الوضع في الحديث النبوي

[مسلم]

بسم الله الرحمان الرحيم

نظرا لانتشار نقل الأحاديث النبوية بدون تحقيق وتمحيص أو شرحها بما يخالف ماكان عليه فهم الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أحببت أن أورد بحثا كنت قدمته من زمن بعيد عن الوضع في الحديث النبوي لعل الله أن ينفعني به ومن قرأه إنه سميع قريب مجيب .

الكذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر خطير وتعمد ذلك من كبائر الذنوب توعد عليه صلى الله عليه وآله وسلم بالتبوء بالنار فقد تواتر النقل عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله ( من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري وذلك لأنه يترتب على الكذب عليه مفاسد عامة تلحق ضررا بالدين ولا تقتصر عليه لأن كل ما يتعلق به يتخذ شريعة يدان الله تعالى بها ولذا قال عليه وآله الصلاة والسلام : ( إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد ) متفق عليه ، وذهب والد إمام الحرمين الجو يني رحمه الله ومن تبعه إلى تكفيره ( أنظر كتاب الوضع في الحديث للدكتور عمر حسن فلاته 1/107) وخالفه الجمهور ومنهم وابنه أبو المعالي إمام الحرمين وعدها من هفوات والده قال الإمام أبن حجر : فيما قاله نظر لا يخفى والجمهور على أنه لا يكفر إلا إذا تعمد ذالك معتقدا حله ( أنظر فتح الباري 1/164 ـ) ورواية الحديث الموضوع بدون التحذير منه لا تجوز لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ) رواه الترمذي .
وقد أختلف في متى كان بداية الكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
فقيل بدأ في زمن النبوة وبه قال أحمد أمين ( أنظر كتاب فجر الإسلام 211) وتمسك بقصة وردت سببا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) روى هذه القصة الطحاوي وابن الجوزي رحمهما الله وهذه القصة لاتثبت لضعف راويها صالح بن حبان .
وقيل بدأ في النصف الثاني من خلافة عثمان رضي الله عنه حيث كان ابن عديس يروي حديثا فيه ذم لعثمان رضي الله عنه وهو حديث مكذوب ، وهذه القصة لم تثبت أيضا لأنها من طريق ابن لهيعة والخبر أيضا فيه انقطاع ( أنظر كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور أكرم العمري 22) .
وقيل أنه بدأ سنة أربعين عندما وضع ابن سبأ حديث ( لكل نبي وصي ووصيي علي )
(أنظر تفاصيل القصة في كتاب الخلفاء الراشدون لعبد الوهاب النجار ، وتأريخ الأمم والملوك للطبري 4/340) .
وقيل إن علامات الوضع بدات تظهر في الثلث الأخير من القرن الأول وذلك بانتهاء حرمة أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( أنظر كتاب الوضع في الحديث للدكتور عمر حسن فلاته 1/202) .
ولعل الواضح من هذه التخمينات أن زمن الفتنة التي استشهد فيها عثمان رضي الله عنه كانت مجالا خصبا للوضع لتفرق كلمة المسلمين وانشغالهم بالفتنة .

يتبع إن شاء الله تعالى ...........


( أللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين )

[مسلم]

بسم الله الرحمان الرحيم

تابع :
وفي دفاع الأمة الإسلامية عن السنة النبوية المطهرة صورة جميلة حيث كان أول من دافع عنها هو حبيبنا ورسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما حذر من الكذب عليه وبين أن الكذب عليه ليس كالكذب على الآخرين ووضح أكثر فبين أن بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع لأنه سيقع في الكذب من حيث لا يشعر وهذا في حق غير المتقن لصنعة الحديث ، وحذر من أشخاص يكونون في أخر الزمان يحدثون الناس بأشياء لا تعرف وأن الشياطين يتمثلون بصورة الرجال ويحدثون الناس بالكذب ( كما في صحيح مسلم باب النهي عن الرواية عن الضعفاء ) ومدح من يقوم على هذه الثغرة ويحفظها ويدافع عنها وهم أهل الحديث فقال : ( يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) ( شرف أصحاب الحديث أحمد بن علي البغدادي وقال الإمام أحمد بن حنبل عنه صحيح 28/29 ) ، ثم كان من بعده أل بيته الطيبين وصحابته الغر الميامين رضي الله عنهم أجمعين حيث لزموا التثبت في كل ما ينسب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقصصهم في هذا مشهورة كقصة حديث فاطمة بنت قيس في نفقة المطلقة البتة ، وحديث أبي موسى في الاستئذان ، وابن عباس مع بشير العدوي ، قال أنس بن مالك : إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا عن رسول الله صلى الله عليه آله وسلم أني سمعته يقول : (من تعمد علي كذبا .............. ) ( وينظر في هذا لموضوع مقدمة كتاب التمييز للإمام مسلم ) وتبعهم على ذالك أئمة الحديث من التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا قال ابن المبارك :الإسناد من الدين ولو الإسناد لقال من شاء ما شاء وقال ابن سيرين : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم فلينظر إلى أهل السنة فيؤخذ عنهم وينظر أهل البدعة فلا يؤخذ عنهم (شرح مسلم للنووي 1/87) وقيل لابن المبارك : هذه الأحاديث الموضوعة قال : تعيش لها الجهابذة ، وقال الدار قطني : يأهل بغداد لا تظنوا أن أحدا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا حي ( اللأليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي 2/472 ) وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول : لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب ألي من أكتب حديثا ليس عندي ( العلل لابن أبي حاتم 1/9 )

يتبع إن شاء الله تعالى ................

( اللهم صلي وسلم وبارك على محمد وآله الطيبين الطاهرين )