(رأي) في ذكرى الميلاد .. الانطلاقة .. علي الكثيري

[سلامي لحضرموت]

(رأي) في ذكرى الميلاد .. الانطلاقة ..

علي الكثيري

الخميس , 29 أبريل 2010 م
لم يكن يوم 29 ابريل عام 1951م يوما عاديا عابرا في تاريخ أبناء الجنوب بصفة خاصة ، وأبناء اليمن عموما ، ذلك انه اليوم الذي أرخ لأول انبثاقه للحركة الوطنية ذات الأفاق التحررية في جنوب شبه الجزيرة العربية ، وهي الانبثاقة التي أسست لانطلاق مواكب النضال الوطني الجامعة لأبناء الجنوب الممزق بين أكثر من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة ، والموحدة لأهدافهم الوطنية المتمثلة في التحرر من ربقة الاحتلال البريطاني الغاشم ، والخلاص من حالة التشرذم والتفتت ، وتحقيق وحدة الجنوب – أرضا وإنسانا – على طريق انجاز وحدة اليمن الطبيعية ، فضلا عن انتزاع الاستقلال والسيادة ، وامتلاك حق تقرير المصير ، والانعتاق من براثن الثالوث الرهيب ( الجهل والفقر والمرض ) .
نعم ، في ذلك اليوم التاريخي المجيد قبل تسعة وخمسين عاما من أيامنا هذا ، كان الإعلان في مدينة النور ( عدن ) ، عن تأسيس حزب ( رابطة أبناء الجنوب العربي ) ، على أيدي كوكبة نيرة من الرجال الأتقياء الأنقياء الذين امتلكوا من العلم والوعي والبسالة والرؤى الناضجة السديدة ، ما مكنهم بجدارة من التأسيس لتحول تاريخي في مسارات كفاح أبناء الجنوب باتجاه دحر جحافل الاحتلال البريطاني ، وهو التحول الأهم الذي استشعر المستعمر خطورته على وجوده وسياساته واستمرار اغتصابه للجنوب ، ما أدى به إلى إطلاق العنان لترسانته العسكرية وإدارته القمعية لشن حملاتها العسكرية والأمنية العنيفة والدامية الهادفة اجتثاث الانطلاقة التاريخية للحركة الوطنية التحررية ، التي تعاظم مدها في مختلف أرجاء الجنوب ، وتصاعد فعلها النضالي المسلح والسلمي من أقصى قمم الضالع وردفان ويافع والصبيحة ودثينة وبيحان والعوالق ، إلى أقصى بلدات المهرة ووديان حضرموت وهضابها ، ومن شوارع عدن والشيخ عثمان والتواهي ، إلى ميادين المكلا وحوطة لحج وسيئون ، فلم يكن بطش المستعمر وهجماته الحربية ، وحملات التنكيل والقمع والنفي التي تواصلت واشتدت فظاعتها ، الا باعثة لمتواليات لا تنقطع من المآثر والملاحم النضالية التي تدافعت مواكب أبناء الجنوب لتسطيرها فكان لها الأثر في زلزلة قواعد الاحتلال ودوائره ، والتعجيل بهزيمته وامتثاله لقرارات الأمم المتحدة ، التي كافح وناضل رواد الحركة الوطنية سياسيا ومن خلال كافة المحافل العربية والقارية والدولية لانتزاعها ، والتي ألزمت الاستعمار البريطاني بإنهاء احتلاله للجنوب وتمكين شعبنا من استقلاله وسيادته وتقرير مصيره .
اليوم وفي حضرة الذكرى التاسعة والخمسين لإعلان حزب رابطة أبناء الجنوب العربي – سابقا – رابطة أبناء اليمن ( رأي ) – حاليا – المدرسة الأولى للحركة الوطنية التحررية في جنوب الوطن ، تتعزز الحاجة لإعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية اليمنية ، على نحو يتسم بالمنهجية العلمية وبعيدا عن مفاعيل التزييف والاختزال والمغالطة والتشويه ، التي ظلت تحكم الكتابة الرسمية لمراحل ذلك التاريخ، وبموازرة ذلك فأن الرواد المؤسسين الأوائل للمدرسة السياسية الوطنية الرابطية ومناضليها الذين تشهد مدائن الجنوب وجباله وسهوله ، لهم بالزيادة في الانطلاق بمواكب النضال التحرري ، وبالبسالة في منازلة جحافل الاحتلال ، بحاجة لرد الاعتبار والتكريم المستحق ووضع حد قاطع لكل ذلك الظلم والجحود والانتقاص والتغييب ، الذي استهدفت المدرسة الرابطية وروادها وتاريخها وأدوارها الوطنية على امتداد العقود الستة الماضية ، ولا يزال هناك من يصر على فرضها ومواصلة شنها ، في وقت تتدفق المتغيرات والتطورات المحتدمة اليوم ، بكل ما يجسد حقيقة ان ما حملته المدرسة الرابطية منذ فجر انطلاقتها ، كان ولا يزال ( المشروع ) الأنضج والأمثل الذي من شأن تفعيله الانطلاق باليمن في رحاب الاستقرار والنماء والنهوض الشامل ، وتجنيبها – أرضا وبشرا – ما ظلت ممحوقة به من انهيارات وأزمات ودورات عنف وانكسارات وما يتهددها اليوم من فشل وتمزق وصراعات ..

.. طوبى لحزب لم تزده هجمات القمع والتنكيل والإلغاء ، الا تعملقا وتجددا وألقا ..
.. ورحم الله رموزه الخالدين من الرواد المؤسسين الذين صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه ..

كامل الحقوق محفوظة لصحيفة دمون
تصميم مركز رؤى للإنتاج الثقافي والإعلامي