حضرموت رؤية لمستقبل حضرموت (3): خارطة طريق لحضرموت

[حد من الوادي]

رؤية لمستقبل حضرموت (3): خارطة طريق لحضرموت

المكلا اليوم / كتب: المهندس بدر باسلمه29/4/2011

استعرضنا في المقالة السابقة البدائل المتاحة والممكنة للمستقبل السياسي القادم لليمن وقد توصلنا الى خمسة احتمالات :

البديل الاول : دولة اتحادية فدرالية : تنشأ هذه الدولة من اتحاد دولتين ( شمال اليمن و جنوب اليمن ) وعلى ان يتم تطبيق النظام الفدرالي نطاق كل دولة. ستكون هناك حكومة مركزية اتحادية مشكلة من الدولتين تمتلك صلاحيات محدودة .

البديل الثاني : دولة فدرالية مركزية : تقسم اليمن الى مجموعة أقاليم ( ولايات ) من المرجح ان تكون بين 4-5 أقاليم. تكون الدولة الفدرالية المركزية في هذا البديل قوية وتختص لنفسها بالكثير من الصلاحيات .

البديل الثالث : انفصال الجنوب ( فك الارتباط ) : ينادي جزء كبير من ابناء الجنوب بفك الارتباط مع شمال اليمن نتيجة للتهميش ونهب ثرواتهم من قبل متنفذي السلطة في شمال اليمن .

البديل الرابع : الابقاء على النظام السياسي الحالي مع مزيد من الاصلاحات والصلاحيات للمحافظات : هناك تيار كبير من ابناء المحافظات الشمالية يتحمسون لهذا البديل بحجة المحافظة على الوحدة وأن طريق الفدرالية هو بداية الطريق لا نهاء الوحدة.

البديل الخامس : انفصال حضرموت : يمثل تكوين دولة منفصلة لحضرموت حلم ازلي لأبناء حضرموت وخاصة لتعرضهم في العقود السابقة الى التهميش والاستغلال لثرواتهم ...

كما تم التطرق الى فرص نجاح كل بديل وفق للمرئيات الحالية وقد عملنا على ترتيبها مع الاشارة الى امكانية ان يتغير ترتيب البدائل حسب استعدادات القوة الدافعة لكل بديل ونشاطها وحججها وقدرتها على تغيير مواقف القوى الاقليمية والدولية.

المجموعة الاولى ( الاوفر حظا ) : فالاتجاهات التي تلقى اكثر ترحيبا في الوقت الراهن هو البديل الثاني ( فدرالية مركزية ) مع فرصة ممكنة كبيرة للبديل الاول ( اتحادية فدرالية ) وذلك يعتمد على قدرة القيادات الجنوبية على تحقيق وحدة الصف الجنوبي وكسب التأييد الاقليمي والدولي لقضيتهم.

المجموعة الثانية ( الحظ المتوسط ): البديل الرابع ( بقاء النظام مع زيادة الاصلاحات والصلاحيات للمحافظات وهو البديل المفضل لأبناء المحافظات الشمالية

المجموعة الثالثة ( الاقل حظا ) : البديل الثالث ( انفصال الجنوب ) حلم الجنوبيين و البديل الخامس ( انفصال حضرموت ) حلم الحضارمة , البديل الثالث اوفر حظا من تحقيق البديل الخامس الذي لازال وسيضل حلما للحضارمة لحاجته الى توفر الكثير من العوامل الداخلية في حضرموت والتهيئة المحلية والاقليمية والدولية لتبني هذا البديل.


مبادئ تحديد خارطة الطريق

كيف تختار حضرموت مسارها على خارطة الطريق للبدائل السياسية للوصول الى هدفها ؟ للإجابة عن هذا السؤال هناك ضرورة لتحديد اولا الهدف الذي نريد ان نصل اليه وثانيا المبادئ التي يجب ان نتقيد بها لتوصلنا الى تحقيق هذا الهدف.

الهدف العام لحضرموت : أن تستقل حضرموت بحكومتها وأن تمتلك الحرية الكاملة في ادارة مواردها وثرواتها وان يكون لها دور بارز ورائد في صنع التاريخ القادم. حيث يمكن من صياغة الهدف العام استخلاص هدفين واضحين هما : 1) حكومة مستقلة تمتلك وتدير مواردها 2) تواجد سياسي واقتصادي بارز في صنع المرحلة المقبلة.

المبادئ العامة للسير على خارطة الطريق : من الاهمية بمكان وضع مبادئ عامة لتحديد السير على خارطة الطريق , فهي من جانب تساعد القيادة الحضرمية على تلمس طريقها بالاعتماد على هذه المبادئ وعدم الانحراف عن المسار والذي سيؤدي الى عدم الوصول الى الهدف العام , كما ان المبادئ في المقابل توضح للطرف الاخر حدود التحاور والتفاوض في الطرق المؤدية للهدف العام وهي بذلك تعمل على عدم اضاعة الوقت والجهد وتجنب التشتت. والمبادئ هي :

1. حضرموت ارض سلام وتنمية وتسعى الى مواصلة رسالتها في خدمة العالم الاسلامي والعربي وتمد يد التعاون مع الجميع على اساس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.

2. ترفض حضرموت بقاء الاوضاع على ما هي علية واستمرارية نهب ثرواتها.. يجب ان تمتلك حضرموت سلطتها الكاملة على ثرواتها.

3. ترفض حضرموت التهميش لأبنائها وأن يكون لها في أي ترتيبات مستقبلية مكانة لائقة بها على المستوى السياسي والاقتصادي يوازي حجم الدور التنموي الذي تساهم به.

4. يجب ان تمتلك حضرموت جيشها وامنها الخاص بها للدفاع عن ابنائها وسيادة ارضها

خارطة الطريق هي الخطوات والشروط التي يجب ان تتبعها حضرموت لتحقيق الهدف العام لها مع مراعاتها للمبادئ العامة المتفق عليها مع غالبية ابناء شعبها.


التهيئة للبدء بالحركة على خارطة الطريق

للانطلاق على خارطة الطريق يجب اولا تهيئة المجمع الحضرمي لمواجهة العوائق والصعوبات التي ستكون على الطريق.. الاتفاق والالتفاف حول مرجعية حضرمية والاجماع حول الرؤية وخارطة الطريق وثانيا تحديد المسارات المختلفة للوصول الى الهدف العام في نهاية خارطة الطريق.

أولا : الشرط الرئيسي لنجاح تنفيذ خارطة الطريق والوصول الى الهدف يعتمد على تحقيق الاتي :

1. توفر القيادة الملهمة التي تستطيع ان تلهب حماس ابناء حضرموت في التحدي لتحقيق رؤيتهم. ليس شرطا ان تكون القيادة في المرحلة الاولى شخصا بل يمكن ان تكون مؤسسة او مجلس يتمكن من تامين التفاف الحضارمة حوله وثقتهم في رؤيته ومواقفه وخارطة الطريق.

2. تعزيز الجبهة الداخلية لا بناء حضرموت والتفافهم حول مرجعتيهم و خارطة الطريق , ايمانهم بها وانها ستتحقق يوما ..

ثانيا : تحديد مسارات خارطة الطريق

عند وضع خطة ( خارطة طريق ) للوصول الى تحقيق هدف يجب التفكير بالطرق المختلفة المؤدية الى الهدف المنشود, بعض الطرق قد تكون طويلة ولكنها آمنه, بينما اخرى قصيرة ولكنها قد تكون خطرة تعرضنا لمخاطر عدم الوصول الى الهدف وتحتاج منا الى مزيد من الاعداد والتهيئة لمصاعبها ومخاطرها.

وللوصول الى الهدف العام وهو استقلال حضرموت ومع مراعاة لمدى جاهزية المجتمع الحضرمي والقوى الفاعلة والمخاطر المحلية والاقليمية والدولية يمكن رسم مسارات مختلفة لخارطة طريق حضرموت :

المسار الاول : المسار السريع ( الاكثر كلفة ) : الانفصال وانشاء دولة حضرموت

يمثل تكوين دولة منفصلة لحضرموت حلم ازلي لأبناء حضرموت وخاصة لتعرضهم في العقود السابقة الى التهميش والاستغلال لثرواتهم ..الا ان هذا المسار السريع يكتنفه الكثير من الصعوبات التي تحد من امكانية نجاحة حتى مع دفع الكلفة الكبيرة من ابناء حضرموت لتحقيقه. هناك صعوبات كبيرة وكثيرة تواجه تحقيق هذا الحلم الحضرمي واولها عدم استعداد الحضارمة بعد للنضال من اجل هذا الحلم.. ففي الوقت الراهن تعتبر حضرموت البقرة الحلوب للشمال او الجنوب ... طرح هذه الفكرة سيؤدي الى ان تواجه حضرموت كل القوى السياسية الفاعلة في اليمن شمالة وجنوبه والذين سيرفضون قطعا هذا البديل , وخاصة قوى الحراك الجنوبي التي تشكل حضرموت بالنسبة لرؤيتهم للمستقبل مصدرا رئيسيا لنمو الجنوب.... بالنسبة للقوى الاقليمية والدولية هناك امكانية لتسويق دولة حضرموت فهذا البديل قد يتماشى مع بعض مخططات القوى الاقليمية والدولية.. ولكنه بالنظر الى الظروف الراهنة فهو بديل صعب المنال كما انه سيؤدي الى اضعاف كبير للقضية الجنوبية. هذا المسار لا يشكل اولوية بالنسبة لحضرموت في الوقت الراهن , ولكن لو فشل المسار الثاني ( الواقعي الممكن ) وهو يمثل الحد الادني لتحقيق مطالب حضرموت لاستقلالها في ادارة شئونها فلا مناص اذا ان تستعد حضرموت لدفع ثمن السير وفق المسار الاول ( السريع ).

المسار الثاني : المسار الواقعي الممكن : إنشاء حكومة حضرموت الفدرالية

يمثل هذا المسار الحد الأدنى لتحقيق مطالب حضرموت لاستقلالها في ادارة شئونها, لتحقيق هذا المسار نجد امامنا ثلاثة مسارات فرعية :

المسار الفرعي (1 ): تحقيق الحكومة الحضرمية الفدرالية ضمن الحكومة الاتحادية الفدرالية بين الشمال والجنوب وعلى ان تكون حكومة حضرموت الفدرالية احدى حكومات الدولة الجنوبية.

المسار الفرعي (2 ): تحقيق الحكومة الحضرمية الفدرالية ضمن الحكومة الفدرالية لليمن بتقسيم اليمن الحالي الى اقاليم.

المسار الفرعي (3) : تحقيق الحكومة الحضرمية الفدرالية ضمن الحكومة الفدرالية لجنوب اليمن المستقل ( بديل فك الارتباط ).

ومع الاخذ بعين الاعتبار للظروف المحلية والاقليمية والدولية للمسارات الفرعية أعلاه نجد انه يمكن ان يكون مسار حضرموت على النحو التالي :

· تبني المسار الفرعي (1) بان تكون حضرموت حكومة فدرالية ضمن اتحاد فدرالي وهو مطلب يحقق بقاء اليمن كدولة واحدة كما انه يحل مشكلة القضية الجنوبية بانفصالها كدولة فدرالية. هذا المسار هو المسار الذي يلبي الحد الأدنى لمطالب الجهات المختلفة على الساحة اليمنية. هذا البديل يعطي صلاحيات اكبر لحكومات الاقاليم مقارنة بالصلاحيات الممنوحة للحكومة الفدرالية او الحكومة الاتحادية. وخير مثال على هذا الشكل من النظم دولة الامارات العربية المتحدة. انتهاج هذا المسار قد يساعد على التهيئة السريعة لانضمام الحكومة الاتحادية اليمنية الى مجلس التعاون الخليجي لمل قد يحدثه هذا المسار من تجانس نظام الدولة في اليمن مع دولة الامارات.

· المسار الفرعي (3) , في حالة تعصب الحكومة المركزية في اليمن عن قبول المسار الفرعي (1) فلا مناص لأبناء الجنوب من المطالبة في فك الارتباط وتكوين حكومة في جنوب اليمن وعلى اساس حكومة حضرموت الفدرالية ضمن دولة الجنوب , دور وصلاحيات حضرموت اكبر في هذا البديل مقارنة بالمسار الفرعي (2).

· المسار الفرعي (2) : من المحتمل ان تتعرض القضية الجنوبية لضغوطات خارجية كبيرة في عدم الرغبة الى تجزأه اليمن ويطرح المسار الفرعي (2) والمتمثل بوجود حكومة فدرالية مركزية مع اقاليم ( ولايات ) هذا البديل يمكن أخذه شريطة عدم مزج المحافظات الشمالية مع الجنوبية في تكوين الاقاليم اضافة الى اعطاء صلاحيات كاملة للأقاليم في ادارة شئونها, وان ينص الدستور على انه من حق أي اقليم المطالبة بالانفصال في حالة عدم تنفيذ نصوص الدستور وظلم يلحق بها من الحكومة المركزية.

المسار الثالث : البدائل المرفوضة

الحد الأدنى لتحقيق مطالب حضرموت لاستقلالها في ادارة شئونها ما يعني حكومة فدرالية بصلاحيات كاملة.. البدائل الاخرى مثل بقاء النظام اليمني الحالي مع زيادة الاصلاحات والصلاحيات مرفوض لأنه لا يلبي مطلب استقلال حضرموت كما ان بديل انفصال الجنوب والعودة الى حكومة مركزية ومحافظات او اقاليم وليس الى دولة فدرالية مرفوض ايضا.

متطلبات نجاح خارطة الطريق

1. لا قيمة للتفكير في السيناريوهات والمسارات للمرحلة القادمة اذا لم تتوفر الشروط التالي في حضرموت :

· توفر القيادة الملهمة التي تستطيع ان تلهب حماس ابناء حضرموت في التحدي لتحقيق رؤيتهم.

· توحيد رؤى ابناء حضرموت حول مستقبل حضرموت وخارطة الطريق

· تعزيز الجبهة الداخلية لا بناء حضرموت والتفافهم حول مرجعتيهم...

2. الصلاحيات التي تعطي للأقاليم في بدائل الفدرالية المختلفة ليست دائما ثابته بل هي للتفاوض , وعلى قدر استعداد كل طرف وامتلاكه لمرجعية موحدة قوية ورؤية واضحة لمطالبه والتفاف شعبي كامل حول هذه المرجعية , وعلى مدى توفر هذه العناصر اثناء المفاوضات يستطيع كل طرف ان يفرض حججه ويتحصل على افضل الشروط. وتبدأ المعركة في صياغة الدستور الجديد .. الذي يجب ان يشتمل على مبدأ الحكومة الفدرالية مع توضيح دقيق لصلاحيات المركز والاقاليم ...

3. الحكومة الفدرالية شراكة تقوم على المنفعة المتبادلة وليست زواج كاثوليكي ابدي لا يمكن تغييره ومرونة للدولتين الاتحادية ( الشمال والجنوب ) او الاقاليم في الانفصال في حالة فشل تطبيق الحكومة الفدرالية.... فهذا سيمثل عامل الضغط الوحيد على جميع الاطراف وفي مقدمتها المركز في ضرورة انجاح التجربة وضمان شعور كل الاطراف بالرضى والعدالة من هذا الاتحاد. وخير مثال على ذلك دستور أثيوبيا الصادر عام 1994م والذي يمنح الولايات الحق الرسمي بالانفصال وتكوين دولة مستقلة. ومثال آخر المادة (2/222) من دستور جمهورية السودان الفيدرالي الانتقالي لعام 2005م والتي نصت على امكانية اجراء استفتاء شعبي لاستقلال جنوب السودان بعد الفترة التجريبية المؤقتة وهي عشر سنوات لاتفاقية السلام.

4. تمثيل الاقاليم في المركز يجب ان يراعي المساحة الجغرافية للإقليم ونسبة مشاركة الاقليم في الميزانية المركزية, فمثلا تنزانيا حيث اقليم زنجبار لا تشكل اكثر من 5% من السكان بينما تتحصل على اكثر من 25% من التمثيل على مستوى الاجهزة التشريعية الفدرالية, بسبب حجم مساهمتها المالية في الميزانية الفدرالية.

5. رئيس الدولة الفدرالية لا يتمتع بصلاحيات كبيرة , فهي وظيفة شرفية . يمكن تدوير هذه الوظيفة على مستوى الاقاليم , بحيث يتم اختيار رئيس لكل دورة ( اربعة سنوات ) من اقليم مختلف. وهي خطوة مهمة لترسيخ شعور جميع الاقاليم بالمساواة والعدالة وعدم احتكار طرف لمنصب رئيس الدولة. وهي تجربة ناجحة في عديد من الدول ومنها ماليزيا.
رؤية لمستقبل حضرموت ( 1 ): الاستقلال.. شرط تحقيق حلم حضرموت
رؤية لمستقبل حضرموت ( 2 ): حضرموت والبدائل السياسية المطروحه
----------------------------------
الحلقات السابقة متوفرة ومثبتة ضمن الرابط التالي والكثيرعن حضرموت العربية الضاربة في اعماق التاريخ العربي؟
وعن صحوة الشعب العربي الحضرمي بحقوقة وكرامتة بعد ان عبثت بها شعارات القومجية لاعربية اللتي اوصلتنا الى اسوئ حال اليوم؟

حضرموت وخيارات شعب حضرموت - سقيفة الشبامي
[email protected]