مؤتمر لندن : مَخرجٌ لليمن أم تكريسٌ لأزمته؟

[حد من الوادي]

مقالات الصحف
مؤتمر لندن : مَخرجٌ لليمن أم تكريسٌ لأزمته؟

د.زيد علي الفضيل الاربعاء 2010/01/27 الساعة 07:56:01

يجتمع اليوم أعضاء مؤتمر لندن بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون لمناقشة ملفيّ القضية الأفغانية، والأزمة اليمنية الحالية، التي تم استلحاقها مؤخرا جراء توتر مختلف الأحوال السياسية والأمنية، ناهيك عن تردي وسوء الأحوال الاقتصادية والإنمائية بشكل عام، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى أن ما يقارب من الـ 50% من سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، بدخل لا يتعدى دولارين للفرد في اليوم الواحد، كما أن المستقبل الاقتصادي المحلي ينذر بانهيار كبير، إذ انخفض إنتاج النفط بنسبة 70% خلال 2009م، في الوقت الذي لم تتمكن صادرات الغاز المكتشف حديثا، من تغطية ما يواجهه الاقتصاد اليمني من عجز واضح، وكل ذلك متزامن مع إمكانية تضاعف نسبة عدد السكان بشكل مطرد، ويقابله شح كبير في الموارد المائية الجوفية، وندرة موارد الاستثمار الخارجي، فرأس المال جبان كما يقال.

يجتمع المؤتمرون اليوم واليمن يشهد حالة غير مسبوقة من الانقسام الأمني والصراع المسلح في عدد من المحافظات الشمالية والجنوبية، حيث تواجه السلطة حاليا تمردا عسكريا شرسا يقوده الحوثيون في محافظة صعدة، كما تواجه السلطة تمردا سلميا آخر يتصدره قادة الحراك في المحافظات الجنوبية، وليس الأمر قاصرا على الجانب الأمني وحسب، بل هو ممتد إلى أروقة الفعل السياسي، الذي يعيش حاليا حالة غير مسبوقة أيضا من التشنج وانعدام الثقة بين حزب المؤتمر الحاكم، ومختلف الفرقاء السياسيين من أحزاب اللقاء المشترك والمستقلين، الأمر الذي كان له أكبر الأثر السلبي على أقطاب المشهد السياسي الحالي، الذين وقفوا عاجزين وغير قادرين على تفكيك عرى الأزمة، والخروج بها من عنق الزجاجة على أقل تقدير.

في حال كهذه يصبح للوقت أهميته، ويتم النظر إلى مختلف الأطروحات والمعالجات، وبخاصة الخارجية منها، بكثير اهتمام وانتباه، بل وأجزم أن كثيرا من أقطاب المشهد السياسي حاليا، باتوا مترقبين لأي مبادرة يمكن أن تساهم في تفكيك مفاصل تعقيدات ما يعيشونه من أزمة سياسية بالدرجة الرئيسة، حتى وإن تلبست بأي لباس آخر ديني أو اقتصادي . وأجزم أيضا أن أي مبادرة لن يكون لها حظها من النجاح، إذا لم يكن لأصحابها أي قبول ذهني واجتماعي ضمن أطياف المجتمع اليمني، وإذا لم تتحرَّ الدقة في ملامسة حقيقة ما يعيشه اليمن من إشكال بعد ذلك .

وواقع الحال فإن هذين الشرطين متطابقان بشكل كلي مع دول مجلس التعاون الخليجي على وجه التحديد، فجميع دول المجلس تحظى بالاحترام والقبول التام، بين مختلف أطياف المجتمع اليمني، كما أن لديها الخبراء القادرين على ملامسة جوهر أزمة اليمن الحالية، ووضع الحلول السياسية المقبولة، وتملك تلك الدول مجتمعة ومنفردة أيضا، القدرة المادية الكافية لمساعدة اليمنيين على تجاوز محنتهم الاقتصادية، وتطوير قدراتهم الإنمائية، وتلبية احتياجات مجتمعهم الأساسية، وهو ما سيكون له مردوده الإيجابي ليس على الصعيد اليمني وحسب، وإنما على دول المنطقة بأكملها، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار مقولة : أن أي تفلت للوضع في اليمن، يمثل البيئة اللازمة لازدهار تنظيم القاعدة وتحركه بحرية مطلقة بعد ذلك، وهو مكمن الخطر الحقيقي على اليمن والمنطقة بأكملها . بقي أن أقول أن المجتمع اليمني قد تميز بسماحته العجيبة، وعدم اجتراره لمختلف الموروثات السلبية حال الاتفاق على أي صلح نهائي، والأهم إدراك أفراده لخطورة تفجير أي أزمة سياسية أو قبلية بشكل عام، على اعتبار «أن الحجر من الأرض، والدم من رأس اليمني» كما يقولون، وهو ما يشكل ضمانة مستقبلية يمكن الاتكال عليها لنجاح أي مبادرة خليجية بوجه خاص.

المصدر : المدينة