![]() |
#1 |
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
|
![]() كلاكيت ثاني مرّة: أبناء الشغالات مروان الغفوري [email protected] قبل عامين من الآن كتب القيادي في المؤتمر الشعبي العام " ياسر العواضي" مقالته الشهيرة عن أبناء الشغالات. وبغض الطرف عمّا يكشفه العنوان من جذور عنصرية، يمكن تخيلها، تحكم سياقات تفكير صاحب المقال، ولا تزال تراوحُ مكانها في الثنائية الطبقية: السادة والرعية ( البهوات وأبناء الشغالات) فما يهمنا هُنا أمرٌ آخر. يمكننا طرح هذا السؤال الإجرائي: ما الذي دفع ياسر العواضي إلى كتابة هذا المقال؟ بصياغة أكثر شمولية: لماذا لم يعُد – بالمعنى العملي – ياسر العواضي من أبناء الشغالات منذ أن جادت سليقته الطبقية بالمقال المشار إليه؟ ثمّة مقترحٌ نظري للإجابة عن هذا السؤال. أشرنا في الأسبوع الفائت في مقالتنا "الجنرال في المتاهة" إلى اختطاف الدولة من قبل النظام، وتأسيس النظام لذاته من منطلقات أمنية تفترض اشتراكه الدائم في حرب بارِدة ضد الجماهير. الحرب التي تسمح - إلى أبعد مدى- بتأجيل نشوء الدولة مقابل سيادة أجهزة بديلة تناط بها إدارة مراحل الحرب والتحكم في جغرافيات الوطن. ستصبح الصورة الكلّية للنظام، عند اكتمال تأسيسه، على الشاكلة التي تخيّلها مفكّر القرن السادس عشر " إيتيان دو لابويسي" في مقالته حول العبودية الطوعية: سلاسل متوازية، كل سلسلة مكوّنة من عدد كبير من الحلقات، تنتهي كلها في يد الحاكم الفرد وتصدُر من لدنه، على نحو يجعل من غياب الفرد أو انهياره سبباً مباشراً في انهيار النظام برمّته. إنه التعريف المعجمي لمعنى البطريرك، تلك القيمة الثقافية واللاهوتية التي تتفق كل شعوب العالم المتحضر على اعتبار تفكيكها الحذِر مقدّمة فيزيائية للحياة الجديدة. وبحسبان النظام "بنية" فإن تحليلها، بغية فهمها، إلى " لابُنية" سيؤدي بنا إلى معرفة عناصرها الوظيفية: عسكر، مشائخ، مثقفين طفيليين، رجال أعمال، موظفين عموميين .. إلخ. وباتّساع البنية الاجتماعية الموازية لبنية النظام ( مدرّسين، صحفيين، أطباء، محامين، مهندسين، حرفيين، وغيرهم) فإن النظام يحاول – كما لو كان دولة بالفعل- السيطرة على هذه البنية الاجتماعية المتمدّدة عبر عناصره المفاتيح. هكذا أصبح من غير الممكن أن يُشار إلى أي مدير مدرسة، رئيس جامعة، مدير عام، قائد عسكري، وكيل محافظة، رئيس مصلحة .. إلخ خارج عن بنية هذا النظام وخادم له (بقليلٍ من الحذر: ناشطين في المؤتمر الحاكم). كما أن هذه العناصر في الغالب لاتفتأ تذكّر مرؤوسيها صباح مساء بهذه الواقعية المافوية الشمولية. ملحوظة: أتمنّى من مثقفي النظام طرح تعريف إجرائي للحكم الشمولي يبرّئ نظام الحكم في اليمن من هذه الشمولية المؤكّدة! استدراك: يصعبُ العثور، في بنية الحزب الحاكم، على أصحاب نظريات في الفكر والأخلاق، أو أطروحات نقدية، أعمال إبداعية كبيرة، مؤلفات جدليّة .. إلخ. بالطبع، دعونا هنا نستثنِ الأخ باجمال صاحب نظرية "نسف الأسقف" التي لم تكن سوى " بناء أرفف" على نحو مثير للشفقة والإحباط! مرّة أخرى: لماذا كتب "الشيخ" ياسر العواضي عن أبناء الشغالات؟ لقد كان يقصد مجموعة من العناصر الكبيرة في بنية النظام وخدمِه – ويبدو أنه كان واحداً منهم آنذاك- التي دخلت في زحمة لحْد أبي العلاء المعري، إذ يصير لحداً مراراً بفعل تزاحم الأضداد. فمما يمكن افتراضُه أن النظام قد يخون أبناءه مع أنه لا ينبغي أن يفعل. إذ من المتوقّع أن كل حلقة في سلاسل النظام المتوازية ترتبط بالمركز بنفس "النوع" من القوة، بدرجات متفاوتة بحسب الدور الوظيفي الذي تؤدّيه. بيد أنه من غير المتوقع، بالحساب المافوي العادل، أن تجد بعض العناصر الفاعلة في سلاسل النظام نفسها خارج حقول المنفعة الكبيرة التي ينبغي أن تقسم على عناصر النظام – تلك الأدوات التي يؤدي تماسكها إلى تماسكه واستمراره- بالعدل والقسطاس (عزا رئيس الجمهورية خروج محمد .ع القاضي عن الطاعة إلى عدم تمكن الأخير من قطعة مناسبة من الكعكة! أما عودته فمن المتوقع أنها حدثت عقب استحواذه على/ منحه قطعة عنصرٍ آخر، في دوّامة النظام الكبيرة. الدوامة التي يحلو لمثقفي المعارضة وصفها بالثقب الأسود.) لأجل فهم موقف ياسر العواضي في "أبناء الشغالات" يجوز استعارة تأويل السيد الرئيس لموقف القاضي من النظام. فقد ذكّر القاضي الطلبةَ اليمنيين في القاهرة بعدم جدوى الرهان على هذا النظام، قبل أن يعود بكنانة القداح لرهانه المستدام. السيد العواضي سيرفض هذا التفسير بحماس شديد فهو، كما يعتقد عن نفسه، لا يتربّح من هذا النظام، لأنه "ابن شيوخ". دعونا نتذّكر أن "المشيخة" ليست سوى وضع طبقي يفتقر إلى المشروعية الأخلاقية والقانونية التي تتفق عليها ذهنية القرن الجديد.كما أن العواضي يعتقد بصورة يقينية بأن النظام دولة وليس مجرّد " نظام"، لذا فمن المتوّقع أن كل هذا الطرح لا يعنيه في شيء. التفكيك السابق سيقودُنا إلى افتراضات فيزيائية قلقة: لكي تصبح عنصراً فاعلاً في بنية النظام عليك أن تتأكّد أولاً أنك قادر على أن تسدي معروفاً ثميناً له، من قبيل السيطرة على الجماهير والجغرافيا. عندما يبدو هذا المعروفُ أكيداً سيغدو بمقدورِك الحصول على درجة "حلقة" في سلسلة تنتهي في حوزة البطريرك. في المقابل ستحصل على المنفعة، أو فرصة المنفعة: ستصبح ثابتاً وطنيّاً، ويجوز اعتبار أفعالك التي لا تخدمُ الأمن العام "موروثاً شعبيّاً". لكن، من الحكمة أن تتذكّر أنه من الممكن تحوُّلك الرأسي أو الأفقي إلى درجة "ابن شغّالة" فيما لو خفّفت وطأك على أديم الجماهير، أو وُجد آخرون قادرون على أداء دورِك بصورة أفضل. هل يجوز القول: عند هذه النقطة الحرجة صرخ العواضي بأعلى صوته كما لو كان يريد تذكير البطاركة والكرادلة بقدرته وفاعليته؟ في صورة موازية ومشابهة: هل من الممكن أن يكون حديث "هاشم الأحمر" عقب فوزه في الانتخابات ضدّاً لإرادة الرئيس عن البديل السياسي المعارض مجرّد لون احتجاجيّ مكثّف يجلّي القدرة والفاعلية التي، ربما، تناساها كبار الكرادلة في معرض تفكيك السلاسل وإعادة تركيبها من جديد؟ دعونا نسمح لأنفسنا بطرح هذه الفرضيّة: هل يمكن أن تصبح، عند لحظة زمنية ما، علاقة التعايش بين النظام وعناصر السيطرة غير ذات موضوع؟ بمعنى آخر: هل من الممكن أن تصل هذه العلاقة إلى نقطة فقدان طاقة كمونها، وعليه: تفككها الآلي؟ من المناسب إعادة التذكير بأن القوى التي تحتفظ بكل حلقة في هذه السلاسل في مكانها الوظيفي هي قوى نفعية ماديّة. غني، كذلك، عن القول أن اقتراح أي شكل من أشكال الحكم بعيداً عن فلسفة النظام هذه هو اقتراح مرفوض بالنسبة للكرادلة والبطاركة. إذ إن نتيجته الأكيدة هي انهيار السلسلة بكل قواها وعناصرها، وهو حدثٌ لا يبدو أن أحداً قادرٌ على احتماله في هذه اللحظة من الزمن اليمني. لكن، ثمّة مقترح آخر أكثر معقولية وواقعية من اقتراحات عليا على شاكلة تعديلات دستورية تراعي المستقبل وتحترمه. ماذا عن حرمان عناصر السلسلة من فاعليتها، وبالتالي جعلها عرضة لسخط النظام ودفعه للتخلي عنها طبقاً لمعادلة التعايش التي تقع في جوهر فلسفة النظام؟ الإنهاك، إنهاك الحلقات – أو : الضغط على حامل الكُرة، بالتعبير الرياضي- يمكن أن يؤدّي إلى التفكيك الناعم والسلس لكل خطوط السيطرة الرأسيّة للنظام. مثلاً: النفخ في جمرة "الجعاشن" كفيل بجعل النظام يركل الشيخ المنصور إلى ذاكرة التاريخ. إذ من المؤكّد أن النظام لا يريد أن يدفع أثماناً باهظة نظير الحفاظ على معادلة التعايش - بينه وبين عناصره الفاعلة- قائمة. إنها، يفكر النظام، لا بد أن تستمر في الحدود الدنيا من الخسارات. هذه المرّة لن تؤدي ركلات النظام بعناصره الفاعلة – المحترقة- إلى مجلس الشورى بل إلى حركة "أبناء الشغالات". الحركة التي تتفكك بمجرد تكوينها، وفي كل مرّة فإن قوامها لن يكون أكثر من فردٍ خانته قواه، وتحوّل من الاسكندر العظيم إلى مجرّد اسكندرٍ مريض، كما حدث للشيخ شعيب الفاشق والشيخ قاسم بريه. ** في المؤتمر الصحفي الأخير للحزب الحاكم برّر نائب رئيس الوزراء " أبو راس" تعليق جماعته للحوار مع المعارضة بفكرة مدنية، هي من صميم أخلاقيات العصر الجديد، تفيد بأن "نحنُ" و"نعمل" من خلال دولة مؤسسات وليس تشكيلات [قبليّة]. وعليه فليس بمقدورهم التعاطي مع هيئة التشاور المعارضة بحسبانها كياناً قبليّاً ضدّاً للمؤسسة. قبل ذلك بأقل من ربع ساعة كان الشيخ نائب رئيس الوزراء قد ألمحَ إلى وجود دور فاعل لشخصيات " قبلية" في إنهاء صراع لم تستطع "دولة المؤسسات" أن تجد له حلّاً ولو بالخسارة. استمر منظرو دولة المؤسسات، أمام عشرات المايكرفونات، في ارتكاب مزيدٍ من التناقضات المستعصية. فقد ألمحوا، بالإضافة، إلى وجود دور آخر لتشكيلات "قبلية" تعمل على صياغة مقترحات فيما يخص المسألة الجنوبيّة. هكذا تحدّث [الشيخ] البركاني و[الشيخ] صادق أمين أبو راس و[الشيخ] عبد الكريم الإرياني (متخفّ في بدلة دكتور) عن دولة مؤسسات متخيّلة، لو وجِدت لساعة واحدة لقالت لهم: إن الحياة الجديدة لا يمكن أن تُبنى بنُظم قديمة. ولَدَفعت الشيخ المتحذلق إلى آخر الصفوف، وإلى الأبد.! المصدر أونلاين |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|