09-05-2009, 11:27 PM
|
#1
|
حال متالّق
|
شيخ القبيلة الذي منح نفسه رتبة اللواء
كل عام وانتم بخير
عطفا على موضوع الأخ عاشق الجوهرة الذي نقل فيه بعض من مذكرات احد العراقيين بشمال اليمن
فيما يلي نقل من كتاب "حياة في الإدارة" للأستاذ السعودي غازي القصيبي
سكن الجانب السعودي في اللجنة عمارة صغيرة في صنعاء تقع في شارع الشهيد علي عبدالمغني. سرعان ماتبين أن الأوضاع الأمنية المضطربة في العاصمة جعلت من السكن إقامة جبرية – مايسمى في السعودية الدارجة "حبس الحشمة" – لا نغادرها إلا تحت حراسة مشددة. ذهبنا مرتين أو ثلاث مرات إلى دار سينما قرب المنزل ثم أمتنعنا عن الذهاب عندما تعرضت الدار لهجوم بالقنابل (لا يدري أحد منا حتى هذه اللحظة ، هل كان للهجوم علاقة بوجودنا أو برداءة الأفلام المعروضة ). زاد في تعقيد حياتنا تلك العلاقة الغريبة بين الحكومة اليمنية وبين قيادة الجيش المصري.
من الناحية النظرية كانت السيادة التامة للحكومة اليمنية ، من الناحية الفعلية لم يكن بوسع الحكومة اليمنية إتخاذ أي قرار ذي شأن دون الرجوع إلى قيادة الجيش المصري، وهكذا كان على لجنة السلام أن تتعامل لا مع الحكومتين المصرية و السعودية فحسب، بل بالإضافة إليهما مع حكومة صنعاء و مع الجانب الملكي ومع قيادة الجيش المصري (التي لم تكن آراؤها تتفق دائما مع آراء القاهرة ! )
كانت المهمة تتطلب صبرا لا حدود له وقد أتقنا جميعا تلك الأيام مهنة الصبر. كانت الوسائل التي لجأنا إليها لا تخلو من طرافة وعندما أكتب كتابا عن الطرائف فسوف يكون لتلك الأيام نصيب لا بأس به من الكتاب.
كان أوسعنا صبرا عبدالله السديري أذكر في هذا المجال كيف أتقن التعامل مع نظيره المصري الفريق محمد فريد سلامه رحمه الله.
كان الفريق عسكريا من الطراز التقليدي وقد سبق له أن درس الرئيس جمال عبدالناصر في الكلية الحربية. كان بالعقلية العسكرية الخالصة لا يرى إلا العدو أو الصديق و الأسود أو الأبيض و احتاج عبدالله إلى كل ذخيرته من عتاد الصبر في التعامل معه.
أكتفي بقصة واحدة.
كان هناك جبل بالقرب من صنعاء تسيطر عليه قبيلة تنتمي إلى الجانب الملكي. كان من مهمة اللجنة تسهيل تبادل الأسرى، وكانت تلك القبيلة تحتفظ بعدد من الجنود الأسرى المصريين. بدأنا التخاطب مع شيخ القبيلة لإنهاء موضوع الأسرى.
كانت المشكلة أن شيخ القبيلة الذي خاض عدة معارك إستعذب الأسلوب العسكري فقرر أن يمنح نفسه رتبة عقيد وكان يرقي نفسه بين الحين والحين حتى وصل إلى رتبة لواء في الوقت الذي بدأت فيه لجنة السلام ممارسة أعمالها. أرسلنا رسالة إلى شيخ القبيلة وكانت معنونة إلى "الشيخ فلان". إلا أن الشيخ أصر على رفض الرسالة مالم تكن موجهة إلى "اللواء فلان". أتفقنا عبدالله وأنا أن المهمة الأنسانية التي نحن بصددها تبيح لنا تسمية الشيخ بأي رتبة عسكرية يختارها. إلا أن الفريق محمد فريد سلامة رفض وبإصرار أن يمنح إنسانا لم يدخل الكلية الحربية لقب لواء. بعد جهد جهيد تمكن عبدالله من إقناعه أن الغاية النبيلة تبرر الوسيلة ووافق بإمتعاض واضح على توقيع الرسالة إلى "اللواء".
لا بدأن أذكر للتاريخ أن "اللواء" لقي مصرعه بعد ذلك في معركة حربية .
لا أدري بأي رتبة مات وإن كنت لا أستبعد أن تكون رتبة المشير
ولياليكم مباركة حلان السقيفة
|
|
|
|
|