حضرموت مشروع رؤية حضرموت.. تأملات في حلقة النقاش / كتب: د. عبدالله الجعيدي

[حد من الوادي]

مشروع رؤية حضرموت.. تأملات في حلقة النقاش

6/17/2011 المكلا اليوم / كتب: د. عبدالله الجعيدي

عقدت في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت في 12-13 يونيو 2011م حلقة نقاش للخروج برؤية مشتركة للحضارمة تبحث في هواجس حاضرهم وترسم فضاء مستقبلهم شارك في حلقات النقاش 154 ممثلا عن الأحزاب والمنظمات والائتلافات والنقابات وكذا بعض الشخصيات الاجتماعية.


حمل الحدث معانيَ ودلالات كبيرة، وقد يعده المتفائلون من أيام الحضارمة المشرقة، وربما يظنه آخرون مجرد أضغاث أحلام، وستتأرجح الانطباعات بالتأكيد بين الفرح الممزوج بالقلق والحذر والرجاء، وبين السخرية المغلفة بظنون, وبين تشكيك العاجز وتوجسات الصديق مسافات تحتاج إلى جهد أصيل، وما أسجله هنا مجرد انطباعات من داخل أجواء هذه الرؤية "المشروع" بوصفي مشاركا في لجنتي السكرتارية والصياغة.

انطلقت فكرة الرؤية في مجلس حضرموت الأهلي من تساؤل مهم، ومؤرق وهو: ماذا يريد الحضارمة ؟ الملاحَظ على الساحة فيما يخص مستقبل حضرموت السياسي وجود اتجاهات متعددة لأحزاب وتيارات معروفة، وهناك كتلة الأغلبية الصامتة التي لا يستطيع أي طرف أن يتحدث باسمها أو يتجاهلها، لهذا أخذ منظمو حلقة النقاش بتجميع كل هذه المكونات على مبدأ حق الطرح والاجتهاد، ثم الاصطفاف حول ما يقرره الأغلبية وما يتوافقون عليه.


رغم تنوع الأوراق المشاركة في حلقة النقاش وأحيانا تعارضها فقد سجل الحاضرون مؤشراً حضاريا رائعا وشعورا عميقا بأهمية الحوار وقدمت كل جهة أطروحاتها الخاصة ولم تحدث مقاطعات لمن غرد خارج السرب، أو لمن حضر فقط لينتقد لغرض الانتقاد، أو من رفع سقفه إلى السماء, ووسط هذا التنوع كنا نلتقط ما يجمع الناس, وباستبعادنا لبعض التفاصيل وجدنا أن ما يقربهم حول حقوقهم أكثر مما يفرقهم, ولقد بحث الحاضرون على كلمة سواء ووجدوا أنهم إذا جلسوا دون احتكار كلمة الحق يستطيعون الاتفاق على ما ينفعهم، وان الحوار الهادئ هو الخطوة الأولى لمشوار الألف خطوة.

بلورت حلقة النقاش رمزية غير معلنة وهي أن حقوق حضرموت فوق الجميع وانه لا عصمة لطرف في إدارتها وتحديد خياراتها كما أن الأوراق المقدمة أنزلت الناس منازلهم بحسب ما يرونه لمستقبل الحكم فيها، ومدى حقها في القرار.


كان هناك ربط ذكي في رسالة التحية التي وجهها المهندس حيدر ابوبكر العطاس إلى المشاركين في حلقة النقاش عندما استعرض محاولات الحضارمة في مؤتمري سنغافورا والشحر قبل أكثر من ثمانين عاما، ومحاولتهم البحث عن مكانة لهم في عالم اليوم لعله أراد القول إن قراءة التاريخ لا تتم بثقافة من قال: "كان أبي" بل باستحضاره حاضرا يرفد الحاضر ولا يجره إلى متاهات الأوهام المخاتلة.

لا يستطيع المتابع لمشهد الربيع العربي إلا أن يقف احتراما للشباب العربي الثوري في ميادين التحرير والتغيير وكان لممثلي الائتلافات الشبابية الحضرمية مكان لافت في حلقات النقاش الأمر الذي جدد الأمل في الشباب.


قد يرمي البعض أصحاب مسودة مشروع هذه الرؤية بتهم كثيرة منها: الهذيان وربما الجنون أو في أحسن الأحوال سيصف أطروحاتهم بالخيالية التي لا تستند إلى جذور ولا تعتمد على عناصر تجعلها حقائق على الأرض إن الفواصل بين الحقيقة والحلم والوهم والواقع أمور كثيرة منها: مدى وضوح الرؤية والالتفاف الأهلي حولها، والنوايا الصادقة، والتفكير الواقعي.. ولا يضيع حق وراءه مطالب.

بعد أن تفرق الجمع قد تبرز تساؤلات من قبيل: ما هي المكاسب التي سجنيها الحضارمة من هذه الرؤية ؟ وكيف سينظر إليهم الآخرون ؟ وما هي آليات الوصول إلى الأهداف.. إلخ؟ من الصعوبة بمكان الإجابة القاطعة عن مثل هذه التساؤلات والمهم أولا الاتفاق على ماذا يريدون وعندما تسير العجلة بعد العزم والتوكل على الله قد تتعثر، وقد ترمى بحجر، ولكنها بالحق ستمضي وأكيد سيقول الحضارمة كلمتهم في بلادهم وسيحترمهم الجميع بمن فيهم من رماهم بحجر.