![]() |
#1 |
حال جديد
|
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
مثوب موضع النزول الفارسي في حضرموت بحث وتحقيق عن الموقع ولمحات عن التاريخ مثوب .. اسم يرن صداه في صيوان أذن كل قارئ للتاريخ العربي القديم و بالأخص من قرأ كتابي : (مروج الذهب) للمسعودي و (الروض المعطار) للحميري .. فربما استوقفه الإسم و استفهم عنه معنىً و موقعاً و...إلخ . فيأتي هذا البحث ليدلو بدلوه في خضم هذا المجال و ربما ليجيب عن كثير من التساؤلات ، وربما يشحذ همم المهتمين و المثقفين ليكون لهم شعلة لبث الحماس فيهم واستيفاء النقاط الأخرى التي لم يتعمق فيها هذا البحث . هل نزلت الحملة الفارسية بحضرموت؟ يذكر المسعودي أن النزول الفارسي كان بمثوب من ساحل حضرموت ، ويوافقه الحميري في الروض المعطار ، أما الطبري فقد ساق في كتابه روايتين الأول ترى أن الفرس خرجوا "حتى إذا لججوا في البحر غرقت من السفن سفينتان بما فيهما فخلص إلى ساحل اليمن من أرض عدن ست سفائن فيهن ستمائة رجل فيهم وهرز وسيف بن ذي يزن" [تاريخ الطبري] وأما الرواية الثانية فيرى فيها "فركبوا البحر فغرقت من الثماني السفن سفينتان وسلمت ست فخرجوا بساحل حضرموت".. فنجد أن هذه الرواية – الثانية – يوافق فيها المؤرخين الآخرين..فيرجح أن النزول لم يكن بعدن ولكن كان على ساحل حضرموت ، و يمكن إيعاز ذلك إلى وجود الحاميات الحبشية حوالي عدن ، فـ"مرور الحملة بميناء عدن وباب المندب يعني مرورهما بين نارين القوة الحبشية على الشاطئ اليمني ، والأخرى بالشاطئ الإفريقي ، و أقل مايوصف به قائد الحملة الفارسية إن فعل ذلك بأنه مغامر أحمق قصير النظر." [الملاحي : الفرس في أرض اللبان ، آفاق العدد6، 1983م] البحث عن الموقع : ليس البحث في الموقع بالأمر السهل فساحل حضرموت ساحل طويل جداً ، ونجده أطول عندما نتحدث عن فترة القرن السادس الميلادي فترة مملكة حضرموت خلال السيطرة الحميرية .. ولما كان عدم وجود ميناء حضرمي يعرف بهذا الإسم ؛ فإن من الإستحالة أن نخمن أو نظن في كون ماهو الميناء الحضرمي الذي عرف بمثوب .. لأن تلك الموانئ تتفاوت بين شهرتها ونشاطها وخمولها .. فهناك موانئ المكلا والشحر وشرمة و قصيعر والمصينعة و غيرها ؛ تتفاوت في نشاطها.. لذا كان لا بد من إقامة البحث والتحري والتحقيق لمعرفة تحديد الموقع مثوب ... بحسب معلومات لإحصائية بحثية قمت بها على معمرين وشيوخ حول الحصيلة المعرفية عن موقع مثوب، فإن العينات التي دخلت الإحصائية لا تعرف موقعاً يسمى مثوب .. ما زاد من استعصاء معرفة موقع مثوب .. فكيف للباحث معرفته ؟! .. ولو عدنا للمدونات والدراسات السابقة هل توصلت الدراسات إلى الالتقاء بشخص من سابقينا يعرف موقع مثوب ..؟! نعم هذا ما أبانته دراسة الأستاذ الملاحي (عن الختان في المشقاص) فيذكر الملاحي أن أحد معمري آل بازياد في 1987م، أفاده أنه علم من المعمر عمرو بن سعيد بلقور الجمحي بأن مزرعة المعمر بلقور في قرية مهينم وكما تبين وثائقها تسمى مثوب .. هذه المزرعة التي نتحدث عنها تبعد عن ميناء القرين مقدار ميل واحد تقريباً وتقرب من قرية المخرج التاريخية ما يفيد بأهمية و إستراتيجية موقع هذه المزرعة .. لقرب هذه المزرعة من الميناء التاريخي الشهير القرين وقرية المخرج التي احتضنت السكنى في فترات قديمة فإن المدقق و الممحص في هذا سيستشف وجود خصوصية جغرافية وتاريخية للموقع .. هذه الخصوصية توحي بأن هذا المثلث (قصيعر ، المخرج(والقرين) ، مهينم) كان موقعاً مخضرماً كبير المساحة وأنه كان بلد مهم .. ونقول بلد بثقة .. خاصة بعد ما تأكد لنا ، وبعد ما ذكره ياقوت الحموي بأن مثوب بلد باليمن .. و بالربط بين المعلومات والمعطيات السابقة فإننا نميل – كما مال الباحث الملاحي – إلى أن هذا المثلث كان هو نفسه المعروف بمثوب في القرن السادس الميلادي وقروناً لاحقة. و مما يعزز ما ذهبنا إليه انتشار الحصون و القلاع التي كان يسيطر عليها الفرس كحصون شقبون وشروان وغيرها ، الأمر الذي يؤكد ارتباط الفرس بالميناء و قد كانت لهم جالية في المخرج (أحد أجزاء الموقع). و كذلك اقتراب مزرعة مثوب من موقع المعلم البحري الشهير رأس المرزبان - باغشوة - والذي توجد عليه قلعة تراقب الخط التجاري البحري يفيد أن الموقع مثوب كان تحت السيطرة الفارسية . و إضافة إلى ماسبق فإن من الدلائل التي تبرهن أن مثوب هي مهينم و قصيعر : المرويات الشعبية التي كانت " تكرر و تردد الحديث عن الفرس ومقاتلهم في ميناء قصيعر وما حواليه من مواضع [مشقاصية]" على حد تعبير الباحث الملاحي .. بعد هذا أجدني أنساق إلى الإعتقاد بكونية وقوع مثوب القديمة في موقع مثلث (قصيعر – المخرج – مهينم) ، والمثلث بحد ذاته موقعاً استراتيجياً ومهماً ، وهذا يؤيد أن مثوب كانت ميناء مهماً استقطب الفرس للنزول في مراسيه . و لربما خطر على البال سؤالاً وهو لماذا لم يحتفظ هذا المثلث بمسمى مثوب ؟ ونقول إن ذلك كان لأسباب طرأت في تاريخ مجهول على موقع هذا المثلث الأمر الذي قنط من الإطلاقة العامة لمثوب ، وحصرها في موقع هذه المزرعة في مهينم ... ونحن نحمد الله أن حفظ لنا هذه التسمية ، وإلا لكنا لا نستطيع القطع بتحديد الموقع ولظللنا في حيرة من أمرنا ، فمسمى المزرعة هو الشاهد الوحيد على وقوع مثوب في الموقع المشار إليه. لمحات عن التاريخ : أقدم حادثة ذكرها التاريخ لمثوب كانت في القرن السادس للميلاد .. وكانت تحكي نزول الفرس بمثوب .. وهؤلاء الفرس كان قد استجلبهم سيف بن ذي يزن لإجلاء الحبشة عن اليمن ومساعدته في استرداد ملك آبائه .. و هنا نفسح المجال للمؤرخ المسعودي ليحكي لنا تفاصيل الحكاية : (( فركبوا البحر[يقصد الفرس] حتى أتوا ساحل حضرموت بموضع يقال له مثوب فخرجوا من السفن وكان قد أصيب بعضهم في البحر، فأمرهم وهرز[قائدالحملة] أن يحرقوا السفن ليعلموا أنه الموت ولايوجه يؤملون المفر إليه.. وفي ذلك يقول رجل من حضرموت : أصبح في مَثْوَب ألْفٌ في الجُنَنْ ... من رهط ساسان ورهط مهرسن ليخرجوا السودان من أرض اليمن ... دلهمُ قَصد السبيل ذويزَن )). وهكذا نزل الفرس في مثوب وساروا براً حتى إلتقاهم مسروق بن أبرهة الحبشي وانتصروا إليه .. وبعد الانتصار تم تنصيب سيف بن ذي يزن ملكاً على اليمن وبسط نفوذه على حضرموت والشحر .. والشحر هذه هي الساحل الحضرمي والمهري أي الساحل الممتد من عدن إلى عمان ... و لابد أنه استولى أيضاً على ميناء مثوب - قصيعر - .. غير إن سيف بن ذي يزن قتل على يد الأحباش .. ثم تولى بعده الحكم الأمير الفارسي وهرز الديلمي .. ونجد اليوم حصوناً وقلاعاً بالمشقاص مثل : حصن شقبون و شروان وسول وحصن تنشوه وحصن حلفون .. هذه الحصون يحكي العامة والخاصة أنها تعود لملكية الفرس إبان حكمهم لأجزاء من حضرموت .. و لا نستبعد أن بناء هذه الحصون كان من عهد حكم وهرز الذي ملك بعد سيف بن ذي يزن .. كما إن هذا الحكم الفارسي للمشقاص لم يستمر طويلاً ، فقامت ثورات و انتفاضات جماعية وفردية منها مقاومة البطل المعبري بوعنك ذو السيف الباتر القاطع الذي فلق به صخرة أمام بيته ظناً منه أنها عدو فارسي يخدعه .. كما إن الإجلاء التام للفرس من معبر كان بحيلة تشبه الحيلة التي أسقطت بها قلعة تدمر .. إذ يروون أن أهل معبر القدامى أحضروا قافلة ووضعوا في أكياسها رجالاً ثم غطوهم على أنهم قافلة أباعر ، فدخلوا بالقافلة المزعومة إلى حصن شروان لتتم جمركتها .. ويقال أنهم لما دخلوا تسآل أحد الفرس مستغرباً من ثقل القافلة فقيل له أنها محملة بطعام شغل الحافة ... فلما واجهت القافلة الحاكم خرج الرجال من الأكياس وقتلوا الحاكم وجنوده .. وهكذا تم إجلاء الفرس في مفهوم المخيلة الشعبية التي ترسبت عبر أربعة عشر قرناً اختلطت فيها الأسطورة بالحقيقة التاريخية و أضحت تلك الحقيقة أقرب إلى الأسطورة مضموناً و مفهوماً.. وبعد هذا السرد لنا أن نتساءل .. هل أحكم الفرس سيطرتهم على ميناء مثوب ..؟! لاسيما أن الفرس قد تملكوا مهينم القريبة من الميناء ..؟! والحقيقة أنه ليس لنا الحق في الإجابة على هذا التساؤل .. لعدم وجود الأدلة الأكيدة سواء الموثقة كتابياً أو المروية شفهياً ... وفي تاريخ سابق من عهود العصر الإسلامي كانت فصيلة بيت عبيد الحمومية تزرع منطقة مهينم و مثوب كما يذكر المعمرون في المشقاص .. غير إن هذه الفصيلة الحمومية انحسرت عن زراعة مثوب و مهينم لسبب يرجعه رواة من الجامحة إلى أن ثعين هي من دحر هذه الفصيلة الحمومية وسيطرت على مهينم .. ولكن بعض الرواة من بيت عبيد يفيدون أن الجامحة انتزعوا مهينم منهم ، ويذكرون أن ذلك الإنتزاع تم عبر حيلة .. ولو رجعنا إلى الوثائق والمدونات التاريخية لوجدنا أنه في عام 1046هـ كان الصريري يشاطر العبيدي البقعة الممتدة من عسدالفاية وحتى بشار .. والصريري هو باصريرة من الجامحة كان له من مثوب وحدود عسد الفاية غرباً إلى جزء من مهينم و العبيدي له من جزء مهينم و خميقة وحتى بشار وفي الحقيقة أنه كان لبيت عبيد أراضي مثوب وخميقة ومهينم كلها ، ويبدو أن الصريري قد انتزعها من العبيدي ، إذ يذكر أنه كانت هناك نزاعات بين الصريري والعبيدي على الأرض وفي العام المذكور 1046هـ فصلت إحدى النزاعات عبر حكام من ثعين وغيرهم. وفي تاريخ غير معروف اندثر مسمى مثوب وانحسر عن مثلث (قصيعر- المخرج- مهينم) ، لينحصر في مزرعة صغيرة في احد أجزاء المثلث .. ولعل من الأسباب الحروبات وربما الكوارث الطبيعية التي أرغمت سكان الميناء على مهاجرته ، وبالتالي مهاجرة المسمى معهم أو انحصاره في مزرعة في مهينم ..! وفي الختام أتمنى من الله العزيز الحكيم ان يكون قد وفقني وسدد خطاي في هذا البحث ، وقادني إلى الطريق الصحيح ، وإن أصبت فمن عند الله ، وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين . %%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%% المراجع والمصادر : - مروج الذهب ومعادن الجوهر .. للمؤرخ أبي الحسن المسعودي - معجم البلدان .. للعالم ياقوت الحموي - الدلالات الإجتماعية واللغوية والثقافية لمهرجانات ختان صبيان قبائل المشقاص ثعين والحموم .. للباحث عبد الرحمن الملاحي .. - تاريخ الطبري لابن جرير الطبري. - مدونات و أبحاث قيد الإعداد لكاتب المقال .. - بحث ثعين الأصل و الموقع والوقائع..بحث للشيخ كرامة بن عمرو بن حمادة أورد فيه معلومات عن وثيقة 1046هـ - بعض الرواة الشعبيين. &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&7 تحياتي |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|