المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أما آن للعين أن تدمع


الدكتور أحمد باذيب
11-05-2005, 03:34 AM
أما آن للعين أن تدمع و للقلب أن يخشع قال تعالى:" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و مانزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون‘16‘ اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون" سورة الحديد(16-17)
في صحيح مسلم عن بن مسعود قال:* ماكان بين إسلامنا و بين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين*.
قال الحسن: استبطأهم و هم أحب خلقه إليه، و قال بن مسعود :" فجعل ينظر بعضنا إلى بعض و يقول: ما أحدثنا؟"، و روي أن المزاح و الضحك كثر في أصحاب النبي لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية، و لما نزلت الآية قال رسول الله " إن الله يستبطئكم بالخشوع" فقالوا عند ذلك:خشعنا.
و هذا شأنهم م في سرعة الإستجابة و الفيئة، و كذلك لما قيل لهم:"فهل أنتم منتهون"سورةالمائدة(91)، قالوا: انتهينا ربنا..انتهينا ربنا، قال بن عباس:*إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن*.
و قيل:نزلت في المنافقين، و قيل أيضا: هذا الخطاب لمن آمن بموسى و عيسى دون محمد عليهم السلام، لأنه قال عقيب هذا" و الذين آمنوا بالله و رسوله" سورة النساء(152)، أي لم يأن للذين آمنوا بالتوراة و الإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن و ألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى و عيسى، إذ طال عليهم الأمد بينهم و بين نبيهم فقست قلوبهم، و في الآيات نهي عن التشبه بأهل الكتاب من اليهود و النصارى و زجر عن الكفر و المعاصي و كل أسباب قسوة القلوب:" و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون" سورة الحديد(16).
قال محمد بن كعب:* كانت الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف و النعمة، ففتروا عما كانوا فيه،فقست قلوبهم فوعظهم الله فأفاقوا.
و قال مالك:* بلغني أن عيسى قال لقومه: لا تُكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله و لكن لا تعلمون، و لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب و انظروا فيها-أو قال:في ذنوبكم- كأنكم عبيد فإنما الناس رجلان معافى و مبتلى، فارحموا أهل البلاء، و احمدوا الله على العافية.
و قد جعل الله كتابه شفاء لما في الصدور و هدى و رحمة، و قال سبحانه:" لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله" سورة الحشر(21).
فإذا شكوت يوما من قسوة قلبك، فأذبه بالذكر، و اطلع في القبور، و اشهد الموتى و أكثر من ذكر هادم اللذات.
و اعلم أن الله تعالى قادر على إحياء بعد مواته، و قد فتح أمامك أبواب الرجاء، فقال سبحانه:" اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها" سورة الحديد(17).فاضرع إليه سبحانه
و تذكر أن هذه الآيات كانت سببا في توبة الفضيل بن عياض و بن مبارك رحمهما الله تعالى، فإن عبد الله بن المبارك لما سُئل عن بدء زهده قال:* كنت يوما مع إخواني في بستان لنا، و ذلك حين حملت الثمار من ألوان الفاكه، فأكلنا و شربنا حتى الليل فنمنا، و كنت مولعا بضرب العود و الطنبور فقمت في بعض اللعب فضربت بصوت يقال له راشين السَّحَر و أراد سنان يغني و طائر يصيح فوق رأسي على شجرة و العود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد، و إذا به ينطق كما ينطق الإنسان يعني العود الذي بيده و يقول:"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل الحق" سورة الحديد(16)
قلت:بلى و الله و كسرت العود، و صرفت من كان عندي، فكان هذا أول وهدي و تشميري*، و ذكره القرطبي عن أبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القلانسي.
و أما الفضيل بن عياض فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع قارئا يقرأ:" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" ، فرجع القهقرى و هو يقول: و الله قد آن، فآواه الليل إلى خربة و فيها جماعة من السائلة و بعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق، فقال الفضيل:أوَّاه! أراني بالليل أسعى في معاصي الله و قوم من المسلمين يخافونني، اللهم إني قد تبت إليك و جعلت توبتي في بيتك المحرم.
عباد الله..آن للقلوب أن تخشع و للعيون أن تدمع، اللهم اجبر كسرنا على فراق شهرنا، و اجعل خير أعمالنا خواتيمها و خير أيامنا يوم نلقاك، و لك الحمد يا ربنا على إنعامك و توفيقك:" له الحمد في الأولى و الآخرة و له الحكم و إليه ترجعون"سورة القصص(70).
و سبحانك اللهم ربنا و بحمدك، أشهد أن لاإله إلا أنت، أستغفرك و أتوب إليك.

شبامي متكرف
11-05-2005, 11:45 AM
مشكور على الموضوع الجميل واتمنى لك الصلاح