أكثر من 32 مليون متر مربع استولى عليها نافذون في عدن ولحج خلال 3 سنــوات

[حد من الوادي]

45 ألف موظف نُهبت أراضهيم بتواطؤ من محافظ لحج الأسبق ومكتب المساحة ومحكمتي الحوطة الابتدائية والاستئنافية
أكثر من 32 مليون متر مربع استولى عليها نافذون في عدن ولحج خلال 3 سنــوات


* عدن - مشعل محمد * صنعاء - «الشارع»
فضائية يمنية تبث، هذه الأيام، برنامج مسابقات يُمنح الفائز فيه قطعة أرض في عدن.
بإمكان 45 ألفاً من ملاك الأراضي في هذه المحافظة، ومحافظة لحج، أن يتسلوا، إذن، بمشاهدة هذا البرنامج بعد أن خسروا، جميعاً، كل أراضيهم في برنامج آخر مستمر منذ سنوات واسمه ببساطة: “نهب الأراضي في الجنوب”.
إن واحدة من النتائج الجيدة لحركة الاحتجاجات الجنوبية أنها أخرجت قضية “نهب الأراضي” من دائرة العمومية والغموض، إلى مستوى أكثر وضوحاً، وبحيث أصبح بالإمكان الحديث عن هذه القضية بشكل مدعوم بالتفاصيل والأرقام مع الاستناد أيضاً إلى تقارير ووثائق رسمية.
نحن بصدد الحديث عن مشكلة أراضي “العزيبة”، والعزيبة قبيلة كبيرة في محافظة لحج، استغل كبار النافذين (الناهبين) مجموعات من أفرادها لتنفيذ واحدة من أسوأ عمليات النهب والاستيلاء في الجنوب وأكثرها وضوحاً وفجاجة.
لقد كانت حصيلة هذه العملية أكثر بقليل من 32 مليوناً و500 ألف متر مربع في كل من عدن ولحج، يملكها، في الأصل، 45 ألف مواطن مغلوبٍ على أمره.
وفي التفاصيل ما يلي:
قبل سنوات بدأ أفراد من قبيلة العزيبة، بأنفسهم أو عبر ممثلين لهم، بمطالبة السلطات بتمكينهم من أراضٍ في لحج وعدن بحجة ملكيتهم لها، لكن هؤلاء الأفراد كانوا مجرد غطاءٍ لشخصيات وجهات نافذة، معروفة ومشهورة، عقدت معهم اتفاقات مسبقة لفعل ذلك، وقد شكت القبيلة نفسها من الاعتداءات التي طالت أراضيها وأملاكها من هؤلاء النافذين والمتعاونين معهم.
عام 1995 قام محافظ لحج، آنذاك، عبدالله بامطرف، بتشكيل لجنة لمعالجة القضية برئاسته.
في 31 ديسمبر من نفس العام، خرجت اللجنة بتقرير خصص مساحة 220 متراً على كل جانب من جانبي الخط العام: عدن – لحج وما خلفهما، ليكون من نصيب قبيلة العزيبة. وعقب تعيين منصور عبدالجليل محافظً لمحافظة لحج، خلفاً لبامطرف، قام بإصدار قرار، مطلع أكتوبر 1997، بتشكيل لجنة أخرى لمعالجة القضية نفسها.
انتهت تلك اللجنة إلى إصدار تقرير أسمته “مراعاة ما أصاب العزيبة من خسائر جراء تقسيم اللجنة السابقة (لجنة بامطرف)”.
لم يكن تقرير لجنة المحافظ عبدالجليل إلا غطاءً رسمياً لعملية نهب سافرة، فهي قامت بتقسيم مساحات الأرض محل النزاع في كل من (بئر فضل/ بئر أحمد/ الرباط) على النحو التالي:
• 699.53 هتكاراً؛ ما يعادل 1664.33 فداناً كأرضٍ تابعة للدولة.
• 1328.27 هتكاراً، ما يعادل 3161.28 فداناً تقريباً، منحتها لمن وصفتهم بـ”الملاك والورثة” من أبناء القبيلة.
• إضافة إلى 563.65 هتكاراً، ما يعادل 1341.77 فداناً تقريباً، منحتها لمن وصفتهم بالمستثمرين.
- و313.65 هكتاراً؛ ما يعادل 765.52 فداناً خصصتها مساحات لأراض زراعية.
ما يكشف مدى استهتار السلطة المحلية بحقوق الناس وانحيازها الكامل للمعتدين على الأراضي، هو أن من أسمتهم اللجنة بـ: الملاك والورثة، والمستثمرين، والمساحات الزراعية، جميعهم يمثلون طرفاً واحداً هو عبارة عن مجموعة من المتنفذين والتجار والمستثمرين الوهميين.
لقد أدانت لجنة مشتركة من الجهاز المركزي للرقابة والنيابة العامة، تقرير لجنة المحافظ عبدالجليل، وشككت بشرعية اللجنة، كما أكدت بطلان هذا التوزيع للأراضي، ووصفت وثائق الملكية التي استندت اللجنة إليها بـ”المشكوك فيها”.
لجنة نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، الخاصة بمعالجة قضايا الأراضي أكدت بدورها، أن الأرض تعود ملكيتها لما يقارب 45 ألف شخص دفعوا قيمتها قبل 18 عاماً وتملكوها بموجب عقود رسمية، فيما الطرف البائع لهم هي الدولة، هؤلاء الملاك أسمتهم اللجنة “المتنفعين من مدنيين وعسكريين (موظفي الدولة)”.
اللجنة المشتركة من الجهاز المركزي للرقابة والنيابة العامة، والمشكلة بقرار رئاسي صادر في أغسطس 2004، اعتبرت أن أعضاء اللجنة (لجنة منصور عبدالجليل برئاسته) قد أخلوا بواجباتهم ومقتضيات وظائفهم، الأمر الذي يوجب مساءلتهم. وأكد التقرير الصادر عن الجهاز الرقابي أن الأرض المعتدى عليها مملوكة للدولة والتي بدورها صرفت الأرض لمواطنين موظفين مدنيين وعسكريين.
أكد التقرير مخالفة السلطة المحلية برئاسة محافظ لحج السابق عبدالجليل لأحكام القانون، ومخالفة مكتب المساحة في المحافظة وقسم التوثيق في محكمة الحوطة ومحكمة الاستئناف؛ للقانون بقيامها بتوثيق قرار اللجنة ذاتها (لجنة عبدالجليل).
تورط السلطة المحلية بمحافظة لحج في عملية النهب هذه واضح، لكن توصيات تقرير الجهاز المركزي للرقابة والنيابة العامة لم تنفذ ولم تتم محاسبة هذه العملية، ومثل هذا التقرير الكثير من القرارات والتوجيهات الصادرة عما يقارب 5 لجان مركزية شكلت لمعالجة قضايا النهب المنظم للأراضي، الذي راح ضحيته الآلاف من المواطنين.
يقول محمود مثنى، وهو أحد أعضاء اللجنة التي تمثل صغار المنتفعين الذين نهبت أراضيهم: “كان الأحرى بالدولة أن تنفذ أحكاماً صادرة من المحكمة العليا للجمهورية تؤكد ملكية المنتفعين وتنفي أي حق لمن قام بالاستيلاء، بدلاً من تشكيل لجان الغرض منها التسويف والتهدئة لاحتواء المشكلة وليس حلها وردع المتنفذين”.
لجنة نائب الرئيس، المذكورة آنفاً، والتي تشكلت بقرار رئاسي ورأسها عبد ربه منصور وضمت في عضويتها عبدالقادر هلال وزير الإدارة المحلية، ويحيى دويد رئيس مصلحة أراضي وعقارات الدولة ومحافظ عدن السابق أحمد الكحلاني، واللواء عبدالله عليوة، واللواء علي محسن صالح، ذكرت في تقريرها الصادر في أغسطس العام الماضي، أن من قاموا بالاستيلاء على هذه المساحات الشاسعة في لحج وعدن، فعلوا ذلك تحت مبررات الشراء الوهمي، وبواسطة “افتعال الوثائق غير القانونية”.
وأكدت اللجنة أن المساحات المنهوبة كانت الدولة قامت بصرفها لصغار المنتفعين من مدنيين وعسكريين، وهو ما يتطابق مع تقرير الجهاز المركزي للرقابة وشكاوى المنتفعين المنهوبة أراضيهم.
وفيما أرفقت لجنة نائب الرئيس بتقريرها؛ كشفاً بأسماء مجموعة من المتنفذين وصفته بالكشف (أ) كمرحلة أولى، باعتبار هذه الأسماء تمثل كبار من قاموا بالاستيلاء على أراضي المواطنين؛ فقد أقرت القيام بحملة لإزالة الاستحداثات التي قام بها المعتدون وتثبيت أصحاب العقود الفردية السكنية وصغار الملاك، مع إحالة المعتدين للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم، لكن أي شيء من ذلك لم يحدث حتى الآن.
الأسماء التي وردت في كشف اللجنة 11 اسماً لشخصيات اعتبرتها اللجنة من كبار المعتدين على أراضي المواطنين، لكن الواقع يقول إن هناك أسماء أكبر من تلك الأسماء من حيث الشهرة في تنفيذ عمليات النهب أو من حيث المساحات التي استولوا عليها والمناصب التي يشغلونها في الدولة أو مستوى ارتباطهم وصلاتهم بأجهزة الدولة.
وحصلت “الشارع”، على بيانات رسمية أخرى بأسماء عشرات الشخصيات (أكثر من 200 اسم) ممن استولوا على أراض في عدن ولحج منذ العام 94، تصل مساحاتها لآلاف الأفدنة وعشرات الكيلومترات (المخاطر المرجحة جراء نشر هذه الأسماء.. تدفع “الشارع” إلى التحفظ).
ابتداء من 20 قطعة ووصولاً إلى 1555 ألف قطعة لكل متنفذ واحد، وكل قطعة مساحتها 20×20 متراً كحد أعلى و 15×15 متراً كحد أدنى، ذلك في ما يخص الأراضي المستولى عليها بالقطعة، وهناك أراض تم الاستيلاء عليها تقاس مساحتها بالفدان، ابتداءً بـ 50 فداناً ووصولاً إلى 3200 فدان للشخص المتنفذ الواحد.
رأي اللجنة المشتركة المشكلة من الجهاز المركزي للرقابة والنيابة العامة:
انتهت اللجنة المشتركة من الجهاز والنيابة العامة إلى القول بالرأي التالي:
2/1. إن قرار اللجنة المسماة بـ(اللجنة الخاصة بمعالجة قضية الأراضي التي يدعي العزيبة ملكيتها) الصادر بتاريخ 25/10/1998، والذي يتمسك به العزيبة ومن أسموا بالمستثمرين يعد قراراً منعدماً ولا يحوز أية حجية قانونية، وأن رئيس وأعضاء اللجنة مصدرة هذا القرار قد أخلوا بواجبات ومقتضيات وظائفهم الأمر الذي يوجب مساءلتهم.
2/2. الظاهر أن الأرض محل النزاع هي أرض مملوكة للدولة وعلى من يدعي خلاف ذلك اللجوء للقضاء.
2/3. مخالفة السلطة المحلية برئاسة محافظ محافظة لحج السابق الأخ منصور عبدالجليل عبدالرب لأحكام القانون والصلاحيات المخولة لها، وعدم قيامها بتنفيذ توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية في التعامل مع القضية محل النزاع.
• المصدر: اقتباس كامل من نص تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة..