفط ممثلة في مجلس الشفافية اليمني اعترضت على فتح دفاترها للتدقيق في حساباتها و اكتفت بالإعلان عن أرقام و مطابقتها مع ما تعلن عنه الحكومة من مقبوضات)

و اذا كان تعليقات عضوي مجلس النواب نبيل باشا (ان الفساد في قطاع النفط اكثر من غيره من القطاعات ) و عبد الله المقطري (أن مجموعة من الحسابات الخاصة من حسابات النفط لا أحد يطلع عليها و لا تدخل للموازنه و لا الحساب الختامي ) قد اعطت بطريقة غير مباشرة تفسيرا لتهرب شركات النفط عن اخضاع حسابتهم للتدقيق فان حديث الأخ مدير عام شركة النفط الوطنية عمر الأرحبي (عن "الصعوبات" في الحصول على معلومات من الجهات المختصة عن الشركات العاملة في مجال النفط و مقدار استهلاكها و بالأخص الشركات العاملة من الباطن) قد وضعت النقاط على الحروف لتؤكد أن الفساد يمنيا بامتياز و من صنع اولياء الامر الذين خانوا امانة شعوبهم و كانه يستشهد بقول الشاعر:

نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا

ام تعليق وزير النفط المهندس هشام شرف الذي (اعتبر التقرير الأول الذي صدر عن اليمن و تضمن مطابقة مدفوعات الشركات و مقبوضات الحكومة عن النفط ... بداية) فانه يعتبر نوع من التعزية للمشاركين في الندوة و كانه يردد قول الخنساء:

و لولا كثرت الباكين حولي على قتلاهم لقتلت نفسي
و ما يبكون مثل اخي و لكن اعزي النفس عنه بالتاسي

نتائج الندوة المذكورة ذكرتني بوثيقة تاريخية اعدت من قبل لجنة مكلفة بمراجعة اتفاقية النفط "الزيت" بين السلطنتين القعيطية و الكثيرية من جهة و "شركة امتيازات الزيت البريطانية" من جهة اخرى و التي تقدمت بطلب الامتياز للتنقيب عن النفط في حضرموت في مطلع الخمسينات و بالتحديد عام 1958م. هذه الوثيقة اعدت من قبل لجنة برئاسة:
الإستاذ محمد عبد القادر بامطرف رحمه الله و كان انذاك سكرتيرا للسلطنة القعيطية و عضوية كل من :

الوالد الشيخ احمد بن سالم باحكيم رحمه الله و هو من كبار تاجر و وجهاء مدينة المكلا بالسلطنة القعيطية و الشيخ عبدالرحمن عبدالله بكير اطال الله في عمره و كان حينها قاضيا بمدينة المكلا و الاستاذ احمد سعيد الحضرمي رحمه الله و هو خريج من جامعة بغداد في مجال الاقتصاد و موظف حكومي و الاستاذ / سالم عبد الله بامطرف و هو خريج جامعي في مجال القانون و موظف حكومي. و استعانت اللجنة بخبير عربي في مجال صناعة النفط و هو السيد / سمير شماء.

عند الاطلاع على تقرير هذه اللجنة المتواضعة سيصاب القارئ بالدهشة حيث ان هذه اللجنة المتواضعة عددا و عده بحسها الوطني و تحليها بتقوى الله قد درست مسودة الاتفاقية المقترحة من قبل الشركة البريطانية بمهنية عالية و ندية و شجاعة ادبيه في النقاش بالرغم من ان الشركة تمثل بشكل او اخر الدولة العظمى التي تربطها بالسلطنتين علاقة سياسية متمثلة في اتفاقية الحماية.

و كان شعاراللجنة ان علاقتهم بالشركة من خلال تلك الاتفاقية يجب ان تضل علاقة تجارية بالرغم من ان علاقة السلطنتين ببريطاني علاقة سياسية و ان التداخل بين العلاقتين سيفسد الإتفاقية.

لقد تضمن التقرير توصيات مدهشة تحقق اعلى مستويات الشفافية و الحفاظ على ثروات الشعب. و لاهمية ذلك التقرير سنقوم بنشره بكل تفاصيلة مصحوبا بصوره طبق الاصل منه على موقع " المكلا اليوم" ان شاء الله في الايام القريبة و نقتصر هنا على ما ورد في ذلك التقرير من توصيات حول الرقابة على حسابات الشركة (أنظر صورة الصفحة رقم (10) من التقرير ادناه المحتوية على التوصية رقم (19)).

لقد استطاعت تلك اللجنة بما قدمته من توصيات ان تعكس مضمون قول الشاعر ابوالعلاء المعري الذي اتخذناه عنوانا لهذه المقالة ليكون بعد التعديل يمثل حال اللجنة:

و إنا و إن كنا القديم زمانه أتينا بما لم تستطعه الاواخر

و لأن الدكتور سعد الدين بن طالب احد احفاد او ابناء ذلك الجيل فلا تعجبه "اللعفسه" بالتعبير الحضرمي أو "الدحبشة" بالتعبير الدارج هذه الايام فقد قدم استقالته من هيئة الفساد و كانت له مواقف شجاعة ضد الفساد و رموزه و كان من اوائل المؤسسين لمبادرة الشفافية في الصناعات الإستخراجية....!

انني لا اعرف الدكتور شخصيا و بالتالي لا اعتبر ذلك مدحا له و لكنه يبدو لي انه متشربا بالروح الحضرمية لابائه و اجداده المتصفة بالحقانية في تعاملهم مع الجميع.

لقد فقدت حضرموت ريادتها ابان الحكم الاشتراكي على مدى ربع قرن لتكون مجرد محافظة تعرف برقم نكره (رقم 5) و خلال ما يقارب عشرون عاما اخرى تحت نير وحدة "حبني بالغصب" اغتصبت اراضيها و ثروتها لتتحول الدجاجة التي تبيض ذهبا لا للشعب الذي يتضور جوعا في كافة انحاء الجمهورية اليمنية و لكن لجيوب المتنفذين فصدق المثل القائل:ان بترول (بئر علي يذهب إلى جيب علي)!!!!!!

و مع عودة الوعي الشعبي بحضرموت خاصة و الجمهورية عامة و تحت ضلال ثورة التغيير نامل ان تستعيد حضرموت تاريخها كمناره حضارية اقتصادية على كافة المستويات
و الله من وراء القصد.