لا تلعنوا التاريخ

[جمال العطاس]

يجب أن لا نلعن التاريخ أو نتهمه بالغفلة ياسادة أنما نحن الغافلون , فالتاريخ يسجّل الأحداث بأقلامه في كل زمان ومكان , إلاّ أن التاريخ اليوم يسجّل أحداث هذه الحقبة مستخدما فوهات المدافع أقلاما ودماء الشعوب حبرا وميادين الاعتصام صفحات . لذلك قيل أن التاريخ لايرحم . نعم أنه التاريخ الذي لايرحم الخانعين الذين لم يرحموا أنفسهم , وهاهي الشعوب اليوم تدفع ثمن السكوت والخنوع .

التاريخ لايمكن أن يغفل وأقلامه تسطّر وتسجّل الأحداث لحظة بلحظة , والغفلة لا علاقة للتاريخ بها وانما هي الشعوب التي تحسن وتجيد صناعة الطواغيت الذين تقوم بتأليههم فأصبحوا جلاّدين يلهبون ظهور شعوبهم بسياط القهر والظلم والطغيان والاستبداد , دعونا نكون أكثر واقعية وأن نقوم بالإقرار والإعتراف فنحن الشعوب من صنعنا جبابرتنا وطواغيتنا بسكوتنا وتخاذلنا , ومالم نعترف بهذه الحقيقة لا يمكن أن تتحسن حياتنا كشعوب ترزح تحت وطأت الظلم والتخلّف

ما آل إليه حال الشعوب العربية من تردّي وقهر وظلم وقتل وتدمير ليس بسبب جبروت هذه الأنظمة فقط , وانما هي الآن تدفع ثمن السكوت والخنوع في زمن كان بإمكانها أن لاتسكت , ولكنها اليوم تدفع ثمن سكوتها من دمائها ومن أموالها , لقد سكتت هذه الشعوب طويلا حتى إستأسدت هذه الجروان , وكان على الشعوب أن تقضي على هذه الجروان قبل أن تستأسد وقبل أن تصبح وحوشا ضارية تنهش لحوم شعوبها وتأكلها وتتفنن في قتلها وتتلذذ بذلك


تحياتي

.