سبع نصائح (فات أوانها) للمحتل للنجاة من مستنقع العراق

[الدكتور أحمد باذيب]

سبع نصائح (فات أوانها) للمحتل للنجاة من مستنقع العراق
د. عبدالوهاب الافندي

27/10/2006

(1)
قبل أكثر من ثلاث سنوات طلبت مني صحيفة بريطانية أن أكتب مقالاً، فسطرت كلمات قليلة حول التورط البريطاني الأمريكي في العراق تحت عنوان سبع نصائح لتجنب الغوص في المستنقع العراقي . الصحيفة قررت ألا تنشر المقال، وسأترك للقارئ أن يقدر السبب من الملخص أدناه.
(2)
النصيحة الأولي: تأكد من حمل خريطة دقيقة والتحرك بحذر. فالعراق حقل ألغام من نقاط الانفجار المحتملة. فاذا كانت خريطتك تقول: اذا كان كردياً فهو طيب، واذا كان شيعياً فهو مثير للريبة ولكنه مأمون حالياً، أما اذا كان سنياً فهو شرير، فان عليك أن تقذف بهذه الخريطة بعيداً وتبدأ من نقطة الصفر. ذلك أن كل جماعة في العراق تعيد حساباتها يومياً في ظل المتغيرات وما تعتقد أن الآخرين يخططون له.
(3)
أظهر قدراً كبيراً من الحساسية، وان كانت هذه النصيحة تأتي متأخرة للجنود البريطانيين الذين قتلوا في المجر الكبير. ولكن السهولة التي يمكن بها تفجير الأوضاع تعني أن أي صورة أخري لحذاء جندي أمريكي علي رقبة مواطن عراقي، أو أي زيارة ليلية للتفتيش في مخادع العوائل، ستؤدي الي مفاجأة البعض بقيام الجمهورية الاسلامية في العراق قبل أن يستطيع المرء النطق بدعوة: ياالهي!
(4)
ابتسم للجيران. فحين تنتقل الي حي جديد يكثر فيه الفتوات، فانه من الحكمة ألا تتعامل بقسوة مع أهل البيت أو الجيران. ومن الحكمة أكثر اذا كنت منهمكاً في ضرب شركائك في السكن ألا تصيح في جيرانك من النافذة: الدور عليك بعد قليل أيها الوغد. واذا فعلت فلا تندهش حين ينهال الطوب علي نافذتك من كل حدب وصوب.
(5)
لا تكن طموحاً أكثر من اللازم. اجعل قصاري همك تشكيل حكومة عراقية تمثل الاجماع العراقي واستعد للرحيل بسرعة. احذر من محاولة الهندسة السياسية والاجتماعية، ولا تحاول الانتقاء والعزل ولا تحلم بتغيير الأمور، والا فان العاصفة ستكتسحك قبل أن تكمل نصف المهمة. ليكن همك تشكيل حكومة تمثل واقع العراق كماهو لا كما تتمني أن يكون.
(6)
لا تكن غبياً. واذا كان البعض يحلم بأن يكون احتلال العراق الخطوة الأولي في اعادة صياغة المنطقة في صورة أمريكا، فان عليهم أن يتذكروا بأن هذه المنطقة ظلت تتمتع بوجودها الحضاري المستقل حين كانت أمريكا صحراء جرداء، وستبقي كذلك علي الأرجح بعد أن تتحول أمريكا الي صحراء من جديد. فليعرف كل حدود قدراته.
(7)
اعرف متي تطلق ساقيك للريح. لا تنتظر حتي تخسر 58 ألف جندي قبل أن تقرر الرحيل. شخصياً أعتقد أن أوان الرحيل يجب أن يحل بعد خسارة خمسئة جندي. أما أي قائد يقررالبقاء بعد خسارة أكثر من ألفي جندي لا بد أن يكون به مس من الجنون.
(8)
القوم، كما قال الشاعر، لم يستبينوا النصح الا ضحي الغد. وبعضهم ما زال حتي بعد العصر في حالة من العمي. ويبدو أنه قد كتب علينا أن نقدم النصائح غير المرغوب فيها وغير المستفاد منها.